محمد فتحي المقداد - قراءة في مجموعة (على خطى الشيطان) للقاص والروائي توفيق جاد. بقلم الروائي

أقام القاص توفيق جاد نصوصه الثمانية على بُنى واقعيّة اقتطفها من مخزون تجربته الحياتيّة.
وما أكثر الدّروب، وتشعّباتها المتشابكة والمتفرّعة في الحياة بداخلها ومخارجها المعقولة واللامعقولة، بما نستطيع تصديقها أو تكذيبها.
من هنا تتأتّي جدليّة العنوان (على خطى الشيطان)، وهي إشارة صادمة لمن سلكوا هذه الطريق بخطاهم الضلاليّة، نحو الهاوية بتدبير وتخطيط من عقل، أو عن جهل وعدم دراية.
وقيمة العنوان الرّئيس ذات الدلالة العميقة بإيحاءاتها، والاستهلاليّة لافتتاحيّات عنوانات فرعيّة، وليكون عتبة دخول إلى نصوص المجموعة ذات البعد الإنساني، والجانب المظلم المسكوت عنه عمومًا، خوفًا من الفضائح، وتجنّبًا للمشاكل وتبعاتها. وكانت مقدّمة المؤلف أشارت بوضوح تام وصريح، إلى مثل هذا العقبات والزوايا الخاملة والمغطّاة تحت ستارات الخشية من الهيئة الاجتماعية التي لا ترحم.
** النص الأول من المجموعة (الموت قاعدًا) عالج قضية هامّة في حياة الموظّفين، ووصولهم سنّ التقاعد وهو الشبيه من حيث المبدأ (بسنّ اليأس) عند النساء. الآثار النفسية لكلا الحالتين مشوبة بشعور عميق مؤلم دواخل المُتقاعد، وانحسار دوره الفاعل إلى الظلّ.
** أمّا النصّ الثّاني (الشّيطان ثالثهما) فهو صاحب قضيّة كبيرة نادرة الحدوث، ومُقزّزة لذوي الذوق والفطرة السّليميْن. ألا وهي زنا المحارم.
** (على خُطى الشّيطان) النص الثالث، قضية العصر المؤرّقة للعالم أجمع، التطرّف والإرهاب الأعمى المُستهدِف لكافّة الفئات العُمريّة في أيّ مكان ينزل فيه، مُتّخذًا أشكالًا دينيّة وسياسيّة وقوميّة وطائفيّة وعنصريّة.
** (البكارة) النصّ الرّابع، الفقر والجهل والبُخل، والموت، والميراث، والاستغلال الجنسيّ، والنّصب والاحتيال، وهو ما عبر عنه الكاتب (بكارة العقل و بكارة العُذريّة).
** (السّاحرة أم كُشّة) و (الزّانية) هما عنوانان للنصّان الخامس والسادس، يتربّعان على منصّة السّحر والشعوذة، وبيع الأوهام للنّاس ممّن يقصدون المُشعوذين، الذين يستغلون جنسيًّا ضحاياهم خاصّة من النّساء.
** (الزّائر والجنّي) النصّ السّابع، يتناول موضوع مختلف فيه وعليه، علاقة الجنّ بالبشر والعكس، بين مُكذّب لذلك أو مُثبِت له ومؤيّد. رغم اختلاف طبيعة تكوين العالمين الإنسيّ والجنّي.
(الدفينة) النص الثامن والأخير، سلط الضوء على مشكلة الكنوز والدفائن، والباحثين عنها تحدوهم أشواق الثراء وبريق الذّهب، وهذا الموضوع كبير بتشعّباته، وحيثيّاته المُتداخلة ما بين الواقع، وطائفة من الجنّ الذين يرصدون الدفائن. وهناك ضحايا نصب، واحتيال لعصابات منظّمة تعمل في مجال خارج مألوف العقل.
القاص توفيق جاد.. أبدع في تكوين مجموعته هذه، نصوصه سهلة التناول، ذات أبعاد فكريّة تنويريّة. بثّ رسائله التوعويّة. دخل مناطق مُحرّم الكلام فيها. أضاف لبنته في بناء الصّرح الاجتماعيّ.
عمّان - الأردنّ
١٢/ ٥ / ٢٠٢٠

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى