أبو يوسف طه - فوارة الحكايا والألاعيب

. كانت الساحة فوارة لايشح ماؤها أو ينضب ، يقصدها المراكشيون وسكان البوادي والوافدون على مدينتهم . إذ هي مقصدهم للفرجة وأخذ العبر وتلقي التعاليم والمواعظ ، والتسلية بأخبار الأولين ، والسفر الذهني إلى الجنة والنار للوقوف على أنواع التعذيب المدهشة ، والرفل في صنوف النعيم ، ومشاهدة أصناف القيمين على هذا العالم الذي لايعرف له مقام محدد
هذه الجامعة الشعبية ، كانت نبعا ثرا لأشكال الخطابات المتجاورة المتناقضة في وفاق سلمي ، فالمقدس يرافق المدنس ، وخاطف الجيوب يحاذي خاطف لذة باحتكاك سريع بظهر امرأة ، والمهرج يقابل الفقيه ، والراقص الخليع يجاور المطرب الوقور
هنا في الساحة يتم تحرير المكبوت ، وترضية الإستيهامات ، والظفر بغنائم جنسية من ذكور وإناث ، والنصب على المغفلين ، وترسيخ الوهم واللاواقع كحقيقة لاتدحض ، ومما رسب في ذاكرتي أن بدوية من أقربائي وضع حلايقي في راحتها قطعة ورق ثم طلب منها أن تكمش عليها كفها ، فعلت ماأمرت به ، بينما هو طاف قليلا في نطاق الحلقة ثم عاد إليها وأمسك بكفها محثا إياها على فتحه ، أنئذ صرخت ، لأنها وجدت داخل بطن كفها ضفدعة صغيرة خضراء عوض الورقة ، وكانت كلما استعادت الحكاية حلفت بأغلط الأيمان
بأن الورقة تحولت إلى ضفدعة ، وتختم بالقول : " لعنو الشيطان ، كن ماشفتها بعينيا كن نگول كذبت " على أي لو أتينا بكل مفكري العالم وفلاسفته وعلمائه لإقناع خالتي رقية بأن الأمر لا يصدق ، وأنها خدعة لاغير لما اقتنعت . هكذا أمر الذين لا يمكنهم مغادرة كهوف الجهل والخرافة ، ولو هشمت رؤوسهم بالمطارق والفؤوس ، لأنهم ضحايا استلاب التخلف





تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى