سلام صادق - قرية تقول للبحر هاتَ لهاثك واسترح قليلاً *

انه الأزرق العميق
جاء متأخراً
كم كان متأخرا
يصعب القولُ
لكن كل شيءٍ يؤكد ذلك
غيمة حادة من وهج الصمت
ثاقبة كأنها انشبت اقفالا في آذاننا
الشهيق فقط يعلو
دون ان يهبط ليستحيل زفيراً
الدرب المتعرج كأفعى رقطاء
النبض البشري يهفو لقلب
مذراة الريح تعزف
في جوقة الأيك المنفرد
تموجات متلاحقة على الجلد
كونكريت السكون الخارق
تكييف الانكار الشخصي
حاجات النفس المطلوبة
مطلوبة لكي لاتتغير ابدا
او يتم الاستغناء عنها
ذكرى عتيقة تتعفن في اشتياقي
تعطيه رائحة الخبز القديم
التجربة على وشك ان تتكيء فجأة
على اسم منسي منذ زمان
قماشة ، جلد ، غشاوة
لا استطيع ان اطلب من راهني
اكثر من هذا
كما لو كانت قرية الله
او منفىً للريح
ولغير المفهومين
بمشقة يجبرون الآخرين
على تغيير نظرتهم فيهم
ورغم هذا يتحرك كل شيءٍ ببطء
في الذي لايمكن السيطرة عليه
وربما بشكل متأخر
ما يتخلف يمكن وصفه بسهولة
اذا كان هذا هو المقصود -
يمكن على سبيل المثال
ان يكون من السهولة النوم
هنا ايضاً
خصوصا اذا كانت هنالك اسباب وجيهة
لعمل ممل من هذا القبيل
احدهم يحاول بجدية التغرير بآخرين
في الذهاب الى السرير والنوم
لكنه يتكلم باقناع
لدرجة ان النائم يستيقظ بقلق
لكن بينما هم مازالوا نائمين
كانوا يتكلمون مع انفسهم
بلغة اشدّ أمومة
وعلى اللذين يستمعون
كان من الأجدى ان يصمتوا
ويبسمون لبعضهم
تاركين ما في دواخلهم ينطق
كيف ان ذبابة فرحة ومهووسة
تتسلق على ظهرٍ عارٍ
كيف ان كرسياً متعباً
مركونا في الزاوية
كيف ان مطراً بالنقل الحي يهطل
وأحدهم وعدَ بالمجيء
ولم يحضر
والذي عاريا بانتظاره
افترش سجادة المطبخ
يرتشف قدحا من الشاي
محاولاً ان يبعد نفسه عن التفكير
كيف له ان يطلب لحظة
يخلو فيها لنفسه
قبل ان ينام
وكيف ان آخر بصوت خشن
ولكن بخفة يجره الى الحديث
عن ان يخلد لحظات الى نفسه
التي خدعها طوال هذه السنين
كيف ان وردةً
تفتحت ربما في قرار الشمال
تأخذ معنىً
ذكرى شحيحة
عن انه في الحاضر
وفي الأبدية
الأشياء تصير مسلمات
مختبئة تحت الطاولة
مع صوت شفيف
وردي - أحمر غطاء الطاولة
مثل سقف يقوم على نافذتين
تمتدان بعيداً
فهناك عربة على الطريق
مابين القرية والكنيسة
الاكثر الى جهة اليسار
عنها الى العين اليمنى الوامضة
وكان الله الذي ينتظرنا
في تقاطع الطريق
يأخذ بايدينا
من اجل ان نتجنب
العجلات المسرعة النادرة
وخيارات الحياة غير الواضحة
ففي نهاية طريقنا النحيف المتعرج
ترقد مقبرة القرية
في زهور الكنيسة
حيث قبر الطيار الجميل
الذي حلّق وحلّق وحلّق بعيدا
ثم هوى في البحر
ليختار قبراً بمنأىً
عن الخوف والخجل
وبمجرد خطوة اخرى للامام
هناك متاهة في ما بين
القوقعة والصخرة
الشجرة ولوح الزجاج
الحشرة وحركة سريعة
من اجل الحشرة
الهُوّة نحيفة
تبدأ في لحظة
جميلة وشفافة كشباك الصيادين
وكاختناق النهاية
في ارتباك يتدلى بكثافة
حتى يحل ظلام آخر
ويلغي فاعلية القدرة على التشويه
فالامواج تريد الارض
لكن الصخور البيضاء
تتحلل ببطء في السكون
القوقعة تغلق نفسها على نفسها
وتتحول الى تذكار يُنسى
وتستحيل الى كلس ماحل
الحشرة تغمض اعينها
لكنها تتذكر الكثير
فباستطاعتها التعتيم على الرؤية
في مشهدٍ خلاّب
أرادت ان ترسمه
بالاشدّ غيابا
لكي يكون سائلاً دَبِقاً ...
ســــلام صــــادق
قرية منعزلة سكنها الشاعرفيما مضى*



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى