عبدالرحيم التدلاوي - قراءة سريعة في مجموعة "رشفات الوجع"، للقاص نجيب الخالدي.

صدرت عن دار أبي رقراق للطباعة والنشر الرباط في طبعتها الأولى سنة 2016. وتضمن بين طياتها أربعة عشر نصا قصصيا على امتداد سبع وثمانين صفحة.
يستلهم القاص نجيب الخالدي من الواقع الغني موضوعاته، يلتقط المنفلت والهارب ليعيد تشكيله وفق رؤيته الفنية والجمالية، يعالجها بأساليب فنية مختلفة، تجعل القارئ مشدودا إليها، واهتمامه بالواقعي يؤكده قوله: « جذوة « أن لا تبقى حبيسة دفتين، بل يمتد لسان شواظها الى شخصيات أخرى خارجها، تحترق بواقع من حطب ملتهب بهذه النار الصاعدة من عمق يؤثثه الألم والكلم والانكسار، يؤججها دويّ الصمت وتواطؤ الظلماء... شخصيات ليست من ورق، بل أراها كل يوم بأم عيني، تتحرك تتكلم تتألم تتأوه... هي من لحمي ودمي ونبضي وأنفاسي... إنها « أنا «... أسمع صوتي وخفقي وشجاي على بياض لم يعد بياضا بالسواد... أقصد، شخصيات « رشفات الوجع «
إذ يعمد إلى بناء كثير من نصوصه وفق ثنائيات متعارضة، من مثل ثنائية اللذة والألم، القبح والجمال، الواقعي والافتراضي، مركزا على الأنثى وما تعانيه من حرمان وأذى قد يكون سافرا ومن أقرب الناس، كما عاشته تلك الفتاة التي يجبرها أبوها على بيع أشياء معينة ويسعى إلى اغتصابها مما يولد غضبا في نفس الزوجة الكارهة له. وتحضر المرأة بشتى صفاتها، بين الخادمة والشاعرة والمثقفة، ويتنوع الأسلوب بين الوصف الدقيق والحوار المعبر، معتمدا في كثير من المحطات على الأسلوب الشاعري المعبر عن دواخل الشخصيات والمجلي لمكنوناتها، فضلا عن التقريري الواصف للأحداث والشخصيات. ومن بين الثنائيات المهمة والمعبرة عن انشغالات القاص، ثنائية الشعري والسردي، دون أن يعني ذلك تضادهما.
مجموعة تستحق القراءة لأنها مبنية بذكاء، ومعمارها متين ولغتها رقيقة وعذبة، تمنحك في كثير من اللحظات متعة شاعرية تحلق بك بعيدا.



Aucune description de photo disponible.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى