د. ناصرية بغدادي العرجة - أبجدية التجلي.. شعر

- 1-
أنا ذكرٌ
يا حبيبتي ليس إلاّ..
كما الذكورِ
و بكِ وحدكِ قد تحلَّى
منذ البدء الأوّلِ
ثم تعلّى .. وتعلّى..
و وحده الآن
وحده فيكِ يتجلّى ويتجلّى
ألفَ قبيلةٍ وقبيلةْ..
أحتاجُ إليكِ..
أحتاجُ الأنثى فيكِ ..
تجمعني
تُلملمني
وتختزل ما تبقى فيِّ
منكِ أيتها الجميلةُ
والعليلةْ..
***
-2-
فأنا ذكرٌ .. ليس إلاّ ..!
أحتسي ..
في الصباح المذكّرِ
قهوةَ الهزيمةْ
وفي المساءِ المخنّثِ
أسهر مع "نرجيلتي"
أسحبُ منها و منه
تفاحَ لعنتي القديمةْ
باسمكِ أسبَّح صاحيا
و منوَّما ..
و بحروف المسمى فيكِ
أدمن حّبك المطلَّقِ
فيَّ مرغما ..
عندما يأتيني الفجرُ المؤنثُ
أنتظرُ مخدرا .. و قتيلا
عشقكِ الأزلي
من جديدٍ.. يغزوني
و يدخل فيّ
كما تمنيته
قليلا ..قليلا
فأنا الذكر منكِ
كما تعلمينَ
يا جميلتي.. ليس إلاّ .!
***
-3-
أتقن منذ البدء الأوّلِ
حرفةَ اللآلئِ والمرجانْ
وأتقي في عروقي السائباتِ
طعنة"ابن العلقميِّ" في الأزمانْ
و أنتظر منكِ أنتِ وحدكِ
ليلكِ المخمليَ
يجتاحني
لأصحو فيه منكِ
مهزوما هزيلا
أو منتصرا عليلا
و لأنني ذكرٌ أنا.. ليس إلاّ ..!
حين تأتينني أنثى
يحضرُ فيّ و فيكِ
الماضيَ و الحاضرُ
ويسائلني عنكِ و عني
الآتيَ و الصائرُ
فتقرعين صمتكِ الثقيلَ فيّ
في عمقي الدفينِ
و تخرصينْ ..
كعادتكِ طويلاً ..طويلا
أشقُّ مرغماً ثوبَكِ الأصفرَ
لأمتصّكِ ..
و أمتصّ منه
نبض خسارتنا
هزيمةً ربّما
و ربّما انتصارا ..
لم أكن أجرأُ على قراءتكِ
كما أفعل الآن
فغدي ..
هو من سيكتبُ غدَكِ
على جدارِ الأمسِ ..
واليومِ الذي لم يمتطينا بعدُ ..
فازرعيني كما شئتِ
على نخلةِ تاريخكِ الأحمرِ
طوباً أو حجارةْ
عَّلني أرمم المشقوقِ فيك ِ
المنشقَّ عني
وأبكيكِ على طريقتي
بكاءً جميلا..
فأنا ذكرٌ يا حبيبتي
كباقي الذكورِ
ولكِ وحدكِ الآن أتجلىّ
مريضاً و معتلاَّ ..ّ!
***
-3-
أجيئكِ ..
أيّتها الحكيمةُ و العليلةْ ..
فتحضرين لي داءً
هو وجهُكِ
المنمنم بالحضارةْ
كي أشعلَه دواءً
بين شفتيَّ الذابلتينِ
كما يُشعل مدمنٌ
ورد سجارةْ
و أستنشقكِ ..
أستنشقُ جمال علَّتكِ
وأستنشقُ أنايَ فيكِ
حتى الثمالَـةْ
فأنا ذكرٌ ..يا حكيمتي
ليس إلا ..!
***
-4-
أتذكرين ..؟!
أني كنتُ لكِ وحدي زنبقة ً
والآنَ ..
الآن حين أتجلىّ ..
و أتجلّى
تصيرينَ لي وحدكِ
القصرَ و الإمارةْ ..
أعشقُ غموضكِ الزئبقي
صمتكِ الفاني فيّ
كلّما اختفى
أو بانْ
مثل سنونو
فوق جبالِ الكلامْ
أصحو مجبراً لا بطلا
قبل ألفِ عامٍ و عامْ
أفتحُ أمام عينيكِ
الجميلتينِ الواسعتينِ
مشهدكِ العريانْ ..
و اختفي خلف بلوركِ المكسورْ
شفافٌ أنا
كما ترينني
مثل لون الزلالْ
رائعٌ أنا ..
كما اشتهيتينني
مثل ذوقِ المحالْ
فجيديني إذن ..
و اغرسيني
لأنبت فيكِ من جديدٍ .
زنبقةً على وادي
فخذيكِ العريقتينْ..
وبعدها افصلينا
نصفينِ نصفينْ ..
واتركيني وحدي
أحبو و ألهو فيكِ
كطفلٍ على ضفاف الرافدينْ
سأحضرُ عند المساء الجميلِ
مع " سيّدنا الخضرِ"
عندما توقدينِ أنتِ
شمعتكِ فوق النهرِ
و أحبّكِ ..حينها
أحبّكِ على غيرِ عادتي
طويلا .. طويلا..
فأنا الذكرُ ..
و أنتِ الأنثى فيّ
ليس إلاّ ..
و لك وحدك ِ الآن
أتجلىّ ..و أتجلّى
***
-5-
أنا قيسُكِ المجروحُ
يا ليلى
فضميني
لأحيا فيكِ
وتحيين فيَّ
ضميني كلّما
تعصّر على معصميّ القيدُ
و تعثّر بين شفتيّ الوردُ
و انشقّ فوق كفيّ البدرُ
و اعصريني ..
حتى تخرج من لآلئي الصغيراتِ
العصافيرُ
و تنتشي فيكِ
حبّا أخضرَ
أنثى ستشتهينني حينها
فأشتهي في وجهكِ الحيِّيِ
الحلولَ ..
لأني الذكرُ يا غزالتي
وأمامكِ قد تجلّى ..
فأنتِ ..النخلة ُ
التي ما اسطاع
على غزلِ جدائلها التتارُ .
وأنتِ ..البنفسجُ
الذي اغتسل فيه الليلُ
فغطى سوءتَه النهارُ .
أنتِ لي ..
و أنا لكِ وحدكِ
في حلمكِ الورديْ
أتحلىّ..
وأتجلىّ ..
وأتعلىّ ..
فاغزليني
من بركان شفتيكِ
ورداً لهمسكِ المجنونِ
يا ليلى ..!
كي أخضعَ
و أخضعَ
وافتليني
من دخان نهديكِ
ففي حليبك الصافي
يا ليلى ..!
لابد أن أرتعَ
و أرتعَ
وارسميني
من ثورة قدميكِ الباسقتينِ
قمرا في لياليكِ الحالكاتِ
يا ليلايْ ..
لأسطعَ
و أسطعَ
،،،
عنقاءٌ ..ّ!
تنامين على وسادتي
كلّما تتعبينْ
و على مائيَ الملوثِ بالريحِ
يرتاحُ..
جناحكِ المكسورُ
ويمرحُ..
تفرشين حرير ملاءتي
حينما تبردينْ
وعلى ذراعي المضمد بالملحِ
يرتاعُ رمادُكِ الأزرقُ
و يسرحُ ..
لأني ما زلت أراه
أطول مني في الوصفِ
و أرفعُ
فاحضريني يا ليلى..
على مهلٍ قليلاً ..قليلا
و افرشي لي
ظمأ العروقِ منكِ
سنابلا
ومشاتلَ..
و اتركيني
أعشق فيكِ
دمعكِ بلا سبب
ضحككِ بلا عجبٍ
أعشق حصاركِ
أعشق انكساركِ
وأخشى فيكِ ..
طلعتكِ الغجريةِ البهيةْ
تجيئ بي
مكبلا هكذا ..
كما أنا
ومعتقا بالحريةْ
تجردني أمامكِ
و تخلعُ نعليَّ
فتقيمين الكلّ الغائب منكِ فيَّ
نخبا أشربه ..
كأسا كان مزاجها
عِرْقُكِ الأبيَّ ..
اذكريني أيتها الوفيةُ
والبهيةْ..
لأني المذكّرُ فيكِ ..
و لأنكِ المؤنّثُ فيَّ ..
فأنتِ أنا
و أنا أنتِ ..
واحدٌ يحملُ ظلَّه الظليلَ ..
و لا تنسيْ يا ليلى ..
أني ذكرٌ في البدءِ
ليس إلاَّ ..
قد أضاع حين تجلّى
في دروبه إليكِ السبيلَ..!

***

د. ناصرية بغدادي العرجة

* من ديوان أبجديات اللحظات الاخيرة
عمان 2007
شعر


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى