مجدالدين سعودي - رواية على خط النار للأديب شرقي رحو : عندما تهزم الحرب أبناءها وتقضي على الأخضر واليابس

استهلال

الوطن قضية وعمق ، ونتساءل مع محمود درويش : ما هو الوطن ؟ ليس سؤالا تجيب عليه وتمضي .. إنه حياتك وقضيتك معاً.

في رواية : على خط النار ، تغيب قيم الحرية وتسود لغة الأوامر والدخول في لعبة الحرب المدمرة .

يقول يوسف ادريس : كل الكمية المعطاة من الحرية في الوطن العربي لا تكفي كاتبا واحدا.

في رواية : على خط النار ، تكون النار لغة وهدفا مدمرا ، وكأن نزار قباني يخاطبنا جميعا منهزمين ومنتصرين : لا يعرف الإنسان كيف يعيش في هذا الوطن .. لا يعرف الإنسان كيف يموت في هذا الوطن ..

القسم الأول

1 على خط السيرة الذاتية

شرقي رحو

من مواليد 12/01/1970 بسيدي قادة ولاية معسكر / الجزائر

شهادة الدراسات الجامعية التطبيقية في المحاسبة والتسيير المالي.

شهادة الدراسات الجامعية التطبيقية في القانون.

تقني سامي في الإعلام الآلي والتسيير.

الوظيفة: ضابط بالحماية المدنية.

الإصدارات :.

• كتاب مجموعة قصصية بعنوان طيور الشتاء .

- متحصل على المركز الثاني بمهرجان همسة للأدب والفنون والممثل الوحيد للمغرب العربي والجزائر في أدب القصة القصيرة/جمهورية مصر لسنة 2019.

أنشر في عدة جرائد وطنية وعربية منها :

جريدة الجمهورية نادي الأدب / الجزائر

جريدة كواليس / الجزائر

جريدة صدى المستقبل / ليبيا

جريدة المنتدى العراق / العراق

جريدة الديار المصرية / مصر

صحيفة الفيصل باريس

2 على خط الاصدار

صدر للأديب الجزائري المتميز شرقي رحو رواية بعنوان : على خط النار ، سنة 2020 عن دار خيال للنشر والترجمة ، في 152 صفحة ، والرواية تتحدث وبلسان رحو عن ما يا يلي : جرت أحداث القصة بمدينة عربية في الفاتح من جانفي 2017 على إثري حادث مرور، يُنقل المصاب إلى المشفى لإسعافه، حينها يدخل هذا الأخير حالة غيبوبة، ليبدأ سفريته نحو عوالم مجهولة من العشرية السوداء داخل عمق المأساة.

نوع الرواية : من أدب الحرب أو ما يسمى بأدب العشرية السوداء أو الجريمة التاريخية حسب نظرة مجموعة من النقاد في تصنيف الرواية.

الرواية مقسمة إلى خمسة فصول، في ثلاثة مراحل من عمر الرواية وهي :

- مرحلة ما قبل المأساة .

- مرحلة المأساة .

- مرحلة ما بعد المأساة.

وأهم أحداث الرواية حسب شرقي رحو :

تقوم بناءات الرواية على ركيزتين هامتين ، هما (المأساة والحب) لتتمخض عدة أحداث هامة لا تخرج عن هذا الإطار.

أول تشظي في القصة اصطدام إحدى السيارات بالمصاب و المدعو رفيق، ليُؤخذ على جناح السرعة إلى مشفى المدينة وهي دلالة على ما فعله إرهاب الطرقات.

من خلال المصاب المدعو رفيق نعيش قصة أربعة شباب مجندين عايشوا المأساة كمواطنين عزل دفعوا ضريبة هذا التصادم اللإديولوجي، بعدها جُندوا لمكافحة الإرهاب.

القصة كلها أحداث عجيبة وواقعية، بمشهدية متحركة، أهمها الرسائل بين رفيق وزينب، مقتل مدير مدرسة و عائلته، إصابة بطل القصة الرئيسي" رفيق" في إحدى المواجهات العنيفة مع العدو... لتأخذ القصة منحى آخر في الأحداث بعد استشهاد سالم.

تنتهي الحرب ويعود رفيق إلى قريته من حيث بشاعة الخراب، لتبدأ قصة أخرى وبأحداث مغايرة تعطيها ذوقا آخرا مميزا، ودفعا قويا حتى النهاية.

التيمة : إنبعاث المكان في صناعة الشخصيات وهذا ماحدث في العراق عند احتلالها من طرف الأمركيين مما حذر منه المؤرخين أن البلدان التي مرت خلالهما الحضارة لا تستعمر مهما كان الطرف المستعمر يملك من قوة.

3 على خط الاهداء

جاء الاهداء بطعم الاهداء المر ، فالروائي شرقي رحو ضد الألم والحرب ، وهو يرفض اهداء الحرب بويلاتها للأجيال القادمة ، ولهذا يقول :

بدون إهـداء

لأن القصة تحمل المأساة ، ومن غير اللائق أن أهدي الألم لأجيالنا . الصفحة 5

4 على خط الكلمة

يقول شرقي رحو في كلمة :

دائما أبحث عن حقيقة ما، بداية من عالمي الصغير ، في هذا العالم الواسع، كتبت هذه الرواية.

أحداثها الدائرة في زمن قريب عشته بكل ألم ، ولا زالت ندوبه تعيد نفسها متى شاءت .

الكثيرمن أبناء جيلي وجلدتي عايشوا هذه الوقائع،ويتأملون في صمت،ذاكرتهم تحمل مشاهدا يندى لها الجبين.

في سبيل تاج السلام كتبت هذه الرواية، كي لا نمتهن صناعة الحقد والضغينة لتجارة الموت من جديد . الصفحة 4

5 على خط العنوان

يقول شرقي رحو :

" على خط النار"

عنوان مفتوح على نهايات مأسوية، ذات حرقة وبعد إنساني خارج حدود المكانية، قد يستغرق أثر المأساة عقود من الزمن والدليل كتابة أخر حرف في هذه القصة...موضوعها الرئيسي يتمحور حول التصادم الفكري و الإديولوجي الذي أنجر عنه الموت والخراب، وورث الحقد والضغينة.

يبدأ هذا التصادم من خلال أزمة اجتماعية سببها ألسنة الفتنة التي تشاع هنا وهناك، كما أن الذي يؤجج ويهيج الوضع بعضا من الموظفين المحسوبين على الإدارة لتصبح فيما بعد الحياة مستحيلة؛ بعد انسداد تام جراء أزمة اجتماعية، اقتصادية، سياسية لينتهي هذا التأجيج بأزمة عسكرية متفردة في العالم،... امتدت تداعياتها حتى إلى الحيوان و المواطن البسيط فأحرقت الأخضر و اليابس .

مما أسفر عن مواجهة مسلحة دامية راح ضحيتها آلاف الأبرياء وحالة طوارئ دامت لعقدين من الزمن.

القسم الثاني

الفصل الأول : على خط شخوص الرواية :

يقول شرقي رحو :

الشخصيات الرئيسية:

تعد شخصيات القصة ذات أبعاد رمزية ودلالات عميقة في هندسة القصة، حيث تشترك في بطولة جماعية تتمحور حول أحداث واقعية عامرة بصراع درامي مميز وجدير بالاهتمام حتى النهاية.

رفيق: الشخصية المحورية، برتبة ضابط في سلاح الكشاف سابقا بالخدمة الوطنية، يستدعى من وظيفته بإحدى الإدارات ويجند لمكافحة الإرهاب وعمره لا يتعدى 28 سنة.

يوسف: رتبة رقيب في سلاح القناصة، يمثل الشخصية المثقفة والجميلة التي كانت تشغل منصب معلم بإحدى المدارس التي أُحرقت وخُربت، أجبر هذا الأخير على البطالة وعمره 28 سنة.

سالم : رتبة رقيب في سلاح القناصة، شخصية رجل أعمال الذي يبلغ من العمر 30سنة، مقرب إلى يوسف بحكم أنهما جارين قريبين من نفس المدينة.

جمال : رتبة مساعد في سلاح القناصة طالب جامعي يبلغ من العمر 26 سنة، أختار مهنة فلاح ليساعد أبيه الذي لم يقوّ على خدمة الأرض.

زينب : هي خطيبة رفيق التي تُرَحل مع عائلتها إلى مخيم بالحدود بعد تجنيد رفيق وتَلقى حتفها داخل المخيم من خلال قنبلة قديمة مزروعة من بقايا المستدمر.

سليمة : هي أخت سالم أستاذة جامعية اختصاص لغات تجمع مابين سالم وزينب في الأخلاق والجمال ، تشبه زينب لدرجة التوأم، تجمعها الأحداث بزينب في المخيم .

الفصل الثاني : على خط الوطن

جاءت رواية : على خط النار مشحونة بهموم الوطن وويلاته وحروبه العبثية ، وهنا نستحضر قولة بليغة لجلال عامر، حيث يقول : الوطن هو هذا المكان المقدس بالنصوص والمكدس باللصوص.

وكأن أديبنا شرقي رحو يقول مع المهاتما غاندي : كثيرون حول السلطة، وقليلون حول الوطن .

وذات حزن وغربة قال عبد الرحمان منيف : الوطن وهم كبير عندما نقابله بالحب والعطاء، ويقابلنا بالقمع والتشرد .. عندما نراه جنة موعودة ويصرون على أن يحولوه إلى زنزانة كبيرة.

الوطن يصبح جحيما عندما يحكمه الطغاة ،وفي هذا الصدد يقول سميح القاسم : النظام الدكتاتوري ، قد يَبني التماثيل في الوطن ، لكنه يهدم الإنسان في المواطن .

في رواية : على خط النار، في حوار بين الطبيب ورفيق ، تكون الخلاصة على الشكل التالي : لا تنسى أن الوطن يتسع للجميع.

صحيح أن الوطن يتسع للجميع ، ولكن يعود البطل ويصرح بحزن عن هذا الوطن:

معنا أناس تختلف لغاتهم، نصّبوا أنفسهم علينا أسيادا وأمراءً، أحاطوا أنفسهم بهالة القداسة والاستعلاء.

وبمرارة :

قتالنا ليس بطوليا كما هو حال القتال ووصاياه، قطاع طرق في ثوب الشبح، حملنا السلاح ضد أبناء جلدتنا بقناعتهم الراسخة، قناعة مصطنعة من مزارع الفتنة والخراب، والآن يسكننا الشك ويملكنا الخوف ويطاردنا التيه...

كانوا يكذبون، يكذبون، ويكذبون...حتى صدقناهم وصدقوهم!

أما وصية الأب فكانت طويلة لكنها عميقة ومهمة ، وتدور حول الوطن بطريقة غير مباشرة ونستشهد ببعض المقاطع منها :

يا بني :

لا تدع الهموم والأحزان تدخل إلى قلبك الرهيف، فتدب إليك الشيخوخة بوجهها المخيف وتعجل إليك كآبة الخريف.

ولا تحزن لفراقي، أجعل قلبك مبتسما غير موحش، وما أصعب الفراق بلا ودّاع...أكتب إليّ كثيرا وحدثني عن كل التفاصيل ليزّاد قربي منك.

حدثني عن شجرتك...تلك الدالية التي كَتبتُ عليها اسمك لتعتني بها، كي تطل عليّ من علياءها لتنظر تماثلي من بعيد... بعيد...هل أزهرت و أعنبت؟

وكأن البطل رفيق يتفق مع غسان كنفاني : تعلمت أن أحب طفولتي ..أن أحب البسطاء ، أن أرتب خارطة هذا الوطن وأن أقف في صف الفقراء.

ولهذا يؤكد المؤلف المسرحي اليوناني القديم أريستوفان : الوطن هو حيث يكون المرء في خير.

ولهذا يقول أدونيس بصوت عالي : أيها الوطن ارفع سقفك كي أستطيع تحته أن أرفع رأسي.

وكذلك : كنا هناك طرائق قددا، اجتمعنا على القتل ،التخريب، والتهجير لبني جلدتنا... كل هذا نراه فتحا مظفرا، وبأسنا بيننا شديد دون اعتراف الواحد منا للأخر.

انها غربة الوطن القاتلة الي يقول عنها دوستويفسكي : انتهى الزمن الذي كان فيه أهلنا يخافون علينا في الغربة.. وأصبحنا نحن في غربتنا نخاف عليهم في الوطن.

الفصل الثالث : على خط الحرب

في الحرب يتساوى المنهزم والمنتصر ، ولهذا يقول نجيب محفوظ : الوطن لا يحتمل المزيد من الخراب. ان الحرب في رواية : على خط النار ، حرب عبثية ومدمرة ، فيقول

محمود درويش بحزن : عام يذهب واخر ياتي وكل شيء فيك يزداد سوء يا وطني .

والكل في رواية : على خط النار ، يحارب من أجل أفكار ومبادئ مختلفة ، صحيح أن حنا مينه ، مع الحرب ان كانت تخدم الحضارة : القتال أيضاً حضارة حين يكون ضد الذين يريدون هدم الحضارة .

ان الكل يريد الوطن وأن يحارب من أجله شرط أن يطبق مقولة طوماس كارليل : جميل أن يموت الإنسان من أجل وطنه، ولكن الأجمل أن يحيى من أجل هذا الوطن .

يقول الطبيب لرفيق : الحرب ليست رصّاصة طائشة، تفتش عم تحرقه متعطشة للدّماء، أو قذيفة ملعونة خرجت من فوهة مدفع أحرقت كرمة التّين والعنب تصاعد منها الرّماد، وحتى طّائرات رسمت في السّماء خطّا أحمر؟!.

هي نُدبُ شوهت وجه روح الإنسانية، أفرشت طريقا إلى كرسي سيجلس عليه سفاح يزعم النصر؟...وتجيد صناعة أناس من أبناء جلدتنا، يخونون الوطن بصدق ويتفانون في عبودية الجلاد بإخلاص.

يا رفيق الحرب مأساة تعانق المعاناة، تكبر معنا بعد سماع نشيد السلام، تُعِمرُ فينا كؤوس الخيبة، لتُنبت على ثرانا شوك الهزيمة، وتقتل الرّجاء..

ان الخلاصة المرة التي وصل اليها رفيق مع قائده هي : لا نصر أو منتصر في حرب بين أصحاب الأرض.

تقول زينب في ردها على رسالة رفيق : اليوم نعيش على العراء بدون وطن، أصدقاء الأمس أصبحوا أعـداءً. فما هو ذنبنا ؟..

الحرب هي :

عندما تندلع الحرب ستزداد المآسي وتهب العواصف من كل جهة، ولن تترك وراءها صديقا يُذّكِرك بأحلام الطفولة.

حينها، تدرك ما خليت من سلام خلف أول رصّاصة، بعدها يتنامى الوجع فيها .

في منطق الحرب كل طرف يؤمن أنه على حق...

وقد صدق المثلال يوناني : الحرب هي المدرسة الحقيقية الواحدة للجراح .

كل واحد منا، قرأ الوطن بمرآته المهشمة!

ولهذا عندما تنتهي الحرب كما يقول المثلال روماني : بعد الحرب يتكاثر عدد الأبطال.

يبرز لنا الأديب شرقي رحو مميزات العدو المتطرف في جمل بليغة ، غلى لسان أبطال روايته:

(يوسف): الأشد خطورة هو انتقال أعمالهم الدنيئة إلى المدّن حسب ما أظن يا (سالم)

أظنها مرحلة عابرة للضغط أكثر ونشر الرّعب في أوساط المدّنيين.

(يوسف): لا، ليس كذّلك، بل يجروننا إلى مرحلة جديدة لم ترتسم بعد، و أظنها حروب الشوارع.

الفصل الرابع : على خط التساؤلات

لقد وظف الأديب شرقي رحو التساؤلات بطريقة ذكية ، فكانت أشبه بصرخات وطلقات رصاص قاتلة ، ان السؤال عند الروائي أهم من الجواب .

يقول أوجين يونسكو : ليست الإجابة هي التي تبعث على التنوير والتثقيف .. بل السؤال هو من يفعل ذلك. ولهذا يركزالممثا الفنان والكات أنطوني روبنز : جميع الإجابات موجودة وكل ما تحتاجه هو إيجاد السؤال الصحيح.

بينما يؤكد الأديب الاعلامي هاروكي موراكامي : كان جدّي يقول دوما : إنّ سؤال الناس يحرج المرء للحظة، لكن عدم السؤال يحرجه مدى الحياة.

وهذا ألبرت أنشتاين ، يفيدنا في أهمية السؤال : تعلم من الامس , وعش من اجل اليوم , وتأمل بالغد , ولا تتوقف ابدا عن السؤال.

وهذا ما فعله الأديب شرقي رحو في روايته .

لنتمعن في هذه المقاطع البهية :

يتساءل البطل عن جدوى الحرب : عدت أحتمي بالصمت، وأسائل نجواي منيبا...ألا يرى الضعيف أن بداية الحرب هي نفاذ كل الحلول وانتحار الصبر وبلوغ الشر ذروته، أما في نظر الأقوياء هي الحل الذي لا غنى عنه في بلوغ مراميهم.

وكذلك :

هل فشل رجل الدين، وعجز المفكر، وزاغ السياسي؟!...حتى عاد الوطن حزين في عين الوطن.

ويتساءل رفيق بحزن : أين البساتين ومزارع الدير وشيخي الجليل، أين عطر أبي وأمي؟ أين (زينب) و الحلم؟ أين الأخلاء وضجيج الأطفال مع بالوناتهم؟.. مدرستي وأماكن الطفولة؟ أين الجامع العتيق ما بقي منه إلا صومعته، والكنيسة المجاورة؟

وبطعم التساؤل والحيرة ، تكون الصرخة :وهل البحث عن المال هو الذي يغذي الحرب؟ أم نهايتي ستصنع مني وحشا في مغارات العدائية؟.

وكذلك :هل فشلنا حقا في استثمار أنفسنا ولم نستشرف واقعنا؟!

الفصل الخامس: على خط النوستالجيا

عاش أبطال رواية : على خط النار ، حنينا لقراهم ومدنهم وصفاء حياتهم السابقة ،وقد لخص لنا محمود درويش نفسياتهم عندما : انا لا أبكي .. كل ما في الأمر أن غبار الحنين قد دخلت في عيني.

وفي هذا الصدد يهتف واسيني الأعرج : يا الله ! لماذا لا تُستثار الأُلفة وحنين الفقدان إلا لحظة الإفتقاد فقط ؟!.

وفي لحظة مشاهدة الموت ، يهتف البطل رفيق بحزن : ما أفظع أن تعيش وتموت غريبا وأهلك بالجوار، ولا ينبض قلب أحدنا بالود، ويطمع في أن ينادى إنسانا!

الفصل السادس: على خط خصائص الكتابة في رواية : على خط النار

يقول شرقي رحو : زمان ومكان القصة : للقصة زمنين ...الزمن العام ( حادث مرور) ليتشظى في الزمن العجيب الخاص بالقصة من خلال هذيان مصاب داخل ليلة بالمشفى عن طريق

feedBag أو التغذية الراجحة.

وعن اللغة يقول شرقي رحو :

مستوى اللغة :

اللغة في الرواية لديها أفق محدود لطبيعة القصة وخاصة أشير إلى الخطاب العسكري الموظف في سردية الرواية وأقف هنا عند ملحوظة وهي كالآتي :

من خلال بحثي في الخطاب العسكري لم أجد ولا ناقدا تناول هذا النوع من الخطاب وما يتميز به من خصائص ومميزات جديرة بالبحث و آفاق الخطاب .

يتميز الأديب شرقي رحو بدقة الوصف في روايته :

فالأغصان اليابسة تأخذها العاصفة، والندية يحضنها الربيع...وأما الأيادي القاطفة للزهور، لا يمكنها إيقاف فصول الدّفء.

كما استثمر الأمثال والحكم والأقوال بعمق :

"الأغصان التي غادرها الندّى لا تصلح إلا للنار"، وكذلك : ... ستبقى الجذور وفية لأغصانها، ولن يزهر الورد على أيدي الشوك . اضافة الى :الذي يتكلم بالحكمة دائما يتضور بالجوع .

ولننظر الى وصية العجوز للشاب : "أنظر إلى ذلك الشتاء سيولد منه الربيّع، وتزهر تلك البساتين وتعود الطيور إلى أعشاشها ويكسو الاخضرار تلك الأشجار العارية وننعم بالدفء."

بذكاء المبدع وحنكة الأديب ، وظف شرقي برحو الشعر بطريقة ذكية ، ووضع الأشعار في مكانها المناسب :

الأرض أرضنا

والزرع زرعنا

والحرف حرفنا

والماء ماؤنا

والذكريات لنا

والمستقبل لنا

ولنا هو لنا

يعيش الوطن و تحيا الأمة

وهي أبيات عن حب الوطن والتشبث به .

كما وظف أغنية ناس الغيوان : ما هموني غير الرجال اللي ضاعو :

<< ما هموني غير الرجال إلى ضاعوا..

لحيوط إلى رابو كلها يبني دار..

ما هولوني غير الصبيان مرضو و جاعو..

و الغرس إلى سقط نضو نغرسو اشجار..

و الحوض الى جف و اسود نعناعه..

الصغير ف رجالنا يجنيه فاكية و ثمار..

مصير وحدين عند اخرين ساهل تنزاعه..

وشعاع الشمس ما تخزنه لسوار..>>

وللذكريات نصيب في رواية : على خط النار شعرا جميلا :

ذكرياتي

الحُزْنُ مَلْعُونٌ..

يُعَانِقُ ذِكْرَيَاتِي !..

يَهـْمـِسُ إِلَـيْـهَا فِي غِـيَـابِي ..

يـُفـَضِّلُ زَوَايَـا فــُؤَادِي ؟!..

يُنَـاشِــدُهَا إِنْ كُـنْتُ طَــرِيحَ الــفِرَاشِ..

يَمُــدُّ يَـــدَهُ فِــي الزُّحــامِ !..

يَـتَـقَــدَّمُ نَحْـــوَ الجِسْرِ القَدِيمِ !..

يــَدْنُوا لَهَا فِي الظَّــلَامِ..

يُخَلُّوا بِهَا فِي أَحْلَامٍ؟!..

مَلْعُونٌ... مَلْعُونٌ... مَلْعُونٌ..

انْتَظرُ نُورَ الفَجْر وَأُنَاجِي..

هَذَا لَيْلِي عَلَى الجِسْرِ القَدِيمِ..

وتكون الخاتمة شعرا بطعم العنوان :

على خط النار

كــان بوســــعي!

أن أجعل من قلمي

سيفا أو بندقية

لكنه مازال

وردة في هـدية

عنوانا لهوّية

عاشقا للحرية

قد كنت على خط النار

جندي مقــــاتـلا

رسولا مســافرا

السلام فيا جداول

كـــان بوسعي!

أن أعــانق القمر !

وأمشي فوق البحر!

لأخطــف البسمة !

لكن ..

مازلت عـدوا للشــر

أنبذ القهر

حــر ،حـــر، ثم حـــر

لأني أحيا مع البشــر

وهذه نواميس الإنسانية

خاتمة

تعتبر رواية : على خط النار ، للأديب شرقي رحو ،عملا ابداعيا ملتصقا بحقبة تاريخية عاشها الوطن اقتتالا وحربا واغتيالا بسبب التطرف والتعصب الديني والفكري وغياب ثقافة الحوار والاحترام .

مجدالدين سعودي . المغرب







تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى