د. سعد عزيز عبدالصاحب - تمثلات المخرج المؤلف في تجارب ما بعد 2003 المسرحية:

أما المخرج المؤلف (ماجد درندش) فهو ينطلق من الشخصية الدرامية وموقفها البطولي (الوثيقة) بوصفها مركزاً مهيمناً وشاهداً على الحدث الواقعي في بناء نص العرض لديه الذي لا يكتمل ضمن صيغة نهائية أبداً حتى ليلة العرض فهو في مسرحيات (ثمانية شهود من بلادي) و(أساطير من بلادي) يدوّن خطاطات متغيرة دائماً لما يستجد من متغيرات فهو يكتب على نسخة نص (أساطير من بلادي) النسخة السادسة ، معتمداً على التمرين المسرحي ، إذ لم يكن عبداً للوثيقة ومقولاتها إنما هو يضيف ويحذف بشكل مستمر بفضاء أدائي ارتجالي يستحيل على التدوين ، هنا تكمن إضافة درندش وبراعته بتصوره أن لاشيء مكتمل وكل المرويات التي سمعها عن الشخصيات البطولية تلك هي غير نهائية أو حاسمة لذا هو يعطي نصه وممثله فضاءً غير محدود من الحرية انعكست هذه الحرية على فضاءات عروضه المسرحية وأمكنتها غير القارة أو الثابتة فعروضه تصلح للعلبة الإيطالية والفضاءات المفتوحة والمغلقة وذلك لأن عروضه ليست للنخبة ، إنما للجماهير بمختلف طبقاتها وتوجهاتها ، أما حركة الزمن في عروضه فهي قادمة من عملية استحضار الأرواح وبآلية أشبه بفعل السحر الأسود فاستدعاء الشهداء (مصطفى العذاري) و(علي النداوي) و(سميرمراد)و(ماجد عبد السلام) وغيرهم يتم من خلال مأزق تمر به إحدى الشخصيات فتستحضر الشهداء في عملية تدوير لفعل البطولة لتمثل الشخصيات أفعالها البطولية ومشاهد استشهادها بفعل التغذية الراجعة بتكرار المشهد الواقعي بشكل جمالي مسرحي اخر ، وكذلك عندما تهرب الفتاة الايزيدية من قبضة الدواعش مشوهة وجهها كي لا يدنسها حفنة الارهابيين وتجد نفسها قرب قوات الحشد الشعبي والجيش العراقي لتستحضر البطولات مرة أخرى في الحفاظ على هذا المكون العزيز من مكونات شعبنا ، أما طبيعة اللغة في نصوص ماجد درندش فتعتمد اللغتين الفصحى والدارجة ويُبدع في كليهما بألفاظ رمزية واستعارية (حسجة)أقرب الى الشعر تساعد الممثلين كثيراً في إيقاعها ونبضها الغنائي وسهولة معانيها ، نستنتج مما سبق أن الهيمنة السابقة لخطاب المخرج المؤلف قد تم تفتيتها بأتجاه العمل الطاقمي والارتجال الجماعي وأصبح لدينا نص عرض جديد تداولي (شعبي) قريب من المتلقي ووجدانه ومتمثل لحاجات المجتمع والثقافة .

د. سعد عزيز عبدالصاحب


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى