حميد العنبر الخويلدي - ياصديقي ليو تولستوي.. نص حداثوي للاستاذ الشاعر احسان الموسوي البصري

ياصديقي ليو تولستوي

أحب أنْ أسمعَ صَخبَ كَلماتكَ
في آخرِ الليلِ
أحبُّ أن أسمعَ
اعترافاتَ الألف والحاء والباء في "لحنِ كريستر"
أحبُّ أنْ أعرفَ
مابينَ الأقواسِ
وَحوارات النقطةِ والنقطه
هأنذا
لم أزل أنتظركَ
منذُ نهاية الحربِ وبداية السلامِ
فليسَ منْ حقكَ أنْ تنامَ
وأنتَ تحلم بالكتابةِ داخلَ"مملكة الربِّ"
وليسَ من حقكَ
أنْ تتأملَ
وتتخيلَ مجاراة مايجري
وأنتَ تنعمُ في هدوءٍ عظيم

من أقصى قارات العالمِ
سأقترب منكَ
"بواقعية أدبية"
لأنكَ لستَ مُثقلاً بالخطايا

ربَّما
لأنكَ تحملُ قلبَ راهبٍ
مليء بالندوبِ
أو ربَّما
أنتَ
ممنْ ولدوا للتوِ
هبطتَّ فصرتَ كاتباً بالتمامِ والكمالِ
دونَ الخروجِ على النصِّ

هلْ سمعتَ ب"بميكائيل انجلو"
كانَ يتفحص الوجوه والاسماء
على الدوامِ
يجعلها عناوينهُ البارزةِ

كانَ يقول:
المخالبُ ليستْ وصمة عارٍ
ولا الفنُّ الملآن بالدمِ والغبارِ

القصيدةُ غابةٌ بكرٌ
القصةُ مدينةٌ مليئةٌ بالأفاعي
والومضةُ شبحٌ منْ اشباحِ العالم السفلي

الروايةُ ياصديقي
رجلٌ معلقٌ منْ قدميهِ
وأحياناً
تشبهُ ببغاوات يتصنعنَ الغناء

الروايةُ
تستحقُ التضحية
قبلَ أنْ يغمركَ الماء

الدمُ
مرحبٌ بهِ منْ كلِّ جانب

الآنَ ياصديقي
منْ حقكَ أنْ تكتبَ
أنْ تجعلَ
منْ عجلاتِ القطارِ
أداةً لجرائمكَ الكبرى

ياصديقي ليو تولستوي
أعني ألا تسخرَ
منْ جميعِ مخاوفكَ
وأنتَ تقتص
منْ "أنا كارنينا "اليافعة
وان تمارس الكتابة
دونَ بوصلة
لتلتقطَ
أكثرَ السماتِ تميزاً
وأنْ تشعر بالضيقِ
وأنتَ متهمٌ بالهرطقة
في منتصف الأحداث الكبرى
وأنتَ تمارس القتلَ
بهيبةٍ ووقارٍ

كنتُ
أرى كلَّ كلماتكَ
قبلَ أنْ
أستنزفَ آخرَ قطراتِ دمي
كنت أرى ملامحكَ بالبريد الالكتروني
فأنا شاهد أخرسٌ
لاهيئة له ولامعنى

قد أكون رفيقك في كلِّ ليلةٍ
لكنني أقعُ مغشياً عليَّ
قبل كل جريمة
بتر اصابعٍ
لمْ اقترفها على الاطلاقِ!

إحسان الموسوي البصري



------------------------


نص نقدي مقابل

الفن شارة وثمّةَ غارة
==========


ولتكن مماحكة تطبع اثرها ، هذا حق ، واجدرها لو تكون مع فارس وفروسية معهودة ،
لقد ابهرتَ الشاهد والمشهود ايها الموسوي احسان، مانكصت ابدا. وماارتبكت امام صورة بطل مقابل ،
قلبك اصيل نعم قلب اسد ، كنت والوجود في وحدة تفاعل اكيدة ، وهذا سر ما انت عليه ،
النص باهر ومعجب جدا سجّلت لك به عمرا فنياً حتماً
تدرجت بتؤدّة وثقة وامعان ،
ماكان محرّضُك وهمياً او تخاطريا من باب اعتياش الافكار على الافكار ،
احيانا كثيرةً يلهو الفنان ،تضيع آماله ، تخفت وَقْدَتُه ، قد يشعر بالهبوط ،حتى يصل به الحال حدَّ البعثرة ، وحد عدم التركيز،
فيذهب ينسى او يتمنى ، فيتّبع طريقة النبش ، والنبش سلوك بحثي لفنان لايريد ان يكون بعيدا عن الاجاق او الموقد الوهْاج، اعني موقد ابتكاراته ،
فيأخذ على نفسه استجلاب محرضه ، والمحرض منه داخلي ومنه خارجي وهذا محط اعتماد طاقة، ولو بالنفخ بالفم لاشعال النار بالحطب ، اذ يحس ان الحياة عادت وارتبط شريان الذات بشريان الوجود ،
واشتغل النطاق بالنطاق ، حتى تكتمل نصابات وحدة الخلق الفني ،
هذا مايتوفر به علينا الا فنان يجيد اللعبة
أو كان مالكاً لذخير النظم المحصّلة للاجتهادالفذ ،
/احسان الموسوي /تلبّسته الشْارة القدرية الماورائية بالتحديد والتركيز الفعلي ،
فما كان عليه الا ان يعد ويشد بالغارة ،
نعم الابداع شارة وغارة ، شارة من الغيب
او اشارة وقل ماشئت هي شرارة واتقاد ،
ومن حصل على هذي كان نبويَّ الفكرة والنظرة ، يرى بنور و وجوب، ومدد ولانضوب ، الغيب القدري ميزانُ جمال وكمال ،
فمَنْ غرفَ ، غرفَ بالعذب الصراح ،
ومن خاب فشل ،ومااكثر الفاشلين ،
اجمِعْ وكن انت المنهدمَ اولاً ، والحلوليَّ
في روح الطبيعة ،فما ايسرها عليك ،
وبعد ان قلنا شارة ،،
علينا ان نكمل طرفي المعادلة ونقول تلحقها او تقابلها غارة ،
ونعني بها الحافز العفوي والمحرض الذاتي الذي يتلبّس الفنان ، واذا به
المجرور من حيث لايحتسب ، الى حيث موقف التصيّرات المحدثة ،
فَيَغِير بتقانات فنه وعرفانه ، ليدخل اذ تهتك له الحجب ،
المبدع باللحظة التي انهدم فدخل بها
ليس كما هو كان قبل دخوله ، لا إهابه
ولاصورته ، انه في امحاء واقعي مادي
وتحوّل ثانٍ دهيش ،
احسان الفنان ،اغار بعد ان انجرَّ فامّحى
وقد صار شعاعاً لااعرف او غبارا كمثل نمش راهج
او اعصارا على قدر نسبية التناص في عمله ، يهدر ويزمجر تارةً ، ويفتر يتأمل اخرى، فلعل حواسَ ومذاقات ومعارف الفنانِ تبقى معه تذهب لهناك ، هي فقط الباقية ، وإمّا لحمه وشحمه وكراهاته وبغوضه فمخلوعة خلع ثياب السابح في غديرة ماء ،
يدخل ملاكاً نظيفا نبياً مرسلاً من الارض للعلى هناك، يخبر بالنقص والحاجة ، ان الواقع منقوص ويعاني
يقترح يتفنن يطمع بطلبه ويطمح ،ان ينال الاكثر والاجدر ، لكنما يُزْبَر بقدرة اعلى
من قدرته تدري وتعلم قبله وتخبر بالحال قبله ، كانت بالاحرى هي الواصلة بينه وبين الغيوب التي دخل ،
كانت صنعت الشارة التي اشرنا له ، وحثّتْه بالغارة والتهيؤ لها ،
المبدعون محكومون بقوى غير قواهم اخرى غامضة ، فلايغتروا ،
بل لابد يتواضعون مع الحياة ، ويؤدّون ماعليهم من ايجاب ،
مبدعو اليوم واقصد العراقيين ،اغلبهم
واستثني فصيلاً قليلاً مخلصين منهم نعم
وكأنّ العراق لم تسحقه الفواجع والدواهي والحروب والتداعي ، وكأنّ شعبه ووقته ربيعاً زاهرا واصلاً للغاية المرجوة ،
يتغنون فيكتبون فنّاً بالخمرة وبالسكر وبالمجون ، هو بحدّ ذاته وَهْم في وهم هذا، مرات الفنان يخدع نفسه ويقدر ان يحرف الشارة نعم يقدر ، كونه يدخل عصيانه
وانحرافاته ، وما يكون ضمن مدار القضية والتكليف ، نحن مكلفون حتمياً
تراهم يكتبون عن الغُنّج والدُّلَّع بالوقت الذي به ساحة التحرير ترسم بالدم شكلَ الملحمة الحقيقية الواقعية وتنظم اعلى دراما بالتاريخ والزمن ، وماكان شي يذكر
ماذا تقولون عن هؤلاء ،
انتبهوا ايها المبدعون انها قضيتكم اولا
انها حرب الفكر اولا والتصرف ، اعلم ان الغيب معك فكن معه على الارض ،بلادك بلادك ، عساك تملك سهما يسجل لك اثرا فيها ومن خلالها ،اترك اللغو والرهو الفاسد ، وادخل المغتسلَ الكريم ، دافع عن بلدك بمااعطاك الرب ولاتخف ،
حرك الالم ارشف الوجع دقق وحقق ، ناور
احتج واشجب ، الشارع مسرح وانت المتفرج على المسرحية ، هاهم روادها وابطالها ، اثنِ على الجيد فلاتخلو ، وافضح الناقص فهو السائد المريب ،
مهّد للعجائبي الذي يصنع الحياة والحضارة ، افرض نفسك امسك عليها باصابع قابضة على الجمر لاترتجف ،
من ايٍّ خائفٌ انت ،،،؟
الموت كأس مشروب حتما من قبل الجميع ، ان لم يكن اليوم فغداً ،
اتركوا التلاهي والتماهي وكاننا لم يهمّنا هذا ، لا فالغدير اوّله قطرة فقطرة فقطرة فسال وجرى واغرق الوديان سيلاً عرمرماً ،
متى بنا تهدُّ وتنهار حواجزهم وموانعهم ،،،ا
نعم حين نصمم بارادة واختيار ، فاليوم معركة فكر وفن
المستعمرون هتكوا البلاد والعباد
وما مماحكة الموسوي مع ليوتولستوي الا هي نطّة ذكر وفحل
يريد ان يقول قولته ويسجل له طبعة تروى ،،
نقول ونشهد انه سجّلها وبكل جدارة ،
ما كان هيّاباً ابدا ولا رايناه مرتجفا او مترددا ،
هذا ليوتولستوي وتولستوي يعني العالمية ويعني الارتقاء
نقول لوكانت ذات الناقد والكاتب والشاعر والقاص طمّاحة
تقتنص وتحدد ، تحيّد وتطلق ، تقدم وتؤخر ، تحيي من العدم وجوداتها وماتؤمن بالفكر المعتنق ، اذاً قل نال الغاية
احسان الموسوي دخل اثار جدلاً وترك اثرا
حاور ليوتولستوي كبيرا عالمياً ، وبكل جرأةٍ مشهودةٍ ، وبعين نقد اعتباري نسجّله له ،
انه نجح باهرا ، بطريقة فكرية تنبض بالوعي والرشاقة
حيث إختياره لمادته ، وبارادة مبدع زاد على عمر تجربته ليقارب على الاقل حافاتِ ليوتولستوي. ، فكان اهلا للمقاربة ولو على منوال الشاكي وليس الباكي ،
ليوتولستوي اب وربوبية وارث لكل محق ، هكذا كان ، لانه اتاها صادقا مدافعا عن امته وتاريخه ومجتمعه ، ماكان ليوتولستوي منافقاً ابدا ولو كان لكان ناكصاً حتما ، وماارتقى بانسانيته هذي ،ولاسجّل مرجعيته للجميع
كونوا كماهو أيها المبدعون ، امتنا بحاجة للإبداع الصادق
بحاجة ان نجعل القلم كتيبة جند للمواجهة ،
تجربتنا بحاجة لكم اعني تجربة العراق ، العراق ليس غلطاً ابداً ، انما هي مناضلة ومجاهدة ولتطلع شمسه وهّاجةً ،
فتنير الآفاق الوسيعة ، العالم ينتظر العراق ٠٠



الناقد الاعتباري
الاستاذ حميد العنبر الخويلدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى