أ. د. عادل الأسطة - يحيى السنوار ٥.. يحيى السنوار وعصامية شخصياته / الغزاوية

أعادتني رواية " الشوك والقرنفل " إلى ما سمعته عن الطلبة الفيتناميين والطلبة العرب في الدول الاشتراكية .
في إحدى محاضرات الماجستير مع الدكتور عبد الرحمن ياغي في العام ١٩٨١ قارن بين الطلبة الفيتناميبن والطلبة العرب ، منحازا إلى الفيتناميين ، لأنهم يكتفون براتب البعثة ويوفرون نصفه ليدرس فيه طالب فيتنامي ثان ، خلافا للطلاب العرب الذين يطلبون من أهلهم المزيد من المساعدات غير مكتفين براتب المنحة .
الطلاب الغزيون لا يختلفون عن الطلاب الفيتناميين ، فما عرفته عنهم في ألمانيا الغربية أنهم عصاميون لا يكلفون أهلهم أي نفقات ، إذ يكفيهم مبلغ من المال للأشهر الستة الأولى لدراسة اللغة الألمانية ، وبعد ذلك يبدأون العمل والدراسة فينفقون على أنفسهم ويرسلون الفائض إلى أهلهم .
أبو إبراهيم في روايته يكتب عن عائلة الصالح التي فقدت اثنين من أبنائها في حرب حزيران ١٩٦٧ ، مخلفين وراءهما زوجتين وأبا وسبعة أبناء ، دون أن يكون لديهم راتب أو مبالغ مالية تكفيهم وتمكنهم من العيش الرغيد ، فماذا يفعل الجد لإعالة أحفاده السبعة وزوجتي ابنيه ومساعدات وكالة غوث اللاجئين لا تغطي مصاريف الجيب وبعض المواد الضرورية؟
يقف خال محمود ومحمد وحسن والسارد أحمد إلى جانب أخته ويساعدها ، فيعطيها المال بين فترة وفترة ، ثم يوجد لاثنين من أبنائها في مصنعه وظيفة شبه وهمية ، فلا تشعر بالخجل حين ينقدها المال .
مع مرور الأيام ونجاح محمود في التوجيهي يتأخر في الالتحاق بالجامعات المصرية لقلة ما في اليد ، فيبيع الخضرة ويجمع ما يكفيه من المال ويسافر ، ليحل إخوته محله ، وحين ينجح ابن عمه إبراهيم في التوجيهي يعتمد على نفسه في تمويل دراسته ، ولا يرضى أن يظل عالة على ابن عمه الموظف حديثا ، وهكذا يعمل ، في أثناء دراسته ، في البناء.
إبراهيم يجمع بين الدراسة والعمل ويمارس السياسة أيضا ، ومثله ابن عمه الذي يروي لنا الرواية - أي أحمد إبراهيم الصالح.
يقال إن يحيى السنوار ذو يد نظيفة وإنه يحارب الفساد والسرقة أيضا . ومثله في الرواية بطله إبراهيم ، فهذا الذي يسعى للحصول على السلاح يبيع مصاغ زوجته ، وحين يكلف شخصا بشراء قطعة سلاح يعرف أنه كذب عليه في السعر وربح ١٥٠٠ دينار ، ما دفعه لأن يجلده طالبا منه إعادة المبلغ ، فهو مال الثورة .
هل ما كتب في الرواية عن غزة في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين ما زال قائما ؟ أم أن أرض غزة ضاقت وضاق على أهلها الرزق .
كان الشنفرى الشاعر الجاهلي يقول :
لعمرك ما في الأرض ضيق على امريء
سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل
ولكن الشنفرى عاش في الصحراء التي لم تحاصرها إسرائيل ومصر .
ما زلت بحاجة إلى البحث في حياة يحيى السنوار ، لأعرف كم من شخصيته في شخصية إبراهيم ؟
استشهد إبراهيم الشخصية الروائية في العام ٢٠٠٣ ، وأطال الله في عمر أبو إبراهيم ، وإبراهيم الحمساوي الذي استشهد ، كما عرفت ، هو إبراهيم المقادمة ؟
صباح الخير
خربشات
١٠ تموز ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى