يوسف المساتي - محاولة في فهم العنف الصهيوني ضد غزة

اعترف اني لست ملما بما فيه الكفاية بمستجدات الصراع في الأراضي الفلسطينية المحتلة (لمن سيزعجهم هذا الاسم الغالب الله ف"إسرائيل" قوة محتلة حسب نصوص القانون الدولي اوقسيم بالله) ولكن من خلال متابعتي البسيطة اعتقد انه لا يمكن فهم هذا الامر دون ربطه بتعقيدات الداخل الفلسطيني و"الإسرائيلي".
لفهم الامر اكثر لابد من الرجوع الى الوراء قليلا وبالضبط عند اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987) والتي فاجأت فصائل المقاومة الفلسطينية، ويروي احد مستشاري الراحل ياسر عرفات أن هذا الأخير قال اننا نسينا الداخل، مباشرة في خضمها جاء اعلان قيام الدولة الفلسطينية وما تبعها من سلسلة مفاوضات، ثم العودة الى الأرض، والتي كان من بين أهدافها محاولة حصار مقاومة الداخل حتى لا تخرج عن الاطار المسطر لها، بعد ظهور فاعلين جدد.
واقعة نفهم منها ذلك السعي المتواصل عند الفصائل الفلسطينية الى محاصرة أي عمل "مقاوم" وجعله محكوما بحساباتها وسقفها السياسي (وهو ما كان محط صراع داخلي وصل حد الاقتتال بين الفصائل مرارا منذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية)
خلال احداث حي الشيخ جراح، ظهر معطى جديد الى السطح، ويتعلق بعرب 48 فلاول مرة ينتفض عرب الداخل بهذه الحدة والشكل، لدرجة دفعت الرئيس "الإسرائيلي" إلى التحذير من حرب أهلية.
تحرك عرب 48 قلب موازين القوى واربك كل الحسابات والتوازنات، فمن جهة أولى أسقط أسطورة "ديمقراطية إسرائيل" التي تسعى الى التسويق لنفسها أنها "واحة ديمقراطية" وسط صحراء عربية؛ وأكد واقع الميز العنصري، وسلط الضوء من جديد على معاناة عرب الداخل، خاصة ان انتفاضة عرب الداخل اشتدت في مناطق لها رمزياتها (حيفا، يافا، اللد...الخ).
ومن جهة أخرى، فتحرك عرب الداخل أربك فصائل "المقاومة"، وسحب البساط من تحت أقدامها، ليعلن ميلاد فعل مقاوم خارج التوازنات والحسابات الإقليمية، أو الفصائلية الداخلية.
من هنا إذا كانت مسارعة الفصائل الى "حرب الصواريخ" والتي يقابلها عنف "إسرائيلي" يحول الأنظار عما يحدث في داخل الأراضي المحتلة، وعن انتفاضة عرب 48، ويتحكم في مسار المقاومة وحدودها، ليدخل المنطقة من جديد في لعبة التوافقات والتوازنات المعتادة.
الخلاصة، جزء من العنف الذي يحدث في غزة، تمويه عن التحول المفصلي في تاريخ الصراع، وسواء كان الامر باتفاق واضح بين أطراف الصراع، أو اتفاقا ضمنيا، فلا يسع الانسان إلا أن يلعن كل المتلاعبين بأرواح الأبرياء، من يستبيحون الدماء لأجل مصالحهم، ويقدم كل التحية لكل فعل مقاوم صادق بعيدا عن أي حسابات.
ملحوظة1: من سوء حظ القضية الفلسطينية أنها كانت ولازالت رأسمالا تتم المتاجرة به من طرف الكل.
ملحوظة 2: انتفاضة عرب 48 تحول مفصلي في تاريخ الصراع، وسيكون لها ما بعده,
ملحوظة 3: حسب القانون الدولي فان اجبار مجموعة بشرية على النزوح، أو محاولة تغيير العناصر الثقافية لمجموعة بشرية أو مجال معين يعتبر في بعض الأحيان جريمة حرب، ويرقى أحيانا إلى اعتباره إبادة جماعية.
ملحوظة 4: "إسرائيل" ولحد الساعة "دولة" بلا دستور، ونص اعلان استقلالها الذي يعتبر بمثابة دستور كتب بصبغة دينية تمتح من أساطير غير مؤسسة تاريخية (هادي بالضبط لمن يؤيدون إسرائيل فقط لانها "علمانية هههههه")
ملحوظة 5: لفهم حدة العنف ضد غزة يمكن مراجعة هذا النص في سفر التثنية الذي يؤسس للتشريعات الحربية في العهد القديم (التوراة): " 10 حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها الى الصلح. 11 فان اجابتك الى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك. 12 وان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها. 13 واذا دفعها الرب الهك الى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف. 14 واما النساء والاطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتاكل غنيمة اعدائك التي اعطاك الرب الهك. 15 هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا التي ليست من مدن هؤلاء الامم هنا. 16 واما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب الهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة ما 17 بل تحرمها تحريما الحثيين والاموريين والكنعانيين والفرزيين والحويين واليبوسيين كما امرك الرب الهك 18 لكي لا يعلموكم ان تعملوا حسب جميع ارجاسهم التي عملوا لالهتهم فتخطئوا الى الرب الهكم 19 اذا حاصرت مدينة اياما كثيرة محاربا اياها لكي تاخذها فلا تتلف شجرها بوضع فاس عليه.انك منه تاكل.فلا تقطعه.لانه هل شجرة الحقل انسان حتى يذهب قدامك في الحصار. 20 واما الشجر الذي تعرف انه ليس شجرا يؤكل منه فاياه تتلف وتقطع وتبني حصنا على المدينة التي تعمل معك حربا حتى تسقط"



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى