محمد عباس محمد عرابي - الإيقاع السردي في قصص الأديب خالد همام إيقاع الحلم أنموذجاً

من المعلوم فنيًا أن القصة القصيرة تبني على عدة عوامل أبرزها الإيقاع السردي ،فالقصة القصيرة فن أدبي له أساسيات مشتركة تبين ملامحها ،وتساهم ملامح الإيقاع في القصة القصيرة في ضبط مجريات اللغة والشخصية والحدث ،ويركز هذا المقال على الإشارة إلى الإيقاع السردي في قصص الأديب خالد همام من خلال الاستدلال بتقنية الحلم.
فلقد وظف الأديب خالد همام تقنية الحلم في قصصه الأسبوعي (مسعود وباتعة ) لما له من دلالة إيحائية ورمز في خدمة مضمون القصة وتشييد بنائها القصصي ، وما للحلم من قدرة على التشويق والإثارة ،كما أن الحلم يساعد القاص في التعبير عن موضوع وقضية وظاهرة يراها الكاتب تمثل جزءاً من تكوينه السيكولوجي .
كما أن الحلم له عدة دلالات منها :التعبير عن الواقع المعاش ،مناقشة المشكلات والتعبير عنها ،ومناقشتها ،والتخمينات والتوقعات المستقبلية
ومن أبرز قصص الأديب خالد همام التي اشتملت على حلم قصة مسعود في عصر البشاوات وقصة مسعود في المشمش، وقصة مسعود في القصر ... ،وقصة مسعود في علم التفسير ...،وقصة مسعود في بطن الزير ...،وقصة مسعود في المرقص
**فقصة مسعود في عصر البشاوات ... استهلها الأديب خالد همام بالحديث حول حلم مسعود حيث يقول :"أشرقت شمس يناير ٢٠٢١ على استحياء ومازال مسعود قابعا على سريره المتهالك يرى في منامه كل ألوان الحياة : حلوها ومرها ...."
** فقصة "مسعود في المشمش ... " استهلها الأديب خالد همام بحلم زوجته ( باتعة ) ورغبتها في أكل فاكهة المشمش حين يقول :
استيقظ مسعود فجر هذا الخميس على صوت زوجته ( باتعة ) وهي تهمهم بكلمات في نومها وقد سمعها تقول :
نفسي في المشمش يا سي مسعود ... ويا رب كل غايب يعود !
ضحك مسعود من أحلام باتعة البسيطة ثم ارتسمت على وجهه علامة حزن كبيرة .
فمن أين يأتي بالمشمش لزوجته الحالمة وقد انتصف الشهر وأخر عهده بالجنيهات كان منذ أسبوع ؟!
**وقصة مسعود في القصر ... استهلها الأديب خالد همام بحلم مسعود أنه دخل مبنى كبير فيه خزاين كتيرة مليانة فلوس حيث يقول الأديب خالد همام:" بعد عصر الخميس الثالث من سبتمبر الخير وضع مسعود جنبه على أريكته الزرقاء فأخذته سِنة من نوم ...
فاق من نومته الخفيفة على وقع أقدام زوجته ( باتعة ) وهي تحمل له صنيتها الصفراء وعليها كوب الشاي المحلى بالسكر والنعناع الأخضر ...
ابتسم مسعود في وجه زوجته مرددا :
يارب يتحقق الحلم يا باتعة !
ردت باتعة :
خير يا سي مسعود ... لحقت تحلم ؟ أنا سبتك من 5 دقايق يدوب دخلت أعملك شاي العصاري اللى أنت متعود عليه ! قلي شفت إيه ؟؟؟
سرح مسعود قليلا ثم واصل حديثه إلى الباتعة قائلا :
حلمت يا باتعة إني دخلت مبنى كبير فيه خزاين كتيرة مليانة فلوس زى الرز ...
وجبت شوالات مليتها فلوس ... بس من تقلها معرفتش أشيلها لوحدي ...
وبعدين لقيت طابور حمير واقف بره المبنى ... يا يدوب غمزت للحمير بعيني دخلو المبنى وحمَلت الشوالات على ضهورهم ومشيت في طريق طويل ....
لقيت في أخره خواجة عنده قصر كبير ...
فيه ألف أوضة وألف حمام وألف تكييف وألف سرير وألف .... وألف ....
من كل حاجة ألف ... أديت الفلوس للخواجة وأشتريت منه القصر ...
وبعدين صحيت من النوم على صوتك الجميل :
الشاي يا سي مسعود !
سكتت باتعة طويلا ... فظن مسعود أنها تحلم بالقصر وعيشته الفاخرة الواسعة الناعمة فسألها :
بتفكري في إيه يا بتعتع ؟؟؟
**ودارت قصة مسعود في علم التفسير ... حول بحث مسعود في كتب تفسير الأحلام لمحاولة تفسير حلمه ،ومحاولة باتعة تفسيره له وفي هذا يقول الأديب خالد همام
تقدري تفسيره فعلا يا باتعة ؟! ... آه لو عملتيها فعلا وفسرتي الحلم ... هتشوفي مسعود تاني خالص ....
كلمات مسعود و وعده البرَاق استنفرت كل طاقات باتعة الأنثوية فردت بسرعة لا تقل أبدا عن سرعة البرق :
أنت عايز تفسير ل... الزير الخالي من الميه ... والفيران السوده ... والمدينة المكتوب عليها بالعبري وأنا بكنس فيها ... والكلب اللى سحبك من قفاك للمدينة ... فيه حاجة تاني شغلاك يا سي مسعود ؟
رد مسعود :
لا ياباتعة ... عايز تفسير ليهم ... عندك تفسير ولا الموضوع رغي ستات "
**و دارت قصة مسعود في بطن الزير ... أيضا حول حلم مسعود ومحاولته إيجاد تفسير لهذا الحلم من كتب تفسير الأحلام القديمة والحديثة ،وفي هذا يقول الأديب خالد همام:" وصل مسعود للمصلحة التي يعمل بها وسلَم على زملائه ثم استراح على كرسيه الخشبي فأخذته سِنة من النوم ...
وفي نومه رأى نفسه يجلس في بطن زير واسع لا حدود لطوله ولكنه يخلو من الماء ...
وشاهد مجموعة من الفئران السوداء تجري وتمرح داخل الزير العجيب
حاول مسعود الخروج من الزير ولكن دون جدوى ...
فجاءة ظهر كلب ضخم أمسك بقفا مسعود وأخرجه من الزير ثم جرى به مسافات طويلة حتى ألقاه في مدينة غريبة عليها لافتات مكتوبة باللغة العبرية ...
وهناك داخل هذه المدينة وجد زوجته ( باتعة ) تكنس شوارعها وتجمع أكياس الزبالة على ظهرها المقوس الهزيل ...
انتفض مسعود مذعورا من هذا الحلم ...
وعاد يقلب في كتب تفسير الأحلام القديمة والحديثة لعله يجد تفسيرا لحلمه ؟"
** وفي قصة مسعود في المرقص ..... استهلها الأديب خالد همام بسماع باتعة ما ينمنم بها مسعود في حلمه حيث يقول :"مع شروق شمس الخميس دخلت ( باتعة ) كعادتها تخبر زوجها مسعود بأن طبق الفول وحزمة الجرجير في انتظاره على مائدة الفطار ...
ولكنها سمعت كلمات ينمنم بها مسعود في حلمه وهو يبتسم ؛ دبت الغيرة في أنوثتها ووقفت بهدوء تتجسس على حلم مسعود ...
سرعان ما أدركت أن زوجها يحلم بأنه داخل ملهى ليلى ويتحدث ...
عرفت المسكينة بما يدور في خلد زوجها من رغبات ...وفهمت القصة والحاجة والهدف ..."
ومن خلال استقراء هذه الأحلام الواردة قصص الأديب خالد همام نجد أنها عبرت عن الواقع المعاش
،مناقشة المشكلات والتعبير عنها ،وتحليلها ،التخمينات والتوقعات المستقبلية فقصة مسعود في عصر البشاوات ... عبر فيها الحلم عن واقع مسعود الذي يعيشه فهو فقير الحال يتضح ذلك في قول الأديب خالد همام " ومازال مسعود قابعا على سريره المتهالك"
والأمر نقسه في قصة "مسعود في المشمش ... " يظهر الحلم فقر مسعود وزوجته باتعة حيث عدم قدرتهما على شراء المشمس يتضح ذلك في قول الأديب خالد همام" استيقظ مسعود فجر هذا الخميس على صوت زوجته ( باتعة ) وهي تهمهم بكلمات في نومها وقد سمعها تقول :
نفسي في المشمش يا سي مسعود ... ويا رب كل غايب يعود !"
كما ناقش الحلم الوارد في قصة مسعود في القصر ... مشكلة الرغبة في الثراء للخروج من دائرة الفقر وفي هذا يقول الأديب خالد همام :"
حلمت يا باتعة إني دخلت مبنى كبير فيه خزاين كتيرة مليانة فلوس زى الرز ...
وجبت شوالات مليتها فلوس ... بس من تقلها معرفتش أشيلها لوحدي ...
سكتت باتعة طويلا ... فظن مسعود أنها تحلم بالقصر وعيشته الفاخرة الواسعة الناعمة فسألها :
بتفكري في إيه يا بتعتع ؟؟؟"
وعبر الحلم الوارد في قصة مسعود في علم التفسير ... حول بعض المشكلات العالمية المعاصرة ،وكيفية علاجها وفي هذا يقول الأديب خالد همام :"
أنت عايز تفسير ل... الزير الخالي من الميه ... والفيران السوده ... والمدينة المكتوب عليها بالعبري وأنا بكنس فيها ... والكلب اللى سحبك من قفاك للمدينة ... فيه حاجة تاني شغلاك يا سي مسعود ؟
رد مسعود :
لا ياباتعة ... عايز تفسير ليهم ... عندك تفسير ولا الموضوع رغي ستات "
**كما نلاحظ على الأحلام الواردة في قصص الأديب خالد همام جنوحها نحو الرمز والتكثيف ،وأنها ذات مستوى مميز حيث أنها قادرة على الإيحاء ،وتتميز بالوضوح والجاذبية .
وتميزت لغة الأحلام الواردة في قصص الأديب خالد همام توسطها بين الفصحى البسيطة واللهجة العامية ،وكثرة الاستشهاد بالجمل الفعلية التي أكسبت الحلم ديناميته .
**وختاما يمكن القول إن الأحلام الواردة في قصص الأديب خالد همام
لها مذاق خاص وطعم مميز من خلال تركيزها ما يشغل المواطن البسيط
من موضوعات متنوعه برع الأديب خالد همام من خلال نصوصه وأسلوبه الساخر أن يكسب النص السردي ألق ممتع.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى