محمد عباس محمد عرابي - وقفة مع قصيدة "إلى أمّاه" للشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي

تحدث الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي في قصيدة "إلى أمّاه" عن عدة محاور هي : عدم اليأس والرضا بالقضاء والقدر، دعوة للصمود في حمل الهموم وشدائد الحياة، مكانة الأم في نفس الشاعر، وفضلها عليه، وفيما يلي بيان ما قاله في ذلك :
المحور الأول :عدم اليأس والرضا بالقضاء والقدر
حيث يدعو الشاعر أمه لعدم اليأس ،فالله مع عباده يرعاهم بفيض إحسانه وفي البؤس يغشاهم ،لذا لابد من الثقة في الله ،والرضا بحكمه والتذلل والخضوع له سبحانه ،فكل أمورنا وحياتنا بقضاء الله (تعالى)وقدره حيث يقول :
أماه..... لا تيأسي فالله يرعانا**و فيض إحسانه في البؤس يغشانا
ثقي به، و البسي ثوب الرضا وخذي**من الخضوع له، نهجا، و عنوانا
كلّ الأمور التي تأتي يقدرها**ربي، و ما شاءه في أمرنا كانا(1)
المحور الثاني :دعوة للصمود في حمل الهموم وشدائد الحياة
ويحث الشاعر أمه في هذا المحور إلى الثبات وعدم الحيرة ،وتحمل الهموم بإيمان وصمود بعيدًا عن القنوط واليأس ،ويبين الشاعر دور الأم في مواجهة المرء الشدائد فالأم كالظل وقت القيظ سبيل نجاة ،وهي بمثابة النور وقت الظلمة ،وهي صحارى الأسى بمثابة الورد والريحان، حيث يقول :
أماه ما قيمة الدنيا إذا عصفت**بها الظنون، وصار المرء حيرانا
وطّنت قلبي على حمل الهموم، فما**يعضه البؤس إلا زاد إيمانا
منك استقيت صمودي في الحياة فما**أعلنت يأسا، ولا أعلنت خذلانا
مضيت في رحلتي و القيظ ملتهب**فكنت ظلا على دربي و أغصانا
و كنتِ في ظلمتي نورا أسير به**وفي صحارى الأسى وردا و ريحانا(2)
المحور الثالث :مكانة الأم في نفس الشاعر ،وفضلها عليه :
يبين الشاعر في هذا المحور مكانة أمه في نفسه ،فهي سر ألحانه ،ونبضة الفؤاد لا تعرف الغدر ،وهي رمز الحب والشموخ ،والحنان والعرفان حيث يقول :
أماه... يا سر ألحاني و مصدرها**و نبع قلبي إذا ما صرت ظمآنا
يا نبضة في فؤاد الشعر ما عرفت**غدرا، ولا عرفت للفضل نكرانا
يا خاطرا في خيال الحب مؤتلقا**يندى شموخا، و تحنانا، و عرفانا
أماه... كل الجراحات التي اشتعلت**تهون، لكنّ جرح البعد ما هانا(3)
الله يعلم... كم أضنيتُ من ألم**قلب النشيد، وكم قد بتُّ سهرانا
منك ابتدأت مسيري في الوجود، ومن**ينبوع عطفك، صار القلب ريّانا
على ذراعيك جاوزت الطفولة في**أمن، وكان ربيع العمر هتانا
عبرت لجّة ضعفي دونما تعبٍ**وكنت لي زورقا فيها و ربّانا (4)


المراجع :
عبد الرحمن صالح العشماوي، إلى حواء ،الرياض ،مكتبة العبيكان ،1422هـ



(1)عبد الرحمن صالح العشماوي، ديوان إلى حواء ،"إلى أمّاه" ،ص9
(2)عبد الرحمن صالح العشماوي، ديوان إلى حواء ،"إلى أمّاه" ،ص10
(3)عبد الرحمن صالح العشماوي، ديوان إلى حواء ،"إلى أمّاه" ،ص11
(4)عبد الرحمن صالح العشماوي، ديوان إلى حواء ،"إلى أمّاه" ،ص11

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى