ديوان الغائبين ديوان الغائبين : عبد الأمير الحصيري - العراق - 1942 - 1978

شاعر عراقي معاصر .. ولد سنة 1942 وتتجلى في شعره ثلاثة ركائز ، كما يقول الأستاذ جمال مصطفى مردان ،في كتابه : " شعراء من العراق " هي البلاغة العربية ، والمطولات الشعرية ،والصور الشعرية . وقد نظم في جميع البحور الشعرية .. له تسعة دواوين . ومع أن هناك الكثير من الدراسات والأطروحات التي كتبت عنه في مختلف اللغات إلا انه كان - وكما كنا نراه في شوارع بغداد في أواسط الستينات من القرن الماضي- يعد من بقايا شعراء الصعاليك ..كان بوهيميا ويلحظ ذلك في ملابسه وسلوكه وتصرفاته ..توفي في أحد فنادق بغداد المتواضعة سنة 1978 بعجز في القلب .
ولد عبد الأمير الحصيري في النجف الاشرف وفي بيئة مولعة بالأدب والشعر واللغة .لذلك مال إلى الشعر منذ صغره وقد جاء بغداد ليكمل دراسته إلا انه لم يفعل ذلك . وقد عرفه البغداديون بملابسه المتهدلة العتيقة وبلحيته الكثة وكثيرا ما كان يثير لدى البعض وخاصة من الذين كانوا لايعرفونه السخرية لكنه بالمقابل كان يثير في دواخل الشعراء والأدباء عقدة عندما يعمد إلى كشف أخطائهم النحوية واللغوية والعروضية .
ساعده بعض أصدقائه ممن تولى المسؤولية الثقافية الرسمية بأن عينوه محررا في جريدة المواطن لكنه اثر حياة التشرد بإرادته راضيا بالنوم على الأرصفة والشوارع قانعا بشخصيته وسلوكه .. وعندما كان يواجه بالسؤال عن ما يفعله يقول انه يعجز عن تفسير ما يختلج في أعماقه .
اصدر ديوانه الأول أواخر الخمسينات من القرن الماضي وكان بعنوان : " أزهار الدماء " .وفي سنة 1962 اصدر ديوانه الثاني : " معلقة بغداد " وفيه مطولة شعرية زادت أبياتها على أل 281 بيتا .
يقال انه كان على دراية كبيرة بتاريخ بغداد وحضارتها الزاهرة .وكثيرا ما تعرض لحالات من الإحباط والخيبة المستمرة في حياته والطريف انه ظل عازبا وكان لايعرف المرأة جيدا ،وعلى الأغلب كان في قرارة نفسه خجولا .
عين في سنة 1973 محررا في القسم الثقافي في مجلة وعي العمال وبتأثير الأستاذ عزيز السيد جاسم وكان يعطف عليه ويعرف قدراته الشعرية والأدبية إلا أن الحصيري لم يستطع الالتزام بمسؤولية العمل في المجلة وانتقل إلى العمل في الإذاعة والتلفزيون كمصحح لغوي .
من دواوينه فضلا عن ديوانيه الأول والثاني :
*ديوان بعنوان "بيارق الآتين " 1969
*ديوان بعنوان "سباب النار " 1970
*ديوان بعنوان " أنا الشريد 1969
*ديوان بعنوان " مذكرات عروة بن الورد " 1973 .
*ديوان بعنوان "تشرين يقرع الأجراس " 1974 .
*ديوان بعنوان " أشرعة الجحيم " 1974 .
*ديوان بعنوان "تموز يبتكر الشمس " 1976 .
كما ان له ديوانا بعنوان : " أحلام بابل " اختفت نسخته المخطوطة بعد وفاته مباشرة .
رثي من قبل العديد من أصدقائه ومما قاله احدهم :
لقد رحل بعبع الشعراء
وارتاح البعض منه
بكاه الكثير من محبي الأدب والشعر
وكانت النهاية
لقد رحل عبد الأمير الحصيري
مات
ومات
وانتهت رحلة التشرد

*كتابة الدكتور إبراهيم خليل العلاف


انا الاله ومن حولي ملائكتي = والحانة الكون والجلاس من خلقوا


قصيدة (أنا الشريد) تعد من عيون شعره، وهي من ضمن ديوانه (أناشيد الشريد) المنشور العام 1960
أجائع؟أي شيء ثم يا قلق؟
أَمنْ حطامي هذا يمطر العبق؟
إذا تصبيت روحي دونما تعب
يطغى تلظي هواك القائم الخفق؟
إنْ كنت تحلم في قلبي، فإن دمي
من جوعه بات فيه الجوع يحترق!
ألم يشردك تشريد يمزقني
عيناي أظفاره العمياء تأتلق
قلبي الجحيم... أثيمات الشرور به
معذبات!! فما أذنبت يا قلق؟!
أخشى عليك دمي الواري، وإن يك في
إحراقه حلمك الريان ينسحق
ما زلت طفلا غريرا، كيف تقربني
أنا التشرد والحرمان والأرق؟!
أنا الشريد!! لماذا الناس تذعر من
وجهي؟ وتهرب من قدامي الطرق؟!
وكنت أفزع للحانات، تشربني
واليوم!! لو لمحت عيني، تختنق!
قد بِت أمضغ أعراقي وأوردتي
وأرتوي من جراحاتي.... وأنسحق
شنقت قلبي على أحلامه.. فإذا
بها، وضحكتها الخضراء تنشنق
وجبت حتى زوايا الغيب، ليس صدى
فيها، يروي صدى نفسي، ولا ألق
زرعت حتى اصطخاب الموج في شفتي
ضحكا، ولم يبتسم خفاقي الأَرِق
العري... أذهله شأني، فجن على
شفاهه ألف سؤل، كيف ينطلق
أنا الإله وندماني ملائكة
والحانة... الكون والجلاس من خلقوا
عريان، يكسو الدنا بالنجم ألبسة
عطشان، في راحتيه الكوثر العبِق
فهل كسوت جفون الناسِ ألف دجى؟
أم هل تبسم في أحداقه الغسق؟
الدار تسكن أحلامي! وما اكتحلت
بالشمسِ .... والشمس من كفي تنبثق

معلقة بغداد
وهي قصيدة طويلة جدا صدرت في كتاب منفصل العام 1962، نقتطف هنا مقطعا منها:
بغداد قـلـبي في يديـك فعذبي
إن شئت، أو إن شئت شل العاطبُ
إما صببت سعير عتبي لم أكن
لسوى تضاريم الفؤاد أعاتبُ
وأنا ابـنك المغوار مسقط دجلة
ذا القلب والسعف الإهاب الشاحبُ
بالرغم من أن الغري بأضلعي
لهب ولي حتى رباه حبائبُ
وتـوقد الرمل الشروب، سرابه
رئـتي وأوردني الفرات الساكبُ
فيراعتي سيف بريق صليله
شعري وخفق القلبِ غمد ضاربُ
أنا ذلك الـشــحرور دجلة أيكتي
ولئن توهم بي حزين ناحبُ
أطري حفيف غصون عزك أخضرا
حـتى يمزقني ارتعاش قاصبُ
والنار تخضع خافقي وتمجه
إذ لم يعد فيه اخضرار صايبُ
أتفيأ الـبسمات حيث مدامعي
في غاب لحيتي البهيم سواكبُ
فغسلت في منديل صبحك أدمعي
نسجته من همس الحرير كواعبُ
لا تعتبي إما زفرت تألما
من نار أحـلامـي، فما أنا عاتبُ
أو إن زرعت رؤاي في لجج السنا
عين مخصبة ووجه قاطبُ
أفتوقد الدرب الشموع؟،وفرقدُ
أكـلته من جـوع الظـلام مخالبُ
وعزيف ثورتك الوضيـئة تزدهي
حيث ازدهت بدمي اللفوح نوائبُ
أواه يا أعـشــــى لـو أنك عائد
ما طاوعتك بأن تقول مشاربُ
حسبي بأن أطأ النجوم وسلمي
حسد وبغض وانتقاص كاذبُ
وتكاد تعثر أرجلي فأزمها
مـلء الطريق ضفادع وجنادبُ
إن كنتم مـن صنع ليل دامس
فأنا من الفجـرالندي تلاهبُ
أو كنت في ثوب الـدجـى متدثرا
جهلت ضحاي أباعد وأقاربُ
ورسبت إذ طفح الحباب فإنما
بثمالة ثملا يعود الشاربُ

***


ياباسل الحزن
القصيدة التي ألقاها الشاعر عبد الأمير الحصيري في الاحتفال التأبيني للفنان جواد سليم

فضت نوافذها عن وجهك الحقب
غاباً … فواكهه الأشواق، والعجب
غابا أزاهر بكر اللون سندسه
وخضر أشجاره الألواح والنصب
وماءه ذهب الإسرار ذوبه
يتقظ بوميض البرق يحتطب
ما كان إلا سماوات معرشة
في الأرض أنجمها الإبداع والنصب
تجمع الخلد خطأ في ملامحه
وجسد الهدء فيها الحزن والغضب
شتان بين تقاسيم مدببة
يغزو الرزايا على إطرافها الرهب
وبين أخرى تلاشت في تفايضها
بالعطر.. يزلق في بلورها اللغب
غضبى العواطف لا ترتد عارية إل
أشجار حيث يقاسى حبها الاشب
وادي الحياة خفي القاع .. يحضنه
سفحان: نضر، وسفح قاتم خرب
والعمر خيط يلاقي بين بعدهما
حينا ، ويفجوءه رعد فيغتصب
تمشي عليه الليالي غير راغبة
قوافلاً ليس يهني عودها سبب
تمشي وتتبعها الظلماء حافية
وتفتح الريح درباً أرضه الريب
حتام نحن نداجي الغيب عن أمل
بريقه لرماد الروح ينتسب
حتام ننسج للبلوى معاذرها
من أنفس صاغ منها ثوبه اللهب
حتام نحمل ضحك الرعب اضوية
لفضح إلف قناع فيه يحتجب
ما بالنا نكرم البوءس بصائرنا
عن غفلة فنقاسي فقد ما نهب
ونستدر جفاف النجم تزكية
لمقصد من جرار الصبح ينسكب
إذا اتخذنا قبور الريح أوسمة
أولد الشمس إن لم يفطن الذهب
ولا ستعرنا حديث الرمل تسلية
في وحشة الصبر ما دام الأسى يثب
مليون عام توارت في تمردها
والكون في واحة الإسرار يضطرب
فلو تعالت جدارا لاستراح على
إقدامه الترب. والتاذت به الشهب
يا ذرة الترب .. يا بكماء .. ياخبر
سمع الليالي على أصدائه حجب
أأنت تهزم لا بطشاً ، ولا رشداً
كتائباً بجفون النصر تعتصب
مفتاح أبواب دنيا النبض رغبتها
وليس من كفها إلا لها هرب
فكيف وكلت فيها عنك رهبتها
ورحت من ثمر الأحلام تنتخب
ياذرة الترب ما للغيب معذرة
عن بذخ خلدك إذ دنياي تغترب
وإذ ما قي للديدان مأدبة
ينصب فوقك ثغر للسنى حدب
عدالة الغمط لا تستنكري عتبي
فان احلي حديث العاشق العتب
قد كان أحرى بقلبي يستحيل لظى
لتسمعي منه صوت الصور ينتدب
لكنما اللطف يسقى نبضه ومتى
شج الأنوف أريج الزهرة الرطب
بركان حقدك لا يستر مائجه
حتى تعود سواقي الزهو تنتحب
انحن أحجار شطرنج تجاذبنا
الوهة الحزن حتى يثمر الغرب
أم إن ذا كون محراب ونحن به
نوافل لكتاب اليأس تحتسب
فلو تخلى طموح عن جوانحنا
لعمر الأرض في أبنائه الجرب
ولا عتلى الصمت عرش الكون وانتعشت
حمى الخواء . وجف المزهر الرطب
حمداَ لنعمة وهم نستظل به
من لفح إعصار عمر شانه عجب
حمداً لها من سلاح بارعة ربحت
به الأماني وصافت باسه النوب
أولا حنان دواليها لما سكرت
قياثر وتغنى الصخر والخشب
ولا استطاعت جنان اللون صفرتها
وقر بين السبات الناعم الأدب
ولا ستحالت قوافينا صدى خرس
يطارح الريح فيه الرمل والترب
وما أتينا لنجزى اليوم نابغة
قد كان يورق في أزميله الكرب
وما تآخت . بنجواها حناجرنا
الدنيا. بها أكبادنا ارب
حمداً لها كل فضل لو اطل على
الدنيا . مداه على أبوابها عتب
ياسروة الفن غنيها وفاء ندى
باغصن أيها للمنتهى قطب
وباركيها بالحان لعل بها
سراب ساحلها الفضي ينسكب
فأنت بالطير والأوتار مثمرة
وغفو ظلك بالإسماع مختضب
ياسروة الفن ما أشقاك عن ترف
مليكه تاجها الحرمان والسغب
وعرشها خفق أرواح وأفئدة
وشعبها من ثمار السر ياتلب
إستبرق الجحد والسلوى لها حلل
ومن لالىء حلم حولها قبب
أو كنت تخترقين الموت ساخطة
وتجمع الأفق عن إعلامك السحب
لما تحدر عن صمت شرفت به
جيل العقوق وما ضم الدجى نسب
وما طوى النبغاء العاكفين على
تأريق حزنك كهف للنوى ترب
إلف وألف فهل نادت مسامعنا
أصواتهم دون إن تغتالها الكرب
إنا صلبنا على اغماص أعيننا
وجوههم ولعنا كل ما كتبوا
وحثنا الجهل فانصبّت أصابعنا
تموه الطرق عنهم حيث ماذهبوا
فضيلة لك ليل الموت شاهدة
إن فيك يورق بعث للالىء صلّبوا
إن فيك تنتفض الأكفان أردية
خضرا ويخدم قبرا عالم رحب
ياسروة الفن هذا بعض ما حفلت
به غصون على جنبيك تنتصب
جواد من صفوة فيها أبيح لها
مما تشاء من الإلهام تنتهب
سبع أقلت مراسيها على ندم
فكل مرفأ على أثارها تعب
تسري ببحر عيون تستفيض على
مياهه المهج الحزنى فيصطخب
والنجم يربط في أمواجه القا
ويفرغ الريح من أفق به يجب
وسانحات الشواطئ ترتمي صدفاً
بقعره والقلوع البيض تستلب
سبع إذا سبرت روح قراراتها
يحنو عليها جناح للرهبتها
ولو تخيلت العلياء رهبتها
تولدت من أعالي جفنها الصلب
سبع على كل يوم منك سارية
جواد من جوهر التذكار تنتصب
يلوذ في ظلها قوم منحتهم
عمراً ليستغفروا من غفلة ركبوا
أني يبرر نسيان جنايته
وصبح فكرك في الحالين ملتهب
بل أنت في هذه الدنيا ابر ضحى
وان ذكا النفح إذ أوراده حطب
جواد ليس رثاء ما يفيض به
قلبي ولكنه الإجلال يحتسب
ولست ممن يساقي سفحه نهر
ولست ممن يطفئ ناره سكب
ولست بالهاجر الدنيا على بخل
لكي يوافيك غيث الشعر ينتحب
وما وقار القوافي إن تضل بها
من الضباب إلى خسرانها شعب
أكبرت فنك جبارا يدين له
تمرد الوحي إن أغرى به الشغب
وهنئ الدهر إذ كللت مفرقه
مفاخراً من قنوط الغيب تكتسب
باكرت عصرك لم تحضن مرافئه
صوتا ولم يرتعش في عرقه رغب
ولم يعمد مآقيه بحكمته
رجع من الأزل المكنون ينسرب
ولا أظلت حناياه تلهفها
بسدرة اللون كي يهفو لها الطرب
كم يشتهي الشوق تمثالاً لروعته
من حامليه فلا يستوقد الإرب
وكم يناشد حس لمح صورته
من ريشة وعناد الجدب يجتنب
وظلت الرغبة العذرا مخدرة
يعاقر اليأس نجواها ويصطعبُ
حتى إذا احتضنت إذناك دعوتها
ورش صوتك لثماً شوقها اللجب
جملت أزميلك السحري مخترقاً
مجاهل الفكر تهدي كل ما يجب
تلقن الحجر القاسي بعجمته
كي ينطقن بحس فيك يلتهب
فتسمع الأعين الحيرى فصاحته
مشاهدا تكتسي إعجازها الخطب
يرنو الزمان لها في طرف دهشته
حتى يعود له من سحرها هدب
وترتمي فوقها الأرواح ذاهلة
حتى يمازجها من ذوبها الطرب
لولا رباطة جأش من أصالتها
طارت فكل مكان جنحها الزغب
الريشة البكر منه اخترتها ثقة
فنبض إي فؤاد صوتها أللحب
يرن في الخشب الظامي له صورا
تهدي لنظرتها استسلامها الحقب
وتزفر الأنجم الغيرى تمنيها
لو يحتوي ضوءها من لونه حسب
ياراهب الفن لم تصرفه مغرية
عنه ولم تغتصبه حبه الرتب
لقد توحدتما ودا فما ذرفت
عيناه إلا لقلب منك يكتئب
طالعت عالمنا …طرف مدقق
تكاد ايماض خطف الحدس تغتصب
ومهجه تتلاوى من شجاعتها
مع الريح فيزهو حلمها العذب
ورثت آشور محفوفاً بأجنحة
فكيف منك بغاث المحل تقترب
وحزت من بابل آيات فتنتها
فلو تعرض قلب صاده العطب
ورحت تدرس بوح النخل مشتكياً
وترتوي ما يقول الماء والهضب
حتى تألقت والدنيا مباركة
خيالها بالذي تأتي فيرتعب
(ميكال) يهتف نشواناً بمرقده
لما تجئ وروفائيل يطرب
بخ ، بخ لجمال أنت خالقه
ورفعة لسماء أنت ترتقب
وغبطة وتهاليلا لمقدرة
يعود عمرك قفي خطوها الوصب
زخرفت حتى رنين الهجس آنية
طفا من المقل العطشى بها حبب
وصغت من صوبات الليل مغفرة
لكل حزن الالى فيبراءته اغتربوا
قدست في زمن صبت براءته
في بركه الإثم أبناء له نجب
ونزهت روحك البيضاء عن رفه
أضحت تنادمه عن حطة عصب
قدست أنت من الإيمان عاصفة
وأنت للفن والسحر اليتيم أب
خلدت شعبك تياها بملحمة
للنصر تحضن فيها رأسه الشهب
شعب تفرس بالبلوى فأخجلها
فضحا واقلق منه التخمة السغب
سطا على كل طاغوت فجلله
عارا وثار على الباغين فاحتربوا
واطلع الشمس من أبراج مغربها
ولو رمى الوهم لاسترضاه مطلب
ولو تلفت غضبانا لخف له
جهم القضاء تعادى رجله الركب
شعب إذا وطأ الإعصار فيلقه
عن لمح موكبه الأقدار تنشعب
وشاحه العز منذ افتض بارقة
ومذ تقلد رعب الخيفة العرب
دم الضحايا فداء عن كرامته
فليمعن الإثم أنى شاء يرتكب
في كل يوم له للفتح صاعقة
وكل آن عليه من أسى جبب
لا يعرف اليأس دربا نحو عزمته
ولا تعانده الآمال والخطب
روى نواظر تموز مباسمه
شمساً ربيع الأماني عبها السرب
اجري تفكرك إلهاما عصرت به
دنياك فانداح عنه نصبك العجب
تحير العالم الغاوي بدقته
وكاد في هوة الإغماء ينقلب
جموح ذاك الحصان الفذ مابرحت
أقصى العلا بعنان منه تنجذب
والفأس ما زال مرفوعاً يحاوره
تحت النخيل سراع حاصد صخب
وإلام مطوية طوقاً على ولد
به الجراح سوق والمنى عنب
وحاطم القضب السودا بقوته
قد أورقت بثنايا فجره القضب
لم تبق مفخرة إلا أضفت له
فخراً فجازاك شكر إن له خصب
إما السجين فسل روما ليزه على
إذنيك ما نال من إطرائها القصب
يا باسل الحزن قد عيت قيا ثرنا
ولم يزل مستطيبا غفوه عقب
ولم يبارح نفوساً منهم كسل
ولا استقاه ليطفى حره اللعب
شفاهم من أجاج الماء قد فقدت
مذاقها وجفاها البارد العذب
وموهوا أجها في لبس أقنعة
وشل إحساسهم من مغرب صخب
تاهوا بحب حضارات مزيفة
وغازلوا ملجأ فاستكبر الرطب
ياباسل الحزن لو مست نفوسهم
الحمقاء ريشتك العصماء ما نكبوا
ياباسل الحزن قبر أنت تسكنه
في قمة الدهر ولتاريخ مرتهب
لو إن دنياي راحت إانتخب ي
فلست غير شبيه فيه انتخب
طال السفار بنا والضوء محتضر
والظل فرقان والأنفاس تحترب

* منقول عن الناقد العراقي


***








عبدالأمير الحصيري.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى