حاتم عبدالهادى السيد* - عنفوان الأنثى والقصيدة الجديدة قراءة في ديوان: "لى.. اعتبار العنفوان" لفراشة الشعر الدمشقى المعاصر الشاعرة وفاء دلا

تطالعنا الفراشة الدمشقية الشاعرة / وفاء دلا – منذ البداية – بدهشة باذخة – ووجع كونى أثير ، وجع شهى يدخل الى جزر الروح فيحل صوف القلب الى دفء أبدى ممتد ، ثم نراها في ديوانها – الذى بين أيدينا – ” لى ….. اعتبار العنفوان ” تسبح بنا عبر لغة الحروف لتجدّف في محرابها / محراب افروديت / شهرزاد / ليلى / سافو / جولييت ، حيث أسطورة الذات / العالم / الكون / الحياة ، فنراها تزعق في بريّة الخلود تستنطق الحب والعشق والدفء لحبيب وعاشق سادر في ميتافيزيقا الوجود ، تبحث عنه ، ترفضه ، تقربه ، وتبتعد عنه ، في ديمومة لا متناهية عبر أفضية الجمال الباذخ ، والعطر الأنثوى السيموطيقى الذى يشى بمدلولات غاية في الروعة ، فنراها تنادى في الكون وتزعق بصوت الأنثى الحالم : ” لي … تراتيل العنفوان ” ، لى الشعر والحب ، لى الكون الرائع المثير والأثير ، والرائع الحالم الممتد ، والدهش والمثير أيضاً .
انها الأنثى – فراشة الشعر الدمشقى العربى – حيث اللغة التى تنثال الى جزر الروح فتحيل زمرد القلب الى شمس تشرق في الوجدان المعطر بأطايب عطر الروح الشهى ، لنرقص معها على سمفونية الريح قصائد الخلود التى تداوى القروح والجراح ،فنراها تمرر يديها الحانيتين بالحروف التى تشبه السحر الأثير ، فترقص عصافير الروح لبلابل النور المغرد في حديقة الشعر الروحى المتدفق من بوحها وشهقاتها وشجنها الشهى الرائق .
ويطالعنا العنوان الملغز : ” لى …. اعتبار العنفوان ” بوقفة تأمل عبر الذات لأنثى النور التى تعتز بذاتها عبر ” ياء الملكية ” لى ” التى تشير الى اعتزاز ذاتى جسدته كلمة ” اعتبار ” ولكنه اعتزاز عنيف ، زاعق في الروح ، فيه خشونة ولين معاً ، وفيه شموخ وعظمة وحنو وانكسار كذلك ، انه الاعتبار المفعم بأريج الأنوثة الطاغية لفتاة المروج التى تزعق في برية الروح لتقول : أنا هنا موجودة ، أنثى محملة بالعنفوان والوجع الشهى ، والحب الانسانى ، انظروا لى عبر سيمولوجيا الكون ستجدوننى هناك ، أنا الأنثى الحلم / الارادة / القوة / الصبر / النور والنار / القوة والضعف ، والحياة والموت ، أنا الموجودة الذاهبة ، والذاهبة الموجودة ، أنا المرأة المستحيل ، وأنا كما قال الشاعر الصوفى القديم :
أنا في أنا وانى في أنا رحيقى مختوم بمسك الحقيقة
انها المرأة العنفوان / الاستثناء / الحلم / الحقيقة / العاشقة / الحزينة / الهائمة في هيولى العالم تبحث عن الحق والحرية ، والخير والحب والجمال عبر حدائق السلام داخل الذات / ذاتها / ذواتنا المأزومة ، وعبر العالم اللامتنه في سدم الفيزيقا ، وخلف مجاهل الفضاء الممتد .
انها أنثى الشعر التى تستميل القلب منذ أول وهلة لتحيله الى أيقونة مفعمة بالحياة ، حيث تمرر العطر للعالم ، بينما تتوجع وحيدة ، وتطل من شرفتها بعينين دامعتين الى نهر الحياة المتجدد ، لتلج الى الاحتمال ، وما فوق الاحتمال ، تقول :
مَنْ يا تُرى في الليل قد ولجَ النهارَ …
وَمَنْ توارى في نهارِ الليل …
إن الحُبَّ قد سرق السؤالَ الصعبَ … قد خطفَ الغواية … من عذوبةِ شعرهِ …
إني تعاطيتُ القصيدةَ من جحيم الشكِ … أو نارٍ لها حجمُ انكساري فليكنْ قلقي …
مدى التأويلِ أو ..كينونةَ الحُلمِ الذي حمل احتمالي واشتعالي في الجهاتِ …
هو السؤالْ نوافذٌ فُتحت على المجهول …
أو …
أنثى الغيابِ
فمنْ يُعيد الشهوةْ الخضراءَ … للقمر الذي … قد غادرَ الشعراء … ؟ .
انه الشعر : عربة الحياة الذهبية التى تنطلق بأميرة الحروف لتحارب تنين العالم في داخلها الذى يحاول أن ينهش القلب الضّاج بالعطر والحب والجمال ، حيث العالم يسكن قلبها ، وهى تستغيث بالقصيدة التى تعاطت مفرداتها في خمرة الروح البهية ، الروح الباذخة الشفيفة المنكسرة على بوابات القلق الكونى ، قلق المثيولوجيا ، وتيه البحث عن التأويل عبر خيال الحلم الذى لايجىء ، لذا نراها تشعل كل الجهات بالوهج ، وتتقاطع مع الجهات الأربع لتجيب عن أسئلة الكينونة الكبرى ، وسؤال الذات المتجدد في هيولى المجهول : ” من يعيد الشهوة الخضراء للقمر الذى قد غادر الشعراء ؟ ” . وهو السؤال الروحى الفلسفى ، حيث الاخضرار يمثل الحياة والحلم ، بينما يمثل القمر استشراف المستقبل والتوجّع على غياب القمر / الحلم الذى غادر روحها / وروح الشعراء ..
انها شهوة الحياة / المستقبل تتجسّد في الحلم ، وتندمغ معه ، لتعيد رسم أسطورة الأنثى الدافقة كنهر يتجدد بالعطاء والدفء للعالم ، ومع هذا نراها وحيدة منكسرة تبحث في المجهول عن عالمها الصغير ، وذاتها السادرة السابحة في فضاء العالم ، الا أنها تقف كنخلة شامخة في وجه الريح ، تخاطب الحب قى القلب بروح أنثى واثقة بذاتها لتعيد كينونة المرأة العربية وصورتها لدى الرجل ، فلولا الأنثى ما كان الرجل ، وما كانت الحياة ، فهى التى تقاسم السماء الازرقاق ، وكذلك الحب ، وتستنطق الشموخ العربى في النخلة القوية الشاهقة لتعيد تشكيل صورة الأنثى العربية في الذهنية التى تنظر لها من باب الشهوة والجسد ، لامن باب الروح والخلود ، تقول :
ما كان لك أن تكون … غير قيثارتي .. لن أعلمكَ إيقاع الشعر .. والنثر … الليلُ يَرسمُني على خَمرِ الشفاهِ قصيدةً ثائرة … مابين ثلجٍ ونارٍ … دعني أُحاوركَ كريحٍ مغايرة كسربِ يمام نثرتْ فوق التخومْ طائرة من بين يديك … روحي وَكم من احتمالٍ هاشَ وَ ذابْ لعل الله يُسْعف في النائيات وجودها !! وَيبقى بهاءَ امرأةُ النخيل في ألقَ النجومْ تقاسم السماء … زرقة الحُبّ وَالمطر .
كما تشكل الصورة الشعرية لدى / وفا دلا أفقاً سيمولوجيا متنامياً ، بحيث تعتمد على الصور المركبة الممتدة عبر التدوير الشعرى المنتاغم مع هارمونى الشعرية الدافقة لديها ، والتى تجسّد انثيال الشعر من مجرّة روحها المتواشجة بالعبق حيث تنتشر حولها الزبابق والورود المضمّخة بعطر الندى الذى يموسق الروح والفضاء ، ويعيد تشكيل جماليات الكون في داخل الذات والعالم والحياة والأشياء ، فهى تستنطق الجمال الانسانى في ذاتها الهائمة لتعيد تشكيل ذلك العالم كمدينة فاضلة داخل أفئدة قلبها الدافىء الجزين / القلق / الخائف / الصارخ في الحياة ، والمسكون بحب يغطّى الدّنى فترفرف أعلام الحب داخل قلبها / قلبنا / وفى كل أنحاء الحياة .
انها شاعرة الحب ، شاعرة القرنفل والياسمين ، وشاعرة الوجود الانسانى بكل تفاصيله الجميلة ، وبما تتغيّاه وتنشده وتنادى ، وتحلم بتحققه ، لذا نراها تقع في دوائر الحيرة ، تخاطب الوجود والموت والعدم لتعيد رتق أوجاع الحياة وتنسج من غلالة الوجد بقلبها الهائل بردة للمتصوفين والهائمين عبر الجبال ، نراها مع الحطابين في الغابات والسهول ، ومع الحيارى والمظلومين والتائقين لسقيا الحب ، والمتعطشين اللائذين بالوحدة فراراً بالحب والتوق من زيف الواقع المرير . انها تنشد الفضائل الانسانية في المجتمعات التى غدت تحارب الحب والفضيلة وتنتصر للظلم والاستبداد ، لذا فهى تتسلح بالحب لتثور بالشعوب والفقراء تنشد الحرية والسلام فكانت أحد المحاربات لزيف الواقع ، وزيف المجتمعات التى تحارب الجمال والحب .
وباستقراء سيمولوجيا العناوين لديوانها يمكن أن نفكك شيفرات نصوصها الحالمة التى تستنطق باطن النفوس لتعيد بالحلم رتق أوجاعنا حيث : ” الموت المتوهج ” ، وهذا التوهج يشير الى تواصل ديمومة الموت بما يشير الى دوائر الهرمونيطيقا التى تتقارب وتتباعد في دوائر لا تنته لتدلل الى استمرارية عزف سيمفونية الموت الدائم التوهج والاشتعال ، وهى رمزية دالة تشير الى كثرة القتلى وتوهج النار المضرمة بكل معانى الوحشية الانسانية كذلك ، كما نلحظ العناوين الرامزة التى تشى بغرائبية ومفارقة وجمالية تستقطب الذات لتشاركية القارىء مع النص ليعيش بين أحداث الذات / الموضوع ، وبين أن يعيش داخل كواليس الأحداث ، أو في وسطها ، فقارئها قارىء تشاركى وليس احتمالى أو مشاهداتى من بعيد بل هو يدخل الى الأحداث ليتنامى ويندمغ معها وكأنه بطل الأحداث ومحركها ، تلك التى تستبطن الوجدان وتدخل الى غرف القلوب لتعيد انتاجية المشاعر والعواطف كما في قصيدتها : ” ولوج الاحتمال ” التى تعنى مرموزات ردافئة ، فالولوج هو الدخول برفق وبحرارة وربما ببطء أو شدة كذلك ، ولكنه ولوج ممتد مفتوح على العالم بكل الاحتمالات ، وهو الولوج الانسانى لتعبر عبر مركبة الذات الى بحر العواطف ودق القلوب الهائمة بالوجد والانجذاب الصوفى ، مثل الفراشة التى تنجذب الى النار وهى تعرف أنها محترقة لا محالة ، الا أن الموت هو الفارس هنا ، أو هو المحرك للأحداث ، وكأنها تستشرف أحداث سوريا وواقعنا العربى الممتد من المحيط الى الخليج ، حيث الموت قد شيد مدناً بها العديد من المسارح ونحن المشاهدين نتفرج دون ان تكون لنا أى تدخلات ، فمسارح الموت تعرض صور الحياة اليومية لذواتنا وذوات الآخرين ونظل على ارجوحة الريح يحملنا الموت كدمى تتفرج بل وربما تتنتظر الدور في هذه الحياة التى غدا فيها القتل والدمار والموت هو من أبسط الأمور ، بينما هو من أكبر الكبائر كذلك في موروثنا الدينى والثقافى لجميع الأديان وهذا ما يستجليه عنوان قصيدتها : ” على مسارح الموت ” ، لذا ونتيجة للموت ومسارحه نرى الذات تتجول في : ” الأرصفة المبعثرة ” تقول :
حرٌ وَ جبان يقتتلان … بحصار الحوار … ينطق الطابور العاشر الزاّخر بالأبرياء الأول : أريدُ استرجاع الربيع وَ أكاليل الوطنْ الثاني : أريدُ اغتيال الفجر وسطوة الليل والأنا .. وبين الأول … والثاني … عتمة الموت .. بَشرتْ بخفايا الفجيعةِ .
انها الفتنة اذن فالكل في قتال والكل مدان مهما أبدوا من حجج وتذرعوا بحماية الوطن ، اذ الكل شارك في الخراب الكبير ،شارك الجميع في نسج غيمة الموت والفجيعة الكبرى لتنسج ظلالها على الوطن الكبير ، الوطن الذى مزقه الجميع وهم لا يعلمون أن الجرح في الكف ، وأنهم يحاربون أنفسهم ويغتالون الوطن / الحلم / يغتالون القلب الكبير .
وعبر عربة المثيولوجيا نراها تجسد الصراع الكبير حيث حصان طروادة والجثث المنتشرة عبر تأويل أسطورة الالياذة والوديسا لهوميروس والتى تمثل الظل بالنسبة للراوية : ” الإلياذةُ ظلي ” ، لذا فلا غرو ان نراها مشتتة المشاعر تبحث مرة عن : ” كِسْرّةُ الخّبز ” والتى تمثل أبسط متطلبات الحياة لتعيش على الحافة ، فتهرب الى العنقاء لتحمل حلمها وفارس أحلامها الى الجزيرة النائية ، جزيرة الذات والوحدة عبر قصيدتها : “العنقاء” وهناك سيكون لها اعتبار العنفوان : “لي ..اعتبار العنفوان ” ، الا انها قلقة طوال الوقت ،لذا فان كسرة الخبز يتشهاها الأطفال الا أنه خبز مبلل بالدماء والقتل ، ولا من طبيب يضمد قروح الروح ، وجراح الأفئدة ، لذا هى / الوطن ساخط على المتسبب في تلك الحالة المزرية التى وصل الجميع اليها ، وتلك الأهوال وذلك الجحيم وتلك الخطيئة الكبرى التى أحالت القلوب الى عواصف محملة بالسخط على من تسبب في تلك الفتنة التى أحالت الحياة الى قتل وتشريد ومناظر دموية يومية متتابعة ، تقول :
ماذا أُسمي القتل الذي يبللُ الانتظار بالجحيمِ أشهد أني رأيتُ … اشتباك الشظايا بعيونهم والعصافير تتشهى بشهوتين .. كِسْرّةُ الخبزْ … وَ لحظةُ آآآآآآمان … العصافير ترفض خبز الدماءْ كان الطغاة سادرين أمام الفرنْ وفي فوهةِ الغضب يشتعلون أين أُخبئ منجم جنوني …. وَ حروقي كثيرة … و مالي في غرفة الضماد شباكاً يطل على جرحي فيا لهذا الهول … وتلك الجريمة … و دماء أطفالي البريئة شوارع القتلى … ستمطرْ سُخَّط العواصف عليك … وَ أن طال … ويطول الانتظار .
وعبر تنامى احداث النصوص : ” قلق التراب ” تحاول النسيان والغناء فتتشبث بالقرنفل وتتوج امرأة النخيل الصمود لتدلل الى قوة المرأة العربية واحتمالها لكل أهوال الحياة كما في قصائدها : ” غناء القرنفل” ، “امرأةُ النخيل ،فلسفة الرّوح ، لذا نراها تتوقف في ” قاسيون ” ، أو فى : “دمشق ” حيث تجىء الكلمة مجردة من أى اضافات لتدلل الى النقاء والشموخ والعظمة للوطن الذى غدا حلماً فوق عربات ومجنزرات المؤامرات العالمية ، حيث طيور الظلام تعبث بالوطن ، وحيث أعداء الحب يقتلون الانسان والانسانية دِمَشْقُ ، لذا فان : “أميرةُ الصدى ” تبحث عن : ” سيدُ الضوء ” ، ذلك النور الذى خبا وغاب ، أو تم تغييبه بفعل فاعل ، فعل النفوس البائسة الخالية من وهج الحب ، لذا نراها تستنطق الجمال الدمشقى، والفستق الزاعق بالتوق والشوق والدفء فى : “عينايَ هما الخضراوان ” ، كما تستنطق الحلم وما تتغياه عبر قصائدها : ” حُلم ” ، فهى تحكى لنا عن آمالها وآلامها عبر عشرة أحلام تمثل ” عشرة قصائد ” متتابعة ، لتدلل الى تكرارية تؤكد معنى الحلم في استشراف مستقبل جديد فوق ركام وحطام الجثث ، ثم نراها تفصل القضية السورية / العربية ، قضية سوريا ، الأنثى المغدور بها ، المستباحة ، وما آلت اليه بفعل المؤامرات والأطماع الغربية ، وما أثارته تلك العصبيات والعرقيات التى تبث الكراهية للأبرياء بذرائع شتى وطرق ملتوية ، لتفضح الستر الطاهر العفيف لأنثى الحلم الدمشقى التى تنشد السلام والحب ليعيش الجميع في سلام ، كما نلحظ ذلك في قصائدها : ” إغراء” ، ” السْقُوط الحُّر ” ، ” شهداء الشام ” ، أولئك الرجال والأطفال والعجائز والأبرياء الذين يمثلون الأرق لديها : ” أرقي …” ، كما تتحدث – فيما أحسب – عن رمز الطغيان في سوريا ، أو : ” رجلُ الذّهول ” ، ذلك الرجل المتشبث بكرسى زائل أقضّ مضاجع الأبرياء وشتتهم في أصقاع العالم من أجل السلطة والحكم الفانىين ، دون التطلع الى ماض أو تاريخ عريق لدمشق ، التى تمثل الرمز التاريخى والحضارى للحضارة والثقافة العربية ، فغدت ومعها دمشق : ” امرأةُ الصور ” ، حيث سقط القمر الدمشقى في مستنقع المجهول والأهوال المخيفة : ” سقوطُ قمري ” لذا فهى وكل السوريين ينتظرون الموت وعنفوانه كم في قصائدها : ” انتظار الموت ” ، وقصيدة : ” دمشق (5) ” ، وكأنها تكرر مشهدية دمشق للمرة الخامسة وما آلت اليه من خراب ودمار وسقوط للتراث والحضارة والانسانية عبر آلة الموت المدمرة التى تحصد كل شىء ،وهى هنا تجسد الحرب في سوريا وتناحر القوات والمعارضة والنظام والميلشيات المسلحة وتستنطق الانسانية في القلوب لمناظر الأطفال والجثث ، لذا لا غرو أن تصف صمودها وصمود أهالى سوريا ضد الظلم الانسانى البشع وتشبه ذلك الصمود بالنخلة التى تعنى الشموخ العربى والنفة العربية والصبر والقوة وعدم الانحناء للظلم يوماً ويتجلى ذلك من خلال عناوينها السيمولوجية : “سفيرةُ العنفوان ” ، ” نخلة ” ، انتظار … ، كما تعرض الشاعرة / الراوية لتجارب اللجوء ومرارته ” فما أصعب ان يعيش الانسان في الحياة كلاجىء في بلاد لا يعرفها وفى بعاد وهجرة عن دفء الوطن بسبب الحرب العمياء وتعنت بعض البشر من النظمة القمعية ومن الذين يتمسكون بكراسى الحكم ولو أبادوا شعوبهم وحضارتهم والتاريخ العربى والاسلامى كذلك ، ويتجلى ذلك في قصائدها السامقة : ” لجوُئي … ” ،” أفعى الحرب ” حالمة !! ” ، احتمال الغائب ، ” مات حبي ” .
ومع كل هذه الأهوال نراها تنتظر الخلاص وتناشد الحبيب / الوطن / الانسانية / النخيل الذى يعنى الشموخ والصبر وعدم الخنوع والاستسلام مهما كانت الأهوال ، انه الحبيب / الوطن / الحلم والأسطورة والأمنيات ، لذا تحاول الغناء بشجن آسن ، ودموع تحجرت في المقل ، عبر قيثارة الحزن ورمال الصحراء وأصوات الرعاة في جبال الصبر والخرب والحب والثلج والنور والنار ، تقول :
آهٍ أيُّها المتناثرُ عطراً خرافياً يدور بي كالشررْ المبارك … هكذا …. كنتُ أدعي قصائدي الماطرة بالشهدِ الملكي …. وأستدرجك ناهمة لمأدبة النخيل وطعم الرُّطب … طعمك المختلف !! نعم … كنتُ أزيح المستحيل … وأنسجُ جمرا المطر بياسمين الشام … كي يعرف راعي الصحراء أسرار الثمارْ هل سيبلغ مداركي بشوق الرمال للبحر ما كان لك أن تكون … غير قيثارتي .. لن أعلمكَ إيقاع الشعر .. والنثر … الليلُ يَرسمُني على خَمرِ الشفاهِ قصيدةً ثائرة … مابين ثلجٍ ونارٍ … دعني أُحاوركَ كريحٍ مغايرة كسربِ يمام نثرتْ فوق التخومْ طائرة من بين يديك … روحي وَكم من احتمالٍ هاشَ وَ ذابْ لعل الله يُسْعف في النائيات وجودها !! وَيبقى بهاءَ امرأةُ النخيل في ألقَ النجومْ تقاسم السماء … زرقة الحُبّ وَالمطر .
اذن لقد مات الحب في قلبها / قلبنا / قلب الحاقدين الذين يحملون السلاح ، ويذبحون الانسان – ” داعش ” – باسم الدين تارة ، وباسم التمذهب والتعصب تارة ، وباسم الطائفية والأقليات تارة أخرى ، وباسم الحكومة والنظام والمعارضة تارة ، فالكل هنا مدان ومشارك في خراب الوطن طالما ارتفعت رصاصات آلة الحرب التى تجلب الدمار والحطام والخراب ولاتستمع لصوت العقل والحوار ، لذا فقد مات الحب وعلا صوت الرصاص فغدا الحب محترقاً ميتاً شهيداً ، محترقاً داخل قلبها الصغير ليدلل الى ظلم الانسان وسعيه لخراب الأرض والحرث لا عمارها وتعميرها بالحب والحدائق ، بل بالحرائق والقتل والنيران والعنفوان الرهيب ، ومع ذلك يظل الحلم وتظل دمشق الحب والأمل ، تقول :
أُحِبُّكِ أحِبُّكِ دِمَشْقُ كم كنتُ نشوانةً في الصباحاتِ حينَ أُسرِّحُ شَعْرَ القصيدةِ تحت نَسَائِم { قاسيون } وحين أَعودُ لأملاَ من شجرِ الغوطتينِ سلالَ جنوني أرَانيَ أُغمضُ من نشوةٍ في الفؤادِ رُموشَ عيوني .
ان الشام تسكنها ، ودمشق عروس الشام والتاريخ غدت مستباحة ، فلا كون بعد الشام ، ولا بديل عن الوطن الاه حيث التاريخ والذكريات والحياة بكامل تفاصيلها الصغيرة ، تقول :
دِمَشْقُ يا سيدة الكون … لا كون بعدك يا دمشق .. لِمْ كلُّ هذا الحشد من عذالكِ الواشين ..؟؟ لتتركي أبناؤكِ يقتلون … لتتركي أبناؤكِ يرحلون … يبحثوا في العراءِ عن ظلال يهربُ بالذكرياتِ لتفتحي ثانيةً يديكِ … وتسمحي لأجسادنا و لحُلمنْا بأن يجيءَ صاغراً يدفنُ في ثراكِ كل شيء يبدو حزيناً في مأساتكِ المريرةِ لا وجود لرائحة الخبز الشامي الدفيء لا ظلال لساحات باب توما وَ الصبايا يتغندرنَ بأبهى العطور وَ الثيابْ أزقة القشلة التي تزدحم بالعشاقِ لا .. لا .. وجود أي شيء يدل أنه … أنتِ دمشقُ حبيبتي الحانية هناك مسافات ضوئية كبيرة تفصلُ بين الحياة وال لا حياة .
ان سيمولوجيا العنوان تجسد مشهدية الحرب في سوريا ، كما تجسد الظلم الانسانى ، ومدى الغطرسة والاستبداد من أجل السلطة والحكم دون اعتبار لحضارة أو انسانية أو أية مواثيق قانونية أو انسانية ، لذا نراها تشبه الحرب بأفعى الغابة التى تتناسل في الدماء والعروق فتأكل كل شىء ولا يبقى الا الخراب والأ جساد المحترقة الدامية ، تقول :
إنها الحرب التي تشبه هذا السلام ..؟!! حربٌ وَ خراب كأفعى غاب … تتناسلُ بدمائنا وَ تمرحُ بأرومة النهار فيظْلِم فيتكورُ الحُزن … في كُلِّ بارقة دَمُّ يسيقنا لإشلائنا وَ نبقى في متاهات الضياع , وَما نطقْ الحكم في مصائرنا العمياء … تتلاشى الأحلام سراباً خلف يباب … نعتصرُ الألم والأمل ونتلاشى بأعين الفراغ وقوداً وَجوعاً ويطاردنا الفقر … أغراءً للصبِّر .. واستدراج للمنايا .. إلى الباقي لآخر هذا العمر المناط بالفجائعِ … المكلل بالآسى والجمرْ فالشمس عتمة ياهذه الحرب … ياهذه الطاحونة الشرسة بأسنانكِ اللبنية وأنيابكِ الرماح .. !! يا لهذا الظلم الواقف بين العين والعَينْ كيف أُقاوم نبضَ الحرب في مَدِّ الدم و جَزْر الحُزْنِ ..؟! وكيف أمحو عارك وَ أُوقفُ نزفكَ في وجهي .. ؟!! أما علمت : أنَ الجراح لم تعد توضئني أنا التي أُحاربُ نفسي على كلِّ الجهاتْ … !!!! لكنني سأُقاومُ مدِّ هذيان النَّار وأوارِ الحُزْنْ ؟!! أمحو عاركَ الممسوس بالخطايا … وَأوقِفُ نَزفكَ نزفك الأزرق في وجهي وَوجوه كُلِّ الأمهاتْ .. أما علمت : أنَّ وجهي ضياءَ أطفال الوطن وَكُلُّ الثكالى !!! سأعلو مثل شجرة كرز … لأدق بقدمي الأرضَ وأنثر ثماري دامية … وأرصف حُرُوف علّتي قصيدة حزينة … لرثاءَ مجزرةٍ هنا وبكاء فجيعة هناك , وَ أخرى سلوتها في البيت بحبرِ دمعي , ولهيبِ عمري … سأرسمُ أيقونةً للخلود .
حالمة .. أنا غزالةٌ حالمة تُهتُ في البراري … أبحثُ في العراءِ عن وطنْ … وعن ينبوع ماء يروي ظمأى وينعش الآمال … تلك الرقابة أمقُتهْا … إذْ آل فيها الدهرْ شرَّ مآل .
والديوان على عظمته ولغته المتدفقة يشى بأننا أمام شاعرة هائلة تجسد القلق الانسانى للشعوب التى يقهرها حكامها وأعدائها ، فالقتل والدمار وسفك الدماء والمؤامرات والفتن قد اندلعت في مدينة الحلم وفى مملكة الحضارة العربية السورية فغدا الدمار والخراب وهدير المدافع أعلى من صوت البلابل والعصافير وصوت العقل ، بل صوت أى شىء دون سبب مقنع ، أو مشكلات متفاقمة االلهم الا جشع الذات والنفوس المريضة وأعداء الحرية والحب والسلام .
ان الشاعرة / وفاء دلا تجسد حالة بلاد الشام “سوريا ” / حالتها / حالنا العربى المتشرذم / حال الانسانية المأزوم الذى يرتوى من الدماء الحرّة الحمراء المراقة على عتبات حدائق الحلم السورى الممتد الشاهق .
ان الشاعرة هنا تنشد الانسان فحسب ، فاستحق ديوانها أن نصفه – كما أحسب – بالكتاب الانسانى الكبير الذى تجىء صفحاته مجسدة للواقع المعاش للمقهورين والأبرياء واللاجئين الذين شرّدتهم آلة الحرب في أجواء العالم والكون والحياة ، لذا فان الشاعرة هنا تصف الحرب بالكابوس الذى جعلها تقلب معادلة التشبيه ، فبدلأ من أن تحتاج الى الحياة لتصحو ، نجدها تستبدل الموت الأبدى بالتصوير الاستعارى الرائع ، وكأنها تصف المعادلة المعكوسة للواقع الآنى ، تقول :
أحتاجُ إلى موتٍ أبديِّ كي أصحو
علَّ فسادَ الزمنِ المتبددِ يوقظُ دائرة الضوء بذاكرتي
فالحَيرةُ صارتْ تُفقدني نكهةَ أُغنيتي السوداءْ .
ولعلنا لن نغفل أن نشير الى براعة الشاعرة وتأنقها وتميزها عبر قصائدها القصيرة جداً ، والتى تشبه ” الأوتوجراف ” ليوميات سوريا ، والتى قد أحدثت في القارىء تعادلية وتشاركية للأحداث ، وجعلته يلهث في متابعة يومياتها الشعرية ، أو وصفها الجمالى الدقيق لحالة الملف السورى في الحرب ، أو الفتنة التى انتشرت في الدول العربية باسم الربيع العربى ، وما نراه الا خريفاً أسوداً يشبه أغنيتها السوداء ، ذلك الخريف البائس الحزين الذى عاث خراباً في البشر والطير والجمادات ، وهى قصائد تنشد التجديد في سماء الشعرية العربية للقصيدة الومضة ، أو المقاطع الابيجرامية الشديدة التكثيف والعمق والبراعة والتى تشير الى كاتبة تحكم بنيان مبانيها الشعرية ، كما تحكم سبك معانيها وموضوعاتها المتدفقة عن الانسان والحياة والحب والأمل والنور والحرية ، وهى أسمى المعانى الانسانية التى تنشد السلام في الكون والعالم والحياة .
هذا وقد أفردت الشاعرة لسيد الضوء / الحلم مساخة تدلل الى الانبهار الكونى وعظمة العاشقة الأنثى التى تتشهى الحب وتصف سيد الضوء والحياة : عاشقها / ذاتها / أنثاها المتشهية الضّاجة بعطر الشهوة والفرح الكونى الباذخ بسيد الضوء الذى يجىء الى عشتار في قاسيون التى تضم سيدة الحروف عبر الأسطورة العراقية التى صنعتها للعاشق / لذاتها ، وأحسب ان قصيدة سيد الضوء من قلائد الشعر العربى الجديد حيث الصورة الممتدة والبراح التخييلى السابح في سدم الللاميتافيزيقا فكأنك أمام امرأة النور والنار والحب عبر أصص الجلنار السامق ، وحديقة الأنثى العامرة بأطايب الشهوات والدفء والتوق والشوف ، وأحسب أنها من الفرادة التى تنبئنا بعودة الرومانسية للشعر العربى من جديد على يديها الفاتحتين لممالك الجمال الروحى / الكونى / الشعرى / الانسانى الممتد ، تقول :
سَيِّدُ الضوء .. المفتون بحقولي القابض على فصولِ الحُبِّ يا سَيِّدَ روحي , حين تتهجى العبير بأنفاس الياسمينْ … وَ أنا سّيدةُ الأرضِ … أبصمك مرآة على خدِّ الوردة و أتمرا بكَ ضوعاً شجي الملامح النساء اعرف كم تغار عليَّ من نرجس يا أنتَ العائد بصفاء الشهد دون فحول النحل … إني هبة التفرّد …. وهبتُ من السماءْ ما ينفع الصلاة … لتوحّدني و أتعرش على تاجِ قلبك : ماسة عشق يمامة دمشقية ياسمينة شاميه وَ ستصل بي لفردوسِ الأزلْ لتنعم بجناتي التي … تجري من تحتها النساء حبيبي … من الذي يسلبني أوراقي في رذاذ القُبل … وَ أنا قُبلتكَ الكبرى .. !؟ يا سَيّدَ الضوء … المضمخ بحناءِ الحبق الناهلني قارورة عنيدة الرّضابْ وَ أنا سَيّدةُ النخيلِ المستحيل … !! أنادي … أنْ لا إلاي … عشتار فراتية البياض وَ لا حولَ ولا قوّةَ إلا بالحبِ … إلاَّ أنْ تَخْضَعَ … لِصليلِ الرَّغبةِ وَحجة سريري . عينايَ هما الخضراوان مَنْ أنا بعد شاهق مسافتك مَنْ أنا بعد عمْرِ الغربةِ وَ الحُب الغائر في الفَراغِ هل الغِيْهَبُ على مَرْمَرِ اْلدّارِ استكان … و أضحت العيون فراشات … !؟ حين أكون وأسراب النصوص … أستنفز كأنثى صقر … هل أنا العِنَب المقتول على شفةِ القصيدةِ … ؟! انتظرني خمراً تترياً إذاً و اشهر قلبك … حين تقرأُ ظني و تحشدُ قلبي لتكتبَ شعري ملحمة عشق دمشقية المزايا أتعشقني … أم تقتلني رويداً .. رويداً .. ؟؟!! أنا عَتْمةُ الشمس في اَلْوردةِ البيضاءْ عينايَ هما الخضراوان … عينايَ هما الخضراوان وَ مرج المدى عندما تتعاشقان و البرحي العراقي , تولدُ عشتار من أصابعي فأنشرها … قبلاً بزْقَزْقَاتِ العصافير … بهديل اليمام وبغنائك الحزين …!! مع وُضوحِ الزّمنِ اَلْكثيفِ ومن ماضٍ لَمْ يَعُدْ بريئاً أنا امرأةُ الربيع الأولى … ومن عينايَ يَخرجُ … حُلم البروقِ والخضرة الباسلة … تعال كسراء الدم لذراعيَّ المرفوعتين فهما تمتدان نحو ربيع الرّغامِ … ربيعك السرمدي الجموح لي من{ قاسيون } الشموخ ومنك رغبتي ولي من شواطئِ اللاذقية الفتنةِ الساحرة ولي من الغوطتين لونهما … فأنا الخضراء البيضاء الشهد … ولي الطريق الصاعد إلى اَلْغَيْهَبِ إصرار العيون التائقة عشقاً … دع العشاق يدخلون … كُلَّ صراط … وفضاءْ لحريّةِ الحُبِّ .. وَ وجه اللهُ والماء والخضرة الباقية .
فأى جمال باذخ أبهى من هذه الصور المتدفقة ، والمتراتبة ، والمركبة ، وذلك التصوير الشعرى الدافق لدفء الأنثى الشهىّ ، عبر مملكة العشق الثائر والزاعق في سماء الأبدية ، حيث تجسد ذاتها كراهبة او متصوفة في بريّة الكون والخلود تسبح بحروف العسجد الصوفى لتهدل وتحوقل وتبتهل بالعشق، اذ هى العشق والأنوثة والفتنة الأثيرة ، كما نراها تشق طريق النور بلجين أنوثتها الطاغية ، وهى تصنع بذلك أسطورة أنثى عشتار ، أو قاسيون التى تجلس بين الغوطتين ، مضمخة بالاخضرار المعطر والبياض الندف ، والشهد والزعفران وماء الورد المحلى بسكرها الذائب ، والتائق لسقيا الجسد العطشان ، والروح الآسنة الشفيفة والمحملة بكل معانى الجمال الكونى ، فهى الأنثى وعتمة الشمس في الوردة البيضاء ، وعيناها الخضراوان تأتلقان ببريق تترى دمشقى مهيب ، فتولد عشتار من بين أصابعها التى تتخللها ندف البياض والضوء المتكسّر من جلال المنظر الأسطورى الرائع حيث يهدل اليمام هنا وتغرد الطيور ، وتصدح البلابل ، وتزقزق العصافير لأنثى الشعر الدمشقى وفراشته التى تحمل فرادة اللغة الذى تمزجه بمكياج سحر أنوثتها الطاغية .
ستظل فرشاة الجمال تنهل من ديوان : ” لى ….اعتبار العنفوان ” للشاعرة السورية الباذخة / وفاء دلا ، وستظل دواوينها شاهداً على عودة التجديد والروح لبعث القصيدة العربية الرومانسية من جديد بعد أن غابت وتوارت زمناً طويلاً – حيث رأيناها هنا تجسّد المعانى العالمية للكون والحياة والعالم ، وتطلعتنا على القيم الروحية والذاتية والانسانية التى نسيناها ، أو تناسيناها ، بفعل الفرقة والتشرذم والخوف والحقد والظلم والجبروت والاستبداد لينتصر الحب في النهاية ، وتنتصر الانسانية ، ليعم السلام في العالم ، وسنراها حينذاك – كما هى الآن – تختال كفراشة عاشقة ، وتطير بين جبال العالم وسهوله ، تغنى للكون وللرومانسية الجديدة على قيثارتها الفريدة الأثيرة أنشودة الحب والجمال والخرية .. ربما ، وربما ، وبين هذا وذاك يبقى الحلم ، وتبقى الشاعرة / ” وفاء دلا “رمزاً لسموق المعنى الانسانى للشعر السيمولوجى الجديد القديم / المتجدد عبر فرات غوطتيها هناك بين ضفاف الروح للقلب الآسن، الحزين ، المحب ، العاشق ، السامق ، الباذخ ، والجميل أيضاً .

حاتم عبدالهادى السيد

* ناقد مصرى

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى