قصة ايروتيكة دونا ليفي - إلحاح الرغبة.. ت صالح الرزوق

بمقدور آيريس أن تنصت إلى صخب الاحتفال في الصالة . كانت القهقهات و الروح المعنوية المرتفعة ، على أية حال ، في الأسفل لا تلهيها عن متابعة المشهد الجذاب الذي تراه من وراء نافذتها. لقد فتحت الستائر السويسرية التي لها لون مسحوق أزرق منقط لتفوز بنظرة أقرب من الحديقة الخلفية لبيت الجيران.
من حق الجمال عليك أن تحترمه مهما كان ، لقد أصابت الدهشة آيريس في الصميم ، لعدة أسباب ، بدءا من تناسق و تنوع الطبيعة المثلج للصدر و حتى تلك التعابير الأصيلة للروح البشرية كما تبدو في اللوحات و المنحوتات و الموسيقا.
حينما بدأت تفكر بما أدخل البهجة إلى حياتها ، خطر لها على الفور كل أنماط الجمال التي رأت أو سمعت بها. في الحقيقة ، هي تعتبر نفسها خبيرة بما هو نفيس و متألق بين الأشياء. و لكن الذي لفت انتباهها في هذا اليوم الحزيراني ليس طيور أبو زريق الناعمة ، و لا تلك الزهور المخملية الغزيرة التي لها ألوان قرمزية أو فيروزية خافتة ، و لا شجيرات الغاردينيا الخضراء التي حملت براعم معطرة.
لقد لفت انتباهها في الواقع شيء في غاية الذوق الفني. كان أشبه بتمثال دافيد لمايكل أنجلو ، بعد أن دبت فيه الحياة. بل كان راقدا على الكنبة الواسعة كأنه أدونيس يغط في النوم . ابتهجت آيريس بهذه الرؤية ، و استحوذت عليها كل هذه التفاصيل المرئية المؤثرة : طريقة تهدل خصلات شعره الأجعد التي صنعت إطارا مربعا لوجهه المدهش ، كيف غطى بالرداء ساقه المتينة التي تدلت من طرف المقعد. كان لوجهه صفاء منحوتة رخامية ، و لكنها مسكونة بأنفاس و دفء رجل على قيد الحياة.
نظرت إليه و هو يعب الهواء بصدره. و دفعتها حركات الشهيق و الزفير إلى دائرة من أحلام نهارية. ثم شعرت كما لو أنها على وشك أن تهوي من النافذة لتقفز نحو هذا الإله الراقد. و هي تسقط إليه ببطء ، كانت جدائل شعرها الأشقر الطويل تطير وراءها ، على شكل أجنحة الملائكة.
من جميع النواحي ، كان دافيد الحجري منسوخا في هذا الرجل الفاني . ركزت آيريس على اكتماله المتعري ثم ضغطت شفتيها على فمه المكتنز. كم كانتا دافئتين و رخيمتين كوسادة في الملامسة. ثم بدأت تهيم به و بعطره ... أولا الذي يتصاعد من أنفه ، ثم قوس رقبته ، و أخيرا حتى وسط صدره المغطى بالشعر حيث أخذت أنفاسا عميقة من المنطقة المحرمة . هناك دائما يفوح من الرجال شذا الذكورة. و هنا استيقظت حواسها.تراخت آيريس كأنها ماء في ساقية و انهالت على دافيد النائم. و ركزت بكل جوارحها لترى ، لتسمع ، لتتذوق، و لتتلامس مع الجمال الذي كان تحتها.
لقد شعرت بموجة من البهجة و الرغبة الحسية. و تفاقمت تلك الأحاسيس في داخلها.
بعد أن تعمقت في جوهره و احتوته في وجودها ، تغلبت عليها الرغبة بالاتحاد مع كيانه المنسق. لقد كانت تحن إلى أن تصبح معه في قالب واحد.
باستخدام قواها الفكرية ، اقتحمت عالم أحلامه، حيث وقف هو بانتظارها. أخذها بين ذراعيه ، و همس لها : " و الآن اسمحي لي بالتعرف عليك ". و بمجرد سماع كلماته غابت آيريس عن رشدها. كانت العاصفة قد تمكنت منه ، و هكذا رفعها آيريس و حملها حتى كنبة خفيفة و طويلة و ذات غطاء من الساتان . و وضع كلتا يديه على صدرها الناضج ثم ...
سألت آليس و هي تهز منكب آيريس :" جدتي ! جدتي . هل تسمعينني ؟".
" أجل يا عزيزتي . أسمعك جيدا ..."
" يبدو كما لو أنك قادمة من حالة كارثية !".
" لا بد أنني شاهدت أحلام يقظة ".
قالت لها : " الجميع بانتظار أن يتمنوا لك عيد ميلاد سعيدا. تعال معي حالا. سأساعدك في الهبوط على السلالم ".
أخذت آيريس نظرة سريعة من الخارج لتملأ عينيها من الجمال هناك قبل أن تغادر مقعدها المفضل الموجود قرب النافذة.
" يا إلهي ، هل تصدقين يا جدتي أنك اليوم أصبحت في الخامسة و الثمانين ؟ ".
" كلا . ليس تماما . هذا يبدو لي غير حقيقي ".

( هذه القصة مهداة إلى جدتي بالعماد بيرتا، ذات الذكرى العطرة. حينما بلغت الخامسة و الثمانين ، أخبرتني كيف أنها لم تكن مسنة نفسيا . كل صباح حينما تستيقظ و تقف أمام المرآة ، كانت تنتابها صدمة و هي تنظر إلى وجهها الهرم ، و لكنها أصرت أنها من الأعماق ، لا تزال تشعر كما لو أنها بنت 16 عاما ... من كل النواحي ).


* نقلا عن موقع ألف لحرية الكشف في الانسان والكتابة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى