عبدالرحيم التدلاوي - على هامش ديوان "على شفير السقوط" للشاعر عبد الله فراجي..

"على شفير السقوط" ديوان بلوحة واحدة متعددة الطبقات والألوان، ترسم الوجع، وترسله للذات لتعيشه سؤالا وجوديا بغاية خلق مضادات فنية وجمالية وفكرية له.
جاء في تقديم الناقد محمد دخيسي قوله: المجموعة قصيدة برؤية إبداعية مسترسلة، وتسلسل منطقي ووجداني وإيقاعي يعصف بالخواطر القديمة، ويعصرها في تحفة فريدة، تفتت الواقع، وتنكص بالمتلقي إلى سنوات خلت. ص5.
ما يلفت الانتباه على مستوى البصر أن الديوان تعمد جعل نصه المفتتح من الشعر العمودي، لتأتي باقي النصوص على إيقاع شعر التفعيلة متحررا لا من البحور بل من رتابة التقسيم والترتيب، بيد أن اعتماده على بحر الرجز؛ وهو البحر المطواع، والرهيف والشاعري رغم توظيفه من النظام والمتشاعرين الذين أفسدوا نغمته، فليس كل ما هو سهل هينا إلا على الأدعياء، يحمل بين ثناياه، في ظني، السير باتجاه قصيدة النثر دون اختراق حدود قصيدة التفعيلة. ويبدو لي ثانية، أن الشاعر المتشبع بالبحور الشعرية والذي سار على منوالها كتابة ونسجا غير قادر على خوض غمار كتابة قصيدة النثر، لسبب بسيط هو أن البحور الشعرية تظل متحكمة فيه، وفي لغته، يقترب من حدودها دون خرقها، يرسم حدودا رهيفة للغاية مع قصيدة النثر تشبه حدود بلجيكا وهولاندا، بتوظيف بحر الرجز عنوانا لهذا التلاقي لا الاختلاط، مؤكدا، بذلك، أن الشعر يوجد في الكتابة الصادقة والمعطرة بالمعاناة الذاتية والواقعية ايا كان الشكل الذي اتخذته، وأيا كان اللباس الذي نسجته، المهم، أن يعبر عن صدق المعاناة بمختلف ابعادها.
وإذا كانت تيمة السقوط بما تحمله من وجع ، وألم ومعاناة تظهر من أول النص وتخترق باقي النصوص مشكلة مهيمنة المجموعة، فإن مختتم آخر النص، يحمل تباشير الأمل، وبذلك تكون الختمة رياح طيبة تكنس الوجع وتعيد للنفس رونق أملها، وللروح انتعاشها، فلا يمكن للإنسان أن يظل تحت سياط الوجع أبد الدهر، وإلا سقط في العدمية، وصارت الحياة بالنسبة له جحيما لا يطاق.
المجموعة بناء على ما تقدم بحث عن الخلاص من السقوط الوشيك بالرجوع كما قال محمد دخيسي إلى ماضي الخطوات الأولى في مهد الكلمة الصامدة، وحبو الحركة الصارخة، ونبس اللفظة الموحية بالتحدي والرفض. رفض الواقع المتردي.
على المستوى الفني والجمالي فقد وظف العمل الانزياح، والتوازي التركيبي، والتكرار، والموسيقى الداخلية والخارجية. والقارئ له سيجد بغيته حاضرة في كلية القصيدة/النصوص.




السي عبدالله.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى