محمد إبراهيم أبوسنة - شتاء العروبة

لها أن تُرقْرِقَ أحزانَها

في مياه الفجيعة ، تبكي مقاديرَها

وتنوحَ على وتر مغترب ، لها أن تموتَ ، وليس لقاتلها أن يقولَ السبب

تلومُ مواقيتَها الغادراتِ ، وتندبُ حظ الحياةِ

تعاقرُ فوق موائدِ ، هذا الزمانِ النُّوَب

تراقبُ تحت النجومِ البعيدةِ

كيف تُزاحُ الى ظُلمات المغيبِ الاخير قوافل أحلامها

في مداراتِ تاريخِها الملتهب

برابرةٌ قادمون

برابرةٌ ذاهبون

وهذي قرونٌ من الدمِ ، فوق المدى تنسكب

وداعٌ طويلٌ يلوِّح ، فيه زمانٌ كئيبٌ

باهواله المشرعات ، لمن قد تبقَّى من الراحلينَ العرب

وبغدادُ، تَدْعو فلا يَستجيبُ ، سوى قاتليها الغلاظ

يجيئون في الريح والماء ، في الطائرات ، وعبرَ السفائن

من كل صوب، يجيئون بالموت ، يغدو الفراتُ دماءً

وتغدو الطفولةُ أشباحً مذبحةٍ

والعروبة أُضحوكةٌ ، والنخيلُ إعتذارَ الغضب

وبغدادُ تدعو فلا يستجيبُ

لها إخوةٌ في النَّسب ، فتجلسُ تحت سيوف المغولِ تُراجعُ ، صفحتَها في الكتب

برابرةٌ قادمون

برابرةٌ ذاهبون

ولكنها في ختام الليالي , تَهُب ، وتبدأ صولتَها من جديد

وتقرأ أشعارَها ، للفصول التي أورَقت في مروج الذهب

لَها أن تحسَّ التعب ، لَها أن تقاومَ هذا الجحيمَ

ووَحدتَها ، عبرَ هذا النداءالذي ينتحب

وتُطلِقَ صيحتَها في رماد الغيوب ، على أفقٍ مضطرب

يُوَلَّى زمانُ الاعاجيب ، يأتي الزمانُ العجب

ويُعتَقلُ الصدقُ , عند المخافر

متهماً بالكذب ، متى تَنهضون

الى موعد في زحام الشُّموس

أيا عرباً . ينتهي جهدُهم في الصَّخَب ، فأعداؤنا يَشحذون

السكاكينَ في الليل ، جاؤوا لموعد قَتل

ونحنُ ننازلُهم في الخُطَب

فقوموا إغضُبوا , للهوان ، فقد تحرُق العجزَ نارُ الغضب

وترجعُ بغدادُ ، غرسُ العروبةِ

وترجعُ قدس العَرَب.
أعلى