عمر مرحام - يوم ميلادي المتجدد

ضحى يوم خريفي خططت للتمرد على سجن الرحم.
لم أكن أعي جيدا نعمة انتظار وجبة غذاء دون تعب ودون بحث. لم أثمن معنى أن تنعم بسقف وسرير ناعم، أن تسبح دون اختناق، أن لا تشعر بتقلبات الجو والحرارة، أن لاترهق دماغك بالتفكير في الغد. لم أكن أعرف أن للقلب مهمتان ضخ الدم وجلب الهم.
دون وعي بما ينتظرني، أطلقت صرختي الأولى التي لا أتذكرها، صباح خميس من العاشر في أكتوبر الخريفي وكأني أحاكي أوراق الأشجار، التي أرادت أن تحلق لكن اكتشاف نيوطن كان يفتح لها دراعيه ليسلمها للتراب وتبقي عرضة لدهس الأرجل، تارة بالأحدية وكثيرا حفاة.

ومنذ داك الصباح وأنا أنعم بميلاد متجدد.

يوم ميلادي المتجدد

كلما سألني ذاك المارد
المختبئ وراء السرد
من أين أتيت؟
كيف أيقظته من سبات
دام طوله مسافة كل المعلقات؟
أرمي سؤاله كل مرة في ثقب
منسي وراء جمجمتي....
وأتابع الصعود بانتشاء
فوق سحب تمر كل مساء
في سماء ذاكرتي
تتراقص فوقها أوراق بكل الألوان
تحمل قصائد مبثورة الأبيات
كتبت بكل اللغات
حتى اللغات الغير الموجودة.

ذات تحليق......
همست لي قصيدة شمطاء :
أنت ولدت من تزاوج بين
حرف متسكع
ورحم جملة حذباء.....
سقطت سهوا قبل الميلاد
وفي فمك حبر متحجر
كأوراق تحرشت
بها رياح الخريف
أغوتها بالطيران
لكنها ألقتها فوق تراب العدم
كسيرة باحث عن العمل
انتهت في دكان عطار

كان ميلادي انتقام...
انتقام للذكورة بعد اربع بنات
قدمت القرابين
شكرا لميلادي
بارك الكهنة والقساوسة والفقهاء
مقدمي.....
لكنني لم أصبح إلاها
ولم أضحى نبيا
لم اعتكف في محراب
لم أكن طاهرا
كما أدعي......
صرت إنسانا.....
أقترف إثم الحب
أعاكس التقية بالضحك
أعلن العصيان بالعيش
كما يحلو لي
أرتكب جرائم الابتسامات
وأتذكر يوم ميلادي
دون عد السنين
فأنا اليوم في السطر
ما قبل الستين
لكنني لازلت أتهجى
السطر الثلاثين
وأعيش بين أحرفه.

سواء كنت
في الأوراق الأخيرة
أو الأولى
فأنا كل يوم أعيشه
اتغنى بثرواتي الثلات
قصيدتين بهيتين
ونص بادخ
انسابوا عسلا رقراقا
من معلقة بليغة المعاني
وأعبث بكل أوراقي
وأعانقني وأنا مبتسم لي
لأوشوش في أذني
كل يوم وأنت العيد
كل عيد هو يومك
وكل يوم هو ميلادك المتجدد

عمر مرحام الجموحي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى