علجية عيش - جذور الحركة التنصيرية في المغرب العربي

هكذا استثمر المبشرون في الثورات العربية و الحروب الأهلية في البلدان العربية

يبحث المبشرون اليوم عن سبل العودة للمغرب الإسلامي مستغلين في ذلك تردي الأوضاع في البلدان العربية التي عاشت الثورات و الحروب الأهلية كما تستغل مباحث تاريخ الأديان و مقارنتها في جامعات المغرب العربي لتطرح مشروعيتها، حيث اتجهت بعض المنظمات التنصيرية إلى أساليب جديدة في عملياتها التبشيرية ، باستغلالها الأغاني الشعبية التي تغلب عليها الصبغة "الصوفية" و تحويلها إلى أغنية تنصيرية تدعو للتحول إلى النصرانية، و هي تعد من أخبث ألوان التخطيط، يحدث هذا أيضا في منطقة القبائل بالجزائر عن طريق تعليم تلاميذ المدارس أغاني تنصيرية


348379772_1197529918303941_8428380935134073478_n.png
يعود الاهتمام بالمغرب العربي كونه يعد من أكثر الأقطاب و البلدان ثراءً من ناحية الكثافة السكانية التي يزخر بها، حيث كان مسرحا للتنوع الثقافي، فكان اللعب على وتر هذا التنوع عاملا مساعدا للسيطرة على المنطقة و تنفيذ المخططات و القضاء على الوحدة القومية للمغرب العربي و نشر الأباطيل و الشبهات حول الدين الإسلامي، و نشر كذلك الانحلال و التفسخ الأخلاقي و مظاهر الفسوق و المجون داخل المجتمع، و القضاء على التنوع الثقافي و العادات و التقاليد و نشر الثقافة الاستهلاكية و التبعية للغرب، فتاريخ التنصير في المغرب العربي بدأ منذ انحسار ظل الدولة الفاطمية و تدهور أوضاع دولة الموحدين، و هجرة رهبان الفرنسيسكان و الدومنيكان إلى دول المغرب العربي و الحملات التي قادها رامون لول، إلى غاية الاحتلال المسيحي لدول المغرب العربي، و شجع تسامح الحكومات المغاربية مع المسيحيين توغل المسيحيين و المتنصرين.

فبين الإسلام و الغرب ضراوة أحقاد قديمة و عداء ديني من قبل الكنيسة كرد فعل للفتح الإسلامي الممتد في أوروبا و شقيقاتها، ما أدى إلى تحول الكنيسة إلى العالم الإسلامي و بالخصوص المغرب العربي، و ما ساعد على الغزو التنصيري توافر المناخ الثقافي من خلال اللغة الفرنسية، على الرغم من أن مسار التعريب يواصل مجراه ، فإن اللغة الفرنسية ما زالت تشكل أداة العمل في كل المواقع الإدارية منها و البيداغوجية، و قد كان لها دور كبير في تأهيل شعوب المغرب العربي في استقبال الإرساليات التنصيرية من خلال التبادل الثقافي، و قد سبق و أن سلط أكاديميون و مختصون في مقارنة الأديان الضوء على ظاهرة التنصير في المغرب العربي عامة و في الجزائر خاصة في ملتقى حول الحركة التنصيرية في المغرب العربي ، ناقش فيه أكاديميون ظروف تعرض أقطار المغرب العربي للظاهرة الاستعمارية الاحتلالية الحديثة و كيف مكنت هذه الأوضاع المبشرين من أن يندسوا و يبثوا سمومهم في نشر العقيدة الإنجيلية تحت كل المسميات: الإغاثة، التطبيب، حوار الثقافات و حوار الأديان،

لم يكن عامل الفقر و البطالة الخيط الذي ربط به المبشرون الشباب العربي وحده، فالمخطط النصراني شمل مختلف الجوانب الدينية و السياسية و الثقافية من أجل خلق الصراع بين المسلمين، تذكر الأرقام أنه في الأيام الأولى من استقلال الجزائر (كعينة) كان هناك 327 كنيسة لأقل من 700 معمر أوروبي مسيحي ممن لم يرحلوا مع فرنسا و أثروا البقاء في الجزائر و بالمقابل لم يكن يتعدى عدد المساجد 116 مسجدا لأزيد من 08 مليون جزائري مسلم، و بعد اعتماد الكنائس من السلطات الرسمية في الفترة بين 1969 و 1974 تأسست جمعيات تنصيرية ، أهمها الجمعية الأسقفية الجزائرية و اللجنة المسيحية للخدمة في الجزائر، تشير المصادر الى وجود 16 جمعية تنصيرية في الجزائر العاصمة وحدها، و 20 جمعية في منطقة القبائل ، هذا و بداية من سنة 2004 اجتاحت حملة تنصيرية شرسة ترمي إلى تمزيق الشعب المغربي المسلم عرقيا و عقديا و أخلاقيا، و تفتيت قوته و إضعاف مقاومته لإلغاء هويته الإسلامية و عروبته على يد أجنبي متكالب كي يتمكن من مسخ هويته و استنزاف ثروته الوطنية و توسيع رقعة ما يطلق عليه اسم " فرنسا ما وراء البحار"، تذكر الدراسات عن ارتداد 2000 مغربي عن الإسلام في ظل وجود أكثر من 800 منصر، و مصادر أخرى تقول 500 منصر حسبما جاء في دراسة أجراها الباحث المغربي العايب يوسف نشرت في صحيفة المساء المغربية،.
d_60d00eee7407072c2f8e57f365a28763.jpg

و في تونس زاد عدد المسيحيين خلال السنوات الأخيرة و شكل قدوم أعداد كبيرة من الأفارقة المعتنقين للدين المسيحي، و امتد اعتناق المسيحية في تونس إلى مدينة جربة السياحية جنوبا، و فيها أعيد افتتاح كنيسة القدّيس يوسف بعد 30 سنة من إغلاقها، في تونس يفوق عدد المسيحيين اليوم 20 ألف مسيحي لهم 11 كنيسة، وتكشف نفس الدراسة أن الأرقام في موريتانيا تبقى شحيحة جدا لكن نشاط المنظمات التنصيرية يلقى تجاوبا كبيرا من المجتمع الموريتاني بسبب الفقر و الجهل، و توجد في موريتانيا أكثر من 100 منظمة غربية..، و لكون مسألة التنصير لم تطرح في ليبيا ، شرعت بعض المنظمات في غرس هذا السم في قلب الشعب الليبي، تذكر تقارير تورط قساوسة و وعاظ يعملون لدى شركة أمريكية تعمل على نشر التبشير في ليبيا في إطار منظمة تحمل اسم "جماعة الله" و هي مؤسسةً دينيةً تضم أكثر من 13 ألف كنيسة منتشرة حول العالم، ومقرها في أمريكا، وتضمّ نحو 53 مليوناً من المسيحيين البروتستانت وينصبّ تركيزها على فئة الشباب، ولديها مؤسسات تعليمية خاصة، وتمتلك فروعاً في آسيا وإفريقيا وبعض الدول العربية وتهدف إلى نشر الديانة المسيحي.

الأسباب تعود إلى الأوضاع الحالية التي تمر بها البلاد، ضف إلى ذلك غياب الدعوة الإسلامية و الصراعات التي تدور بين الحركات الإسلامية و انشغالها بالنزاعات السياسية، إن استهداف ليبيا و استغلال ظروفها يعود إلى كونها من الدول السادسة عشر على مستوى العالم من حيث المساحة و تملك من بين الدول المطلة على البحر المتوسط ساحل عريض يبلغ طوله حوالي 2000 كلم ، تتكون من ثلاثة أقاليم: طرابلس ، برقة و فزان) ، و تعد ليبيا من حيث الديانات متجانسة إلى أبعد ما يمكن حيث يدين غالبية البلاد بالدين الإسلامي و يتبع أغلبهم المذهب المالكي، و الأقلية البربرية تتبع المذهب الإباضي، حيث يمثل عدد المسلمين بليبيا نسبة 67 بالمائة، و 03 بالمائة فقط ينتمون إلى ديانات أخرى، و قد نبه باحثون و منهم الدكتور محمد عبد الدايم علي سليمان محمد الجندي إلى الخطر الذي يهدد الشعوب العربية و الإسلامية وبخاصة دول المغرب العربي، وهو أن بعض المنظومات التنصيرية اتجهت إلى أساليب جديدة في عملياتها التبشيرية ، بحيث أصبحت تستغل الأغاني الشعبية التي تغلب عليها الصبغة الصوفية و تحويلها إلى أغنية تنصيرية تدعو للتحول إلى النصرانية، و هو من أمكر و أخبث ألوان التخطيط التي تستعملها المنظمات التبشيرية.

فقد اتخذت هذه المنظمات من مهنة التطبيب كذلك وسيلة لتحقيق مآرب التنصير، و خصوصا عند تقديم العلاج و الكشف المجاني على الفقراء و صرف أدوية مجانية من طرف البعثات الطبية، ويسعى المبشرون الى تكريس مفهوم عولمة ديانة الإمبراطورية الأمريكية عن طريق التنصير الإلكتروني، و قد اشار إلى ذلك باحث جزائري هو الدكتور الحسين عمروش من جامعة المدية في إحدى دراساته ، حيث تسيطر الولايات المتحدة على أغلبية المواقع الإلكترونية و تحارب عن طريقها العقائد و القوى العسكرية و الاقتصادية المعادية، مستخدمة التكنولوجية الضخمة التي توفرها المؤسسات التنصيرية من جعل الفضاء الإلكتروني مسرحا للحرب المقدسة و التي تطال شريحة الشباب باعتبارهم الشريحة الأكثر قابلية للتأثر، ما جعل العلماء و الدعاة دق ناقوس الخطر، و الدعوة إلى وضع آليات سياسية و قانونية لمواجهة ظاهرة التنصير في المغرب العربي

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى