عصري فياض - علامـات الوَهَـــــن الاسرائيلي

تدحرجت الاحداث المتسارعة خلال الاسابيع الماضية في فلسطين وعلى حدودها بشكل دراماتيكي ومفاجأ الى حد ما،سواء كان ذلك في الضفة الفلسطينية أو على الحدود مع مصر او على الحدود مع لبنان،وجميعها حملت مؤشرات الوهن والضعف الذي اصاب المؤسسات العسكرية والأمنية الاسرائيلية،وأصاب الجيش والتشكيلات النخبوية العسكرية في مقتل وإصابة واهتزاز صورتها في المنطقة والعالم،لتكون دليل على تآكل قوتها الردعية التي كانت تتغنى وتتفاخر بها وتهدد اعدائها على كافة الجبهات والساحات،ولنقف عند تلك الاحداث وما اسفرت من نتائج هي مجموعة براهين على ما كتبنا في رأس العنوان،وبالتالي تكشف محتوى البالونات التهديدية لحكومة الاحتلال التي تطلقها على الدوام ضد جبهات وساحات المقاومة سواء كان في فلسطين او في خارجها،وتبين جوفها الفارغ،ولنبدأ التوقف عند هذه المؤشرات حسب التسلسل الزمني لها :-
• اولا ما حدث على الحدود المصرية مع فلسطين المحتلة عندما قام جندي مصري بالتسلل لعدة ساعات لمسافة عدة كيلومترات داخل منطقة النقب الفلسطينية وقتل فيها ثلاثة جنود الاسرائيليين والقوة المساندة وجرح رابع قبل ان يرتقي في وضح النهار،الامر الذي دفع حكومة الاحتلال بمراجعة حجم كثافة التواجد العسكري في تلك المنطقة،وتعديلها بضخ قوات جديدة فيها مخالفة لبنود اتفاق كامب ديفيد التي تشير لحجم معين من قواتها في تلك المنطقة مقابل تواجد شرطي رمزي للقوات المصرية المقابلة،هذا الحادث اقفل ملف الحدود الهادئة ونقلها الى حدود ساخنة قد ينفذ منها الخطر في أي وقت خاصة اذا ما اضفنا الي تلك الحادثة قيام السلطات الامنية المصرية بتفكيك راجمة صواريخ قبل اسبوعين من هذه الحادثة كانت موجهة الى منطقة ايلات حسب ما اعلنت السلطات الامنية المصرية.
• ثانيا : ما يجري في الضفة الفلسطينية،وهو كبير ومتصاعد ومفاجأ لقوات الاحتلال ومؤلم لها ايضا،وهو على أكثر من صورة،على سبيل المثال :-
1:- اخفاق مداهمات الاحتلال في القاء القبض على ما تسميهم مطلوبين،فمداهمة مخيم بلاطة في عز النهار بقوة كبيرة لم يسفر عن اعتقال المقاوم الصلاج بالرغم من حصار بيته وقصفه وإحراقه،وأمام ضغط المقاومة هناك اضطر الجيش الاسرائيلي وقواته الخاصة الى الانسحاب دون تحقيق الهدف،وما سبق ذلك في فشل الاعتقال لمطاردين في كل من الحي الشرقي قي جنين ومخيم نورشمس،وهذا مؤشر على ضعف المعلومات الامنية،وهو يؤدي الى زيادة قائمة المطارين المقاومين وانخراطهم بالفعل المقاوم ضد قوات الاحتلال.
2:- ما حصل في معركة مخيم جنين في التاسع عشر من الشهر الحالي عندما دخلت قوات الاحتلال لاعتقال شابين في حي ملاصق لمخيم جنين يسمى حي الجابريات مجاور للمخيم من الجهة الجنوبية،المعركة التي استمرت بعنف ثماني ساعات وأسفرت على اصابة 8 جنود اسرائيلية من قوات النخبة " الدفدوفان" والمظليين وإعطاب وتدمير 7 ناقلات مدرعة من طراز النمر والجبَّات العسكرية الاخرى،وإصابة وإعطاب طائرة اباتشي بعد اصابتها بالرصاص وخروجها عن الخدمة،وعدم تمكن قوات الاحتلال من جر مدمراته الى بعد مرور سبع ساعات عاشتها قواته تحت النار الكثيف من الرصاص والعبوات محلية الصنع،بالرغم من ارتقاء ستة شهداء وإصابة اكثر من تسعين شخصا من المقاومين والمواطنين عدد كبير منهم في مرحلة الخطر.
هذه المعركة التي استخدمت فيها طائرات الاباتشي لأول مرة منذ عشرين عاما هزت المؤسسة الامنية والعسكرية الاسرائيلية التي تفاجأت في كل شيء جرى فيها خاصة كثافة مشاركة المقاومين واستخدام العبوات الجانبية والعبوات المصنعة محليا بكثافة حتى اللحظات الاخيرة من المعركة،وضعف المعلومات الامنية والاستخبارية عن التشكيلات المقاومة في مخيم جنين هذه المعركة دفعت القيادة العسكرية الاسرائيلية وعلى لسان وزير الحرب الاسرائيلي" يوآف غالانت " الى القول انه سيعتمد سياسة هجومية .وقد ترجمت اقوله افعالا بعد يومين من المعركة بتنفيذ اغتيال عبر المسيرات ضد ثلاثة مقاومين من المخيم قرب معبر الجلمة،وهذا بحد ذاته دليل على تخوف الجيش الاسرائيلي في الزج بقواته الخاصة والبرية في المواجهة لتفادي الخسائر والإصابات.
3:- الحادثة الثالثة وهي عملية مستوطنة "عيلي" والتي قتل فيها اربعة مستوطنين وجرح مثلهم في وقت كانت قوات الاحتلال في اعلى درجات استنفارها بعد مجرزة جنين.
• ثالثا:- على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة وخصوصا مزارع شبعا المحتلة،حيث وبعد المناورتين الكبيرتين التي نفذهما حزب الله في جنوب لبنان قبل اسابيع،قام الحزب مؤخرا بالدخول لتلك المنطقة المحتلة ونصب فيها خيمتين كبيرتين مقابل معسكرات وخنادق الجيش الاسرائيلي المحتل دون اكتراث في التهديدات الاسرائيلية التي ارسلت وترسل عبر "اليونيفيل"،هذا الحدث حاولت الحكومة وقيادة الجيش اخفاءه عن الجمهور الاسرائيلي لما فيه من مهانة وضعف في التصرف امام المقاومة اللبنانية،خاصة إذا ما أضيف هذه الحدث الذي ما زال قائما إلى التقدم الشعبي اللبناني قبل اسبوعين او ثلاثة إلى نقطة حاول الاحتلال تقديم السياج الفاصل الى داخل الخط الازرق واقامة ساتر ترابي فتصدى له المواطنون اللبنانيون في المنطقة واجبروا جرافة الاحتلال على الانكفاء بمساعدة واستنفار الجيش اللبناني.

هذه الشواهد،وعلى امتداد الساحات الثلاث،تعطي مؤشرا كبيرا على وهن قد اصاب القوة الاسرائيلية يجعلها تتردد مئة مرة في الاقدام على تنفيذ ألهجمات الاستباقية أو الانية على قاعدة علو قوة الردع الاسرائيلية،لسببين :-
أولهما انها تعرف تماما ان قوتها الردعية قد تآكلت بالرغم من حجم المناورات الكبيرة التي أجرتها وبشكل واسع خلال العقد الفائت.
ثانيا : تدرك اسرائيل أن أي هجوم واسع او محدود لها هنا او هناك،قد يؤدي لتدهور الاوضاع،ودخول ساحات وجبهات اخرى على خط المواجهة الامر الذي سيجر الى حرب كبرى وشاملة تخشاها وتخشى نتائجها بالرغم من تفوقها العسكري المادي،لان ما بعد الحرب لن يكون كما قبلها حسب كل الاحتمالات والتوقعات التي تؤكدها مراكز الدراسات والأبحاث العالمية والدولية وحتى مراكزها الدراسية الاستراتيجية بشكل خاص.

كاتب فلسطيني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى