هشام حربي - وجوه إعرابها

لايبدو الفضاءُ مناسباً لزراعة المعنى ،
فهل عدنا بكل بذورنا ، من أجل ذلك ، كنتُ أضحكُ حين ألقى بذرةً فى النورِ - والإنبات يوغلُ في ظلام البطن - ثم أطلُ بعد دقيقةٍ فأرى غلافَ القلب محترقاً ،
فهل نبتت على كفيكَ أزهار المقامرة
التى جعلتكَ أشبه بالفراشة فى هشاشتها ،
تواجه زهرةً جفت ،
وفى وهم ادعائك حاجة الألوان للنار ، اصطليتَ بشعلةٍ سوداءَ ، هل تلك الكتابةُ سربت لك وهمَ قدرتها على مزجِ الحقائق ، حين أدركتَ استحالة أن تعيشَ على ثرياتِ الفراغ ونورها ، ورميتَ أغصان الفصول ،
فلَستَ من هذا الفراغ ولا خُلقتَ له ،
وهل ستكون فى يوم من الأيام لوناً يحتسيه السادةُ الشعراءُ من كُتَّاب هذا الوحى ،
أنت إناءُ عصرك من توجسك الطبيعى ، انتشائك بالحوار ومن ولوغك فى الحكاية عامدا ، قد كنتَ ترجعُ كل يومٍ عابساً متقمصاً وجهاً قديماً من قصاصاتِ الوجوهِ ، وكنتَ تقرأ ما بعين جماعةِ الرفقاءِ ، كيف يجوز أن تختارَ وجهاً للحكايةِ غير وجهِ فراشةٍ ، هى من تعيدُ النارَ للأوتارِ ، تجعلُ لاغترابِ البعضِ معنى
هل رأيتَ وجوهَ إعرابِ الفراشةِ فاعلاً فى أى نصٍ ،
كنتَ ترصدها على زهرٍ فتهتف للبلاغيين من خلف النصوص ، تأملوا ألوانها فى كل وجهٍ ، هاهنا يتعين المفعول من بوح الرحيق ، فهل تمر على مساحة خوفكَ المشروع ، تعبرُ حارةً فترى القيامةَ فى عيون صغيرةٍ فى الحى لفحتها عيون النار ،
قلتَ فراشةٌ مرفوعةٌ فى كل نصٍ ، كيف تغريها وجوهُ النارِ ، ثم تعيدها نصاً هجيناً من تراث السردِ ، يزعم أن إحراقَ الفراشةِ - رغم ما يبدو، وما يتوهم الشعراءُ - محضُ كنايةٍ عن زهرةٍ سلميةٍ ،
ستظل تنبت فاعلاً فى شكل مفعولٍ ،
ومفعولاً يجاهر باختيار فنائه ،
من أجل هذا كنتُ أصعد فى السحابة ، ثم أخرج للفضاء ، وربما عاينتُ طعمَ النور ، لكن الفراشة فى ظلام الحيرةِ انطلقت .


..................
هشام حربى

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى