عصري فياض - كيف سننجوا من الانقسام؟؟

فكرة إنهاء الانقسام التي ينادي بها الكُلْ،لا يمكن أن تتحقق في المنظور القريب إطلاقا،والسبب ببساطة هو أن هدف انهاء الانقسام متعارض تماما،وليس هناك تقاطعات فيه لدى جميع الاطراف الفلسطينية،ونختصرها بالتالي:-
موقف فتح والسلطة واضح وصريح،اولا:- انطواء الكلِّ تحت راية م ت ف،والالتزام بالتزاماتها ومنها الاتفاقيات والتعهدات،ومن بينها الاعتراف بالشرعية الدولية والاتفاقيات مع الجانب الاسرائيلي،وثانيا:المقاومة الشعبية السلمية كسبيل نضالي،بمعنى عدم استخدام السلاح في مقاومة المحتل في هذه الظروف،والثالث يجب أن لا يكون إلا سلاح واحد ووحيد في الاراضي الفلسطينية،وهو سلاح السلطة فقط،بمعنى معالجة سلاح المقاومة بالاخفاء أو الجمع أو التسليم،أو بوسيلة اخرى يُتَفَقْ عليها بهذا الاتجاه.
بالمقابل،رأي الفصائل الاخرى وعلى رأسها حماس والجهاد والشعبية والقيادة العامة والصاعقة والديمقراطية ولجان المقاومة والمجاهدون،وحتى كتائب شهداء الاقصى هو المقاومة بكافة اشكالها بما فيها الكفاح المسلح،وعدم الاعتراف بإسرائيل والاتفاقيات الموقعة معها،بل الغائها أو تجميد الاعتراف بإسرائيل،وعدم الاعتراف بالرباعية أو القرارات التي صدرت عن الشرعية الدولية الدوليّة ولم تنفذ وفي ضمنها الاعتراف بإسرائيل،وعدم القبول بتسليم سلاح المقاومة سواء في غزة أو الضفة،مهما كانت الظروف والتفاهمات والاتفاقيات وقد عبر عن ذلك يحيى السنوار قائد حماس في غزة بالقول " امل إبليس في الجنة"
إذا بشكل واضح التباين بين الموقفين كبير وواسع جدا،بحيث لا أمل في رأبه وجسره،وكل ما ترونه من لقاءات أو تسمعونه من تصريحات ما هي إلا مجاملات أو وأمنيات تستهلك الوقت والجهد،ينطقها اللسان،وتخفي في طياتها محاولة جر كلّ طرف الطرف الاخر الى مربعه،وهذا شبه مستحيل،ولن يكون،وما يعززه يوما بعد يوم هي تصرفات حكومة اسرائيل اليمينية المتطرفة،والتي تسعى فيما تسعى إلا اعلان السلطة التي ما زالت تتمسك بالاتفاقيات مع حكومات اسرائيل السابقة،اعلانها سلطة ارهابية،أي انها ستكون لاحقا ــ إذا ما أقر هذا القانون ــ هدفا مشروعا لحكومة اليمين المتشدد الحاليّة.
إزاء ذلك،وفي الوقت الذي ترفض السلطة وقيادة م ت ف لهذه اللحظة تعديل موقفها بشكل حقيقي تجاه ممارسات إسرائيل،وترفض أو لا تحرك ساكنا في اصلاح مؤسسات وهيئات م ت ف،أو تنفيذ ما صدر عن المجلس الوطني الفلسطيني والمجلس المركزي من قرارات سابقة بخصوص التعامل مع إسرائيل،وعدم الاقتراب ولو خطوات مما تطالب فيه الفصائل مجتمعة،ومنها إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني بحجة مشاركة سكان القدس الشرقية،وعدم البحث عن حلّ ابداعي لهذه المسألة بوسائل نضالية،هذا يعني وبشكل واضح وصريح تعزيز الانقسام وتعميقه،وتتابع نتائجه السلبية على الشعب الفلسطيني والنضال الفلسطيني إلى أن يشاء الله.
إذا متى سينتهي الانقسام؟،او متى ستصدع المواقف المتباينة لنصل لقواسم جامعة يلتقي عليها الجميع في مواجهة تغوُّل الاحتلال في الدم والارض والمقدسات والحياة والمستقبل الفلسطيني ؟
الاجابة على هذا السؤال الكبير قد تكون صعبة،لكنها ليست مستحيلة،محورها هو تصدع موقف لصالح موقف، والأقرب هو تصدع موقف او تراجع موقف القيادة الفلسطينية لصالح متطلبات موقف الفصائل الاخرى مجتمعة،والتي تتناغم بشكل كبير مع موقف اكثرية الشعب الفلسطيني،والتي تنتجها استطلاعات الرأي المختلفة والمحايدة من حين الى آخر،وهذا التصدع ليس بعيدا عما يجري في المنطقة والعالم من تغيرات في مجملها تغيرات واعدة تؤشر الى تراجع النفوذ الامريكي ربيب اسرائيل وداعمها الأول،وتقدم ونمو قوى دوليّة كاسرة للقطبية الواحدة مثل روسيا والصين ودول البركس،والاهم تعزيز مكانة وصعود محور المقاومة في المنطقة بالانجازات التي حققها في كل من ايران والعراق ولبنان وسوريا واليمن،وما قد يحدث بين هذا المحور،مجتمعا او فرادى من صدام متوقع بينه وبين اسرائيل المصابة بالانقسام والتشرذم،سواء كان على الحدود الشمالية أو مع سوريا أو مع ايران،وما ستنتجه هذه المواجهات المتوقعة من أذى كبير لإسرائيل كما يتوقعه مراقبوها وخبراؤها وكبار باحثيها،وبالتالي هذا الاذى سيكون له نتائج كبيرة على مواقفها وضعفها،وسيكون له أيضا أثر كبير على الساحة الفلسطينية لصالح قوى هي من عائلة المحور،وحليف اساسي فيه،وهذا الاثر هو من سيكسر موقف القيادة الفلسطينية الحالي،ويدفع بالتقارب،ويقود الشعب الفلسطيني للنجاة من الانقسام وبراثنه،بل سيوقف عقودا من البحث عن سراب التسويات الفاشل.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى