أ. د. عادل الأسطة - قصص لها قصص (1............7)

1- - قصص لها قصص

ما من قصة كتبتها إلا كان لها قصة أو سبب أو دافع ما ، ولهذا أتذكر أكثر قصصي . أتذكر ما ورد في كتاب ( ديفيد ديتشس ) عن محركات الكتابة : الخيبة أو الرغبة أو الطمع أو الخوف .
وأحاول فهم شعر المديح أو الرثاء أو الهجاء . وهكذا أدرس النابغة أو المتنبي .
مرة كتبت قصة قصيرة عنوانها " الروائي " ( 1987 ) ونشرتها في جريدة " الشعب " أولا وفي مجموعتي " وردة لروز ..ووردة لفائزة " ( 1993 ) ثانيا .
كنت التقيت في منتزه بلدية نابلس بالروائية سحر خليفة ، وقد أخبرتني يومها أنها ستغادر الضفة لتقيم في عمان فابتسمت - كنت أعد نفسي للسفر إلى ألمانيا لإكمال دراستي والعودة -.
لماذا ابتسمت ؟
- ﻷن المناضلين والمناضلات والكتاب والكاتبات - وأنا من الكتاب - كانوا يحثون على الصمود في اﻷرض ، فهذه هي الفضيلة اﻷولى لأهل فلسطين في النضال - لاحظوا تضييق إسرائيل علينا وعلى أهل القدس لنرحل . وكنت أفترض أن سحر يجب ألا تسلك سلوك محمود درويش . يعني يجب أن تظل مقيمة في فلسطين ولكنها رحلت واستقرت في عمان .
هل أبدعت في نصوصها اللاحقة كما حدث مع محمود درويش ؟
الإجابة في مكان آخر .
قصة الروائي - أقصوصة - مستوحاة من حواري مع سحر خليفة في منتزه نابلس وقد رحلت .
خربشات
15 / 10 / 2015

***

2- قصص لها قصص : 2
في 1986 / 1987 كتبت قصة عنوانها " هكذا إذن يا فاطمة " وقد أردت نشرها في جريدة " الشعب " في صفحتها الثقافية ، وطبعها /صفها أبو حريص ومنتجتها ، وغادرت الجريدة على أمل أنها ستنشر ولم تنشر ، فنشرتها لاحقا في دورية " العمل الثقافي " التي كانت تصدرها الجبهة الديموقراطية ، نشرتها تحت اسم مستعار ، وكنت من محرري المجلة . لم تنشر في الشعب ﻷن علي يعيش صاحب الجريدة فكك رموزها .
في 1986 قتل رئيس بلدية نابلس ظافر المصري من الجبهة الشعبية وقتلت قوات الاحتلال مختار مخيم بلاطة أبو ذراع وكان رجلا وطنيا وكان أن فرضت قوات الاحتلال منع التجول على مخيم بلاطة ودفن المختار خلسة،ولما تبنت حركة فتح المرحوم ظافر المصري ، وكان محبوبا من الناس،فقد كانت جنازته مهيبة .
من وحي الجنازتين كتبت القصة وكنت يومها واقعا تحت تأثير الواقعية السحرية لكتاب جنوب أميركا ومنهم غابرييل غارسيا ماركيز .
خربشات / الجمعة 16/10/2015

***

3 - قصص لها قصص :

أمس ، وأنا أستعد لإلقاء محاضرة عن كتابي " أحمد دحبور .. مجنون حيفا " تذكرت قصتين قصيرتين من قصصي القصيرة من مجموعة " وردة لروز .. وردة لفائزة " وهما " الأحد الأول من كانون " و " هكذا إذن يا فاطمة " وأتيت على ما دفعني لكتابتهما .
ما يصدر عن تجربة وما يكتب عن شخوص حقيقيين يظل عالقا في الذاكرة .
كم دفعنا ثمنا باهظا لقيام دولة إسرائيل !!؟
لماذا دفع العراقيون والسوريون واليمنيون والليبيون و .. و .. ما يدفعون من اثمان باهظة ؟
ومع ذلك ستنتهي الأحداث في تلك البلدان وسيعود إليها سكانها وأما فلسطينيو الشتات .. وأما نحن الباقين الصامدين فمستقبلنا مجهول . مزيد من الهجرات ومزيد من الحصار .
صباح الخير
خربشات 26 /10/2017

***

4- قصص لها قصص 3 :

في 90 ق 20 كتبت قصة قصيرة ، نشرتها في جريدة " الأيام "، عنوانها " كأس نبيذ حزنا على موت الكلب ". وللقصة قصة .
في العام الدراسي1990 / 1991 كنت أقيم في بون ، في منزل السيد ( مارتن بلوخ ) وزوجته السيدة ( جيردة) ، وقد استضافتني العائلة التي تعرفت إلى ابنتها ( فرانسيسكا ) في جامعة بامبرغ ، لأقيم معها .
كانت العائلة أرادت أن تتعرف إلى فلسطيني أيضا ، وقد رفضت أن تأخذ مني أجرة الغرفة والإقامة والضيافة ، ونشأت بيننا علاقة ود واحترام ، لم تتأثر إطلاقا حين أعلمني السيد (مارتن) الذي كان موظفا بالخارجية الألمانية أنه نصف يهودي .
كنت أخرج من منزل العائلة في الثامنة صباحا وأعود إليه في السادسة أو السابعة مساء ، وغالبا ما كنت أحضر للسيدة ( جيردة ) ما تطلبه مني من سوق وسط بون للخضار ، وكنت أفرح لهذا ، حتى أشعر أنني فرد من أفراد العائلة .
ذات مساء عدت إلى المنزل ، ولاحظت أن المنزل تسوده أجواء حزينة ، ولما سألت عن السبب ، أجابتني ( جيردة ) بأن الكلب مرض ، وأنه لا بد من أخذه إلى البيطري لعلاجه .
كانت ( جيردة ) تنتظر مكالمة من أمها العجوز التي تقيم أيضا في (بون) ، في شقتها وحيدة ، ولما أتيت طلبت مني ( جيردة ) أن أخبر أمها إن اتصلت أنها ابنتها ستعود للتو .
ذهبت ( جيردة ومارتن وفيليكس ) ، برفقة الكلب إلى الطبيب لمداواة الكلب ، وما هي إلا ساعة حتى عادوا والحزن يبدو على ملامحهم .
استفسرت منهم عن الكلب وصحته ، فأخبرتني (جيردة) أن الطبيب أعطاه إبرة ، فنفق ، لأنه لن يصح جيدا ولأنه في الحادية عشرة من عمره ، والكلاب عادة لا تعمر .
ذهبت جيردة إلى المخزن وأحضرت زجاجة نبيذ وفتحتها وصبت لنا ، لنحتفل بمناسبة حزينة هي فقدان الكلب ، وبعد ذلك أحضرت لي ألبومي صور له منذ اشترياه صغيرا من بلجيكا حيث أقاموا فترة ، وأخذت أمعن النظر في صوره .
ظلت الفكرة والحدث ماثلين في ذهني وفي العام 1993 كتبت روايتي " تداعيات ضمير المخاطب " ، فأتيت بإيجاز على الموضوع ، وفي العام 1995 / 1996 أعدت صياغة الفكرة بقصة قصيرة نشرتها في جريدة " الأيام " . ولما أرسلت القصة إلى العائلة ترجمتها ابنتهم لهم ، ولما زرت العائلة في صيف 1996أعلموني أنهم لم يفهموا المغزى منها ، فقلت لهم
- للكلب عندكم قيمة واحترام لا يحظى بها أبناء العالم الثالث .

عادل الاسطة

***


5- قصص لها قصص 5 :
" مكان آخر للعشب "

في 80 ق 20 نشرت قصة قصيرة في مجلة الجديد عنوانها " اﻷقدام المورقة " وأعدت نشرها تحت عنوان آخر هو " مكان آخر للعشب " .
القصة كانت عن حلم رأيت فيه قدمي مورقتين .
كنت أدرس الماجستير في عمان وحلمت أنني ذاهب إلى الجامعة بقدمين تنمو عليهما أوراق .
حاولت أن أجد تفسيرا ﻷصل الحلم ، فتذكرت ما حدث مع رئيس بلدية نابلس السيد بسام الشكعة في 1980 حيث تعرض ورؤساء بلديات أخرى إلى حادث تفجير سيارته ونجم عن ذلك بتر أجزاء من قدميه سأشارك في دفنهما .
كنت في بيت خالتي أم نبيل الجوهري حين جاءت سيارة وأشخاص معهم كيس فيه اﻷجزاء المبتورة من قدمي أبو نضال وشاركت في دفنهما .
يبدو أن الحدث ظل يلاحقني وظل الاحتلال أيضا يحتلني وأنا في عمان .
من وحي الحلم والحدث كتبت القصة .
اليوم صباحا أصغيت إلى فضائية النجاح تتحدث عن دور شاؤول مير الذي أطلقت عليه النيران في طولكرم في التخطيط لاغتيال رؤساء البلديات وبشر القاتل بالقتل ولو بعد 35عاما .
البدوي انتظر 40 عاما ليثأر وقال إنه استعجل .
مع أن ما يقوم به المقاومون هو مقاومة احتلال لا عملا ثأريا فرديا .
عادل الاسطة
خربشات 10/12/2015


6- " أتذكر أبي " قصص لها قصص :

ولد في مدينة يافا وأقام في حي النزهة هناك .
في العام 1948، وهو يسوق شاحنته مقلا أسرته وأسرة أمي ، أصيب وجدي ﻷمي برصاص العصابات الصهيونية .
أقام ، بعد اللجوء ، في مخيم عسكر ، ثلاثين عاما حتى 1978 ، ثم غادرنا المخيم إلى حي قريب .
كان أبي سائقا طيلة عمره . خلف أربعة عشر ذكرا وأنثى . مات اثنان منهم ؛ الكبير بحادث سيارة والصغير لحظة ولادته .
ظل أبي يأمل بالعودة حتى يئس من الجميع ، ومع ذلك ظل يتابع اﻷخبار لعل انتصارا ما ينجز ، وقد تدرب قبل حزيران1967 ليقاتل من أجل العودة إلى يافا ، لكن البنادق كانت صدئة ، وحين دخلت القوات اﻷسرائيلية نابلس خاف من أن تكون حصلت على قوائم من استلموا السلاح ، فاختارني ﻷسلم بندقيته في مبنى البلدية الجديد .
كنا يومها نقيم في بيت خالتي أم عارف في البلدة القديمة في نابلس .
سلمت البندقية واضعا عليها شارة الاستسلام . وسأكتب هذا قبل ثلاثين سنة في قصة " ثلاثة أيام حزيرانية في حياة يوسف .م. " وكنت بعض يوسف . كان هذا أول درس في الاستسلام وفقه معنى الهزيمة .

***

7- قصص لها قصص :

في العام 1986 كتبت أقصوصة عنوانها " الروائي " ، وقد استلهمت فكرتها من لقاء مع الروائية سحر خليفة .
كنت يومها في متنزه بلدية نابلس ومعي العائلة ، وأخبرتني سحر أنها ستغادر لتقيم في الأردن .
يومها كنت ، وما زلت ، من الداعين إلى البقاء في أرض الوطن . طبعا أنا غادرت إلى ألمانيا الغربية لأدرس الدكتوراه ، وعدت غير خائب في هذا الجانب . ولما كنت أكتب مقالا أسبوعيا في الشعب ، أنوع فيه ، فقد وجدتني أكتب أقصوصة " الروائي " التي تقوم على المفارقة : - يدعو الكاتب أهل وطنه إلى التجذر بالأرض وعدم مغادرتها ،ثم..ثم...والبقية عند محمود درويش وعزمي بشارة وسحر خليفة ، وجزئيا عند المرحوم عبد اللطيف عقل .
يقولون إنني كاتب مشاكس ناقم...الخ . ربما ! إنما أنا بشر مثلكم ، وقد يأتي يوم ويكتب فيه كاتب ما ، ما كتبته عن الأربعة المذكورة أسماؤهم .
على فكرة القصة منشورة في مجموعة "وردة لروز..وردة لفائزة " 1993، وهي مدرجة في موقع ديوان العرب وفي موقع جامعة النجاح الوطنية .
" وطني ليس حقيبة ، وأنا لست مسافر ، إنني العاشق والأرض حبيبة " محمود درويش .
إنني العاشق والريال والدينار و....و.....والمنفى وامتيازاته هم أرضي الحبيبة.
هل سأمارس ما مارسه هؤلاء ؟
ربما ! وربما يقول على مسمعي ، ذات نهار ، أحد المواطنين ، ما قاله أصدقاء عقل له ، في القدس ،1992، حين عاد بعد انتهاء الانتفاضة :
" أنا نبض التراب دمي فكيف أخون نبض دمي وارتحل " .
ربما !
خربشات

***

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى