علجية عيش - مذكراته ستصدر قريبا.. مع الأديب الجزائري محمد زتيلي مستشار سابق بوزارة الثقافة


الشاعر و الروائي محمد زتيلي : لا وجود للمثقف الثوري في الجزائر و المشارقة هم رُوَّاد الكتابة السَّاخِرة


هو كاتب و ناقد و شاعر و روائيٌّ و إعلاميٌّ و مستشار سابق بوزارة الثقافة الجزائرية ، جمع تجربته في مذكراته التي ستصدر قريبا ، كسّر فيها الطابوهات ليكشف ن المسكوت عنه ، و بلغة المثقفِ الحُرِّ خرج الأديب الجزائري محمد زتيلي عن صمته ليرسم لوحة لحضارة البؤس التي يعيش فيها العالم العربي لا سيما المثقفين العرب من كتاب و نقاد و شعراء، حيث استعرض تجرته الإبداعية التي مارسها طيلة "نصف قرن" من العطاء و الكتابة، فضلا عن ممارساته كرجل إدارة قبل ان يتم الانقلاب عليه قبل خمس سنوات كمدير لمسرح قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري، هي مسيرة كاتب و ناقد و شاعر و إعلاميّ ، دفع مقابلها السجن ثمن مواقفه كمثقف في مرحلة مرت بها الجزائر و هي تعيش التعددية السياسية حين وجهت له عدة اتهامات بسبب كتاباته التي اتسمت بالجرأة في الطرح لمختلف القضايا التي تشغل بال الأمة العربية و الإسلامية جمعاء، الندوة تخللتها قراءات شعرية للشاعر الدكتور عيسى عيساوي، رافقتها معرضا للكتاب ببهو المكتبة


جاءت هذه الورقة خلال استضافته بمنتدى الكتاب في طبعته الثانية نظمته المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية مالك بن نبي بحضور شخصيات أدبية فكرية و أساتذة جامعيين و باحثين و ممثلي جمعيات ، تحت إشراف الأستاذ مجيد بوديار مدير المكتبة ، الذي ى ألقى بدوره كلمة ترحيبية و الحقيقة لا ندري من أين نبدأ ، فالأديب محمد زتيلي الذي كان محاصرا بأسئلة الدكتور لخضر معزوز الذي أشرف على تنشيط الندوة بأسئلة لا يطرحها إلا متمكِّنٌ من إدارة النقاشات الحرة ، و هو يحاور مثقفا متمكن أيضا من مواجهة الأخر مواجهة متمدنة ، بل حضارية إن صح التعبير و بكل المقاييس الأدبية و الإبداعية، فما ميز اللقاء هو استعمال لغة "الضّاد" و بطريقة سلسة جدا تحبب الحاضر ( المتلقي) لسماعها، و لما لا فمنشط الندوة و على لسانه احتار في كيف يقدم محمد زتيلي، هل يقدمه كشخصية تتعدد فيها المواهب و الأفكار ، اجتمعت في شخص واحد هو محمد زتيلي الذي سخّر عمره للإبداع و الدفاع عن أفكاره و مبادئه.
393445883_844187330588286_5933150893903561885_n.jpg

أراد الدكتور لخضر معزوز تسليط الضوء أكثر على "العلاقة بين المثقف و السلطة في الجزائر"، و لعل طرحه هذا السؤال على مُحَاوِرِهِ كان في محله ، بحكم المهام التي مارسها الأديب و الإداري محمد زتيلي، و كيف يجمع رجل الإدارة بين العمل الإداري و الإبداع و الفن؟، فهذا السؤال كما يقول محمد زتيلي قديم متجدد و من الصعوبة بمكان الإجابة عليه ، و لكل شخص طريقته الخاصة في تحديد هذه العلاقة بحكم تركيبته النفسية ، و في رده على سؤالنا حول سبب غياب المثقف الثوري في الجزائر؟ يقول زتيلي : المثقف الثوري دوره أولا أن يكون مثقفا بأتم معنى الكلمة و أن يكون ثوريا في مضامين ما يكتب، مفرقا بين المثقف و رجل السياسة، وفي الجزائر يضيف لا يوجد السياسي الثوري ، بل يوجد أناس يرفعون اصواتهم يستعيدون فيها قضايا الناس اليومية ليعزفوا بها على أوتارهم، و على حد قوله، السياسي الثوري عرف في السبعينيات في كثير من البلدان بما فيها الجزائر، أما المثقف الثوري في الجزائر مهمته تعميق الوعي في المجتمع.

محمد زتيلي يرفع اللبس عن رواية "الدكتورة أحلام"

فعلى غرار مثقفين آخرين حملوا القلم سلاحا في وجه الطغاة ، يحتار من يقرأ لمحمد زتيلي و من يكتب عنه ، هل يكتب عن زتيلي الإداري؟، أم زتيلي السياسي؟، أو زتيلي المبدع؟ و بالأخص زتيلي الشاعر؟ ، و لعل هذا الوصف الأخير يليق بشخصية في وزن محمد زتيلي، لكن..؟ ففي الجزائر يموت المثقف ألف مرة في اليوم قبل أن يموت الموت الحقيقي ، لقد ردّ الأديب محمد زتيلي على كل الأسئلة التي طرحت عليه من قبل الدكتور حتى من قبل الحضور الذين تابعوا الندوة حتى نهايتها دامت حوالي ثلاث ساعات و بلغة الرجل المتحكم في أفكاره ، عاد إلى الوراء مذ كان مدرسا مادة الرياضيات و كيف كان لقاؤه مع الرئيس الراحل هواري بومدين إلى آخر مهمة يقوم بها و هي إدارة مسرح قسنطينة الجهوي قبل أن يتم الانقلاب عليه و دخوله عالم الرواية، في هذه الندوة تحدث محمد زتيلي عن علاقته بالرواية، مركزا الحديث عن تجربته الإبداعية و الروايات التي أصدرها على غرار رواية "الأكواخ تحترق" و هي أول رواية نشرها عام 1977 .

في هذه الرواية عبّر فيها عن روح القرية و ارتباط الفلاح بأرضه و هي تعبر عن الهوية الجزائرية ، ثم رواية "عودة حمار الحكيم" و هي تربط بين روايتي نجيب محفوظ و رضا حوحو و أعمال أخرى لاقت رواجا كبيرا على كل المستويات، و كتب اخرى عديدة منها كتاب "الثقافة و الديمقراطية"، أما عن رواية " الدكتورة أحلام" رفع محمد زتيلي اللبس عن الفهم الخاطئ للرواية من قبل بعض القراء الذين أوّلوا عنوان الرواية و إلى حد التمييع ، بحيث ظنوا ان الأمر يتعلق بعلاقة بين رجل و امرأة ، مؤكدا أن مضمون الرواية يعالج مرحلة عاشتها الجزائر منذ ظهور الحركة الإسلامية في جامعة قسنطينة، باعتباره عاش هذه المرحلة و تطورها، عن هذه الرواية يقول الروائي محمد زتيلي لو ترجمت إلى فيلم وثائقي أو فيلم سينمائي لعرف الجمهور الجزائري كيف يتسلل المال الفاسد العربي أو الأجنبي او حتى الصهيوني إلى ابنائنا و كيف أفسد الجامعة الجزائرية.

الكتابة الساخرة قليلة في الجزائر

391726648_633313025674765_9066998600879007392_n.jpg

و يعتبر الأديب محمد زتيلي من بين الذين يكتبون في الأدب الساخر، أو الأدب الهزلي كما يسميه البعض و له في ذلك مواقف ، باعتباره وسيلة لمواجهة الهيمنة و الاستبداد و الردّ على المستبدين، حيث تحدث عن الكتابة الساخرة التي يستهزئ بها الناس أو الكتبة الهزلية، موضحا بأن هذا النوع من الكتابة لا يعني السخرية من الناس بل من الأفكار ، موضحا أن الكتابة الساخرة في الجزائر قليلة جدا عكس ما نراه في المشرق ، و الكاتب المشرقي في رأيه هو مَيَّالٌ الى الكتابة الساخرة ، و بها يعالج القضايا الساخنة و هذا ما وقف عليه هو نفسه من خلال إقامته بالمشرق، الهدف منها مواكبة تقلبات المجتمع و معاينة مشاكله بعيدا عن أعين الأمن فهي بمثابة مرآة تعكس فيها أحوال المجتمع و ما عايشه من أحداث و بالتالي فهي أسلوب من أساليب التعبير عن الواقع الإنساني والاجتماعي للفرد و المجتمع، إلا أنه يرى أن الكتابة الساخرة قليلة في الجزائر و هذا بسبب المناخ السياسي الذي اتسمت به الجزائر وحدّة الرقابة و التضييق و غياب الحرية في التعبير و الكتابة التنويرية.

محمد زتيلي في مذكراته حقائق تنشر و لأول مرة

و لعل مذكراته التي سترى النور قريبا تكشف عن أشياء كثيرة لم يبح بها محمد زتيلي ، أو تحفز عنها ، فهذه المذكرات - كما يقول هو- كتب فيها 400 صفحة و لا تزال 30 صفحة، يتحدث فيها عن المراحل التي مر بها و هو يخوض تجربته في الإدارة و الإبداع ليس كمثقف و أديب فقط، بل كمستشار في وزارة الثقافة و تواجده كذلك في المشرق و من هم كبار الشخصيات التي التقى بهم هناك، كما يتحدث فيها عن الحصار التي عاشته النخبة المثقفة في الجزائر خلال العشرية السوداء ، اتسمت بالعنف و التطرف ، فكان على النخبة الإعلامية إلا أن تختار أسلوب الكتابة الساخرة ، حيث أسس إعلاميون و من بينهم هو "جريدة ساخرة"، لكن هذه الجريدة كما يضيف لم تعمر طويلا بعد أن تم اعتقاله و مجموعة من الصحافيين و أودعوا السجن عام 1996 ، و كانت التهمة المس بهيئة نظامية و القذف، يقول محمد زتيلي: "لم أفلت من المتابعات الأمنية حتى قصائدي كانت محاصرة لاسيما القصيدة التي كتبها في بسكرة عام 1982 "، ولم يستثن محمد زتيلي الحديث عن رفاق دربه من الكتاب و المبدعين الذين كانوا موضع ملاحقات أمنية كذلك كالشاعر أزراج عمر و الأديب رشيد بوجدرة، و واسيني لعرج و آخرون، و العلاقة التي ربطت بينه و بين وزيرة الثقافة خليدة تومي كمستشار في الوزارة و مواقفه الجريئة، خاصة في تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015 و تعيينه على رأس مسرح قسنطينة الجهوي و كيف تم إبعاده.

محمد زتيلي: من يقرأون القصيدة قليلون

يقول الأديب محمد زتيلي في رده على سؤال الدكتور لخضر معزوز أنه بعد ممارسته عدة مهام من مدرس في الجامعة و المعاهد، و عمله في الصحافة و إدارته لقطاعات ثقافية وجد راحته النفسية في كتابة الشعر و لمحمد زتيلي الشاعر سبعة مجموعات شعرية ينتظر طبعها مع اعادة طبع اعماله الأولى و لمحمد زتيلي رؤيته الخاصة للشعر من حيث القراءة و الكتابة، فالشعر من وجهة نظره هو صعب قراءته، فمن يقرأون القصيدة قراءة صحيحة قليلون بما فيهم الأساتذة الجامعيون، متسائلا غن كانت القضية دسمة موسيقية و لغة أم ي نصوص أفقية، و لذا يرى محمد زتيلي ان القصيدة الناجحة هي إذا قرأناها مستمتع بنصها، فهي تخلق الوعي باعتبارها فنٌّ و المتعة تحتاج إلى ثقافة مسبقة.

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى