د. أيمن دراوشة - أدب المقاومة - يوسف أبو ريدة نموذجًا

يُعَبِّر فن المقاومة الفلسطينية عن روح الصمود والتصميم الذي يمتاز به الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والظروف الصعبة التي يعيشها. هذا الفن يشمل مجموعة واسعة من التعبيرات الفنية، بما في ذلك الأدب، والفنون البصرية، والموسيقى، والسينما، والمسرح، والأداء. يتميز هذا الفن بأنه وسيلة لنقل رسائل سياسية وثقافية بقوة وإلهام.

ويعد الأديب الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني أول من ابتدع هذا الفن بعد نكبة 1948، حيث عاش أدباء المقاومة تحت وطئة الاحتلال الذي منعهم من التواصل الفكري والثقافي والاجتماعي مع العالم، لكن استطاعوا من خلال أقلامهم وأصواتهم أن يكسروا هذا الحصار الظالم حيث نادى أدبهم المقاوم بالحرية والاستقلال وفضح ممارسات العدو الهمجية وفي نفس الوقت إيصال رسالتها إلى كل شعوب العالم ووسائل الإعلام حيث كان تأثيرها كبيرًا ومدويا.

ومن أشهر شعراء المقاومة الفلسطينية الشاعر الكبير محمود درويش والشاعر سميح القاسم والشاعرة الكبيرة بنت فلسطين فدوى طوقان، وغيرهم الكثير.

والجدير بالذكر ندرة الأعمال التي تتعلق بأدب المقاومة في الوطن العربي، ويعود السبب في ذلك لانشغال الأدباء بقضاياهم المختلفة إضافة لصعوبة النشر والوضع المادي وعدم وجود الدعم من المؤسسات الثقافية.

وفي مقالنا هذا سوف نتناول أحد أهم أدباء المقاومة في هذا العصر وهو الشاعر الفلسطيني يوسف أبو ريدة والذي يعد من أبرز شعراء الأدب المقاوم في الأدب الفلسطيني والعربي على حد سواء.

وللشاعر العديد من الدواوين والمؤلفات، ودراسات نقدية لمؤلفين عرب حول أعماله نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر.

ديوان شعر اكتب بجرحك ما تشاء- مطبعة بابل – حلحول الخليل 2012

ديوان وجع الحنين مطبعة بابل- حلحول- الخليل 2014

كتاب شعراء فلسطينيون في المنفي للمؤلف عدي شتات، صدر في الجزائر عام 2019.

ومن خلال دواوينه الشعرية استطاع الشاعر يوسف أن يترك بصمة قوية في عالم أدب المقاومة، وقد عبَّر من خلال شعره عن وحدة الوطن الفلسطيني وعروبته، وعن صراعه الطويل مع العدو الصهيوني حيث كتب من خلال لغته الشعرية السلسة عن المقاومة وحب الوطن والحنين له، وقد تميز أسلوبه الشعري بالعمق والعاطفة الجياشة والصور الفنية المبتكرة مما جعلها تلاقي استحسانًا من قبل الجمهور العربي.





كان أبو ريدة شاعرًا وطنيًا يعبّر في قصائده عن وحدة الوطن الفلسطيني وعن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. كتب بلغته الشعرية الجميلة عن الحب والوطن والمقاومة. قصائده اشتهرت بأسلوبه الشعري العميق والعاطفي الذي لاقى استحسانًا كبيرًا.

وقد تأثر الشاعر يوسف أبو ريدة بالأدب العربي والفلسطيني التقليدي حيث جمعت أعماله بين الجمالية الشعرية والرسالة الوطنية والرومنسية الطاغية.

وما زالت قصائده الوطنية تعد إلهاما للأدباء وللأجيال، وتذكر بقضية فلسطين والحقوق الوطنية المسلوبة.

نماذج من شعر يوسف أبو ريدة:

من قصيدة للظاهرية صورتان:

لا سحرَ بعد السحرِ في تلك الأزقةِ والقبابْ

لا خمرَ يُسكرُ كالنسيمِ تنثُّه تلك النوافذُ

في انسيابْ

إذ يستبيكَ كأنّ نفحَ عبيرِه

من ثغرِها المتقوّسِ المسبوكِ

أخيلةُ الشبابْ

وفي نموذج آخر من شعره:

ويطقلون على انتفاضتنا " انفلات "

ودعي المنافق والمراهقَ

والمعانقَ للهوى والأمنياتْ

ولتفخري بنداء درعا

للتوحّد والتوقّدِ

كلما بطش الطغاةْ

لم يبق غيرُ دقيقةٍ

لتكفني الوجعَ المقيمَ

بقلبنا وبحبّنا

وأخيرًا فإنَّ فن المقاومة الفلسطينية له أهمية كبيرة في الحفاظ على الهوية الفلسطينية ونقل تجربة الشعب الفلسطيني إلى العالم؛ لأنه يعبر عن روح الصمود والثقافة الغنية للفلسطينيين في وجه الاحتلال، ويساهم في تعزيز الوعي الدولي بحقوقهم وقضيتهم.


د. أيمن دراوشة – ناقد أدبي أردني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى