مصطفى معروفي - الأسلوب في الشعر

عندما قال الكاتب الفرنسي جورج بوفون :"الأسلوب هو الرجل نفسه"فهو قد كان يعني فيما يعنيه أن الكاتب عليه أن يحقق فرادته في الكتابة من خلال الأسلوب ليحقق ذاته ،بحيث إذا ما قرأ المرء نصا أدبيا ـ وفي الشعر بالذات ـ بدأ الكاتب صاحب النص منتصبا أمامه ومتفردا في مواصفاته لا يلتبس عليه بشخص آخر أبدا،وإذا جئنا إلى أسلوب الكتابة عموما وخاصة في الحقل الأدبي وجدنا يتميز فيما يتميز به في ثلاث سمات أساسية هي المتانة والوضوح و الدقة في التعبير .
والأسلوب الأدبي عامة هو في حاجة ماسة إلى عنصرين اثنين هما له بمثابة مربط الفرس في جعله محافظا على مكانته ووضعيه الخاصتين.هذا العنصران هما أولا العنصر الذهني الذي يتمثل أساسا في الأفكار وفي العواطف وثانيا العنصر التعبيري المتمثل في الكلمات والعبارات المنسجمة والمتناغمة مع بعضها البعض ،كما هو ذلك متمثل في الأخيلة والصور التي تدعو إليها الحاجة في بناء معمار القصيدة على نحو موحٍ وجميل وممتع.
والأسلوب في الشعر بوصف الشعر مرآة صادقة للوجدان عليه أن يتحلى بالنظرة العميقة ويكون تصويرا دقيقا قدر الإمكان للعواطف والانفعالات ويوغل في المعاني التي تزخر بها الحياة باعتبار أنّ الإنسان قطب الرحى فيها،وتكون النظرة الثاقبة للأمور هي رائده في ذلك، والشاعر الأريب المتمكن هو الذي يسبر أغوار الطبيعة ويتعمق في أسرار الحياة ومعانيها ثم يقوم بإتحافنا مما يتراء له منها مازجا كل ذلك بعاطفته ومحيلا له بوجدانه إلى إحساسات نابضة حية تشيع في النفس الدفء وتسمو بالذائقة الجمالية.
إن مما يسفُّ بالشعر ويهبط به دركات هو عجز الشاعر عن أن يحول الأفكار المدرجة في ذهنه إلى إحساسات عاطفية ،مما يخل بأحد شروط الشعر ،ويحيل شعره إلى مجرد نظم تعوزه الحرارة والسمو قي القول.
ففي نظري وربما في نظر أي شاعر عرك الشعر ردحا من الوقت وتمرس بشعابه وهضابه أن تحويل التجارب في الحياة وكل ما يدور في فلكها من أحوال من صور ذهنية إلى مجموعة من الإحساسات العاطفية هو ما يجعل الشعر شعرا،ويعطيه سمته الحقيقية التي بموجبها يكون فنا جميلا وساميا بحق.
والله هو المستعان.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى