جون كولير - لوحة ليليث.. النقل عن الفرنسية: إبراهيم محمود

1.jpg
ليليث


قام جون كولير، ممثل ما قبل الرفائيلية، بإنشاء لوحة ليليث في عام 1887، والتي تصورها على أنها امرأة مغرية وحسية مع ثعبان.
كان لليليث وجوه عديدة عبر التاريخ. كانت تُعبد في الأصل باعتبارها إلهة سومرية عاشت مع الثعبان وقبيلة طيور أنزو في شجرة العالم. بأمر من الإلهة إنانا، انقسمت الشجرة وهربت ليليث إلى منطقة مجهولة.
في الأساطير والتعاويذ الآرامية، يظهر اسم ليليث كمصطلح للشياطين التي تطارد الإنسان ليلاً وتكون مسئولة عن موت الطفل المفاجئ. بينما تبحث ترجمة مارتن لوثر للكتاب المقدس عن اسم ليليث عبثًا، فقد ورد في ترجمات الكتاب المقدس الأخرى أن موطن ليليث هو الصحراء.
لقد اختار التحرر الحديث ليليث كرمز لاستقلال المرأة. إنهاتمثل نظير حواء الذي يخضع للحكم الأبوي. الجذور في اللاهوت اليهودي التحرري. ليليث هي المرأة القوية والمتعلمة التي، على عكس حواء، تقاوم إغراءات الشيطان وتتحدى حكم آدم الرجل. وكزوجة آدم الأولى، بحسب تقليد آخر، فقد قادت الله إلى خيانة اسمه القدوس. طلبت من الله أجنحة وطارت بعيدًا.
ويركز كولير في لوحاته على الجانب الشيطاني لليليث باعتبارها امرأة حسية ومغرية ورمزًا للحياة الجنسية. ومن الناحية التركيبية، باستثناء ليليث، كل شيء آخر يبقى في الظل. من خلال الثعبان الذي تعيش معه في وئام، يتم تصوير ليليث على أنها نقيض لحواء وكحليف للجانب المظلم. وهذا هو مصيرها في عالم الإعلام الحديث، حيث تقوم عادة بدور الشر.
*-Lilith - John Collier
عن جون كلير، ومكان الجسد العاري لديه
جون كولير" 1850-1934 " الفنان الانكليزي الشهير،المعتبَر واحدًا من أعظم رسامي البورتريه في جيله. ما أكثر الوجوه التي رسمها، لأناس من علية القوم(رسم السير لوفليسستامر (قس شروزبري)، والسير جون لوبوكFRS، وأ.ن. هورنبي (قبطان السفينة لانكشايرإليفن)، والسير إدوارد أوغسطس إنجليفيلد (أميرال ومستكشف القطب الشمالي).
صوره التي كلف بها للملك المستقبلي جورج الخامس بصفته سيدًا لبيت الثالوث في عام 1901 ثم دوق يورك، وصور إدوارد الثامن ثم أمير ويلز، هي صوره الملكية الرئيسة. تم عرض هذه الصورة الثانية لاحقًا في قاعة دوربار في جودبور، راجبوتانا.
كما رسم أيضًا اثنين من اللوردات المستشارين (إيرلسيلبورن في عام 1882 وإيرلهالسبري في عام 1897؛ ورئيس مجلس العموم، ويليام جولي في عام 1897؛ وشخصيات قضائية مهمة، بما في ذلك رئيس المحكمة العليا اللورد ألفيرستون في عام 1912 ورئيس المحكمة العليا). رولز السير جورج جيسيل عام 1881.كما رسم كولير صورة روديارد كيبلينغ في عام 1891، والمشير اللورد كيتشنر من الخرطوم في عام 1911، والمشير الميداني السير فريدريك هاينز في عام 1891. كما رسم اثنين من مهراجا الهند، بما في ذلك مهراجا نيبال في عام 1910. ورسم صوراً للعديد من العلماء البريطانيين، بما في ذلك تشارلز داروين في عام 1882، ووالد زوجته توماس هنري هكسلي في عام 1891، وويليام كينغدونكليفورد، وجيمس بريسكوت جول، ومايكل فوستر. حسب كلارك أن كولير رسم 32 صورة شخصية لأفراد عائلة هكسلي خلال الخمسين عامًا التي تلت زواجه الأول...) كما أشير إلى في مقال عنه:
معالي جون مالر كولير كاتب ورسام بريطاني من عصر ما قبل الرفائيلية.
L'Honorable John Maler Collier OBE RP ROI est un écrivain et artiste-peintrebritanniquepréraphaélite.
ولعل من بداهة البداهات القول، أن الفنان حين يثبت قدراته الفنية في إبراز الملامح الدقيقة لشخص ما ومن خلال قوام معين، أو هيئة معينة، وانتماء بيئي وثقافي واجتماعي معين، وللوجه مأثرته الكبرى في ذلك، يكون قد اكتسب صفة الفنان بكامل معانيها، حيث اختلاف بصمته، وعبْر ريشته عن سواه، وفي ذلك يتباين الفنانون، وفي مقدمتهم:المبدعون بجدارة.
في صنعة كولير، ثمة مصاهرة، أو حالة هجنة مذهلة، بين صنعة الفنان الكلاسيكي، وتلك الحداثة التي تعبّر عن الرؤية الداخلية للفنان داخله هنا، في لغته الفنية وخفتها، دون ذلك يصعب فهْم نوعية الإبداع فيما أنجزه تنويعاً وبراعة حضور بصمته.
وهنا، تجدر الإشارة إلى مفهوم العري، وكما رأينا في أحد أكثر النماذج الفنية الدالة على العري فنياً، بوصفه المرآة التي تظهِر بنية الفكرة التي يعيشها جانبها الإبداعي في مخياله الجمالي، وثقافته وفكرته،وهي الفكرة التي تمثّل مساحة اللوحة ومجتمعها اللوني ودلالة هذا المجتمع الذي يتراءى وراء الصورة المرسومة.
يعود العري أبعد مما هو طبيعي، وهنا يكمن التحدي الذي يواجهه الفنان، وكيفية التسلسل بريشته، وبراعة اقتناصه للفكرة وقد استحالت خطوطاً متمازجة مع حركية الألوان، كيفية وهِب الجلد الذي يحوط الجسم، في جسد يحيل إليه عالماً كاملاً ضمن مجتمع يعرَف بثقافة تميزه، ليكون ذلك البحر بالغ الصفاء والنقاء والوساعة والعمق معاً، وعلى سطحه تمارس الأعماق لعبتها في أسلوب معين يسمّي الفنان عبر أداته في الرسم. عري هو التحدي الفنان للفنان، تحدي اليومي للأبدي، عري المماثلة للمغايرة، أو عري الشبه للاختلاف النوعي. والرهان الصعب الذي يعيشه الفنان بكل تفاصيله الفنية لوناً وصوتاً مقدراً متمازجاً معه، وصمتاً بليغ الصدى في محيط لوحته.
وفي المأثور: جسد المرأة، تحدّ مضاعف، بوصفه تمثيلاً موصولاً برؤية الفنان الناظرة والمفكرة بالنيابة، ومحاولة تحرر من ذاته الفردية، ومعايشة المرأة المرسومة في وضعية معينة، وإبراز ما لم يُر بعد، ليكون شرف الانتساب إلى عالم الفن الإبداعي بكل معناه.
ولجون كولير شهادة تبريز له في هذا المقام، حيث الأنوثة طافحة، وفي الوقت الذي لا ينبغي أن يُنسى في بنيانها المحيطي هذا، وكيف تكثّف في رقعة قماشية أو غيرها، ليكون لها هذا التحليق في رحابة الأبدية باقتدار. كما لو أن ريشته تتنفس ، وهي تنغمس في " بحيرة " الألوان المتمازجة، ملء أنفاس المرسومة، وهي طوع تعليمات فنانها، أو رسامها. إن متعة السيطرة لا تغيّب هنا، ولعل الجمال يظهر عبْر هذا التباين، جهة السرد اللوني المعبّر عن علاقة بين معروض جسدي، ومعروض قولي ينسكب في الحيّز اللوني وحركيته الخارجة عن إطار اللوحة.
وبعيداً عن الاسترسال، وكوني من المنشغلين في كتاباتي بالجسد، ولجسد المرأة مكانته في كتاباتي، ومن ذلك لغز العري وعمقه الذي لا سًبَر تأكيد الجمال القائم من خلال عصيان عمقه على السبر، أعرض جملة لوحات لهذا الفنان، وهيبة العري الذي يرفع من سوية النظرة العاطفية، وتربية الذوق روحياً، وهو ما أبدع فيه الغرب، تأكيداً لثقافة صقلت في أبنائه خصوصياتهم، وفي كل منهم، تلك الروح الفردية والمقدرة على الإبداع في كل شيء، ومن ذلك هذا المعلْم الفني بأبهته الجمالية، وسطوع عمقه، وسحره المبصر، وقابليته على تطهير الرؤية مما هو مبتذل، وآني، وضيق الأفق،إلا من يخشى سلطة المكبوت في نفسه، وتخوفه من المكاشفة بالصورة المقدمة.
وأدع القارئ وهو يتقدم بسمعه وبصره أيضاً للمعايشة مع هذه المختارات المتركزة على جسد المرأة، الجسد المنتمي إلى ثقافات وبيئات اجتماعية متباينة كذلك، وما في ذلك من تأكيد آخر لتنوع اهتمامات الفنان وانفتاحه على مثل هذه الموضوعات ومتطلباتها من مرونة وأهلية في الحوار ، واستقصاء المغذيات الاجتماعية والنفسية. مبتدئاً بصورة الفنان نفسه، وفي السياق لوحات لأجساد مقروءة وراء ثيابها، للمقارنة بين التحفتين الشاهدتين على مدى تمكن الفنان من جعْل موضوعه بمحتواه شاهد عيان على مساحة الإبداع لديه في سهله الممتنع .

1.jpg
صورة جون كلير لزوجته الأولى

1.jpg
صورة لزوجة جون كولير الأولى، ماريان هكسلي، 1883


1.jpg
"العروس الطفلة" 1883

1.jpg
خادمات فرعون 1883

1.jpg
سيرس 1885



1.jpg
ماينج الملكة جينيفير 1890

1.jpg
بيثيا دلفي 1891


1.jpg
في غابة أردن1892


1.jpg
حورية في الغابة 1893


1.jpg
السيدة جوديفا1897


1.jpg
تانهاوسر في كهف فينوس (1901)، زيت على قماش

1.jpg
حورية الماء 1898


1.jpg
حورية البحر وطفل الأرض 1909


1.jpg
وفاة كليوباترة 1910

1.jpg
حواء 1911

1.jpg
رسم فيكتوري كلاسيكي جديد 1929

ملاحظة: الحصول على المواد المنشورة هنا، وجهة اللوحات بالذات، تطلب مني مراجعة مواقع ومنابر مختلفة، وبالفرنسية

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى