محمود سلطان - (5) أشياء أثرت في تكويني النفسي، ولا زالتُ أحمل لها حباً، لم ينقصْ مع الزمن، ومع التقدم في العمر

(5)

عشتُ طفولتي وصبايا وشبابي ـ بالترتيب ـ في بيئاتٍ ثلاث: صحراوية في الإسماعيلية، وريفية بالشرقية (الزقازيق) ثم حضرية (من ثانوي للجامعة.. ثم زياراتي لكل العواصم العربية تقريبا .. زيارات عمل صحفي والمشاركة في ندوات مؤتمرات فكرية وثقافية وإعلامية).
وفي الثانوي.. درستُ في المدرسة التجريبية الثانوية في الزقازيق، المطلة على بحر "مويس"، وتغير اسمها وأنا في ثانية ثانوي "علمي" إلى "الثانوية العسكرية".. وهي مدرسة ضخمة، إلى حد تقسيمها إلى منطقتين: "العزية والمدينة" ويديرها مديرو عموم وليس مديراً واحداً.. ويرأسهم وكيل وزارة.. تضم معامل في الفيزياء والكيمياء والأحياء، تضاهي الموجودة في أكثر كليات العلوم عراقة في مصر.. لا أدري الآن حالها. تخرج منها أيضا الشاعر الغنائي الكبير الأستاذ مرسي حميل عزيز والفنان أحمد أباظة التقيت بهما في حفل الخريجيين بالمدرسة عام 1975
الوحيد الذي حببني في الكيمياء والفيزياء كان أستاذاً ـ معذرة إذا أشرت إلى ديانته ـ مسيحيا مُحبا لعمله ولطلابة، كان كل درس نجريه عملياً في المعمل ـ سواء في الكيمياء أو في الفيزياء ـ وكلُّ طالب يشارك بنفسه في التجربة.. لا زالت صورته مطبوعةً في خيالي وحبُه حاضراً بين ضلوعي.
ولا أنسى أن مدرسة الفرنساوي التي درّستْ لي في أولى ثانوي بذاتِ المدرسة.. كانت مدرسة "يهودية" ابنة بائع خمور شهير في شارع البوستة بالزقازيق.
وكانت جميلة وجذابة وقوية الشخصية.. في حصتها تسمع "رنّة" الإبرة إذا وقعت لهيبتها الشديدة واحترامنا وخوفنا ـ كتلاميذ ذكور وأشقياء ـ منها.
ولعل التعددية ـ التي أزعم بأنها خصبة ـ في تكويني النفسي والانفعالي.. لعلها تعود إلى هذا الثراء في تجربتي الشخصية من الطفولة إلى الجامعة إلى الصحافة والأدب والفكر والشعر والنقد والموسيقى.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى