جمعي شايبي - إخوتنا الغرباء، أمين معلوف. ترجمة : نهلة بيضون .

بينما تخلى ألك عن دراسة الحقوق بجامعة مونتريال لأجل الرسم . إستقالت الروائية إيف من وظيفتها كأستاذة جامعية بعدما نالت شهرة عابرة بسبب روايتها الوحيدة الموسومة بعنوان ( المستقبل لم يعد يسكن على هذا العنوان ) والتي ضمنتها نبوءتها بنهاية مأساوية وشيكة للعالم .
لقد توارث كل منهما حلما عائليا قديما وطال كلاهما هوسا جنونيا بتحقيقه بالسكن في المنطقة التي تنحدر منهما أصولهما . فكان لهما أن تقاسما دونما علم ولا اتفاق الإقامة بجزيرة أنطاكية بأرخبيل الشيرون .



1709824610958.jpeg



جزيرة لا يكسر صمتها المطبق غير زعيق النوارس الجائعة واصطخاب البحر وهو يعزف بأنامل أمواجه المتلاطمة سمفونيته الأبدية على أوتار المد والجزر .
لقد طلقت الجزيرة قفرها من الناس وباتت آهلة بنسمتين أولهما في شمالها وثانيهما بجنوبها .
إختارت الروائية إيف العزلة في هذه الجزيرة المهجورة بعد رغبتها الجموح في الرجوع إلى منبت جذورها بسبب مقتها للناس . ورغم أن المرارة والكحول طوال إقامتها وحيدة عجلا بانطفاء نضارتها وأفول جمالها الأخاذ فقد بقيت تحتفظ بقسوة طفولية ترفل في عينيها الجميلتين حيث يلوح من بريقهما الآسر حزن دفين مبعثه رفضها لعالم إمتلك كل القوة وأسباب التقدم والدعة والرفاه دون أن يتخلى عن أنانيته وتوحشه . فأولته ظهرها وجادت عليه بعظيم مقتها .
أما الرسام ألك فلم يكن اختياره للعزلة والهرب من العالم الجديد بسبب الرفض والمقت . إنما كان اعتزاله لمراقبة العالم بمزيد من السكينة رجاء فهمه .
الفرق بينهما أن ابتعاد إيف عن الناس لمقتها إياهم . وما كان اعتزالهم من قبل ألك إلا لأجل أن يحوطهم بنظرة أشمل . إنه تباين في فلسفة المسافات .
على مدار إثنتي عشرة عاما تباعا كانت إيف تعيش عزلتها مثقلة بالرتابة والملل . في حين أن ألك لم يشعر طوال ذات المدة لا برتابة ولا حزن ولا مرارة ولا ندم .
إذ كان يقضي سحابة نهاره في الرسم والتأمل مترقبا الأنباء على محطته الإذاعية المفضلة أتلانتيك ويف من مذياعه العتيق الذي لا يكف ما إن شغله عن إصدار طنينه الرتيب . كما كان ألك لا ينفك عن تدوين ملاحظاته تحت ضوء مصباحه الخافت . دون أن يغادر بيته إلا لماما حين تضطره بعض المستلزمات للخروج من الجزيرة عبر معبر الغواي وهو يعبره بدراجة هوائية كبهلواني معلق على حبل تتهدده مخاطر المدر والجزر يمنة وشمالا .
ورغم العبوس الدائم الذي كان يعتلي سحن رواد الحانة التي كان يرتادها . حيث كانت جلساته القصيرة هناك تشعره أحيانا كأنه ماكث في مجلس عزاء . لكنه اكتسب رغم ذلك العبوس محبة قلوب أولئك البسطاء وصداقاتهم الطيبة .
في إحدى الليالي بينما كان يستأنس في بيته بسماع موييقى عذبة إذا به يغرق في عتمة قسرية فرضتها عليه عاصفة هوجاء ترتب عنها إنقطاع كلي للكهرباء وشبكات الهاتف والأنترنت والموجات الإذاعية .
كانت هذه الأعطال المتزامنة مأساة حلت على غير وقع الكوارث الطبيعية المعروفة . إذ كانت تنذر بكارثة من صنع الإنسان لا محض صدفة من الصدف النادرة الحدوث .
حال انقطاع الأنترنت وتوقف الإرسال التلفزيوني والإذاعي وشبكات الهاتف واختلال كل الأجهزة الكهربائية بين معرفة السبب .
فحتى مذياعه العتيق صودرت موجاته من قبل مجهول وكممها العدم . وماتبقى من أجهزة كفنها الخمود والصمت .
فبدأ قلقه يتعاظم وخوفه من وقوع كارثة نووية يشتد . ورغم شكه الذي لا يطاق فقد كان يفضله عن يقين فضيع . ذلك اليقين الذي يؤكد على أن الغد.لن يحمل في طياته غير الفناء .
قبل وقوع.هذه الأعطال وهذا الركود الكوني المخيف حصلت القوات الأمريكية على معلومات إستخباراتية تفيد بتهديد نووي وشيك مصدره من القوقاز بقيادة المشير سارادوف الذي لم يكتفي بإعلان مسؤوليته عن انفجار نووي على أرض الولايات المتحدة الأمريكية قاصدا بذلك كارثة ماريلاند .
فاقترح الخبراء الأمريكيون تنفيذ عملية تطهير واسعة النطاق على قواعد المشير وتعطيل ترسانته النووية بتفكيك صواريخه في عمليات كوماندوس خاصة غاية في درجة الكتمان والسرية .
لكن في الأخير تقرر قصف صواريخه كلها وتدميرها على الأرض قبل انطلاقها .
لكن كل هذه القرارات بقيت معلقة بين مقرريها والهيآت المخولة بتنفيذها . إذ انقطع كل شيئ في لحظة مفاجئة .
كان من تداعيات انقطاع الإتصال حدوث جنوح مزدوج من قبل الأمريكان والمشير . إذ لم تنقل أوامرهما بالقصف .
إنقطاع حرم قيام سارادوف من نقل أوامره إلى قادة جيشه . ومنع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية هوارد ميلتون من الإتصال بالبنتاغون لتنفيذ قراره .
لقد.كان لهذا الإنقطاع الذي أثار غضب ساكنة الأرض ومخاوفها أن شل حركة كل الأطراف المتناحرة فجنبتهم هذه الأعطال المفاجئة حربا نووية كونية مدمرة .
كان مصدر هذه المعلومات التي تحثل عليها ألك واحدا من أصدقاء الدراسة القدامى السيد موريس أوتس أو مورو كما كناه الجميع . ذلك المحامي اللامع الذي كان فراشة قانونية تطير بلا توقف ولا تحط إلا على أعقد القضايا وأشهرها إلى أن أختير كمستشار سياسي للرئيس الأمريكي هوارد .
وإن ظل الرسام ألك مبتهجا بجيرة روائية صامتة . فقد كانت تقض مضجعه هواجس مفزعة وأسئلة محيرة حارقة .
كان يحاول جاهدا معرفة المسؤول الذي يقف وراء كل هذه الإنقطاعات المربكة . إلى أن علم من ذات المصدر بظهور رجل في سانتياغو بالشيلي حاملا رسالة إلى الرئيس الأمريكي في قصر لامونيدا يدعى ديمو ستيس الذي أفصح أنه رسول المسؤول عن كل ماحدث . وأن سلالة من أمبيدوقليس الأغريجنتي هي من تقف وراء هذه الأعطاب والأعطالة. وقد كان الملاح أغاممنون الذي يعرفه ألك واحدا منهم .
لقد آن لمجموعة عاشت على هوامش التاريخ آوان الظهور . وإن كان لوفادة أولئك الضيوف غير المدعوين وقع رهبب فإنهم تمكنوا من الإبقاء على شعلة المعجزة القديمة حية متوهجة .
كان ظهور أصدقاء أمبيدوقليس وأحفاده بطبعهم المتقدم ومستشفياتهم العائمة إعلانا صارخا بتقادم كل ماوصلت إليه الإنسانية من علوم بين عشية وضحاها . وصدمة صاعقة أشعرت قوى العالم المتسيدة بانحطاط المكانة .
وكان هذا اللقاء غير المرتقب بين مجتمعين في البدء صداما شتت الشمل بدل جمعه ولمه . إذ كان ينظر لهذه القوة المنبثقة من العدم على أنها إعلان بأن البشر لا يتمتعون بالكفاءة . وأنها جاءت لتضعهم تحت الوصاية وتصادر كل صناعاتهم وكل مابلغوا من رقي وحضارة .
وبدى العالم متهالكا كأنه يقف على شفير الزوال . وأن البشرية تنزلق دون تواجد ما تتشبث به ولو لتأخير لحظة تهاويها .
لقد ضطربت الموازين وانقلبت الأوضاع فصار أسياد العالم أتباعا لسيد جديد .
ولكأن أصدقاء أمبيدوقليس بتقنياتهم المخترعة قد باتوا يملكون على البشرية حق الوصاية وفرض الرضوخ والإذعان .
وبدت الحضارة في حضورهم كأنها تقف على شفير الموت لا ينقص إلا أن ينقش على قبرها شاهدة من رخام .. وما هي إلا حضارة محتضرة لم يبقى لها من الوجود.والحياة سوى أن تعيش آخر دقائق الإحتضار بعدما أعلنت إفلاسها .
لكن أصدقاء أمبيدوقليس قلبوا كل هذه المخاوف والهواجس والكوابيس إلى أمن ورفاه بعدما ألقت سفنهم على كل ضفاف العالم مراسيها وقدمت مستشفياتهم العائمة خوارقا حقيقية أغرب من الأساطير والخيال . كحالات الشفاء العجائبية التي حصلت في جزيرة أنطاكية . إذ حولوا مكان لاروش . أو . فرا . صخرة الجنيات إلى ساحة للمعجزات . وشفاء الرئيس الأمريكي هوارد على أيديهم من مرض السرطان رغم وصوله إلى حالة متقدمة من مرحلته الأخيرة .
لقد قلبت غزوة السفن الشافية وغزوة الجموع المتاقطرة عليها المفاهيم . فتحول أحفاد أمبيدوقليس في نظر البشرية من أعداء إلى أبطال وقديسين ومخلصبن وارتقوا إلى مصاف الآلهة .
غير أن نائب الرئيس الأمريكي غاري بولدر والذي اصبح رئيسا بالوكالة بعد مكوث هوارد في فترة نقاهة كان يرى في اصدقاء البشرية الجدد أعداء سيبددون أحلامه وأطماعه في السطوة والسيطرة على زمام الحكم . بعد أن روج أن قدرة هؤلاء الوافدين على تأخير الشيخوخة وإطالة أمد الحباة ماهي إلا اختلاق رهبب للرغبة في الخلود وماتلك الرغبة إلا سبيل من سبل العبودية .
ومروجا أيضا أن وهم الإنتصار الذي تصنعه المستشفيات العائمة ماهو إلا ضرب من ضروب الجنون والخطل . وما أحفاد أمبيدوقليس إلا مجرد قراصنة وبائعوا أوهام يتقنون ممارسة الإبتزاز والسمسرة .
وإذ لم تقتنع البشرية بتهويماته وتخاريف ادعاءاته قام بارتكاب مجزرة في جزيرة غرينادا في بحر الكاريبي وهو ما أجبر الضيوف الوافدين على اتخاذ قرار الإختفاء والرحيل .
لقد جاءوا وسادوا ولم يخلفوا وراءهم غير القلق حينما استتروا عن الأنظار .
كان حضورهم عظيما. اما غيابهم ورحيلهم المباغت فكان شديد الوطأة وسبب اضطرابا كونيا أكبر من مخاوف تلك الإنقطاعات الخدماتية جميعها .
وبات مطلب رجوعهم مطلبا إنسانيا . لأن عدم تحققه مان ينذر بالإنهيار .
وقد عادوا مع عودة الرئيس هوارد لمتصبه وأقيم على شرفهم حفل تكريم عالمي حضرته الرئيسة الممثلة لأحفاد أمبيدوقليس الملكة إلكترا .
واسترجع العالم هدوءه وآمانه بل وضمن لحضارته مزيدا من الرقي والتقدم والإزدهار بفضل التعايش مع أولئك الإخوة الغرباء .
على مدار شهر كان الفضل في نسج خيوط هذه القصة المشوقة للبطل الرسام ألك الذي لعب دور شاهد عيان أدلى بشهادته من خلال تدوينها كيوميات في المفكرة خاصته . وانتهت قصة عشقه ايضا مع الروائية إيف كما تنتهي جل الروايات بزواج عشاقها .
_ آن لي من بعد تلخيصي الموجز لعموم ماطرحته الرواية أن أخوض في قراءة مابين أسطرها محاولااستنطاق مالم تفصح عنه دلاليات سردية النص المبهرة التي ترجمتها إلى عربية ماتعة الأستاذة نهلة بيضون .
عهدي بالكاتب الكبير أمين معلوف من خلال قراءتي بالكاد لكل مؤلفاته . أنه كاتب إهتم بالدرجة الأولى بالتاريخ والشاهد على ذلك نصوص أعماله الرائعة .
كما اولى اهتماما كبيرا بالفكر وخاصة مقومات الهوية بالتحديد يشهد على ذلك تحفته الفكرية الخالصة وقبة أعماله : الهويات القاتلة .
هاهو هذه المرة أيضا يبعث لنا واحدا من فلاسفة الإغريق الذين عاشوا قبل الميلاد حيا . لكأنه نفخ الروح في أمبيدوقليس ولكأن بركان إتنا الذي ألقى فيه بنفسه من بعد كل هذا الخمود قد نشط لينبعث من فوهته أمبيدوقليس كطائر فينيق من رماده .
إن مدلول رواية أمين معلوف هو إعادة طرح وتكريس تام لفلسفة هذا الفيلسوف الإغريقي الشهير الذي كان يرى بأن الموت والفناء أمر غير ممكن الحدوث . وأن تحول الوجود إلى اللاوجود ماهو إلا ضرب من ضروب المستحيل والخطل .
لقد.حقق أمين معلوف نبوءة هذا الفيلسوف المتأثر بالفلسفة الفيثاغورتية والذي آمن بتناسخ الأرواح إذ نسخ الكاتب روح أمبيدوقليس في ارواح شخوص روايته المختلقين . وأشبع ذواتهم بفلسفته وأورثهم السير على النهج الديمقىاطي الذي درجته عائلته . وأورثهم حبه في مساعدة الفقراء وقوته الناعمة وقدرته الرهيبة على تدمير الشر وإطالة العمر .
إز قصيدة تطهيرات للفيلسوف أمبيدوقليس الذي كان بنظم افكاره وفلسفته شعرا هي التناص الوحيد والفريد الذي نكتشفه في إخوتنا الغرباء. وبمكنني اعتبار هذه القصيدة أيضا بمثابة المتكأ الذي ارتكز عليه الكاتب أمين معلوف في بناء الصرح الفني لنصه الماتع . يقول امبيدوقليس في قصيدة تطهيرات :
وكلما جئت بمدينة شهيرة
أشاد بي الرجال والنساء
وتبعني الآلاف
ليرتووا بإلهامي
بعضهم يطلب مني نبوءة
وآخرون يتضرعون
لأجل الشفاء من كل مرض .
لقد حول أمين معلوف هذه القصيدة إلى نص روائي فأبدع وأمتع وهذا مايشهد له على عبقرية فريدة تتقن باقتدار فن التعامل مع فلسفة الأفكار والأحداث والأشخاص التاريخيين العظام . وشهادة على سعة مخياله الرحيب وقدرته الفائقة على حسن التعامل مع الأساطير . لا من باب الفانتازيا المثقلة بالخيال إنما من باب العمل على بعث الحقائق التاريخية المغيبة وإعادة إحياء الفلسفات الحية المنسية بحلة عصرية مواتية .
ضمن الكاتب منجزه حلولا مقترحة بإمكانها أن تبدد مخاوف البشرية وكوابيس يقظتها المرعبة وهواجسها ومايهدد وجودها من أخطار وكوارث كونية مدمرة . وأولها حسب رأيه الحرب النووية .
خاصة وأن إرهاصاتها قد بدأت تلوح في الأفق من خلال مايحدث من تهديدات وتلويح في الحرب الروسية الأوكرانية .
ثانيها الحروب البيولوجية .كجائحة كورونا المفبرك المركب وليد المخابر السرية المنتشرة كالفطريات عبر اصقاع الأرض ومضاربها .
إنها دعوة للتعقل والتبصر والحكمة وللتخلي عن أنانيتنا المفرطة وأطماعنا ومصالحنا الضيقة وللتخلي عن عجرفة فلسفة الغطرسة والتوحش وللتشبع بقيم الإنسانية السمحة وسمو مبادئها . حيث يمكننا بذلك فقط النجاح في المحافظة على حضارتنا وتمتين أسس بنائها بالعدالة والمساواة والتعايش كبشرية يقلها مركب كوكب وحيد يلزم ربانه بالعمل على الرسو به على مرافئ الأمن والسلام تفاديا لصدامات تفرض على جميعهم الغرق المحتوم.
وإن كانت مخاوف الكاتب الكبير أمين معلوف في محلها إلا أنني أختلف معه في ترتيبها . إذ لا أرى خطرا يتهدد بني جنسنا أكثر خطورة من أبحاث علم الذكاء الإصطناعي . إذ أن حروبنا المدمرة المقبلة بالدرجة الأولى ستكون حروبا سيبرانية وحروب رقاقات عالمية تعمل على استئصال الإنسانية من أفئدة وعقول البشر .
ولعلي اقرأ في إسم شخصية من شخصيات نص أمين معلوف البطولية دلالة وتلميحا بذلك . هي شخصية مورو مستشار الرئيس الأمريكي هوارد .
إذ أقرأ أن لها علاقة ولالة رمزية بقانون مور الذي الذي بنى عليه البحاثة في علم الذكاء الإصطناعي قاعدة ومنطلقا لتقدم أبحاثهم .
من الإجحاف وغير المعقول ألا نحكم بجودة إخوتنا الغرباء من ناحية فنية . وليس من المنطق ولا العدل أن يشكك ناقد أو قارئ حصيف في عبقرية الكاتب الشهير أمين معلوف وفي قدرته المذهلة في صنعة الأدب والفكر . إذ أن إخوتنا الغرباء واحدة من درره وتحفه الأدبية الخالصة .
ومع ذلك فإنها لا تخلو من مغالطات أيديولوجية وسياسية مكشوفة .
مثلا كطرحه في النص فكرة أن خوف أمريكا من الحرب النووية لم يكن على نفسها إنما على أوروبا والشرق الأوسط .
لكأن الكاتب يتبنى وينحاز إلى جبهة الديمقراطيين .
في حين أن الواقع والتاريخ يفندان هذا الطرح المبطن جملة وتفصيلا . إذ أن أمريكا في الحقيقة هي مصدر التهديد الكوني الأكبر الذي لم تتخلى عن استعماله بممارسة سياستها الإفتزازية القذرة .
إنها هي نفسها من دمر الشرق الاوسط برمته بدعوى تكريس وتصدير الديمقراطية .
وهي نفسها من يقدم اليوم أوروبا بأكملها كقربان على مذبح مصالحها الضيقة المعروفة .
يسرد الكاتب في النص أيضا أن مصدر التهديد النووي هو القوقاز أي روسيا تحديدا . في حين أن العكس هو الأصح .
أليست الأزمة الأوكرانية صناعة أمريكية خالصة ؟.
تستعمل فيها أوروبا وتحرك دمى حكوماتها وفق مصالحها الضيقة ملقية بها في اتون جحيم روسي لا يرحم . ضاربة عرض الحائط مصالح تلك الشعوب الأوروبية البريئة المسالمة .
أستاذي الكريم أمين معلوف إن أمريكا والصهيونية العالمية هي الخطر العالمي القادم من الغرب لا من وجهة الشرق كما زعمت .
وإن الصهيونية العالمية بتياراتها القذرة كالعولمة وغيرها هي شيطان الأرض الأكبر . وما بريطانيا وفرنسا وألمانيا ومن شاكلهم إلا أبالسة ومسوخ من الجند المجندين في خدمة دجال الصهيونية الأعظم .
وهل نحتاج إلى أكثر من دليل ونفاقهم السياسي المقزز وازدواجية معاييرهم القذرة ماثلة أمام العيان على مرأى عالمنا الأرعن أجمع من خلال ما حدث ولا يزال في غزة الشهيدة وفي باقي الدول المستضعفة ظلما وعدوانا وزورا .
ولن نحتاج إلى أكثر من دليل أيضا وتاريخ هذه الدول الغربية المستبدة ينضح بعار الإستدمار والإبادات الجماعية العرقية المخزية التي لطخت بالعار جبين الإنسانية .
أرى أن مثل هذه المغالطات والشبه المبطنة في بطون الكتب وكل النصوص الأدبية التي تصب في ذات السياق ماهي إلا نوع من التزلف و قرابين مقدمة في مذبح اللجان الدولية المانحة لكبرى الجوائز العالمية كنوبل وغيرها .
يحضرني في هذا المقام ما قلته للكاتب الجزائري الكبير رشيد بوجدرة في لقاء يتيم قصير في شأن رواية فضل الليل على النهار الماتعة لباسمينة خضرا وهي ذات المقولة التي أصدرها كحكم قيمة في شأن نص أمين معلوف إخوتنا الغرباء :
من غير المعقول أز نحوز بجناح الإنسانية من لا إنسانية له .
لن يكون باستطاعة اي كان مهما تسامقت قامته أن يبيض آيادي الغرب الحمراء وتبييض سواد تاريخها .
كما لن يكون بمقدور إي كان مهما تشاهق مقامه أن يقلب الأدوار بين الشياطين والملائكة .
إن أمين معلوف كاتب كبير نشهد له بالمكانة العلمية العلية يستحق فعلا وعن جدارة واستحقاق التكريم لكن دون هذه التنازلات والتحورات و دون مثل هذه القرابين .
إن كانت رواية إخوتنا الغرباء قد تجملت بالدعوة إلى الحكمة والتعقل والتبصر فإنها رواية تقرأ بتدبر وحذر .
وإن كان أمين معلوف في الأخير من خلال إخوتنا الغرباء قد جعل من العلم والمعرفة والثقافة والفلسفة والأخلاق طوق نجاة البشرية أجمع وتاج ملكها المرصع بالمبادئ والقيم فإن ماجاء فيها من مغالطات ب
يفرض علي أن أقول :
صح لسان من قال : لكل فارس كبوة .
وأمين معلوف فارس أدبي لا يشق له غبار
غير أن إخوتنا الغرباء كانت كبوته .
فهل لك كاتبا الكبير أن تركب من جديد صهوة نخوتك مدرعا متترسا بكل قيم حداثتك واقفا من جديد في وجه الأيدولوجيات الضيقة وأجندات التيارات الخادعة دفاعا عن الحرية والتحرر .

جمعي شايبي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى