إحسان طالب - تأملات فلسفية في الأنطولوجيا والحقيقة والإنسان.. المذهب الفلسفي الأمثل أن تكون تلميذا في ما وصل إليك من مدارس

بين مادية هيروقليطس ومثالية ابن رشد:

يعد المذهب الطبيعي في الفلسفة مذهبا ماديا كونه يعتبر العالم غير محدود ـ لا متناهي ـ ومتغير على الدوام ـ لا متعين ـ والتغير ناتج عن حركة آلية فكل حركة سبب لمتحرك وكل متحرك سبب لحركة جديدة، وهكذا يعتبر العالم في حالة تغير دائم فالمادة لا تفنى لكن تتغير.

من هنا جاءت المقولة الشهيرة للفيلسوف اليوناني هيروقليطس : "أنك لا تستطيع العوم في ماء النهر مرتين لأن هناك مياها جديدة تجري من حولك أبدا"

الفيلسوف المسلم الرائد ابن رشد أوجد ثنائية في مسألة الفناء ـ فناء المادة ـ فاعتبر العقل الفاعل خالد لا يفنى والنفس عقل منفعل لا تفنى بل تنتقل وتتحول، واعتبر الفناء مرحلة لبعث جديد، فكل من عليها فان وكل من عليها سيبعث من جديد.

كثيرا ما أتساءل ، كيف استطاع ابن خلدون وابن رشد الجمع بين التقوى ـ الالتزام بمعاني التقوى الظاهر والباطنة ـ والتمسك بالعقل واعتناق الفلسفة، ولم أجد جوابا سوى أنهم كانوا أقرب إلى الله ممن يدعون الحديث باسم الله أو يقتلون الإنسان باسم الله.

الخيرية الكونية:

كل الأيام لفناء وكما كنا سنعود .. سراب لا يدرك أنه سراب و عندما تضيق خياراتنا نضحي بحياتنا وعندما تنعدم الخيارات نضحي بأرواحنا. والعجز ليس حتمية مرتبطة بالزمن، إنه صدأ يعتري الرغبة الصادقة في الحياة. أن تعمل من أجل الآخرين أمر جميل ورائع وأجمل ما فيه أنك في الصميم تعمل لذاتك. هذه هي آلية الخيرية الكونية.

الرؤية الكلية والتفاصيل:

الفرق الدقيق بين كلية الرؤيا واستيعاب التفاصيل هو كالفرق بين الخيط الأبيض والأسود، فبالرغم من اقترانها واقترابها هما في الحقيقة مادتان منفصلتان ، ومتكاملتان في آن واحد، فعملية البناء تحتاج لتصور أولي كلي وتنفيذ مرحلي متصاعد متراكم ، ليس بالضرورة أن نبدأ بصور تقليدية وعادية ـ مع العلم بأنها عادة ما تكون مجربة ومضمونة النتائج ـ فالتفكير الإبداعي الخلاق ينتج على الدوام صورا جديدة ومبتكرة ستصبح يوما ما تقليدية وآمنة بعد تجريبها لمرات عدة واثبات نجاحها ، هذا هو جوهر التقدم والتطور.

أحيانا تكون كلية الرؤيا عائقا أمام تنفيذ وتطبيق الأفكار، ومردُ ذلك لتصور كلي يفوق الامكانات أو الرغبة في الانجاز السريع، أعود للفرق الدقيق، التمييز بين رغباتنا وإمكاناتنا، محور واقعيتنا، والفرق بين حجم الأمنيات وحجم العمل مقياس نجاحنا.

هل الخير علة الوجود بمعنى لولا الخير لفني الوجود؟

أم هل الخير متعال عن الوجود ـ الأنطلوجيا ـ لأنه أسمى من الوجود بمعنى آخر وجود الخير ، وجود منفصل عن الوجود ، أي وجود آخر غير الوجود.

هل الشر علة فناء فيما الخير علة وجود ؟ لكن السؤال ما هي محددات الخير والشر ؟

النظرية والتطبيق:

إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا: جزء من حديث نبوي شريف " ضعيف "، وتوجه ديني يهدف لمنع انتشار الرذيلة وتدريب النفس على ازدراء المعاصي، والإحساس بالذنب الداخلي من فعلها.

الغريب أنها تحولت لواقع شاذ، وهي الانفصام الاجتماعي ، حيث ترى الرجل أو المرأة بشخصيتين أحدهما ملتزمة تقية أمام الناس والثانية فصامية تتعاطى المناكير بالستر فقط !!

فصام بين النظرية والتطبيق فمن يفعل المناكير سرا يعتقد بقبحها، هنا نتساءل إلى أي مدى تتأثر قيمة النظرية بقيم تطبيقها.

من الخطأ الفادح انزال النظريات الفلسفية في ميزان ومعيار ومقاييس الأصولية، فسياقات الفلسفة هي غير سياقات البحث الديني وأدوات وعدد البحث الفلسفي مفارقة للبحث الديني، فمن حيث نقطة البداية البحث الديني مضبوط ببداية ونهاية لا حياد عنها، أما البحث الفلسفي فينطلق من أوليات سابقة على تاريخية الأديان ، تسعى لنتائج واستنتاجات وأحكام غير مكترثة بالسابق، ولا تعنيها معايير الصواب والحق المطلقة، فهي بالرغم من كلياتها وأولياتها تترك الحقيقة نسبية مفتوحة لكل ما يعتري العقل الباحث من تغيرات وتبدلات وفق معطيات جديدة ومستجدة وإعادة النبش بالحقيقة القديمة.

عند النظر بالانتماء السياسي ابحث في العامل الاجتماعي والاقتصادي، ستجد استغراق شبه كامل لمؤثرات ما قبل السياسة في تحديد نقطة الانطلاق نحو المعتقدات السياسية ، هذه قاعدة، ولها استثناءات مستطيلة في بنية المجتمعات العربية تحديدا، يستجد هنا تساؤل : ما علاقة الفكر بالسياسة كممارسة لا كعلم ؟ وما علاقة الفكر المجتمعي بالفكر السياسي ، لما كان الفعل نتاج الفكر فأي فكر ينتج الممارسة السياسية ، ربما يستحق القول هنا بأن الأخلاق جزء من السياسة فكرا وممارسة.

النمطية والنمط :

النمطية داء مزعج ومرض مزمن يبتلى به الأشخاص والجماعات الصغيرة وحتى المجتمعات وهو حكم مسبق وصورة مسبقة ورأي محدد ووجهة نظر عفوية ، يرسخ في وعي الفرد أو الجماعة تجاه الأخر . وأي تصرف أو عمل أو حتى رأي يصدر عن الآخر يمر عبر رواق النمطية.

تؤثر النمطية سلبيا بالمطلق لأنها لا تحترم العقل ولا تحكم بالعدل، وتغيب المنطق وتحرم الآخرين من مكانتهم الحقيقية وتعطي من لا يستحق ما ليس أهلا له. أسوء ما في النمطية عندما تواجه جماعة بعينها أو إقليما بذاته وتتفاقم سلبيتها عندما تواجه شعبا بقراءة تاريخية مسبقة ، وتنساق نحو الحضيض عندما تتبناها شعوب تجاه شعوب أخرى ، أو عندما تلصق من قبل ثقافة جمعية نحو أتباع أيديولوجيا أو ديانة أو مذهب.

والنمط ـ أو النسق ـ الفكري لا علاقة له بالنمطية ، فالسياق الفكري متسق مع تاريخية التفكير الشعبي أو الجمعي، وينصرف النمط الفكري ليصبح مدرسة أو مذهبا رائد أو تقليديا ، وهو سياق ضروري للتأسيس والتعليم. فمع أن النمطية تقليدية بيد أن التفكير النمطي مطية لتوليد فكر لا نمطي إبداعي ، هكذا يفرض جدل التناقض نفسه، فعشوائية التفكير وفوضى البحث ما لم تؤسس على معرفة وعلم نمطي تغدو ضربا من العبث على الأغلب، وتلعب التعابير النمطية دورا مزدوجا فهي وسيلة للحوار والتفاهم وتقريب وجهات النظر ، بيد أنها في ذات الوقت تترك ردود فعل غير مقصود ومنفر أحيانا خاصة إذا استعملت في غير مكانها أو بقصد الكيد. والنمط يجري مجرى المذهب والطريقة في الفن والعلم والأدب وهو مختلف عن المنهج .

الصورة النمطية نتاج تصور مسبق وبعيد عن الحدْس أيضا والطريف أنه خادع للحواس، يؤثر في الحكم وقد يتمادى ليؤثر بالعقل فيصبح العقل رهين للنمط ، أسير له وهذا هو منزلق الاتباع او التأييد الأعمى للنظرية ـ أية نظرية ـ أو الايدولوجيا.

المشكلة :

إنكار المشكلة أو الهروب منها لا يحلها، وتجاهل الخلل أو تغطيته وصرف النظر عن العيوب والنقائص يفاقمها ويرفع من وتائر آثارها السلبية،

الحل يبدأ بالاعتراف بالمشكلة وفهمها والبحث عن حلول ، لكن من المؤكد أن اي مشروع حل أزمة أو تحقيق أهداف وغايات لا يتأتى بحركة واحدة ، أي التفكير الدوغمائي في تجاوز الأزمات أو بلوغ الغايات غير ملائم على الإطلاق ، فالحلول والأهداف تتحول من أفكار إلى واقع عبر عنصر أولي هو الزمن، وعنصر عملي هو خطة العمل الجزئية ، فعملية فرز عناصر المشكلة ومعالجتها واحدة تلو الآخرى وفق رؤية كلية هو السبيل المنطقي للوصول إلى نهايات مرضية وواقعية. لا شيء في الوجود مستعصي على الحل ، حتى الموت أوجد الإنسان له سردية تجعل منه بداية لوجود آخر.

أنصاف الحلول أو التسويات ليست من أنصاف العلم وعادة ما تكون عنصرا يعتمد عليه في إنهاء الصراع أو الخلاف، التمسك بالنصر الكامل أو إلحاق الهزيمة الكاملة بالخصم أو العدو، والرغبة الكامنة في القضاء المبرم عليه، مشكلة بحد ذاتها ، نزوع بشري يعكس شخصية ـ اجتماعية أو اعتبارية بشرية ذاتية ـ مضطربة تتنازعها دوافع الخوف والانتقام ، فما يبدو قوة وجبروت، يخفي خوف من بقاء الخصم أو المنافس موجودا يهدد وجود عدوه، فتتعاظم الرغبة الجامحة بالقضاء عليه، من هنا تميل النفوس السوية للتسويات وتنزع نحو التصالح ووأد الانتقام.

الفضيلة :

مسألة فلسفية قديمة ، هل الفضيلة لذاتها أو أنها فضيلة لاقترانها بوحي ؟ هل العمل الصالح فضيلة كفعل أم لاقترانه بأمر أو نهي صادر عن وحي ، وهل القيم الخيرة فضيلة لأن المجتمع يرضى عنها ويقرها أو هي معيارية بذاتها ، الحسن والقبح يستمد صفته من ذاته ومن كينونته أم بدلالة نصية أو تاريخية أو اجتماعية ؟

المعتزلة لهم الأسبقية فهم يرون بأن القبح والحسن موجود بالفعل قبل الوحي والأفعال ليست مجردة عن الحسن والقبح فهي موصوفة بذاتها ؛ ولو كانت الأفعال مجردة لتساوى فيها الظلم والعدل ، والحكمة تقتضي معيار للترجيح ، لأنه بغير المعيار الذاتي كان ايجاب العدل وتقبيح الظلم بلا حكمة وبلا مبرر ، ولاحظوا تعليل الرسالة والفرائض والأحكام في القرآن : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " سورة الأنبياء الآية 107

" وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا " سورة سبأ الآية 28

" وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " سورة العنكبوت الآية 45

"

((إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) سورة النحل :الآية 90. لنتنبه إلى ألف ولام التعريف ، فالله يأمر بالعدل والإحسان الذي تعارف عليه الناس وعرفوه ، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي كما هو معروف للناس وقارٌ في مداركهم وعقولهم ، فيصح لنا القول بأن الفضيلة فطرية وحدسية ؟

يقول المعتزلة: ما أدرك العقل حسنه بلا نظر أو أدرك قبحه بلا نظر فهو كذلك ، فأكل حق الغير محل اتفاق كقبيح ، والرأفة بكبير السن محل اتفاق كحسن ، وهكذا .

هل القوة فضيلة بحد ذاتها ، أم في موضعها ؟

هل الجمال فضيلة ما يعني بأن ، القبح رذيلة؟ فماذا عن معايير الجمال ?

ما الفرق بين التفسير والفهم:

التفسير هو شرح للقصد الظاهر

الفهم هو إدراك للمعنى الكلي

التفسير علم، الفهم فلسفة، فالأول مضبوط بقواعد علمية ثابتة، مثلا: لا يصح تفسير القرآن بخلاف قواعد النحو والصرف العربية، والثاني مضبوط بالمنطق محكوم بالعقل، مرتكز على إدراك أشمل لدلالات القصد ، يترك آفاق التفكير والتأمل ممتدة بلا حدود.

مثلا: عندما نفسر قوله تعالى: قل هو الله أحد

قل : هو أمر من الله تعالى لنبيه بالقول بوحدانية الله، والقول إعلام وإشهار، ، هو: ضمير رفع منفصل عائد على لفظ الجلالة الله، وفيه دلالة على فردانية الوحدانية لله تعالى، الأحد: هو الواحد الفرد القائم بذاته.

أما عن الفهم: فلننظر في ضمنية المعنى المراد والهدف المرصود من التوحيد والوحدانية المقررة في التفسير.

الفهم لا يشذ عن التفسير بل يضيف عليه ويبني عليه، وهو متجدد متنور.

هل كل ما يعلم يقال:

ليس كل ما يعلم يقال : مقولة قديمة شائعة تعني منع بعض العلم ـ المعلومات ـ خشية حصول فتنة اجتماعية أو عقائدية .

وهي في الواقع ثقافة إعلامية سائدة بامتياز في المجتمعات العربية على المستويين الرسمي والشعبي ، ودلالاتها ضد الشفافية في المقام الأول ونخبوية العلم في المقام الثاني قريبة من بعض مفاهيم الأنتلجنسيا في جانبها السلبي، أحيانا تكون المقولة مهربا من مأزق كتم الشهادة أو قلة العلم، المحير هل حقا كل ما يعلم يقال ؟

نصف العلم:

يُنقل عن الإمام مالك قوله نصف العلم لا أدري، والفكرة هنا دقيقة رغم غرابتها ـ أذكر مرة سألني أحد طلبة العلم عن مسألة فقهية معقدة، وكان سبق لنا تدارسها لكن دون الوصول إلى علم، أجبته بلا أدري فرد عليَ ، هذا أحسن جواب سمعته، مع معرفتي بأنه سأل الكثير ممن حولنا من مختصين ومتداولين،

نصف العلم كارثة، لنتخيل شاب سنة ثالثة طب ترك الجامعة وافتتح عيادة وبدأ بمزاولة الطب، أو لنتخيل طالب هندسة سنة ثانية ألقى الكلية وراء ظهره واتخذ لنفسه مكتبا هندسيا لتقديم الاستشارات وهلمَّ جر.

عندما تبدأ بتقدير ما لا تعرفه وما لا تعلمه ـ في حدود اختصاصك ـ تكون قد تخطيت عتبة نصف العلم، وعندما تدرك أنك بحاجة دائمة ومستمرة للتعلم والازدياد تكون سائرا في طريق التقدم لا الانحطاط.

بداية المعرفة إدراك مواطن الجهل ومكامن نقص العلم، ومن أفتى بنصف علم كمن استخدم مبضع الجراح ليداوي صداعا طارئ ولعل من أزمات التعليم تصدر أنصاف المتعلمين لعقود من الزمن للتدريس والتربية.

الكتابة والتأليف:

عمل مهني إبداعي، لا يتوقف تقويمه وتقديره على القيمة الإبداعية أو الإضافية التي يقدمها، بل يرتبط بشدة بأشكال الدعاية والنجومية والانتماءات الحزبية والمذهبية والعرقية، وللعلاقات العامة والشخصية والعائلية والشللية دور هام جدا في الحظوظ التي ينالها أو يصل إليها المبدع، وكثيرا ما يظلم مبدعون وتندثر نتاجاتهم بسبب الظلم الإعلاني، أو المعاداة الشخصية أو السياسية، وفي البلدان العربية عموما ما يحتاج المبدع لأكثر من موهبته أو قدرته الإنتاجية لتحقيق ما يستحقه من عائد مادي أو معنوي، على أية حال قد ينال المنتج الإبداعي حقه من التقدير والثناء ولكن بعد فوات الأوان أو بعد ... وفاة صاحبه.

يتمتع بعض الكتاب بأسلوب يتيح لهم ترك المعاني والدلالات مفتوحة ومتعددة بحيث يترك للقارئ إنشاء مفهومه الخاص المتباين عن قارئ آخر ، هذا الغموض الفعال يعطي الكاتب شعبية ومعجبين ذوي خلفيات مختلفة. وهذا الأسلوب قريب من اللغة الشعرية ويتطلب قدرة لغوية عالية . لكن من المؤكد أنه لا يمكن بحال من الأحوال اعتبار الكتابات غير المفهومة أو تلك التي لم يتمكن كاتبها من أدواتها ، أو الكتابة المائعة ـ بلا طعم ولا لون ـ بحيث لا يمتلك الكاتب الجرأة على البوح أو لا يمتلك الوعي اللازم للخوض في غمار ما يكتب ، فيلجأ للعبارات المبهمة والتقعر اللغوي دون عمق فكري.

ليس مبالغة القول بأن المقالة عموما فن وأدب ، صنعة قبل أن تكون علما و بحثا نحو الأفضل . وتغدو القراءة متعة عندما يمتلك الكاتب أدوات إبداعية و ذخيرة معرفية يوظفها بعناية لخدمة النص وإثراءه. والكُتّاب عادة تحركهم دوافع مختلفة وأحيانا متناقضة تسيل مداد أقلامهم وتبيّض أو تسوّد صحائفهم .

الخوف:

حالة حيوية تدفع الحي للفعل أو الكف عنه، والخوف سمة عقلية عاطفية فالمجنون لا يخاف وميت الإحساس لا يخاف ، وهو شيء مختلف تماما عن الجبن رغم تشابه تأثيرهما ، فالجبن أيضا قد يكون مثبطا أو محفزا، والخوف نقيض الاستقرار العقلي والعاطفي، والجَسُور يطرح الخوف جانبا، والجريء يتغلب على مخاوفه. أجمل الخوف وأروعه خوف الورع والتقي الصادق الكامن خلف عيون الناس ودون رقابة المجتمع.

الألم:

الألم جزئي وكلي، بمعنى ؛ كمفهوم مجرد هو كلي متعدد الطبقات ومختلف الصفات ، وباقترانه بصفة أو بطبقة أو بعضو يغدو جزئيا، وباستقراء المفاهيم الجزئية يمكننا استنباط المعنى الكلي

الألم حالة نفسية عصبية ذات منشأ عضوي أو نفسي أو عقلي، بمؤثرات خارجية وداخلية وأحيانا تكون العوامل والمؤثرات النفسية بالغة القدرة وضخمة التأثير بما تتفوق به عاى المؤثرات العضوية ، يصيب جزءا أو فردا ثم يتعدى للكل أو المجموع،

من السهل مكافحة الألم ذو المنشأ العضوي، ومن الصعب معالجة الآلام النفسية، لكنها قابلة للعلاج خاصة مع تطور الطب النفسي والعقاقير النفسية، ومعرفة أسباب العديد من الأمراض العصبية كالصرع مثلا.

الألم العقلي: قد يبدو للكثيرين غريبا أو غير موجودا! والواقع يكشف عن آلام يسببها التفكير المركّز أو صعوبة الوصول لحلول لمأزق فكري أو عقلي بعد طول جهد، الألم العقلي يبدأ بالظهور والنمو من تطور التفكير وعمق الأفكار، وكثيرا ما يستحوذ على الجسد أو الرأس بعد بلوغ حفريات الفكر لمناطق لا يريد كثيرون الوصول إليها بل ويخشون كثيرا بلوغها. وفي مرات أخرى يظهر الألم مع التناقض الفج بين القناعات والسلوكيات.

الذكي :

هو شخص يملك القدرة على رؤية ما يخفى عن غيره ، أي يستطيع فهم الدوافع والأهداف وراء الظواهر ويمتلك موهبة تسخير إمكاناته وإمكانات غيره للوصل لما يريد. ويتغلب على آلامه ويمتلك القدرة على تجاوز ألمه العقلي، لكن الجميل أن الألم العقلي يورث الإبداع ، بيد أنه أحيانا يورث التعاسة، يقول الإمام الشافعي : ذو العقل يشقى في النعيم بعقله

وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم، هل العقل يشقي والجهل يسعد ؟ الشك بذلك موجود ، و العقل يؤلم والجهل يغيّب الاحساس بالخطر فيوهم بالسعادة، الغريب أن العاقل خير من يدخل الآخرين السعادة بعلمه وحكمته ، والجاهل "خير" من يجلب التعاسة والبؤس لغيره لجهالته.

ما هو معيار الأمن والأمان ؟

الأمن مسؤولية خارجية والأمان شعور وإحساس داخلي ذاتي،

قد تشعر بالأمان في ظروف غاية في الخطورة، وينتابك الرعب والهلع في أمكنة يفترض أنها حامية وراعية الأمن.

أسوء الأحوال تلك التي ينتابك شعور داخلي بالخوف والهلع في ظروف استثنائية من حالة الا أمن!

النهضة حركة اجتماعية وعقلية:

النهضة ليست مجرد حركة عقلية تتنازع داخلها الأفكار والماديات فقط، بل هي كذلك حركة اجتماعية تفهم بصورة أفضل لدى تفحص ديناميات المؤسسات والقوى المادية والعلاقات الاجتماعية التي يفترض تضافرها معا أو حتى صراعها فيما بينها لتحقيق التغيير، والسيمياء المرتبطة بها – أي النهضة – هي العقل والعلم والحقوق الطبيعية والحرية والمساواة والتسامح والتطور والتقدم، ولا يصدق تحققها بتجاوز الفضيلة أو الاستهانة بالفضائل الاجتماعية.

من يكتب التاريخ ؟ نفسه هل يعيد التاريخ:

1 ـ المنتصرون يعيدون صياغة الحدث ليوافق سياق نصرهم ويحط من شأن عدوهم أو مخالفهم.

2 ـ الخائفون من المشاركة في الحدث : يكتفون بتسجيل مشاهدتهم ورؤيتهم وتظهر ميولهم دون إرادة.

3 ـ المحايدون المتأخرون : قلة نادرة تحاول استقراء الحدث وجمع تناقضاته وتفسير صياغاته ومآلاته بهدف الوصول لحقيقة ما حدث.

في النهاية التاريخ يكتب نفسه مهما بلغت براعة المزيف أو المفكك.

كنت أتأمل كثيرا في مقولة التاريخ يعيد نفسه، فقناعتي بتاريخانية التصحيح والتطور تدفعني للاقتناع بأن التاريخ لا يمكن أن يعيد ذاته، والحقيقة أن تداخلا غير منطقي بين التاريخانية ـ اي سطوة التاريخ على الحاضر والمستقبل ـ وبين آلية التطور والتقدم الحتمية تدفع للظن بتكرار الحدث بذات التفاصيل مع تغيير في الوجوه والأرقام،

العدل :

العدل أساس الحكم والصلاح أساس العمران ، فعمارة الأرض أساس الاستخلاف قال تعالى : هو أنشاكم من الأرض واستعمركم فيها ) سورة هود الآية 61 ـ

)وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ) سورة هود : الآية 117

في تفسير الآية ما يؤكد رجوح مفهوم الصلاح المقترن بالمصلحة والعدل والحقوق ما يدعم تفسير (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) سورة الأنبياء 105الآية على ما ذهبنا إليه، يقول الشوكاني : (ما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ) أي ما صح ولا استقام أن يهلك الله سبحانه أهل القرى بظلم يتلبسون فيه وهو الشرك، والحال أن أهلها مصلحون فيما بينهم في تعاطي الحقوق لا يظلمون الناس شيئا، والمعنى : أنه لا يهلكهم بمجرد الشرك وحده حتى ينضم إليه الفساد في الأرض، كما أهلك قوم شعيب بنقص المكيال والميزان وبخس الناس أشياءهم،

الحقيقة:

مهما كانت يقينية أو نهائية فهي نسبية ، أي ترتبط بشروط وخلفيات ومرجعيات، إلى جانب نسق تاريخي راسخ في اللاوعي والوجدان، ولما كان الناس مختلفين في مرجعياتهم وخلفياتهم العلمية والمعرفية والأيديولوجية وجب ظهور اختلافهم وتباين موقفهم من الحقيقة.

لقد تحدث ابن خلدون عن القوة المادية للأفكار، وفي تقديرنا فالإنسان أياً كان، ومهما علا أم دنا شأنه لا يتحرك أو ينفعل بالأحداث إلا انطلاقا من ثقافةٍ وتربيةٍ قارة في وعيه، تدفعه للتفاعل والعمل بإرادته، وفي أحايين كثيرة دون أن يدرك؛ فاللاوعي الكامن، والمُدرك المستقر في الوجدان والضمير والفكر، لهما أكبر الأثر في تحديد سلوك الإنسان ورسم مسار تفاعله وانفعاله.

الحقيقة التي لا خلاف عليها هي الوجود، ـ الأنطلوجيا ـ من هنا كان أحد أسماء الله الموجود، حتى الملحدين لا ينكرون الوجود ويميلون لاعتبار الوجود قيمة عليا لا يرتقي إليها الشك لتحل محل الإله في زعمهم.

يعترف العلم بالمادة لأنها خاضعة للتجربة المخبرية والعيانية، ويصدر الحقائق بناءً على قوانين دقيقة لا تتغير نتائجها مع تغير الزمان والمكان، ويهمل العلم الجانب الروحي في الكون والطبيعة والإنسان لأنه غير خاضع لمعايير وقوانين العلم، لكن السؤال الذي لا يجيب عليه العلم ـ لأنه لا توجد لديه قوانين ومعايير خاصة ـ كيف نصنع إنسانا خيراً لا يستغل العلم لتدمير البشرية، وكيف نحقق سعادة الإنسان إذا كنا غير قادرين على الأقل إنهاء موت الإنسان جوعا، وكيف ننهي وجود الشر داخل نفوس تملك كل شيء لكنها لا تبال بموت الإنسان.

أيتها الأقنعة البشرية كم تخفين من حقائق وكم يقف خلفك من خداع

كم أنت متعددة ومعقدة ، كل ذلك لإخفاء الجوهر وتبييض المظهر.

البحث عن الحقيقة يسري في عالمين:

عالم المعقولات وعالم المحسوسات؛ عالم المعرفة او علم المعرفة ـ الابستيمولوجيا ـ :

الإحساس إدراك موضوع خارجي ، خارج عن الذات أو خارج عن مركبات الذات، أدواته الحواس وملكته المعرفة المسبقة، حيث المعرفة الجديدة ، خروج جديد لمعلوم أقدم بتحريض من معرفة إضافة أو علم جديد. ( أي أن المعرفة لا تتم إلا بين طرفين بينهما وجه من أوجه التشابه) وأيضا تأتي المعرفة لوجود شعور مشترك أو اتصال متبادل في علم المحسوسات،

المعقولات: بديهيات لا تحتاج لبراهين، الوعاء الصغير لا يمكنه احتواء الوعاء الأكبر، تنطلق نحو معقولات جديدة ، بناء على الافتراض السابق نستنتج أنه من غير المعقول أن يتمكن عقل واحد من استيعاب العقل الكلي أو اختزال المعرفة الإنسانية بجزء منها. وبواسطة العقل ندرك "موضوع" داخل الذات والنفس، كما ندرك " موضوع" خارجي حيث أن العقل لا يحتاج للحواس كي يدرك المعنى.

أفتح عينيك وتلفت في كل الاتجاهات ، في مسعى للإحاطة بالمشهد، أي مشهد ،فردي شخصي أم مجتمعي، لتكرر التجربة مجموعة من الأفراد والمجموعات، ولنقارن بين النتائج المتعددة لقراءة حدث بذاته، سيحصل تباين شديد يفوق التقارب، المشهد أو الحدث أو المسرح واحد، الرؤى متعددة ، النتائج متباينة ، سيكون من الصعب إعطاء حكم يفرز التمايزات، خاصة بوجود أو عدم وجود معايير موحدة.

مسيرة الفكر والتفكير هي هكذا ، الاختلاف مولد للإبداع، والصواب والخطأ متغير. لكن الثابت الوحيد هنا هو فعل فكر ، بذرة التفكر موجودة في الإنسان بالقوة، وفعل التَفَكُر يخرج التعقل للوجود؛ أنت تتعقل إذن أنت موجود. مع الاحتفاظ بحق ديكارت الأولي. هكذا نكون انتقلنا من المعرفة الحسية إلى الصورة أو المثال ثم تحولنا إلى الحكم مع تطور المعرفة الحسية إلى إدراك عقلي عبر تفكر . ولا تعقل بدون صور ، فعل العقل التجريد فهو لا يحتاج لعضو جسماني كما تحتاج الإحساس ، وهناك يكمن الفرق بين المعرفة الحسية والمعرفة العقلية.

يتكرر التساؤل دائما هل أصاب زنون والرواقيون من بعده باعتبار الحس وسيلة وحيدة للمعرفة أم ما زالت مقولات أفلاطون المثالية تهيمن على عالم المعرفة، بحيث تعتبر الموجودات المدركة بالحواس أطلالا، وما المعرفة إلا انعكاسا لمثال موجود في المعلوم بالقوة المنتقل إلى معرفتنا عبر المعلوم بالفعل ؟ تستوقفنا هنا مقولة الإحساس الباطن ، فالمخيلة إحساس باطن ، والذاكرة كذلك ، والحس المشترك بين شخصين أو بين مجموعة من الناس إحساس باطن، هكذا تهرب الماديون من حقيقة وجود وجود غير مادي ، ولعله مخرج عملي مفيد . توما الإكويني حدد طرقا ثلاث للمعرفة، حيث اعتبر الوحي أو الإلهام جزء أساسيا : 1 ـ العقل 2 ـ الوحي 3 ـ الحدس ، وينحاز توما إلى مفهوم قريب من مفهوم الفطرة عند علماء الكلام المسلمين باعتبار الحدس وحيا مسبقا يخلق ويوجد مع الإنسان بقدرة إلهية. في حين نجد جون لوك يخالف الإكويني بطرق المعرفة فهي العقل و الحدس والاحساس. هكذا نجد فلاسفة العصور الوسطى والحديثة يدورون في فلك الأولين: أفلاطون وأرسطو. فما الإلهام أو الوحي عند فلاسفة المسيحية ومتكلمي الإسلام إلإ انعكاسا نمطيا لمثالية أفلاطون ، وما مادية توماس هوبز وجون لوك إلا انعكاسا لنمط أرسطو المعرفي. يا ترى هل يمكن الجمع بين مصادر المعرفة الأربع: العقل ، الوحي ، الحدس ، الحواس، مع الانحياز لاعتبار الوحي ثيولوجيا ، أي اشتماله على علم الأديان ؟ ربما كان الجواب الفصل عن أبو حامد الغزالي.

المعرفة سيرورة تكوينية وليست واقعة نهائية، إنها واقعة ممكنة ، سيرورة انطلوجية تعطي معناً للزمان وتفرض صورا على المكان.

الثقافة الفردية رهينة لثقافة المجتمع وتاريخية الفكر:

الثقافة الجمعية السائدة في أجزائها الحائزة على التقدير والاعتبار تمتلك قوة مؤثرة في صياغة القناعات والآراء الفردية والمجتمعية. وفقا لتصورنا ذاك نعتقد أن التغيير الأمثل ينطلق من تلك المنطقة تحديدا والبحث عن موجداتها والكامن المتشكل فيها، وما أفرزته من رؤى جمعية تتحكم بانتماءات وقرارات ومواقف الجماعات والأفراد، وحتى لو بدى لنا للوهلة الأولى أو بنظرة متسرعة تغّير المزاج الجمعي تبعا لظروف سياسية أو طبيعية، إلا أن تلك الكوامن تبقى المؤثر الأول حتى لو توارت خلف بعض الظاهرات المؤقتة. الفردية حدسية أي ترتكز أساس على الحدس باعتباره معرفة مسبقة راسخة في الا وعي وفي مستوى الإدراك العقلي في ذات الوقت.

السؤال الفلسفي هل الثقافة كونها جزء من المعرفة حدسية أو حسية ؟ بمعنى هل التأمل وحده وسيلة لبلوغ المعرفة ، وما هو دور الحواس في التعلم؟ وإلى أي مدى تتأثر حواسنا بعقلنا الباطن المتشكل في منطقة الاوعي ؟ العلم تراكمي ومنهجي بلا شك ومنبع للابتكارات العملية والواقعية ، بيد أن التأمل الذاتي وحدة من عوامل عدة رئيسة للتميز والتفرد.

الصمت:

الصمت يقتل أحيانا بل يبالغ في القتل حتى يفوق البارود.

قالوا قديما الساكت عن الحق شيطان أخرس،

والحق أن الصامت عن الجريمة شريك فيها، ومن لا يفعل أضعف الإيمان فهو ضعيف بل معدوم الإيمان.

كي تتقبل الآخر لا بد من ترك مجال النقد والبحث و إعادة التفكير متاحا بصورة جلية ، فالاكتفاء بالصمت ليس دليلا على الفهم أو التسامح أو تقبل فكر مختلف ، بل يعني الهرب أو العجز والخوف. حقيقية مجازية؛ الصمت احيانا أبلغ من كل الكلام.

الحلم :

مشروع مستقبلي ورغبة جامحة في الوصول لمكانة أو مكان ما، وارتباطه بالرؤية أو المنام دليل على رغبويته و وضخامته ، فالأحلام هي طموحات صامتة ، ورغبات مكبوتة تنفس عن وجودها في ساحة العقل الباطن ، لتتحول إلى تطلعات مستقبلية قد تبدو بعيدة المنال.

يبدأ الحلم مع بدء الوعي. وينتهي الحلم مع ضياع الطموح وحضرة اليأس، لكن الجميل والرائع في حياة الإنسان أنه قادر على استعادة المبادرة في طرفة عين، وإحياء الأمل بمجرد التفكير فيه، الحياة تبدأ في العقل والقلب قبل أن تطأ القدم أديم الأرض، لا تتخلَ عن حلمك، فأنت قادر على تحقيقه بمجرد احياء روح التوثب والطموح، ولكن ابدء العمل فورا .

الإنسان:

الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي يميل إلى التواصل و الاختلاط و الانسجام داخل مجموعة يشترك معها بكثير أو قليل من الاهتمامات و الصفات و الأفكار، و يفضل البعض العزلة و الإنفراد وهي حالة استثنائية، تعود في أغلب الحالات لظروف اجتماعية أو مرضية و أحيانا إبداعية ، إلا أن الوضع الأخير لا يستمر ويرغب المبدع في إيصال ما أنتجه للعالم و إلا غص داخله و خنقه.

عندما نقع في أزمة أو مشكلة أو نواجه عقبات نلجأ للأقرب فالأقرب لكن في النهاية نحن فقط من نتألم ونعاني، الآخرون عوارض مساعدة أو معيقة .

ليس مهما أن تكون صغيرا أو كبيرا مهما أو مجهولا ، ليس ضروريا أن تكون جميلا أو قبيحا شابا أو كهلا ، طويلا أو قصيرا ، رجلا أم إمرأة ، أبيض أم أسود ، المهم فقط أن تكون صادقا وموهوبا ، قادرا على ابداع شيء ما مفيدا حتى ولو كان فكرة صغيرة ، أو موقفا مميزا، كن نفسك وآمن بالحق واطلب الحقيقة وأطلق لنفسك العنان بالحب والعطاء ولا تصغِ لمن لا يحبك أو لا يرجو لك الخير.

هل يتغيير الإنسان ؟ بمعنى هل تختلف سلوكيات وتصرفات وردود أفعال الفرد بعد تشكل شخصيته الداخلية والاجتماعية، مثلا هل يتحول الشخص الخير إلى إنسان شرير ، أو هل ينتقل الشخص العصبي إلى شخص هادئ ومتزن، أو هل يتغير الأناني ليصبح إنسان يؤّثر الآخرين عن نفسه ويفكر بغيره قبل ذاته، أو هل يتحول الشخص المحب والمعطاء إلى شخص بخيل وكريه.

في الواقع إن الشخصية الداخلية والاجتماعية لا تتغير لكن تزداد عوامل تحكم الفرد بتصرفاته ومواقفه وردود أفعاله، ومع الأيام يغدو الفرد أكثر قدرة على اخفاء حقيقته أو التغلب على طباعه السيئة.

أن يدعي إنسان ما ليس فيه فهذا كذب ، لكن أن يصدق ادعاءه فهذا حمق، لا تبحث دائما عن رضا الآخرين عندما تختار مسالك حياتك، فكثير من الناس هم حولك لا يرون ما ترى، وقلة منهم فقط يعنيه أمرك، والأقل يعنيه نجاحك.

جمود عاطفي:

أعظم أيامنا تلك التي نكون فيها سعداء، لكن الأعظم هي تلك التي ندخل فيها السعادة لمن نحب. نعم إنها معدودة فلنغمرها بتوق للخير وشوق لفعل المزيد، فما يبقى من أعمالنا الخيرة سيظل مصدر سعادة لنا ولمن حولنا. لا تتوقف عن الطموح وتطلع صباح كل يوم نحو جديد وتقدم، وتأكد أنك في اليوم الذي لا تفكر فيه بمجد لذاتك ولمهنتك ولشغفك أو لا تمنح فيه لغيرك حاجة أو أملا فأنت في حالة جمود عقلي وعاطفي، قد يوصلك لجمود حيوي.

حالات أربع لا تتخذ قرار اثناءها

عندما تكون جائع أو مرهق أو غضبان أو في ساعة متأخرة من الليل.

وفي كل الأحوال أعطي نفسك فرصة للتفكير قبل القرار أو الرد ولكن لا تنتظر إلى الأبد بل اصنع الظرف المناسب فقد لا يأتي ابدا

الصداقة:

الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته ، هكذا عهده الأنثروبولوجيا، يكتنفه جانب عدائي غير مفسر أو مبرر ، تجده يميل للتآلف والتعاطف ، ووفقا لدراسة علمية جديدة فإن الطفل في سنواته الأربع الأولى يميز بين الصالح والسيء ويفضل 80% من الأطفال الصغار الفعل الجيد ويبتهجون له، ربما تكون الإشكالية في 20% المتبقية ، وعن قدرة العلوم الاجتماعية والإنسانية على معرفة السبل الأقوم للتنشئة ، الإشكالية تكمن في عجز العلم عن تهذيب الخلاق.

كثيرا ما تحيرنا علاقات القرابة والصداقة، وأحيانا تصدمنا تصرفات من يدّعون أنهم أقرباء وأصدقاء، حيث تجد بعض الأقارب أو الأصدقاء يعتبر مساعدتك له وإكرامه فضل وواجب عليك لكنهم لا يفكرون بذات الطريقة تجاهك، والحقيقة أن بين ثنايا العلاقات الاجتماعية يتلطى الانتهازي والطفيلي والانتفاعي ـ المصلحجي ـ وتجد أيضا المحب والمخلص والصادق الصدوق، وتجد بين الأقارب من هو محب وعزيز بكل جوارحه، يفرح لفرحك ويحزن لحزنك " الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ ، مَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ "

أهل التعالي ونوس الوجود :

عاش الناس هنا كما في غير مكان بين دفتي فقر وبطر، عرفت واحدة بطر ثم فقر وأخرى بطر ثم فقر، دول تتداول، من يقدر على الجزم، أهل التعالي في يقين، لكن من أين يأتي اليقين، فمن كان فوق نزل ومن تحت صعد، سيروا في الأرض ولا تغتروا بعقود وحتى قرون، دون تبدل أو تغيير الشيء الوحيد المستجد هو اتساع ماهية الخير والشر بين المتعالي والدنيء ، كل مستوى يستقطب أهله ولا جديد بل تجديد مع كل دورة شمس.

أهل التعالي في برزخ لا يشعرون، يبنون قصورا من أوهام وجنون، أما عن أهل الاستكبار فغافلون بالحلو والحامض يتلذذون، وعن المر لا يدرون ، نوس علوي مجهول أو معروف يراقب الكل : لا يتدخل الآن ، لقد أنهى كل شيء قبل ومع التكوين، فانتظروا وكل في دوامة دائرون. من أين يأتي اليقين ولا ثبات ولا سكون. يقين واحد هو الوجود ـ الأنطلوجيا ـ والموجود. السؤال عن الوجود لا ينفي الوجود، والغياب لا ينفي الحضور، أن أتحد فيك أو تتحد فيني لا يعني أننا واحد، أصل الوجود واحد متعالي عن الموجودات أوجد الوجود دون أن يكون فيه مع أنه أصل الوجود وأصل الفناء. كيف يحدث أن يكون الغياب عن البصر حضور في روحك ووجدانك، وكيف يمكن الشعور بالوحدة بين الحشود ، لأن الإنسان قادر على تحقيق الانفصال بين العقل والجسد، وقادر على أسفار الروح وتنقلها في فضاء الكون والمعرفة الواسع، وفي جنبات الأرض المترامية.

ربما كان أشد الحاضرين وجودا غائب، تعلق القلب بالغياب الموجود يفوق تعلق القلب بالحضور.



منقول للفائدةعن Makalcloud - مقال كلاود

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى