فريد أمعضشـو - الرؤية السردية وإشكالية النمْذجَة..

إن الرؤية السردية مكوِّنٌ خِطابي أساسٌ في العمل الحكائي، وتقنية سردية تحدد وضْع السارد، وعلاقته بأحداث هذا العمل وشخصياته في المحلّ الأول. ومن حيث انتماؤها الفنيُّ، فهي – حسب جينيت (G. Génette) الذي قسّم الحكي إلى ثلاث مقولات كبرى (الزمن، الصيغة، الصوت) – تندرج ضمن المقولة الثانية التي فرّعها جينيت نفسُه إلى فرعين: المسافة والمنظور، وجعل تلك الرؤية، التي أطلق عليها اصطلاحَ "التبْئير" (Focalisation)، داخلةً في الفرع الثاني. ونبّه إلى أن معظم الأعمال النظرية المقدَّمة حول مسألة المنظور السردي، وأساليب خطاب الحكاية عامة؛ من مثل فصول لوبوك عن بلزاك أو فلوبير أو تولستوي أو هنري جيمس، أو فصل جورج بْلان عن "تقييدات الحقل" لدى ستاندال... تعاني من "خلط مُزعج" بين الصيغة (Mode) والصوت (Voix)؛ أي بين السؤال: "مَن الشخصية التي توجه وجهةُ نظرها المنظورَ السردي؟"، والسؤال المختلف عنه تماماً: "مَن السارد؟"؛ أو بعبارة أوْجَز، بين السؤالين: "مَنْ يرى؟"، و"مَنْ يتكلم؟".
لقد قدم النقاد السرديون، في الغرب أساساً، اجتهادات كثيرة رامَتْ تصنيف الرؤى السردية وتقسيمها مُنطلِقين من جملة معايير، ولكنهم لم يتفقوا على نموذج بعينه في هذا المضمار، يعتمدونه في دراساتهم؛ لتبايُن منطلقاتهم النظرية ووجْهات نظرهم في موضوع "الرؤية السردية". وسنعرض في هذا المقال عدداً من تلك الاجتهادات التي أتى بها أولئك النقاد، خلال القرن الماضي، في إنجلترا وفرنسا وألمانيا وغيرها.
ميّز الناقد الشكلاني الروسي توماشفسكي (B. Tomachevsky) بين ضربيْن من السرد انطلاقاً من طبيعة علاقة السارد بأحداث مَحْكيِّه وشخصياته؛ أحدهما "موضوعي" (Objectif) يكون فيه الراوي مهيمناً عارفاً مطّلعاً على كل شيء أحداثاً وشخصياتٍ وغيرَها، لا يندُّ عن علمه أمر مهما دقّ وخفيَ. وثانيهما "ذاتي" (Subjectif)، ومن خلاله يتعرف المتلقي الحكاية من الراوي نفسِه الذي يتساوى والشخصيةَ الحكائية. ويحضر هذا النظام السردي، بكثافة، في الروايات الرومانسية، بخلاف السرد الموضوعي الذي يتوسل به كثيراً مبدعو الرواية الواقعية[ii]. ويعد توماشفسكي، في نظَر لحمداني، السّبّاقَ إلى "تحديد زاوية رؤية الراوي، وأسلوب السرد الذي يختاره لروايته؛ وذلك في بحثه حول نظرية الأجناس السردية الصادر عام 1923، في الوقت الذي نجد فيه أغلبَ النقاد المعاصرين يَعتبرون الناقد الفرنسي جان بويون أولَ مَنْ فصّل القول في الموضوع المتعلق بزاوية الرؤية."[iii]
وقدّم كلينث بروكس وروبرت پين وارّين (C. Brooks & R. P. Warren)، في النصف الأول من الأربعينيات، تنميطاً "للبؤرة السردية" انطلاقاً من أساسَيْن، هما: وضع السارد في العمل الحكائي، وطبيعة وجهة النظر إلى أحداثه؛ فتحَصًّلا، من ذلك، على أنماطٍ أربعةٍ لتلك البؤرة، وَضَّحاها في الجدول الآتي:[iv]


أحداث محلَّلة من الداخل

أحداث مُلاحَظة من الخارج

سارد حاضر بصفته شخصـية في العمل

1- البطل يحكي قصته.

2- شاهد يحكي قصة البطل.
سارد غائب بصفته شخصية عن العمل

3- المؤلِّف المحلِّل أو العليم يحكي القصة.

4- المؤلِّف يحكي القصة من الخارج.
وحدد پيرسي لوبّوك (P. Lubbock) الرؤى السردية، أو وجهات النظر، بناءً على أسلوب تقديم الحكاية وعلاقة السارد بهما معاً، ومتأثراً بتصور أستاذه هنري جيمس، على النحو الآتي:[v]
* في التقديم البانورامي، يكون الساردُ مطلقَ المعرفة تماماً.
* في التقديم المشهدي، يغيب السارد فاسحاً المجالَ لشخصيات العمل الدرامي كيْ تقدم الحكاية مباشرةً للمتلقي.
* في اللوحات، تتركز الأحداثُ إما على ذهن السارد، وإما على إحدى الشخصيات.
وبعد مرور ثلاثة عقود من اقتراح هذا التصنيف، ظهر في النقد الأنجلوسكسوني اجتهادٌ آخرُ في هذا المجال، قدّمه نورمان فريدمان (N. Friedman)، بعد استفادته من عدد من مقترَحات سابقيه فيما يخص تصنيف وجهات النظر السردية. فاعتماداً على التمييز بين القول (Dire) والعَرْض (Montrer)، اقترح فريدمان تصنيفاً منظماً ومفصّلاً ضمّنه وجهات النظر المُمْكنة حسب درجة الموضوعية التي تسمح تلك الوجهات بوصولها إلى المتلقي، وهي:[vi]
* المعرفة الكلية للكاتب؛ كما في رواية "الحرب والسلم" لتولستوي. وللإشارة، فحضور الكاتب بهذه الصورة في العمل الحكائي يعد ظاهرة غير بويطيقية في نظر أرسطو.
* المعرفة الكلية المحايِدة؛ بحيث يتكلم الراوي بشكل لاشخصي، ولا يتدخل مباشرة، ولكنّ أحداث حكايته لا تقدَّم للمتلقي إلا كما يراها هو.
* الأنا الشاهد؛ مثلما نجد في الروايات التي تتوسّل بضمير التكلم، مع اختلاف الراوي عن الشخصية الحكائية.
* الأنا المشارك: ولا فرقَ بين هذه الوجهة وسابقتها إلا في كوْن الراوي هنا يتساوى مع الشخصية الرئيسة في الرواية بضمير المتكلم.
* المعرفة الكلية متعددة الزوايا: وهنا لا يختفي الكاتب وراء "أنا" سارد أو مشارك فقط، بل يغيب السارد بالمَرّة، لتقدَّم لنا الحكاية مباشرةً كما تُعاش من قبَل شخصياتها.
* المعرفة الكلية أحادية الزاوية: وهنا لا يختفي الكاتب ولا السارد، بل يحضران، ولكنْ يقع التركيزُ على وعْي شخصية معينة رئيسة نرى أحداث الحكاية بمنظارها هي.
* الصيغة الدرامية: وهي لا تعرض لنا أفكار الشخصيات ومشاعرها، بل تقتصر على تقديم أفعالها وأقوالها التي يمكن للمتلقي استخلاص تلك الأفكار والمشاعر منها.
* الكاميرا: وتسمح للراوي بنقل قطعة من الواقع الحياتي المَعيش كما وقعت تماماً، دونما تنظيم ولا اختيار.
وفي أوائل الستينيات، ظهرت في النقد الروائي الأنجلوسكسوني دراسة رائدة في نقد الرواية من زاوية بلاغية، هي كتاب "بلاغة الرواية" لبوث (W. G. Boothe)[vii]، أكد فيه لاجدوى الأبحاث التي أنجِزت طَوال العقود الماضية حول مشاكل وجهة النظر في الرواية، وحول تصنيفها ومحاولة صياغة نمْذَجَة معيارية لها. ورأى أن التصنيفات السابقة (لوبوك – فريدمان...) تمتاز بالتبسيطية والاختزالية؛ لأنها تختصر ملايين الطرق الممكنة لتقديم حكاية واحدة في بضع طرق لا تكاد تُجاوز – في أقصى الحالات – عدد أصابع اليدين! ولكن انتقاده لمقترَحات سابقيه، في هذا المجال، لم يكن ليمنعه من أن يدلوَ بدلْوه فيه، مقدِّماً تصوره الخاص لوجهة النظر ولأنماطها في الرواية، دون أن يَسْلم – هو الآخر – من الوقوع في تلك الاختزالية! ويتبيَّن من عنوان كتابه المذكور مدى اهتمامه بالأثر المُحْدَث على المتلقي؛ إذ إنه يقصد بـ"البلاغة"، كما أوْضَح في مقدمة كتابه، مجموع التقنيات التي يستعملها الروائي ليحقق التواصل مع قرائه، وليفرض عليهم عالمه المتخيَّل. وبخلاف بعض نقاد الأدب، عامة، الذين قالوا باختفاء الكاتب، رأى بوث استحالة ذلك، مؤكداً أن الكاتب قد يختار التنكر وعدم الظهور الصُّراح في العمل الأدبي، ولكنه لا يمكنه الاختفاء مطلقاً أبداً! ولذا، كان الأهم، بالنسبة إلى بوث، إدخال الكاتب من جديد في العمل الأدبي، وبالتالي في الرؤية التي يكوّنها القارئ عن هذا العمل، ولو في صورة "أنا" ثانية؛ أو "كاتب ضِمْني" كما اصطلح عليه. يقول بوث عن هذا الكاتب: "حتى الرواية التي لا يمثل فيها أي سارد، تَفترض الصورة الضمنية لكاتب مُختفٍ في الكواليس، أو محرِّك للأقنعة، أو في صورة إله يقلّم أظافره في صمت ولامبالاة؛ كما يقول هنري جيمس. إن هذا الكاتب الضمني غيرُ الإنسان الواقعي، مهما كان تصورنا حوله... وكل الروايات تنجح في دفْعنا إلى الاعتقاد بوجود كاتب نؤوِّله، نحن القراءَ، كنوع من "الأنا الثانية"، التي تقدم، غالباً، صورة عن الإنسان على مستوى عالٍ من الدقة والصفاء، وأكثر معرفة وإحساساً وحساسية ممّا هو في الواقع."[viii]
وإلى جانب الكاتب الضمني الذي لا تخلو منه أي رواية بصرْف النظر عن نوعها، تحدث بوث عن نوعين آخرَيْن من الرُّواة، آخذاً في الاعتبار العلاقة التي تربطهما بالقصة. أحدهما الراوي غير المعروض الذي يلتبس كثيراً بالكاتب الضمني، والثاني هو الراوي المعروض الذي يتقمّص رداء الشخصية، يتبادل الحوار مع غيرها من شخصيات المَحْكي إرسالاً واستقبالاً. ويميّز ضمن هذا النوع بين ثلاثة أضرُب من الرواة: الراوي الراصد، والراوي الشاهد، والراوي المشاهد.
إن حديث بوث عن أشكال الحوار بين الكاتب الضمني والقارئ، وغيرهما من الأطراف المتدخلة في العمل الروائي، جَرّه إلى الوقوف، بتفصيل، عند مسألة ذات صلة قوية بوجهة النظر ومشكلاتها، هي "المسافة" (La distance)، التي صنف حالاتها المُمكنة على النحو الآتي[ix]:
* قد يكون الراوي على مسافة، طويلة أو قصيرة، من الكاتب الضمني، سواء أكانت هذه المسافة أخلاقية أم فيزيائية أم زمنية. ويعد هذا الصنف من المسافات الأقل حظوة بعناية النقاد. ذلك بأننا – كما يقول بوث – "حينما نتحدث عن وجهة النظر في التخييل، فإن أكثر المسافات تعرُّضاً إلى الإهمال، بشكل خطير، هي تلك التي توجد بين الراوي الذي يمكنه أن يخطئ، أو غير الجدير بالثقة (Unreliable)، والكاتب الضمني؛ حيث يجرّ هذا الأخيرُ القارئ معه، وضد الراوي بنفس الدرجة."[x]
* قد يكون الراوي على مسافة، طويلة أو قصيرة، من شخصيات الحكاية التي يرويها. ويستوي في ذلك أن تكون هذه المسافة أخلاقية وثقافية وزمنية، أو أخلاقية وثقافية، أو أخلاقية وانفعالية.
* قد يكون الراوي على مسافة، طويلة أو قصيرة، من المعايير الشخصية للقارئ فيزيائياً وانفعالياً، أو أخلاقياً وانفعالياً.
* قد يكون الكاتب الضمني على مسافة، طويلة أو قصيرة، من القارئ، سواء أكانت أخلاقية أم ثقافية أم غيرهما.
* قد يكون الكاتب الضمني على مسافة، طويلة أو قصيرة، من الشخصيات الأخرى، كيفما كانت طبيعة هذه المسافة.
وكان للألمان، كذلك، إسهامٌ بارزٌ في تناول موضوع وجهة النظر (Blick punkton) في السرد. ومنهم ولفغانغ قيصر (W. Kayser)، وكيت هامبورغر (K. Hamburger)، وشتانزيل (F .K. Stanzel). وسنكتفي، ها هنا، بالوقوف عند آخِرِهِم الذي ترك تصنيفُه لتلك الوجهات، التي أطلق عليها "الوضعيات السردية"، صدىً واضحاً في النقد الروائي سواء داخل ألمانيا أو خارجها. فقد انطلق من الدور الذي يضطلع به الراوي داخل القصة للحديث عن ثلاث وضعيات أساسية يمكن أن يَرد عليها الراوي، كالآتي[xi]:
* وضعية الراوي الناظم: حيث يكون هذا الأخير مهيمناً، ذا حضور قويّ في الحكاية، يتدخل ويعلق وينظّم، ولكن لا يتطابق مع شخص الكاتب. وتكون هذه الوضعية، أساساً، في السُّرود الإخبارية.
* وضعية الراوي الراصد: وفيها يتوحَّد الراوي مع إحدى الشخصيات الحكائية، مستخدماً ضميرَ التكلم. وتجدُر الإشارة إلى أن مصطلح "الراصد" من وضْع الروائي هنري جيمس.
* وضعية الراوي المتكلم: حيث يبدو الراوي مختفياً نهائياً خلفَ شخصيات الحكاية المَرْوية التي تتقنَّع بقِناعه. ويظهر ذلك، بكثرة، في العرض المَشْهَدي.
وعلى الرُّغم من أهمية هذا التصور الطَّموح الذي قدّمه شتانزيل سعياً إلى الارتقاء بنمذجة وجهة النظر إلى مستوى أبعد عمقاً وتجريداً، إلا أنه لم يحلَّ كثيراً من المشكلات المرتبطة بالموضوع، على غرار تصور بوث السابق، ولاسيما ما يتعلق بـ"رؤية القارئ لكاتب ضمني يتمَوْضَع، رغم أنه "مَبْني" انطلاقاً من معطيات الكتاب، خارج الإيهام الذي يُحَْدِثه التخييل"؛ على حد تعبير روسوم – غيون[xii].
ولعلنا لا نُجانب الصواب إذا قلنا إن النقد الفرنسي كان أكثر اهتماماً بدراسة الرؤية السردية، وكان إنتاجه وجهده في ذلك أغزر وأعمق وأبعد تأثيراً. ولكن دون أن يعني ذلك عدم اطلاع رجالاته على مجهودات السابقين واقتراحاتهم في تحديد وجهة النظر، والتمييز بين أنماطها وأنواعها، سواء في الاتحاد السوفياتي أو العالم الأنجلو – أمريكي أو ألمانيا، والإفادة من بعض تصوراتها ونتائجها. ويظل جان پويون (J. Pouillon) رائداً في هذا الباب: تناوَل الرؤية السردية بمنهج متميز، وقدم لها تصنيفاً تأثر به مَنْ جاء بعده، على نحو ما سنرى لاحقاً، بل إن تأثيره لم ينحصر داخل حدود النقد الفرنسي، والأوربي، بل إنه يعد الأشهر، من بين التصنيفات الأخرى، لدى النقاد العرب اليوم، ولا تكاد تخلو كتابة لهم في الموضوع من الإشارة إليه واعتماده.
وإذا كانت التصنيفات المتقدِّمة للرؤية السردية، أو وجهة النظر، تركز على البُعد التقني، فإن ما يهم پويون، بالأساس، هو الجانب السيكولوجي. ولهذا الأمر، نُلفيه يستهلّ كتابه النظري الرائد "الزمن والرواية" (Temps et roman)، الذي خصّه بتوضيح تصوراته لموضوع الرؤية السردية، بفصل عَنْوَنَه بـ"الرواية وعلم النفس". وإلى جانب سيكولوجيتها، فقد كانت مقاربة پويون في هذا المضمار، فوق ذلك، معيارية؛ لأنها توخّت "صياغة معايير لطبيعة الرواية، ومعايير لقيمتها أيضاً."[xiii]
لقد صنف پويون الرؤية السردية إلى ثلاثة أنواع، كالآتي[xiv]:
* الرؤية من الخلف (La vision par derrière): حيث يكون السارد أكثرَ معرفة من شخصيات العمل الحكائي جميعِها: يعرف عنها كل شيء، سواء أكان ظاهراً أم غيرَ ظاهر. إنه سارد مهيمن، يتجاوز علمُه كل توقعات الشخصيات. فهو يعرف ما تقوم به كلَّ حين، وفي كل مكان تقصده، ويعرف إحساساتها وميولاتها وباطنها كله، بل يعرف أشياء عنها قد لا تعرفها تلك الشخصيات عن نفسها! وتحضر هذه الرؤية، بكثافة، في السرد الكلاسيكي.
* الرؤية مع (La vision avec): حيث تكون معرفة السارد بقدْر معرفة الشخصية الحكائية، دون أن تتجاوزها بتقديم معلومات أو غيرها ممّا لا علمَ لها به. ويتردّد حضور هذه الرؤية، بوضوح، في السُّرود الذاتية. وقد أطلق عليها بعضُهم "الرؤية المُصاحِبة"، كذلك، ما دام السارد يصاحب، من خلالها، الشخصية التي يتبادل معها المعرفة بمسار الأحداث. والأصل، هنا، أن يُستخدَم ضمير المتكلم، لتساوي الطرفين المذكورين عِلماً ومعرفة، إلا أن السارد يمكنه أن يَستخدم، أيضاً، ضمير الغائب، ولكن شريطة أن يتحقق ذلك التساوي بينهما.
* الرؤية من الخارج (La vision de dehors): حيث تكون معرفة السارد أقلَّ من معرفة أي شخصية من الشخصيات الحكائية؛ فلا يعرف عنها إلا ما يراه ويسمعه من حركات ومظاهر حسية وتصْويتات، دون أن ينفذ إلى أعماقها لينقل لنا ما تشعر به أو ما يدور في خَلَدها بصفة عامة. فمعرفتُه، إذاً، خارجية سطحية محدودة جدّاً. وتكون وضعيته، مثل وضعية السارد في الرؤية الأولى (مع اختلافٍ بينهما في مقدار المعرفة)، التواري والغياب وعدم المشاركة في أحداث الحكاية، بخلاف السارد – الشخصية في الرؤية مَعَ؛ حيث يكون السارد حاضراً مشاركاً في الحكاية، يتلقّى منه المسرود له الأحداث تلقياً مباشراً. واستعمالُ الرؤية من الخارج في الأعمال السردية قليل إذا ما قارنّاها بالرؤيتين الأخْرَيَيْن، وكان ظهورها مرتبطاً بظهور "الرواية الجديدة" (Nouveau roman) في فرنسا خلال النصف الأول من القرن العشرين.
والواقعُ أن ثمة هَمَّيْن كانا يشغلان پويون، وهو بصدد اقتراح هذا التصور[xv]. فأما أولُهما فهو تحديد وضعية فاعل الإدراك (Sujet de la perception)؛ بحيث رأى أن هذا الفاعل المُدرِك قد يتطابق مع إحدى شخصيات الحكاية؛ فيُشاطرها وجْهة نظرها، ويدرك معها وبنفس الدرجة. وقد يكون هو السارد أيضاً؛ فيتراجَع خلف الشخصية، ويدرك أكثر ممّا تدرك. وأما ثانيهما فمتعلقٌ بموضوع الإدراك (Objet de la perception)، الذي قد يُنظَر إليه من الداخل أو من الخارج تَبعاً لطبيعة المظاهر التي يدركها الفاعل المدرك من هذا الموضوع.
وفي سنة 1966، أتْحف تودوروف (T. Todorov) المهتمّين بالفن الروائي، وبالسرد عامة، باجتهادٍ رصين في الموضوع الذي نحن بصدد بحْثه، تميَّز بـ"الوضوح النظري والتكثيف"، وبأنه "يقيم حُدوداً تمْييزية واضحة بين أشكال الرؤية السردية، ويقترح قرائنَ نصّية ومؤشِّرات لسانية واضحة تمكّن من ضبْط وتعرّف مظاهر كل شكل من أشكال الرؤية السردية، بخلاف التصورات الأخرى التي تتميز بالتشعُّب؛ حيث تغرق في تفريع المفهوم وفي التصنيفات، وفي تفريع التصنيفات إلى تصنيفات صُغرى."[xvi]
وقد عبّر تودوروف عن أنواع الرؤية السردية، التي حصرها في ثلاثة، بصيغ مبسّطة، مستخدِماً رموزاً معروفة، في الرياضيات، للدلالة على طبيعة علاقة السارد بالشخصية أو الشخصيات الحكائية في كل نوعٍ منها. وسعى، من وراء ذلك، إلى إضْفاء طابع التعميم والتجْريد على تصنيفه، بخلاف تصنيف پويون الذي يغلب على أصنافه البُعْد البصري. ولكنه، في العمق، لم يبْعُد عن جوهر تصنيف پويون المذكور سابقاً، وإنْ كان أكثر تركيزاً على التطبيقِ؛ تطبيقِه في تحليل الخطاب السردي بصفة عامة. إذ عبر عن الرؤى الثلاث عند پويون بالصيغ الرياضياتية الآتية على التتابُع[xvii]:
* السارد > الشخصية.
* السارد = الشخصية.
* السارد < الشخصية.
ولم تكدْ تمضي سنوات قليلة حتى ظهر تصورٌ آخرُ في الموضوع، شهد له النقاد المتخصصون بانطوائه على كثير من مظاهر الفَرادة والانسجام أهّلتْه ليرقى إلى مستوى "النظرية". ونقصد به مُقترَحَ جيرار جينيت في كتابه "وجوه III" الرائد في حقل السرديات. فقبلَ الإقدام على تقديم مقترَحه هذا، بدأ جينيت بقراءة جهود سابقيه في دراسة الرؤية السردية، أو وجهة النظر، من السوفييت والأنجلوسكسونيين والألمانيين والفرنسيين كذلك، وانتقادها في كثير من الجوانب والتصورات، ولاسيما في خلطها "المُزعج" بين الصيغة والصوت في معالجة قضايا الخطاب الحكائي، كما استفاد من معطيات الدرس اللسانياتي الحديث الذي كان اعتماده على البنيوية واضحاً منذ دوسوسير، ومن تصنيف پويون على وجه الخصوص. وقد كان ذلك كله دافعاً قوياً دعا جينيت إلى تصنيف الرؤية السردية تصنيفاً جديداً، يتلافى الخلط المُشار إليه، ويكون أكثر تجريداً وبُعداً عنِ الإيحاء البصري – التصويري. وأدرك، في الوقت نفسِه، عدمَ إمكان تقديم تصوره التصنيفي ذاك تحت مقولات السابقين المنتقدَة، لذا دافع عن تبنّي مصطلح آخرَ تتوافر فيه المواصفات التي أرادها فيه، وهو "التبئير" كما ألْمحْنا إلى ذلك في موضع سابق من هذه الدراسة. يقول جينيت: "حقّاً، إنه من الشرعي التفكير في تنميطٍ "للحالات السردية" يأخذ في اعتباره معطيات الصيغة والصوت معاً، لكنْ ما ليس شرعياً هو تقديم مثل هذا التصنيف تحت مَقولة "وجهة النظر" وحدَها، أو جرْد قائمة يتزاحم فيها التحديدان على أساس خلط بارز للعيان. لذلك من اللائق هنا ألاّ تُمحَّص إلا التحديدات الصيغية تماماً؛ أي تلك التي تهمّ ما يسمى عادةً "وجهة النظر"، و"الرؤية"... وبما أن هذا الحصر مسلَّم به، فإن التراضي يقوم دون صعوبة كبيرة على تنميطٍ ثلاثي الأطراف، يوافق أولها ما يسميه النقد الأنگلوسكسوني الحكايةَ ذات السارد العَليم، ويسميه پويون "رؤية من الخلف"، ويرمز إليه طودوروف بالصيغة الرياضية: السارد > الشخصية (حيث يعلم السارد أكثر من الشخصية، بل يقول أكثر ممّا تعلمُه أي شخصية من الشخصيات). وفي الثاني، السارد = الشخصية (فالسارد لا يقول إلا ما تعلمه إحدى الشخصيات) – وهذه هي الحكاية ذات "وجهة النظر" حسب لوبوك، أو ذات "الحقل المقيّد" حسب بْلَنْ، والتي يسميها پويون "الرؤية مع". وفي الطرف الثالث، السارد < الشخصية (فالسارد يقول أقل مما تعلمه الشخصية) – وهذا هو السرد "الموضوعي" أو "السلوكي"، والذي يسميه پويون "رؤية من الخارج"..."[xviii]
وقد أطلق جينيت على النمط التبئيري الأول، وهو المستعمَل بكثرة في شتى ألوان الحكي الكلاسيكي، اصطلاحاً آخرَ، هو "التبئير في الدرجة صِفر" (أو "اللاّتبئير"). وسمّى النمط الثاني "التبئير الداخلي"، مسجِّلاً أن "ما نسميه تبئيراً داخلياً قلّما يطبّق بكيفية صارمة تماماً. وبالفعل، فمبدأ هذه الصيغة السردية بالذات يَسْتتبع اسْتتباعاً صارماً تماماً ألاّ يصف الساردُ الشخصية البُؤرية أبداً، ولا حتى أن يشير إليها من الخارج، وألاّ تحلل أفكارها أو إدراكاتها تحليلاً موضوعياً أبداً."[xix] وأكد جينيت عيْنُه أن هذا التبئير لا يتحقق بصفة حرفية تامة إلا في "الحكاية ذات "المونولوج الداخلي"، أو في ذلك العمل الأدبي المتطرِّف الذي هو رواية "الغَيْرة" (La jalousie) لألان روب – گريّيه، حيث تُحصَر الشخصية المركزية تماماً في موقعها البؤري وحدَه، ولا تُستنبَط إلا منه."[xx] ويتخذ التبئير الداخلي، لدى جينيت، ثلاثَ صُور؛ إذ إنه قد يكون ثابتاً (كما في رواية "السفراء")، وقد يكون متغيِّراً (كما في رواية "مدام بوﭭاري")، وقد يكون متعدِّداً (كما في الروايات الترسُّلية)[xxi]. وأطلق الناقد على النمط الثالث من التبئير اسم "التبئير الخارجي". ولم يكتفِ جينيت بالحديث عن هذه التبئيرات نظرياً، بل عالجها، كذلك، في جملة من المُتون الروائية، ولاسيما رواية مارسيل بروست (M. Proust) الموسومة بـ"بحثاً عن الزمن الضائع".
تلكم، إذاً، أهمُّ معالم نظرية جينيت في التبئير، الذي استعاد فيها عدداً من تصورات پويون، وضمَّنَها جملة من اجتهاداته التي لم يسلمْ بعضُها من النقد؛ كما سنرى لاحقاً. يقول جان هيرمان (J. Herman) وكرستيان أنجليت (Ch. Angelet)، مقوِّميْن، بعجالة، تلك النظرية، بالتركيز على أحد معالمها الأساسية: "مهما يقل جينيت نفسُه، فإن التقسيم الثلاثي الذي بلْوَرَه يرتكز، تماماً مثل تقسيم بويون – الذي يستوْحيه جينيت، ولو ضمْنياً – على المقياس الثنائي: موضوع وفاعل الإدراك، وإنْ يكن التبئير، بالنسبة إليه، غير مُوازٍ للإدراك."[xxii]
شكلت نظرية جينيت هذه موضوعاً لعدد من المقاربات والقراءات التي لم تقف عند حدود الإفادة من المجهود الذي أنفِق في بنائها، بل تجاوزت ذلك إلى انتقادها، أحياناً، وتسجيل جملة من المَلاحِظ والمَآخذ عليها. ومن أبرز المحاولات في هذا الإطار تلك التي قدمتها مايك بال (M. Bal)[xxiii]، عام 1977، سعْياً منها إلى إقامة نموذج جديد للنظرية التبئيرية، منطلِقةً من التفريق الذي أسس عليه جينيت تصوره للتبئيرات، وهو التمييز بين الصيغة والصوت على نحْو واضح. وتجعل الناقدة التبئير مركزاً للاهتمام، وأقربَ إلى فكرة الرؤية لدى پويون، مع ابتعادها به عمّا كان يحمله مصطلح "الرؤية" من مضمون بصري مُفرط الخصوصية؛ مما سمح لها بفهم التبئير فهْماً موسّعاً. فإذا كان التبئير، في التصور الجينيتي، يَمْثل في حق الاختيار، الذي يتمتع به السارد، في أنْ يضيّق مجال الرؤية، إلا أن معناه، لدى بال، ينزلق في اتجاه عملياتٍ تتجلى، أساساً، في النظر والإدراك والفهم. وتشير الناقدة إلى عنصريِ الفاعل والموضوع في مختلِف هذه العمليات التي تتلخص في طرفين متحكمين فيها جميعِها، وهما "المبئِّر" (Focalisateur)، و"المُبَأَّر" (Focalisé)؛ أي فاعل التبئير (من القائم بالتبئير؟)، وموضوعه (على ماذا يقع هذا التبئير؟). إن بال – كما يقول هيرمان وأنجليت – "تُفرغ مفهوم التبئير من مدلوله البدائي، وتحتفظ بالدالّ، مع مَلْئه بإشكالية قديمة: مَن هي الذات والموضوع في عملية الإدراك؟"[xxiv]. وبناءً على إعادة التحديد هذه، عمَدت بال إلى بلورة تصورها الخاص لمسألة التبئير: فبشكلٍ موازٍ للسرد، يصبح للتبئير مستوياته، ويمكن للمبئر أن يتنازل لغيره عن التبئير؛ مثلما يتنازل السارد عن الكلمة، فيكون المبأر قابلاً للإدراك أو غيرَ قابل له[xxv].
وانطلاقاً من هذا النقد لنظرية جينيت، ومن استحضار نماذج وأعمال سابقة في موضوع الرؤية السردية، ولاسيما تصنيف شتانزيل الذي وقفنا عنده آنفاً، وتصور الروسي بوريس أوسبنسكي (B. Uspenski) في بحثه "شعرية التأليف" (Poétique de la composition)، ومجهود جينيت الذي تعرَّفناه سابقاً، قدّم جاب لينتـﭭلت (J. Lintvelt) محاولة لنمذجة وجهات النظر، عام 1981، بذل فيها جهداً كبيراً أمَلاً في أن تتميّز من غيرها من النماذج والمقترَحات التي اطّلع عليها في هذا المجال[xxvi]. وهكذا، فقد ميّز بين نمطين سردييْن؛ سمّى أحدَهما بـ"براني الحكي" (Hétérodiégétique)، وفيه يكون السارد خارجاً عن نطاق الحكي، على حين أطلق على الثاني "جواني الحكي" (Homodiégétique)، وفيه يكون السارد شخصية من شخصيات العمل الحكائي، سواء أكان مجردَ شاهد يتتبّع مسار شريط أحداث الحكاية، دون أن يشارك فيها، أم شخصية رئيسة في ذلك العمل. وميّز لينتـﭭلت، داخل كل نمط، بين ثلاثة مقامات أو وضعيات سردية استلهَمَها – كما هو بادٍ للعيان – من تصنيف شتانزيل لوجهة النظر، وهي: الناظم والفاعل والمتكلم. وبحثها جميعَها من خلال أربعة مستويات، مع التركيز على أولها، وهي: المستوى الإدراكي – النفسي، والمستوى الزمني، والمستوى المكاني، والمستوى اللفظي.
وأقرّت شلوميت كينان (Sh. R. Kenan)، كذلك، بوَجاهة نقْد بال لنظرية جينيت في عديدٍ من جوانبها، فاستفادت منه ومن جهود آخرين مِمّن درسوا الرؤية السردية، وحاولوا تصنيفها وتنميطها، وعلى رأسهم جينيت، الذي تبنّت مصطلحه "التبئير"، وإنْ شحنته بدلالة مخالفة بعضَ الشيء لتلك التي أعْطاها جينيت له، كما أخذت بتفرقته بين الصيغة والصوت. وذهبت إلى أن الترْهينيْن: "مَنْ يرى؟" و"من يتكلم؟"، قد يتولاّهما معاً شخصٌ واحد، يكون، في الآن نفسه، سارداً ومبئراً. وميزت، على غرار بال، بين الذات والموضوع في التبئير؛ أو بين المبئر والمبأر، مؤكدة أن الفعل التبئيري يرتبط بهما معاً، لا بالفاعل/ الذات فقط. تقول مردِّدةً كلام بال: "لا يكون القصّ مبأراً من قِبَل شخص ما فحسْبُ، وإنما يكون كذلك حول شخص أو شيء آخر. وبتعبير مخالف، يحتوي التبئير على الذات والموضوع. إن الذات (المبئر) هي الأداة التي يوجه إدراكها العرض، فيما يكون الموضوع (المبأر) هو ما يدركه المبئر."[xxvii]
لقد تَخِذتْ كينان من هذه الاعتبارات كلها منطلَقاً لتصنيف التبئير إلى أنماط، من خلال معيار "الموقع المرتبط بالحكاية"، الذي اعتمدته لتقسيم التبئير إلى خارجي وداخلي[xxviii]؛ بحيث تكون المسافة بين السارد – المبئر والشخصية الحكائية، في الأول، بعيدة، بخلاف المسافة في التبئير الداخلي. وكما أن "بإمكان التبئير في علاقته بالمبئر أن يكون خارجياً أو داخلياً بحسَب الأحداث المتمثلة، فالمبأر يمكن، كذلك، أن يُرى إما من خارج أو من داخل. إلا أن التصنيفيْن المتوازييْن لا يتوافقان بالضرورة (وهذا هو لماذا أختار الخارجي/ الداخلي للأول، ومن خارج/ من داخل للآخَر). قد يدرك مبئر خارجي موضوعاً إما من خارج أو من داخل. ففي الحالة الأولى، لا تقدَّم إلا التمظهُرات الخارجية للموضوع... وفي الحالة الثانية، يقدِّم المبئر الخارجي (الراوي – المبئر) المبأر من داخل، نافذاً إلى أحاسيسه وأفكاره... وعلى نحْو مُشابه، قد يدرك المبئر الداخلي الموضوع من داخل، خاصة حين تكون هي نفسها كلاّ من المبئر والمبأر... لكن إدراكه، أو إدراكها ، قد يكون أيضاً مقتصِراً على التمظهرات الخارجية للمبأر."[xxix]



الهوامــش:
* ناقد مغربي – دكتوراه في الآداب من جامعة محمد الأول.
– جيرار جينيت: خطاب الحكاية (بحثٌ في المنهج)، ترجمة: محمد معتصم وآخرون، مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء، ط.1، 1996، ص 198.
[ii]– نظرية المنهج الشكلي – نصوص الشكلانيين الروس، تر: إبراهيم الخطيب، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، ط.1، 1982، ص 189.
[iii]– حميد لحمداني: بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط.3، 2000، ص 47، بتصرف.
[iv]– جيرار جينيت: خطاب الحكاية، ص 198.
[v]– سعيد يقطين: تحليل الخطاب الروائي، المركز الثقافي العربي، ط.4، 2005، ص 286.
[vi]– فرانسواز ﭭان روسوم - غيون: وجهة النظر أو المنظور السردي (نظريات وتصورات نقدية)، دراسة ضمن كتاب "نظرية السرد: من وجهة النظر إلى التبئير"، تر: ناجي مصطفى، تق: سعيد يقطين، من منشورات الحوار الأكاديمي والجامعي، البيضاء، ط.1، 1989، ص ص13-14.
[vii]– انطر، فيما يخص جهود واين بوث وإسهامه في الموضوع، كتابيْ "نظرية السرد"، ص 15- 18، و"تحليل الخطاب الروائي"، ص ص291- 292.
- W. G. Boothe : Distance et point de vue, In (Poétique du récit), Col. Points, Ed. du Seuil, 1977, P 86.[viii]
- Ibid, PP 88-89.[ix]
- Ibid, P 88.[x]
[xi]– نظرية السرد، م.س، ص 25.
[xii]– وجهة النظر أو المنظور السردي (نظريات وتصورات نقدية)، م.س، ص 26.
[xiii]– نفســه، ص 29.
- T. Todorov : Les catégories du récit littéraire, In (Communications), N° 8, Col. Points, Seuil, 1981, PP 147- 148.[xiv]
[xv]– نظرية السرد، ص ص 115- 116.
[xvi]– محمد بوعزة: تحليل النص السردي (تقنيات ومفاهيم)، الدار العربية للعلوم ناشرون (بيروت) – منشورات الاختلاف (الجزائر) – دار الأمان (الرباط)، ط.1، 2010، ص 76.
- T. Todorov : Les catégories du récit littéraire, PP 147- 148.[xvii]
[xviii]– جيرار جينيت: خطاب الحكاية، ص ص 200-201.
[xix]– نفســه، ص 203.
[xx]– نفســه، ص 204.
[xxi]– نفســه، ص ص 201 -202.
[xxii]– نظرية السرد، ص 218.
[xxiii]– انظر تفاصيل هذه المحاولة في كتابي "نظرية السرد"، ص ص 116- 117، و "تحليل الخطاب الروائي"، ص 298-300.
[xxiv]– نظرية السرد، ص 117.
[xxv]– نفســه.
[xxvi]– انظر "تحليل الخطاب الروائي"، ص 300-302 + "بنية النص السردي"، ص 49.
[xxvii]– ش. ر. كينان: التخييل القصصي – الشعرية المعاصرة، تر: لحسن أحمامة، دار الثقافة، البيضاء، ط.1، 1995، ص 111.
[xxviii]– سعيد يقطين: تحليل الخطاب الروائي، ص ص 303-304.
[xxix]– شلوميت كينان: التخييل القصصي، ص ص 114- 115، بتصرف.


د. فريد أمعضشـو

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى