محمد حساين

نزلت للّا لكبيرة، كعادتها أيام عاشوراء، ضيفة على المختار ابنها أو ضيفة على بيتها كما تقول. وللا لكبيرة عجوز أخذ منها الزمان الأسنان وقوة العضلات وعفا عن سمعها وبصرها وأكرم حنجرتها ولسانها وضاعف طيبوبتها. والمختار لم يكن ابنها حقا بل لم تكن تربطه بها صلة قرابة، لكنه في صباه، كما تدّعي، جفف ثدييها...
الصباح يبدأ حين تزيح سبيعة الخامية وتفتح الشرجم وتتأكد من أن الأرض لا تدور كما يقول ابنها، فما كان بالأمس خلف الدار لا زال خلف الدار: آثار زريبتها.وبقية برويطتها ونصف محراثها وعجلة التراكتور المتآكلة و، غير بعيد، بيت الجارة ايجا ذو المدخنة المائلة كمدفع مضاد للطائرات. إيجّا، تحفة آدمية مات زمنها...
ليس من عادة الأطباء القسم لتأكيد نتيجة فحص، لكن الدكتورة صباح هذا الصباح، وهي تتلذذ بإخراج أصابعها بأصابعها من القفاز المطّاطي الشفّاف اللامع أصبعا أصبعا، أقسمت بالله الخالق الوهّاب أن لبنى حامل منذ ثلاثة أشهر. - لبنى إحدى عشر سنة!!!... - حامل!!! ؟ - نعم حامل - لبنى صدرها نقطتان فقط وبطنها...
قلب القاضي الورقة أمام نظارته ثم، وكأنما باغتثه نوبة قيء، وضع يده على فمه ليردع زخات ضحك لكنه فشل. شهق وسعل وامتدت عدوى الضحك لهيبة المحكمة وهيئة المحامين وباقي الحاضرين. نظر إلى السيدة صاحبة الوثيقة ثم رفع عينيه والجلسة معا. ماذا جرى؟ الحكاية تعود إلى عصر ما قبل التجاعيد. شرحت الشابة للنسوة...

هذا الملف

نصوص
19
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى