طيب تيزيني

حين كتب أبو الدراما الحديثة “هنريك إبسن” النرويجي مسرحية “نورا… بيت اللعبة” في القرن التاسع عشر، كان ذلك بمثابة هزّة بل انتفاضة في ضمائر الأوروبيين وعقولهم: كما نُظر إليه على أنه تحريض على خروج المرأة هناك، أخيراً، من حِجرها القسْري، فلقد عبّرت (نورا) عن روح الحداثة التنويرية، حين رفضن الاستكانة...
يعيش السوريون حالياً ما لم يعش العالم برمته مثيلاً له: الوحشية القصوى والجريمة الدامية، ورغم ذلك، لم نضع يدنا حتى الآن على احتجاج أو استنكار رسمي حقيقي في العالم على ذلك، إلا ما ظهر بصيغة صدى هنا أو هناك، ما يفتأ أن يتلاشى أو يتذرّر تحت قبضات سلاح، أثبت أنه قادر على كشف المستور من العواطف...
وما كان قيس هلكه هلك واحد = ولكنه بنيان قوم تصدعا لعل هذا البيت الخالد يصدق كثيرا على الراحل الدكتور الطيب تيزيني-رحمه الله- كما يصدق على القليلين من المثقفين من أبناء أمتنا العربية الذين صدقوا ما عاهدو الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، لقد عرفت الدكتور الطيب كقارئ...
إنْ كان الموت حقًا أم باطلًا، فإنّ رحيل طيب تيزيني يُثير الحزن بشدّة، كما أثاره قبل فترة رحيل صادق جلال العظم، لأنّ غياب هذين العلمين يثير فينا، نحن الذين ما زلنا أحياء، مشاعر اليُتم، لا لأن الحياة أصيبت بالعقم جرّاء غيابهما، بل لكونهما مثَّلا، إلى جانب كبار المفكّرين السوريين، عبد الكريم...

هذا الملف

نصوص
34
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى