نعم .. صدري مثقلٌ بالنياشين.. لكننى فى الـمـرايا لا أراهـا. البنت الجميلة والمدينة الحطام من كل العمارة المنهارة، من طوابقها وسلالمها وأثاثاتها وموبيلياتها، لم يبق سليماً سوى التسريحة. لا شظايا أصابتها ولا خدوش نالت منها. على الرغم من قصفات الهاوزر، مرآتها كما هى، رائقة براقة، وأدوات الماكياج ثبتت، هى وزجاجات البرفان ومياه الكولونيا، والأمشاط، والفُرَش. فوق المفارش المذهبة المفرودة فوق لوح البلور ظلت فى مواضعها. لم تمِلْ أو تتدحرج، ولم تسقط لتختلط بحطام الأشياء أسفل منها. وأدراج المجوهرات...
في البهو الرئيسي لفيلا الأستاذ نادر جلسوا.. نـانى وألـفت وفوزي وعزيز بك. إلى فهمي الخجول يستمعون، الستيريو يبث أنغاماً هـادئة بينما تنذر مانشتات الصحف الملقاة على السجادة برعـود وعواصـف، أحذيتهم وجواربهم مبعثرة هنا وهناك، وعلى الترابيزة الواطئـة رُصَّتْ الزجاجات والكئوس وأطبـاق الحُمص والترمس والخيارالمملح، فيما تسـاقطت قطرات على بلور الترابيزة ونقوش السجادة. في مقدمة الجيـش تسير إحدى فرق المشـاة. يتحرك الرجـال في صفوف، الصف تلو الأخر. لخطواتهم وقع ولأنفاسهم حفيف. يليهم نافخو المزامير...