عبد الباقي قربوعه - فلسفة تسطيح العلاقة الجنسية لدى البسطاء.

عبدالباقي قربوعة

عبد الباقي قربوعه روائي وقاص جزائري.
المتورطون في ممارسة الجنس بالنمط الحيواني لم يصعدوا بوظيفة العقل إلا بالتفكير في طريقة اختلاس هذا الفعل وجعله متواريا عن الناس، فهم عاجزون عن التصور أن الجنس يمكن أن يكون حالة فكرية وفنية أيضا، فيكتفون به على أنه حالة كيميائية جسدية تتعارض مع شعورهم بالطهارة والصفاء، ويتجنبون أيضا أن يتعدوا ذلك إلى اعتبار أن الحالة مطلب إنساني عادي ولا حرج منها، الغريب أنهم يدرجونه هذا ضمن المواضيع المحظورة التي من الواجب السكوت عنها، يخافون من الكتابة في الجنس لأنها تفضح مستوى الفهم لديهم بهذا الخصوص، لأنهم اكتسبوا من فرط إدمانهم لها وفقا لهذه النظرية الاختلاسية ثقافة سلبية تجرم التعرض لموضوع الجنس كتابة وحديثا، بل صارت لديهم فوبيا من النقاش في هذه المسألة، ويصنفون هذا بقلة الحياة وسوء التربية، كأنها العملية خطة قديمة، فهم يخافون أن تتشابك خيوط حبكتها، لذلك يعتبرون الكتابة في الجنس ثورة كاشفة قد تفضح أساليب تعاطيهم ومستويات فهمهم له، وبالتالي كشف طرق التخفي للوصول إليه، وشرح حالة الرعب والتخوف أثناء ممارسته، فصار هؤلاء السيوكوباتيين الذين يظنون أن الكتابة في الجنس خطة لملاحقتهم، هؤلاء يتهمون من وصلوا إلى حالة من الإشباع، ثم قفزوا إلى التعبير عن الزاوية المظلمة في نصوص إبداعية راقية، صاروا بحجة النقد يتهمونهم بأت الحكاية لا تتعدى إفراغ مكبوتاتهم، فيعللون الحاجة للكتابة في الجنس بأنها رغبة في إفشاء المكبوت، الحالة العكسية أن هؤلاء غير مكبوتين، ربما لأنهم يمارسونها في الظلام بشكل أوسع وخافت، وبالتالي لا حاجة لديهم كي تخوض الكتابة فيها، فهم يفضلونها ثقافة خفية تتسلط على على جسد مهرب في فضاء الإباحة، ويسلكون في التعاطي معه معه مسلك الحيوانات، يعني مسالة لا تتجاوز الإحتكاك الجسدي المفصول عن العقل، في حين إما يعتبر الحيوان أكثر شجاعة منه أو لأنه مخلوق غير عاقل، وبحكم اختلافه عنه بهذا الشكل فهو لا يحتمل حتى الكتابة في الموضوع ولا يجيز القراءة عنه، فمن المكبوت إذن؟ الذي يكتب فيه أم الذي يمارسه فعلا ويتكتم بل يعتبرها عادة سرية لا يجوز الكلام فيها. ولأن هؤلاء يحصرون الجنس في مجرد شعورهم بجزافية متعة احتكاك جسدين مختلفين بهذا المعنى المسطح، فإنهم يعتبرون ذلك حالة استثنائية لا تستحق الذكر ولا الاهتمام، هؤلاء هم الأكثر هشاشة للخيانة واختلاس الملذات، لأنهم لا يقرؤون في الجنس إلا حالة مادية انفعالية عابرة لذلك تجدهم ينقلبون على المرأة ويعتبرون دنسا، ثم يعودون كلما تنتصب أجسادهم وهكذا.. اي أن المرأة لا تعتبر موضوعا فيما تبقى من شؤون الحياة. وهؤلاء هم من تضيع تحت أيديهم مكاسب وممتلكات، بل وتسقط أوطان وعواصم ومملكات، وقد تُبيّت لهم خطط لقتلهم ونفيهم وتهميشهم، وربما يفقدون عقولهم وقدراتهم على الحكم، لأنهم ينزلون إلى الفعل الجنسي نزول الحيوان، فهم يشعرون بالحرج كلما تخوض الكتابة فيه لأنه يشمل غيباتهم وجهلهم وتخلفهم، حتى لا تذكرهم الكتابة بأنهم كانوا في حالات كثيرة مجرد حيوانات كلما ينزهون أنفسهم إلى مستوى فضائي من الروحانية. يعتقدون أنها تفقدهم وضوءهم وتفسد عليهم عوالمهم الروحية لذلك يقسمون الجسد إلى أربعة انفعالات:
1/ الانفعال الفوقي المعرفي: ويتكفل بالمعرفة ومسئول عنه الرأس (العقل).
2/ الانفعال الفوقي الروحي: يتكفل بالطهارة والصفاء ومسئول عنه الصدر وما يحويه من أجهزة.
3/ لانفعال الوسْطى: وله علاقة بإفراز السوائل المختلفة التي يعتبرونها كلها فضلات، ومسئول عنها الحوض وما يتوفر عليه من أجهزة، ويعتبرون الغرائز مضخة منشطة ودائمة.
4/ الانفعال التحتي: وتتكفل بنقل الجسد من انفعال إلى انفعال ومسئولة عنه القدمان.
ولهذا أيضا يدخلون حالة مستعصية من اللاّوعي وصفة مشينة من اللاّفهم كلما يصعد المفكرون بالانفعال الوْسْطي إلى الانفعال الفوقي، لأنهم يعتبرون إثارة الأسئلة حول موضوع الجنس مضيعة للوقت، فهم يعتبرون الموضوع لغزا وقد حُلّ منذ آدم وحواء.!!
فتجدهم إذا أرادوا أن يصفوا الرجل بأنه ملتزم يقولون: (من الجامع إلى الدار)، وأحيانا (من العمل إلى الدار). ويقولون في وصف المرأة الصالحة: (الحَجْرة تنطق وهي ما تنطقش)، وكأنهم لا يحبون أن يتنامى فعل الجنس ويتكاثف، ثم تقوى الرغبة فيه أساسا من خلال الحوار، إنهم يريدون من الإنسانية أن تنزل منزلة الأنعام، وبرأيهم هي مخلوقات غير مكبوتة نموذجا.!



.

صورة مفقودة
 
التعديل الأخير:
أعلى