الإسلام دين ، يرتكز على مصدر أساسي لا خلاف حوله وهو القرآن ، وما تواتر من السنة (وأغلب المتواتر من السنة ؛ سنة عملية وقليل منها قولية او تقريرية). ومصادر أخرى مختلف حولها فهي ظنية الثبوت كخبر الآحاد ومن خبر الآحاد الحديث الصحيح ؛ أو الذي يفترضون صحته لتسلسل سنده بما يسمى بالسلسلة الذهبية ، ورغم ذلك يظل ظني الثبوت ، رغم ان هناك متشددون يحكمون بقطعيته لأسباب تتعلق بالورع أو بعدم الورع. على أية حال فالقرآن لا جدال حوله ، فهو قطعي الثبوت لأنه انتقل الينا متواتراً والتواتر هو انتقال الخطاب من جمع الى جمع بحيث لا يتصور تواطؤ هذه الجماعات الكثيرة على الكذب. (هذا تلخيص لمطولات وردت في كتب اصول الفقه قديمها وحديثها ، يمكن الرجوع اليها في الانترنت بوفرة).وهي مقدمة ضرورية لننتقل إلى قضية النص القرآني ؛ فقضية النص القرآني أثارت جدلاً طويلاً جداً في حاضرنا هذا على وجه الخصوص . فالنص القرآني هو خطاب لغوي ، وأي خطاب لغوي في هذا العالم قابل لتعدد التأويلات ، وهكذا ومنذ القدم ظهرت تفاسير عدة للقرآن ، كابن كثير والقرطبي والجلالين وخلافه. ونتج عن تعدد فهم النص القرآني اختلاف الفقه في استنباط الأحكام الشرعية ، فنشأت المذاهب والفرق والطوائف ، فالنص لا ينطق بنفسه إنما ينطق به الرجال كما قال الإمام علي رضي الله عنه (أنظر: تاريخ الأمم والملوك للطبري – 110/3). هذه القضية ليست قضية ترفية ، فعلى أساسها انقسم المسلمون إلى فرق عدة ، تحقيقا لنبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما جاء في الحديث :( عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما قَالَ : أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِينَا فَقَالَ : ( أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ ، ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ )
رواه أبو داود ( 4597 ) والحاكم (443) وصححه ، وحسنه ابن حجر في " تخريج الكشاف " ( ص : 63 ) ، وصححه ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " ( 3 / 345 ) ، والشاطبي في " الاعتصام " ( 1 / 430 ) ، والعراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 199 ) وقد ورد عن جماعة من الصحابة بطرق كثيرة ).
مسألة قابلية النص القرآني لتعدد التأويلات أثارت اتجاهين أساسيين: اتجاه انغلاقي ؛ يتبنى اعتماد التأويل التراثي (أو ما يسمى بالتفاسير القديمة) ، ويرفض أي تأويل جديد واتجاه ليبرالي قاده أركون والعشماوي وابو زيد وحسن حنفي ...الخ. هذا الاتجاه الحديث يطالب باستخدام مناهج حديثة لفهم النص ، كالمنهج التفكيكي على سبيل المثال وتاريخانية النص ، والثابت والمتغير. في الواقع المنهج التفكيكي يؤدي تطبيقه الى تحرير النص تماماً من أي شروط وضعية للتأويل ، ويجعله نصاً مفتوحاً على كافة الاحتمالات إلى ما لا نهاية. وهذا بلا شك جيد من حيث قدرة النص على التعاطي مع الراهن والعصر والمستجدات ، لكنه من ناحية أخرى –وهذا ما يقلق الاتجاه الأول- سيصادر على القيمة المقدسة للنص حينما يتحول لمنبع تأويلات وضعية . وهذا قريب جداً من جدلية التعبد بترجمة القرآن والتي أجازها أبو حنيفة ثم تراجع عنها لاحقاً. بالاضافة إلى استخدام المناهج الحديثة لمحاولة فهم النص ومن ثم تأويله ، اعتمد الاتجاه الثاني على مفهوم جديد وهو تاريخية النص القرآني ، فالعبرة بخصوص السبب وليس بعموم المعنى ، والسبب نازلة تعبر عن إطارها التاريخي (الثقافي) ، وعليه فلا يصلح الاعتماد على الحكم الشرعي الخاص بها في عصرنا الراهن متى اختلفت الظروف. دار أيضا جدل حول مفهوم الثابت والمتغير وكان رائده كما هو معلوم دكتور الفلسفة والأديب السوري المعروف أدونيس. كل هذه اتجاهات لها مزاياها وعيوبها ، لها مناصريها ومناهضيها . ويبقى النص القرآني ثابتاً تدور كلها من حوله. كما أن هذه الاختلافات لا يمكن حسمها منطقياً ومن ثم فهي تتداخل مع التوجه الإيماني وتتوقف تشددا ومرونة على درجة الورع والتقوى لدى الفقيه أو المجدد أو الفيلسوف. هذه الجدليات لم تكن منبتة الصلة بالسياسة ، بالعكس ؛ فهذه المجادلات انبثقت لتعبر عن رفض متبادل بين أنصارها ، ومحاولة لإقصاء الحرس القديم عن السياد الاجتماعية والثقافية والسياسية ، أي نزع السلطة عنهم ، بالإضافة إلى ذلك لم تخلو بعض هذه التوجهات من محاولة –سيئة النية- لإقصاء الدين من الحياة العامة ، وفي أفضل الفروض (تحييده) ، وكالت كل كتلة الاتهامات للأخرى ، وظلت كل كتلة تحشد قواها ، إما عبر الدعوة للاستمساك بعروة السلف أو بالدعوة للتجديد والحداثة ومواكبة التطورات الأخلاقية التي بلغها الضمير الإنساني. ولا زال الصراع مستمراً.
ويجب أن أنوه إلى أن هذا الجدل لم يختص به الإسلام فقط ، بل هو جدل لحق بكل الأديان الأخرى سماوية أم غير سماوية.
واتفاقية سيداو ، والمتعلقة بالمساواة بين الرجل والمرأة (كمبدأ جوهري) استندت اليه كل بنود الاتفاقية ، أعادت هذا الجدل ، بين - من يعتمدون على فهم السلف للنص ويمنحون هذا الفهم قداسة ، حتى ولو كان فهم السلف قد اختلط بين المعنى الواثب إلى فاهم النص والبيئة الاجتماعية التي أحاطت بالفاهم للنص وأثرت في فهه – وبين أولئك الذين يرفضون تقديس فهم الفاهم للنص ، باعتبار أن نسبية المفاهيم تحول دون أي قداسة. وأن القداسة يجب أن تنحسر في النص بما هو نص فقط لإفساح مجال لفهم وتأويل حديث.
هنا يثور تساؤل ؛ هل سيداو كاتفاقية تتعارض مع النص ، أم مع فهم النص؟ إن كانت تتعارض مع النص فهي تتعارض إذن مع الإسلام ، وان كانت تتعارض مع فهم النص فهذا الفهم لا يقوض امكانية الأخذ بالاتفاقية. غير أن هذا التساؤل يصادر في الواقع على مضمونه ، لأننا إن أردنا أن نعرف إن كانت الاتفاقية تتعارض مع النص (بما هو نص) فسيعوذنا معرفة ذلك إلا عبر فهم مستقل عن النص. فالراجح إذن –كما يتبادر إلى الذهن- أن الإتفاقية تتعارض مع فهم النص وليس النص ، حتى يثبت العكس ، ولن يثبت العكس إلا بوحي ، وقد انقطع الوحي بوفاة الرسول صلى الله عله وسلم.
لكن دعنا من هذا الجدل ، ولنرى إن كان معيار الأخلاق يمكن أن يمنحنا إمكانية تقييم تعارض الاتفاقية مع الإسلام أم لا. وهنا لا بد لنا من فحص بنود هذه الاتفاقية بنداً بندا ؛ على النحو التالي:
المادة 1: تختص بتعريف التمييز ضد المرأة على النحو التالي:
أي تميز أو إقصاء أو تقييد يتم بناء على الجنس وله تأثير أو غرض على أضعاف وأبطال اعتراف، وممارسة، واستمتاع المرأة بكافة حقوقها الإنسانية وحرياتها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية وكافة الحريات الأخرى، بغض النظر عن حالتها الزوجية ووفقًا لأساس واحد وهو المساواة بين الرجل والمرأة.
وهنا سنتساءل سؤالاً لن نتوقف عن تكراره في سائر البنود الأخرى: هل يتعارض هذا البند مع الإسلام؟ هل ينادي الإسلام بتقييد أو اقصاء المرأة بغرض اضعاف وإبطال واستمتاع المرأة بحقوقها الإنسانية وحريتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية وكافة الحريات الأخرى؟
المادة 2: تنص هذه المادة على أن كل الدول التي تصدق على هذه المعاهدة يجب عليها إظهار نيتها الحقيقة للمساواة بين الجنسين فى دساتيرها المحلية، وأن يتم إلغاء كافة القوانين التي تسمح بالتمييز بناء على الجنس، وأن تسن هذه الدول قوانين بهدف الحماية من أي تمميز يتم ضد المرأة. الدول المُصدقة على الاتفاقية يجب عليها إنشاء محاكم ومنظمات مجتمعية بغرض ضمان حماية فعالة للمرأة ضد أي ممارسات تمميزية، ويجب عليها أيضًا أتخاذ خطوات حقيقة تجاه الأفراد، والمؤسسات، والمنظمات التي تمارس التمييز ضد المرأة.
ونعود إلى سؤالنا: هل يرفض الإسلام ما جاء بهذه المادة؟ هل يرفض الإسلام إلغاء كافة القوانين التي تسمح بالتمييز بناءً على الجنس؟ كما يرفض سن أي قوانين تهدف لحماية المرأة؟
المادة 3: على الدول المشاركة في الاتفاقية أن تضمن ركائز حقوق الإنسان وحرياته الأساسية للمرأة فقط «على أساس المساواة بين الرجل والمرأة» في كافة الأصعدة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية وأيضًا الثقافية.
السؤال المعتاد: هل يرفض الإسلام ضمان ركائز حقوق الإنسان وحرياته للمرأة في كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وأيضا الثقافية؟
المادة 4: في هذه المادة « تبني معايير خاصة من أجل التعجيل في الوصول إلى المساواة الفعلية الحقيقة بين الرجل والمرأة لايمكن أن يعتبر تمييزًا» وأيضًا حماية حقوق الأمومة لاتُعد تميزًا بناء على اختلاف الجنس.
الشق الأول من هذه المادة إجرائي ، أما ما يهمنا هنا الشق الموضوعي ؛ فهل يرفض الإسلام منح الأمومة ميزات تفضيلية من حيث الحقوق؟
المادة 5: يجب على جميع الدول المشاركة في الاتفاقية اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاربة أي تحزبات أو تحيزات قائمة نتيجة تلك الأفكار بدونية أو تفوق أحد الأجناس على الأخر، أو نتيجة الأفكار النمطية عن أن لكل جنس دور معين يقوم به دون الجنس الأخر. ويجب أيضًا على الدول الأطراف في الاتفاقية «أن يضمنوا.. الاعتراف بالمسئولية المتبادلة بين الرجل والمرأة في تربية وتنشئة أطفالهم».
السؤال: هل يرفض الإسلام الاعتراف بالمسئولية المتبادلة بين الرجل والمرأة في تربية وتنشئة أطفالهم؟
المادة 6: تتضمن هذه المادة إجبار كافة الدول المشاركة في الاتفاقية «أن تتخذ كافة الإجراءات اللازمة – متضمنًا تشريع القوانين – للحد من جميع أشكال الإتجار بالمرأة واستغلال المرأة في البغاء القسري».
السؤال: هل يجيز الإسلام أشكال الاتجار بالمرأة واستغلال المرأة في البغاء القسري؟
المادة 7: تحتوي هذه المادة ضمان حقوق المرأة للمشاركة في الحياة السياسية والحياة العامة بطريقة سوية، مع التركيز علي المساواة في حقها في التصويت، والمشاركة في التشكيل الحكومي، وحقها في المشاركة في «كافة المنظمات والاتحادات المهتمة بالشأن العام والحياة السياسية للبلاد».
السؤال: هل يرفض الإسلام مشاركة المرأة في الحياة السياسية والحياة العامة بطريقة سوية ، وهل يرفض منحها الحق في التصويت والمشاركة في التشكيل الحكومي ، وحقها في المشاركة في كافة المنظمات والاتحادات المهتمة بالشأن العام والحياة السياسية؟
المادة 8: بموجب هذه المادة فإن الدول المشاركة في هذه الاتفاقية تضمن للمرأة المساواة في «الفرص لتمثيل حكوماتهم في المحافل الدولية وأيضًا تضمن لهم المشاركة في أعمال المنظمات الدولية».
السؤال: هل يرفض الإسلام منح المرأة فرص مساوية لفرص الرجل في تمثيل الحكومات في المحافل الدولية والمشاركة في أعمال المنظمات الدولية؟
المادة 9: تنص هذه المادة علي أن الدول الأطراف يجب أن «تضمن أن تتساوى المرأة مع الرجل فى حقها في اكتساب، أو تغيير، أو الإبقاء على جنسيتها»، كذلك التساوي بينهم في الحقوق «تبعًا لجنسية ابنائهم».
السؤال: هل يرفض الإسلام أن تغير جنسيتها أو يكتسب أبناؤها جنسيتها؟
المادة 10: من متطلبات المشاركة في هذه الاتفاقية توفير فرص تعليم متساوية بين الطالبات والطلبة وأيضًا التشجيع على التعليم المشترك –مدارس للفتيات والفتيان معًا وليس لكلًا منهما مدارس مستقلة بذاتها-. كما تتضمن توفير فرص متساوية بين الجنسين للألعاب الرياضية، والمنح، والمكافأت وأيضًا يطلب العمل على «خفض معدلات الأنقطاع عن الدراسة لدى الفتيات».
السؤال: هل يرفض الإسلام توفير فرص تعليم للمرأة تتساوى مع فرص الرجل ، وتوفير فرص متساوية للألعاب الرياضية ، والمنح والمكافآت؟ وبالنسبة لمشاركة الطلبة والطالبات للدراسة ، ورغم أن الاتفاقية تتحدث عن مجرد تشجيع ، فهل يمنع الإسلام ذلك؟
المادة 11: تُحدد هذه المادة حقوق العمل الخاصة بالمرأة على إنها «حقوق طبيعية –غير قابلة للتصرف- لكل الجنس البشري»، ولتحقيق هذا هنالك بعض المتطلبات مثل: الحصول على نفس المقابل لنفس العمل، والحصول على بعض الضمانات الاجتماعية، كذلك الحق في الحصول على إجازات مدفوعة الأجر وإجازات للأمومة –مثل الوضع- «كل هذا بأجر أو مزايا اجتماعية متماثلة دون فقدان الأقدمية، أو العلاوت الاجتماعية» وأي فصل يتم بناء على أساس الأمومة، أو الحمل، أو الحالة من الزواج يجب أن تُحظر بعقوبات.
السؤال: هل يرفض الإسلام حصول المرأة العاملة على نفس أجر الرجل العامل ، وهل يرفض حصول المرأة على ضمانات اجتماعية ، وهل يرفض منح المرأة اجازات مدفوعة الأجر واجازات للأمومة –مثل الوضع- وهل يجيز الإسلام فصل المرأة من عملها بسبب أمومتها أو حملها أو زواجها؟
المادة 12: تُلزم هذه المادة كافة الدول الأطراف ب «اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتجنب أي نوع من أنواع التمييز ضد المرأة في مجال الرعاية الصحية؛ لتضمن بذلك حصولها علي نفس الرعاية الصحية، متضمنًا بذلك خدمات تنظيم الأسرة».
السؤال: هل يرفض الإسلام منع المرأة من أخذ نفس الرعاية الصحية وخدمات تنظيم الأسرة مثلها مثل الرجل؟
المادة 13: تضمن هذه المادة المساواة للمرأة في «الحياة الاقتصادية والاجتماعية» وخصوصًا فيما يتعلق «بالحق في الحصول الاستحقاقات الأسرية، والحق في الحصول على القروض المصرفية، والرهون العقارية وغير ذلك من أشكال الائتمان المالي، وأيضًا حقها في المشاركة في جميع الأنشطة الترفيهية، والرياضات المختلفة، كذلك كافة الأنشطة الثقافية».[4]
السؤال: هل يرفض الإسلام حصول المرأة على القروض والرهون العقارية وغير ذلك من أشكال الإئتمان المالي ، وهل يرفض الاسلام مشاركة المرأة في الأنشطة الترفيهية والرياضة والأنشطة الثقافية؟
المادة 14: هذه المادة توفر الحماية اللازمة للمرأة الريفية ولمشاكلها، وتؤكد على حقها في المشاركة في مشروعات التنمية، «وتوفر لها التسهيلات اللازمة للحصول على رعاية صحية جيدة»، «وأن من حقها المشاركة في كافة الأنشطة المجتمعية»، «ولها الحق أيضًا في الحصول على قروض الائتمان الزراعي»، وكذلك «حقها في التمتع بظروف ملائمة للحياة».
السؤال: هل يرفض الإسلام مشاركة المرأة الريفية في مشروعات التنمية ، وهل يرفض الإسلام منح المرأة الريفية التسهيلات اللازمة للحصول على الرعاية الصحية ، وهل يرفض مشاركتها في كافة الأنشطة المجتمعية ويرفض حصولها على قروض الإئتمان الزراعي ، ويرفض تمتع المرأة بظروف ملائمة للحياة؟
المادة 15: تنص هذه المادة على أن جميع الدول الأطراف في الاتفاقية يجب أن يلتزموا ب «مساواة المرأة مع الرجل أمام القانون»، بما في ذلك «أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل». كما تنص على «حصول المرأة علي نفس حقوق الرجل فيما يتعلف بالقانون الخاص بالتحركات الشخصية، وكذلك حريتها في اختيار محل إقامتها ومكان سكنها».
السؤال: هل يرفض الإسلام مساواة المرأة بالرجل أمام القانون ، من حيث الأهلية القانونية ، ومن حيث حقها في الحركة واختيار محل اقامتها ومكان سكنها؟
المادة 16: تهتم هذه المادة ب« جميع أنواع التمييز ضد المرأة في جميع الأمور المختصة بالزواج وتكوين أسرة». فتكفل هذه المادة لكلًا من الزوج والزوجة «نفس الحق في الزواج، واختيار شريك الحياة بحرية»، «وتكفل لهم نفس الحقوق والواجبات أثناء الزواج أيضًا إذ قررا الانفصال»، «ولهم نفس الحقوق والواجبات في كونهم والدي الأطفال»، «نفس الحق في حرية اختيار عدد الأطفال والمدة بين إنجابهم إذا قررا إنجاب أكثر من طفل»، «نفس الحقوق والواجبات كزوج وزوجة متساويين في اختيار اسم للأسرة، وتحديد المهنة»، «نفس الحقوق لكلا الزوجين في التعامل مع ممتلكات الأسرة من حيث الحق في امتلاك، حيازة، إدارة، التحكم، التمتع وحرية التصرف في هذه الممتلكات، سواء إن كان هذا التصرف مجاني أو بمقابل ما».
السؤال: هل يرفض الإسلام منح المرأة نفس حق الرجل في الزواج ، واختيار شريك حياتها بحرية ، وغير ذلك مما جاءت به المادة؟
أخيراً ؛ التساؤل الذي ينبثق ببداهة إلى أذهاننا إذا كانت الإجابة عن الأسئلة السابقة هي تعارض الإسلام مع مواد هذه الإتفاقية ، هل هناك تعارض فعلاً ، وان كان هناك تعارض فهل هو تعارض بين الاتفاقية والإسلام أم بين الإتفاقية وفهم البعض للإسلام؟
وسؤال آخر: هل هذه الإتفاقية عادلة أم ظالمة ، إن كانت عادلة ، حين اعتبرت المرأة انساناً ، فهل الإسلام ظالم؟ أم أن فهم البعض للإسلام ظالم؟
ويجدر بنا أن نذكِّر بمسألة مهمة : أن المرأة والذكر ، لم يختلفا إلا لأن أحد الحيوانات المنوية كان يحمل كروموسوم (X) ، والآخر يحمل الكروموسوم (Y) ، فهل تتم مصادرة حقوق المرأة لمجرد هذه الصدفة البيولوجية؟
إنني لن أجيب على كل هذه الاسئلة وإنما أترك للقراء اختيار إجابتهم بأنفسهم.
رواه أبو داود ( 4597 ) والحاكم (443) وصححه ، وحسنه ابن حجر في " تخريج الكشاف " ( ص : 63 ) ، وصححه ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " ( 3 / 345 ) ، والشاطبي في " الاعتصام " ( 1 / 430 ) ، والعراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 199 ) وقد ورد عن جماعة من الصحابة بطرق كثيرة ).
مسألة قابلية النص القرآني لتعدد التأويلات أثارت اتجاهين أساسيين: اتجاه انغلاقي ؛ يتبنى اعتماد التأويل التراثي (أو ما يسمى بالتفاسير القديمة) ، ويرفض أي تأويل جديد واتجاه ليبرالي قاده أركون والعشماوي وابو زيد وحسن حنفي ...الخ. هذا الاتجاه الحديث يطالب باستخدام مناهج حديثة لفهم النص ، كالمنهج التفكيكي على سبيل المثال وتاريخانية النص ، والثابت والمتغير. في الواقع المنهج التفكيكي يؤدي تطبيقه الى تحرير النص تماماً من أي شروط وضعية للتأويل ، ويجعله نصاً مفتوحاً على كافة الاحتمالات إلى ما لا نهاية. وهذا بلا شك جيد من حيث قدرة النص على التعاطي مع الراهن والعصر والمستجدات ، لكنه من ناحية أخرى –وهذا ما يقلق الاتجاه الأول- سيصادر على القيمة المقدسة للنص حينما يتحول لمنبع تأويلات وضعية . وهذا قريب جداً من جدلية التعبد بترجمة القرآن والتي أجازها أبو حنيفة ثم تراجع عنها لاحقاً. بالاضافة إلى استخدام المناهج الحديثة لمحاولة فهم النص ومن ثم تأويله ، اعتمد الاتجاه الثاني على مفهوم جديد وهو تاريخية النص القرآني ، فالعبرة بخصوص السبب وليس بعموم المعنى ، والسبب نازلة تعبر عن إطارها التاريخي (الثقافي) ، وعليه فلا يصلح الاعتماد على الحكم الشرعي الخاص بها في عصرنا الراهن متى اختلفت الظروف. دار أيضا جدل حول مفهوم الثابت والمتغير وكان رائده كما هو معلوم دكتور الفلسفة والأديب السوري المعروف أدونيس. كل هذه اتجاهات لها مزاياها وعيوبها ، لها مناصريها ومناهضيها . ويبقى النص القرآني ثابتاً تدور كلها من حوله. كما أن هذه الاختلافات لا يمكن حسمها منطقياً ومن ثم فهي تتداخل مع التوجه الإيماني وتتوقف تشددا ومرونة على درجة الورع والتقوى لدى الفقيه أو المجدد أو الفيلسوف. هذه الجدليات لم تكن منبتة الصلة بالسياسة ، بالعكس ؛ فهذه المجادلات انبثقت لتعبر عن رفض متبادل بين أنصارها ، ومحاولة لإقصاء الحرس القديم عن السياد الاجتماعية والثقافية والسياسية ، أي نزع السلطة عنهم ، بالإضافة إلى ذلك لم تخلو بعض هذه التوجهات من محاولة –سيئة النية- لإقصاء الدين من الحياة العامة ، وفي أفضل الفروض (تحييده) ، وكالت كل كتلة الاتهامات للأخرى ، وظلت كل كتلة تحشد قواها ، إما عبر الدعوة للاستمساك بعروة السلف أو بالدعوة للتجديد والحداثة ومواكبة التطورات الأخلاقية التي بلغها الضمير الإنساني. ولا زال الصراع مستمراً.
ويجب أن أنوه إلى أن هذا الجدل لم يختص به الإسلام فقط ، بل هو جدل لحق بكل الأديان الأخرى سماوية أم غير سماوية.
واتفاقية سيداو ، والمتعلقة بالمساواة بين الرجل والمرأة (كمبدأ جوهري) استندت اليه كل بنود الاتفاقية ، أعادت هذا الجدل ، بين - من يعتمدون على فهم السلف للنص ويمنحون هذا الفهم قداسة ، حتى ولو كان فهم السلف قد اختلط بين المعنى الواثب إلى فاهم النص والبيئة الاجتماعية التي أحاطت بالفاهم للنص وأثرت في فهه – وبين أولئك الذين يرفضون تقديس فهم الفاهم للنص ، باعتبار أن نسبية المفاهيم تحول دون أي قداسة. وأن القداسة يجب أن تنحسر في النص بما هو نص فقط لإفساح مجال لفهم وتأويل حديث.
هنا يثور تساؤل ؛ هل سيداو كاتفاقية تتعارض مع النص ، أم مع فهم النص؟ إن كانت تتعارض مع النص فهي تتعارض إذن مع الإسلام ، وان كانت تتعارض مع فهم النص فهذا الفهم لا يقوض امكانية الأخذ بالاتفاقية. غير أن هذا التساؤل يصادر في الواقع على مضمونه ، لأننا إن أردنا أن نعرف إن كانت الاتفاقية تتعارض مع النص (بما هو نص) فسيعوذنا معرفة ذلك إلا عبر فهم مستقل عن النص. فالراجح إذن –كما يتبادر إلى الذهن- أن الإتفاقية تتعارض مع فهم النص وليس النص ، حتى يثبت العكس ، ولن يثبت العكس إلا بوحي ، وقد انقطع الوحي بوفاة الرسول صلى الله عله وسلم.
لكن دعنا من هذا الجدل ، ولنرى إن كان معيار الأخلاق يمكن أن يمنحنا إمكانية تقييم تعارض الاتفاقية مع الإسلام أم لا. وهنا لا بد لنا من فحص بنود هذه الاتفاقية بنداً بندا ؛ على النحو التالي:
المادة 1: تختص بتعريف التمييز ضد المرأة على النحو التالي:
أي تميز أو إقصاء أو تقييد يتم بناء على الجنس وله تأثير أو غرض على أضعاف وأبطال اعتراف، وممارسة، واستمتاع المرأة بكافة حقوقها الإنسانية وحرياتها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية وكافة الحريات الأخرى، بغض النظر عن حالتها الزوجية ووفقًا لأساس واحد وهو المساواة بين الرجل والمرأة.
وهنا سنتساءل سؤالاً لن نتوقف عن تكراره في سائر البنود الأخرى: هل يتعارض هذا البند مع الإسلام؟ هل ينادي الإسلام بتقييد أو اقصاء المرأة بغرض اضعاف وإبطال واستمتاع المرأة بحقوقها الإنسانية وحريتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية وكافة الحريات الأخرى؟
المادة 2: تنص هذه المادة على أن كل الدول التي تصدق على هذه المعاهدة يجب عليها إظهار نيتها الحقيقة للمساواة بين الجنسين فى دساتيرها المحلية، وأن يتم إلغاء كافة القوانين التي تسمح بالتمييز بناء على الجنس، وأن تسن هذه الدول قوانين بهدف الحماية من أي تمميز يتم ضد المرأة. الدول المُصدقة على الاتفاقية يجب عليها إنشاء محاكم ومنظمات مجتمعية بغرض ضمان حماية فعالة للمرأة ضد أي ممارسات تمميزية، ويجب عليها أيضًا أتخاذ خطوات حقيقة تجاه الأفراد، والمؤسسات، والمنظمات التي تمارس التمييز ضد المرأة.
ونعود إلى سؤالنا: هل يرفض الإسلام ما جاء بهذه المادة؟ هل يرفض الإسلام إلغاء كافة القوانين التي تسمح بالتمييز بناءً على الجنس؟ كما يرفض سن أي قوانين تهدف لحماية المرأة؟
المادة 3: على الدول المشاركة في الاتفاقية أن تضمن ركائز حقوق الإنسان وحرياته الأساسية للمرأة فقط «على أساس المساواة بين الرجل والمرأة» في كافة الأصعدة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية وأيضًا الثقافية.
السؤال المعتاد: هل يرفض الإسلام ضمان ركائز حقوق الإنسان وحرياته للمرأة في كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وأيضا الثقافية؟
المادة 4: في هذه المادة « تبني معايير خاصة من أجل التعجيل في الوصول إلى المساواة الفعلية الحقيقة بين الرجل والمرأة لايمكن أن يعتبر تمييزًا» وأيضًا حماية حقوق الأمومة لاتُعد تميزًا بناء على اختلاف الجنس.
الشق الأول من هذه المادة إجرائي ، أما ما يهمنا هنا الشق الموضوعي ؛ فهل يرفض الإسلام منح الأمومة ميزات تفضيلية من حيث الحقوق؟
المادة 5: يجب على جميع الدول المشاركة في الاتفاقية اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاربة أي تحزبات أو تحيزات قائمة نتيجة تلك الأفكار بدونية أو تفوق أحد الأجناس على الأخر، أو نتيجة الأفكار النمطية عن أن لكل جنس دور معين يقوم به دون الجنس الأخر. ويجب أيضًا على الدول الأطراف في الاتفاقية «أن يضمنوا.. الاعتراف بالمسئولية المتبادلة بين الرجل والمرأة في تربية وتنشئة أطفالهم».
السؤال: هل يرفض الإسلام الاعتراف بالمسئولية المتبادلة بين الرجل والمرأة في تربية وتنشئة أطفالهم؟
المادة 6: تتضمن هذه المادة إجبار كافة الدول المشاركة في الاتفاقية «أن تتخذ كافة الإجراءات اللازمة – متضمنًا تشريع القوانين – للحد من جميع أشكال الإتجار بالمرأة واستغلال المرأة في البغاء القسري».
السؤال: هل يجيز الإسلام أشكال الاتجار بالمرأة واستغلال المرأة في البغاء القسري؟
المادة 7: تحتوي هذه المادة ضمان حقوق المرأة للمشاركة في الحياة السياسية والحياة العامة بطريقة سوية، مع التركيز علي المساواة في حقها في التصويت، والمشاركة في التشكيل الحكومي، وحقها في المشاركة في «كافة المنظمات والاتحادات المهتمة بالشأن العام والحياة السياسية للبلاد».
السؤال: هل يرفض الإسلام مشاركة المرأة في الحياة السياسية والحياة العامة بطريقة سوية ، وهل يرفض منحها الحق في التصويت والمشاركة في التشكيل الحكومي ، وحقها في المشاركة في كافة المنظمات والاتحادات المهتمة بالشأن العام والحياة السياسية؟
المادة 8: بموجب هذه المادة فإن الدول المشاركة في هذه الاتفاقية تضمن للمرأة المساواة في «الفرص لتمثيل حكوماتهم في المحافل الدولية وأيضًا تضمن لهم المشاركة في أعمال المنظمات الدولية».
السؤال: هل يرفض الإسلام منح المرأة فرص مساوية لفرص الرجل في تمثيل الحكومات في المحافل الدولية والمشاركة في أعمال المنظمات الدولية؟
المادة 9: تنص هذه المادة علي أن الدول الأطراف يجب أن «تضمن أن تتساوى المرأة مع الرجل فى حقها في اكتساب، أو تغيير، أو الإبقاء على جنسيتها»، كذلك التساوي بينهم في الحقوق «تبعًا لجنسية ابنائهم».
السؤال: هل يرفض الإسلام أن تغير جنسيتها أو يكتسب أبناؤها جنسيتها؟
المادة 10: من متطلبات المشاركة في هذه الاتفاقية توفير فرص تعليم متساوية بين الطالبات والطلبة وأيضًا التشجيع على التعليم المشترك –مدارس للفتيات والفتيان معًا وليس لكلًا منهما مدارس مستقلة بذاتها-. كما تتضمن توفير فرص متساوية بين الجنسين للألعاب الرياضية، والمنح، والمكافأت وأيضًا يطلب العمل على «خفض معدلات الأنقطاع عن الدراسة لدى الفتيات».
السؤال: هل يرفض الإسلام توفير فرص تعليم للمرأة تتساوى مع فرص الرجل ، وتوفير فرص متساوية للألعاب الرياضية ، والمنح والمكافآت؟ وبالنسبة لمشاركة الطلبة والطالبات للدراسة ، ورغم أن الاتفاقية تتحدث عن مجرد تشجيع ، فهل يمنع الإسلام ذلك؟
المادة 11: تُحدد هذه المادة حقوق العمل الخاصة بالمرأة على إنها «حقوق طبيعية –غير قابلة للتصرف- لكل الجنس البشري»، ولتحقيق هذا هنالك بعض المتطلبات مثل: الحصول على نفس المقابل لنفس العمل، والحصول على بعض الضمانات الاجتماعية، كذلك الحق في الحصول على إجازات مدفوعة الأجر وإجازات للأمومة –مثل الوضع- «كل هذا بأجر أو مزايا اجتماعية متماثلة دون فقدان الأقدمية، أو العلاوت الاجتماعية» وأي فصل يتم بناء على أساس الأمومة، أو الحمل، أو الحالة من الزواج يجب أن تُحظر بعقوبات.
السؤال: هل يرفض الإسلام حصول المرأة العاملة على نفس أجر الرجل العامل ، وهل يرفض حصول المرأة على ضمانات اجتماعية ، وهل يرفض منح المرأة اجازات مدفوعة الأجر واجازات للأمومة –مثل الوضع- وهل يجيز الإسلام فصل المرأة من عملها بسبب أمومتها أو حملها أو زواجها؟
المادة 12: تُلزم هذه المادة كافة الدول الأطراف ب «اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتجنب أي نوع من أنواع التمييز ضد المرأة في مجال الرعاية الصحية؛ لتضمن بذلك حصولها علي نفس الرعاية الصحية، متضمنًا بذلك خدمات تنظيم الأسرة».
السؤال: هل يرفض الإسلام منع المرأة من أخذ نفس الرعاية الصحية وخدمات تنظيم الأسرة مثلها مثل الرجل؟
المادة 13: تضمن هذه المادة المساواة للمرأة في «الحياة الاقتصادية والاجتماعية» وخصوصًا فيما يتعلق «بالحق في الحصول الاستحقاقات الأسرية، والحق في الحصول على القروض المصرفية، والرهون العقارية وغير ذلك من أشكال الائتمان المالي، وأيضًا حقها في المشاركة في جميع الأنشطة الترفيهية، والرياضات المختلفة، كذلك كافة الأنشطة الثقافية».[4]
السؤال: هل يرفض الإسلام حصول المرأة على القروض والرهون العقارية وغير ذلك من أشكال الإئتمان المالي ، وهل يرفض الاسلام مشاركة المرأة في الأنشطة الترفيهية والرياضة والأنشطة الثقافية؟
المادة 14: هذه المادة توفر الحماية اللازمة للمرأة الريفية ولمشاكلها، وتؤكد على حقها في المشاركة في مشروعات التنمية، «وتوفر لها التسهيلات اللازمة للحصول على رعاية صحية جيدة»، «وأن من حقها المشاركة في كافة الأنشطة المجتمعية»، «ولها الحق أيضًا في الحصول على قروض الائتمان الزراعي»، وكذلك «حقها في التمتع بظروف ملائمة للحياة».
السؤال: هل يرفض الإسلام مشاركة المرأة الريفية في مشروعات التنمية ، وهل يرفض الإسلام منح المرأة الريفية التسهيلات اللازمة للحصول على الرعاية الصحية ، وهل يرفض مشاركتها في كافة الأنشطة المجتمعية ويرفض حصولها على قروض الإئتمان الزراعي ، ويرفض تمتع المرأة بظروف ملائمة للحياة؟
المادة 15: تنص هذه المادة على أن جميع الدول الأطراف في الاتفاقية يجب أن يلتزموا ب «مساواة المرأة مع الرجل أمام القانون»، بما في ذلك «أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل». كما تنص على «حصول المرأة علي نفس حقوق الرجل فيما يتعلف بالقانون الخاص بالتحركات الشخصية، وكذلك حريتها في اختيار محل إقامتها ومكان سكنها».
السؤال: هل يرفض الإسلام مساواة المرأة بالرجل أمام القانون ، من حيث الأهلية القانونية ، ومن حيث حقها في الحركة واختيار محل اقامتها ومكان سكنها؟
المادة 16: تهتم هذه المادة ب« جميع أنواع التمييز ضد المرأة في جميع الأمور المختصة بالزواج وتكوين أسرة». فتكفل هذه المادة لكلًا من الزوج والزوجة «نفس الحق في الزواج، واختيار شريك الحياة بحرية»، «وتكفل لهم نفس الحقوق والواجبات أثناء الزواج أيضًا إذ قررا الانفصال»، «ولهم نفس الحقوق والواجبات في كونهم والدي الأطفال»، «نفس الحق في حرية اختيار عدد الأطفال والمدة بين إنجابهم إذا قررا إنجاب أكثر من طفل»، «نفس الحقوق والواجبات كزوج وزوجة متساويين في اختيار اسم للأسرة، وتحديد المهنة»، «نفس الحقوق لكلا الزوجين في التعامل مع ممتلكات الأسرة من حيث الحق في امتلاك، حيازة، إدارة، التحكم، التمتع وحرية التصرف في هذه الممتلكات، سواء إن كان هذا التصرف مجاني أو بمقابل ما».
السؤال: هل يرفض الإسلام منح المرأة نفس حق الرجل في الزواج ، واختيار شريك حياتها بحرية ، وغير ذلك مما جاءت به المادة؟
أخيراً ؛ التساؤل الذي ينبثق ببداهة إلى أذهاننا إذا كانت الإجابة عن الأسئلة السابقة هي تعارض الإسلام مع مواد هذه الإتفاقية ، هل هناك تعارض فعلاً ، وان كان هناك تعارض فهل هو تعارض بين الاتفاقية والإسلام أم بين الإتفاقية وفهم البعض للإسلام؟
وسؤال آخر: هل هذه الإتفاقية عادلة أم ظالمة ، إن كانت عادلة ، حين اعتبرت المرأة انساناً ، فهل الإسلام ظالم؟ أم أن فهم البعض للإسلام ظالم؟
ويجدر بنا أن نذكِّر بمسألة مهمة : أن المرأة والذكر ، لم يختلفا إلا لأن أحد الحيوانات المنوية كان يحمل كروموسوم (X) ، والآخر يحمل الكروموسوم (Y) ، فهل تتم مصادرة حقوق المرأة لمجرد هذه الصدفة البيولوجية؟
إنني لن أجيب على كل هذه الاسئلة وإنما أترك للقراء اختيار إجابتهم بأنفسهم.