صدر الفرمان رقم (......) لعام (.......) بنقل المدعو أحمد على قنديل من ديوان الرسائل بالقصر السلطاني إلى قصر الحريم وقد كتب الفرمان باللغات القومية الثلاث للدولة وسلمني إياه الوزير الأول .وكان مشهدا عجيبا .من عادتنا نحن كتاب الرسائل أن ننحنى تعظيما وإجلالا للوزير الأول-لم أصدق نفسي الوزير الأول – كنا تقبل قدمه قبل أن ينهانا السلطان عن فعل ذلك ليقتصر تقبيل الأقدام عليه فقط - ينحني لي إجلالاً وتعظيماً ! قدم لي الفرمان ، كنت أعرف ما فيه لأنني في الواقع أنا الذي كتبته بيدي، لكن ماذا يفعل كاتب رسائل مثلى أفنى عمره في كتابة الرسائل والتأليف والترجمة ؟!
كان الوزير الأول قد عاد وأخذ منى الفرمان وهو ينحني بشدة هذه المرة ، مما شجعني أن أساله وإن كان في حياء :
- ماذا أفعل ياسيدى الوزير في قصر الحريم ؟
- عفواً ياسيدى الوزير ستكون من الآن وزيراً لقصر الحريم .
- وزيراً لقصر الحريم
ثم مال برأسه نحوى في أدب ، ويبدو أنه كان يبتسم ،ولم تكن رائحة فمه الكريهة بغريبة على ، و
همس :-
- ستكون المدلك الخاص للملكة.
صحت حانقاً ، وكنت قد عرفت مصيري ولن يجدي أن ألتزم الوقار:
- ولكنى لست خصباً !
فرد على الوزير الأول في برود جعلني أشعر بالخجل:
- وهل هناك وزير خصي ؟!
قال ذلك وتركني فخرجت في إثره. لم أجد الوزير الأول ولكن وجدت غلاما ًجميلاً أدركت أنه جئ به خصيصاً لي كان يرتدى حلة نسائية مفضضة وحذاء صيفي بسيط، تبدو فيه أصابعه الرقيقة قد لون أطرافها كزهرتين سقطتا تواً من فوق الشجرة ، و يمسك بلجام مهرة بيضاء .. تقدم منى قائلاً بصوت رقيق :
- تفضل سيدي إلى القصر .
ركبت المهرة مسحوراً – وكأنني أنفذ أمراً سلطانياً وأخذت طوال الطريق أختلس النظر إلى الغلام العجيب الذي لم أر أجمل منه في هذه المملكة المترامية الأطراف, لم تكن المسافة بين ديوان الرسائل وقصر الحريم طويلة؛ أستطيع أن أرى الملكة وهى بين جواريها السبعين وكنت أستطيع تمييزها من بينهن بخاتمها الماسي الكبير الذي كان يعكس أشعة الشمس قوية على عيني المجهدتين ،سألت الغلام في وقار :
-هل الملكة في انتظاري ؟
فكر الغلام وكأنه يبحث عن إجابة مناسبة تليق بالملكة والوزير معا ، ثم قال :
- ملكتنا العظيمة تنتظر وزيرنا الكبير مدلك السيقان
وأخذت أفكر أنني لست خصيا ... ألا تعرف الملكة ذلك ؟ وهل ستم إخصائى ؟ وصلنا القصر ولم أهتد إلى حل. نزلت من فوق المهرة فأخذها غلام آخر واختفى سرت أنا والغلام في حديقة القصر ، ثم سرنا بعد ذلك في ممر ضيق مفروش بسجاد فارسي منقوش وعندما أخذت أتأمل النقوش اكتشفت أنني أسير حافي القدمين وعندما اقتربت من الملكة كنت أسير عاريا ً كما ولدتني أمي ووجدتني أدارى عورتي بيدي ، يد فوق قبلي والأخرى فوق دبري كل ذلك والغلام يسير بجواري والملكة في نهاية الممر تجلس فوق أريكة عاجية مكسوة بالمفارش الحريرية يجلس بجانبها جاريتان مثل الظلام وكنت مترنحا كالسكران ، وكان وجه الملكة مضيئاً كالبدر وكلما اقتربت وجدت الملكة تبتسم، ألقيت السلام وانحنيت بشدة، ردت الملكة التحية وهى تنزل إحدى ساقيها من فوق الأخرى ثم أذنت لي بالجلوس فإذا بالجارتين يتركانا وحدنا وبحثت عن الغلام، فلم أجده ، قلت وأنا أحاول ابتلاع ريقي ولا زلت مداريا عورتي :
- عفواً يا ملكتي لكني لست من الخصيان
- أعرف
قالت الملكة وأخذتني من يدي .. سرت بمحاذاتها نحو نافذة كبيرة ... قالت :
- انظر
رأيت السلطان ، سلطان البلاد وقد تحول إلى كلب كبير هرم يجر مجهداً عربة خشبية في حديقة القصر بينما كان الوزير الأول وقد تحول إلى فأر يجلس فوق العربة ماسكاً بسوط رفيع في يده وعند ذلك شعرت بألم شديد في ظهري.فأسرعت يدي إلى مكان الألم فلم أجد شيئا
قال الغلام الذي كان يجلس قبالى أنني صرخت صرخة مدوية وحمدت الله أنني كنت أحلم وأن هذا ليس حقيقة و قد تأكدت أنني أرتدي ملابس كاملة ، فأصلحت من حال عمامتي وعدلت من وضع الريشة ولممت فتحة القفطان قليلاً وقلت للغلام:
- لماذا تركتني أنام كل هذا الوقت؟
وكان موظفو الديوان قد ذهبوا جميعاً , فقال الغلام في أدب جم :
- خشيت أن أوقظك يا سيدي
قلت
– إذن أسرج البغلة
فقال الغلام
- لم ينته الدوام بعد يا سيدي
فصحت متعجباً:
- كيف ؟
وقرأ الغلام على وجهي أسئلة أخرى كثيرة فأجاب في تفهم وذكاء معا:
- الاضطرابات نعم البلاد يا سيدي
فسألته شارداً:
- والسلطان ؟
فقال:
- سملت عيناه
وأكملت أنا:
- وأصبح الوزير الأول سلطان البلاد
فأجاب الصبي :
- نعم يا سيدي .
فقلت:
- أغرب عن وجهي، ثكلتك أمك.
وعندما اختفى الغلام تسللت من الباب الخلفى الديوان وخرجت مترجلا لا أعرف إلى أسير ، لكننى كنت أعرف جيدا أننى لن أذهب إلى قصر الحريم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثكلتك أمك
قصة قصيرة
تأليف: د. محمد عبدالحليم غنيم
كان الوزير الأول قد عاد وأخذ منى الفرمان وهو ينحني بشدة هذه المرة ، مما شجعني أن أساله وإن كان في حياء :
- ماذا أفعل ياسيدى الوزير في قصر الحريم ؟
- عفواً ياسيدى الوزير ستكون من الآن وزيراً لقصر الحريم .
- وزيراً لقصر الحريم
ثم مال برأسه نحوى في أدب ، ويبدو أنه كان يبتسم ،ولم تكن رائحة فمه الكريهة بغريبة على ، و
همس :-
- ستكون المدلك الخاص للملكة.
صحت حانقاً ، وكنت قد عرفت مصيري ولن يجدي أن ألتزم الوقار:
- ولكنى لست خصباً !
فرد على الوزير الأول في برود جعلني أشعر بالخجل:
- وهل هناك وزير خصي ؟!
قال ذلك وتركني فخرجت في إثره. لم أجد الوزير الأول ولكن وجدت غلاما ًجميلاً أدركت أنه جئ به خصيصاً لي كان يرتدى حلة نسائية مفضضة وحذاء صيفي بسيط، تبدو فيه أصابعه الرقيقة قد لون أطرافها كزهرتين سقطتا تواً من فوق الشجرة ، و يمسك بلجام مهرة بيضاء .. تقدم منى قائلاً بصوت رقيق :
- تفضل سيدي إلى القصر .
ركبت المهرة مسحوراً – وكأنني أنفذ أمراً سلطانياً وأخذت طوال الطريق أختلس النظر إلى الغلام العجيب الذي لم أر أجمل منه في هذه المملكة المترامية الأطراف, لم تكن المسافة بين ديوان الرسائل وقصر الحريم طويلة؛ أستطيع أن أرى الملكة وهى بين جواريها السبعين وكنت أستطيع تمييزها من بينهن بخاتمها الماسي الكبير الذي كان يعكس أشعة الشمس قوية على عيني المجهدتين ،سألت الغلام في وقار :
-هل الملكة في انتظاري ؟
فكر الغلام وكأنه يبحث عن إجابة مناسبة تليق بالملكة والوزير معا ، ثم قال :
- ملكتنا العظيمة تنتظر وزيرنا الكبير مدلك السيقان
وأخذت أفكر أنني لست خصيا ... ألا تعرف الملكة ذلك ؟ وهل ستم إخصائى ؟ وصلنا القصر ولم أهتد إلى حل. نزلت من فوق المهرة فأخذها غلام آخر واختفى سرت أنا والغلام في حديقة القصر ، ثم سرنا بعد ذلك في ممر ضيق مفروش بسجاد فارسي منقوش وعندما أخذت أتأمل النقوش اكتشفت أنني أسير حافي القدمين وعندما اقتربت من الملكة كنت أسير عاريا ً كما ولدتني أمي ووجدتني أدارى عورتي بيدي ، يد فوق قبلي والأخرى فوق دبري كل ذلك والغلام يسير بجواري والملكة في نهاية الممر تجلس فوق أريكة عاجية مكسوة بالمفارش الحريرية يجلس بجانبها جاريتان مثل الظلام وكنت مترنحا كالسكران ، وكان وجه الملكة مضيئاً كالبدر وكلما اقتربت وجدت الملكة تبتسم، ألقيت السلام وانحنيت بشدة، ردت الملكة التحية وهى تنزل إحدى ساقيها من فوق الأخرى ثم أذنت لي بالجلوس فإذا بالجارتين يتركانا وحدنا وبحثت عن الغلام، فلم أجده ، قلت وأنا أحاول ابتلاع ريقي ولا زلت مداريا عورتي :
- عفواً يا ملكتي لكني لست من الخصيان
- أعرف
قالت الملكة وأخذتني من يدي .. سرت بمحاذاتها نحو نافذة كبيرة ... قالت :
- انظر
رأيت السلطان ، سلطان البلاد وقد تحول إلى كلب كبير هرم يجر مجهداً عربة خشبية في حديقة القصر بينما كان الوزير الأول وقد تحول إلى فأر يجلس فوق العربة ماسكاً بسوط رفيع في يده وعند ذلك شعرت بألم شديد في ظهري.فأسرعت يدي إلى مكان الألم فلم أجد شيئا
قال الغلام الذي كان يجلس قبالى أنني صرخت صرخة مدوية وحمدت الله أنني كنت أحلم وأن هذا ليس حقيقة و قد تأكدت أنني أرتدي ملابس كاملة ، فأصلحت من حال عمامتي وعدلت من وضع الريشة ولممت فتحة القفطان قليلاً وقلت للغلام:
- لماذا تركتني أنام كل هذا الوقت؟
وكان موظفو الديوان قد ذهبوا جميعاً , فقال الغلام في أدب جم :
- خشيت أن أوقظك يا سيدي
قلت
– إذن أسرج البغلة
فقال الغلام
- لم ينته الدوام بعد يا سيدي
فصحت متعجباً:
- كيف ؟
وقرأ الغلام على وجهي أسئلة أخرى كثيرة فأجاب في تفهم وذكاء معا:
- الاضطرابات نعم البلاد يا سيدي
فسألته شارداً:
- والسلطان ؟
فقال:
- سملت عيناه
وأكملت أنا:
- وأصبح الوزير الأول سلطان البلاد
فأجاب الصبي :
- نعم يا سيدي .
فقلت:
- أغرب عن وجهي، ثكلتك أمك.
وعندما اختفى الغلام تسللت من الباب الخلفى الديوان وخرجت مترجلا لا أعرف إلى أسير ، لكننى كنت أعرف جيدا أننى لن أذهب إلى قصر الحريم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثكلتك أمك
قصة قصيرة
تأليف: د. محمد عبدالحليم غنيم