لا أجدُ صعوبةَ في التَّعاطفِ مع المرضى و لكنَّ الجلوسَ في غرف الانتظار في المستشفيات ليس من أحبِّ هواياتي. و لهذا فأنا لم أجد صعوبةً في تركِ والدتي وحدها لمدةِ يومين في غرفة الإنعاش. و على عكسي تماماً فإنَّ أمي تعشق المستشفيات و تزورها أكثر من زيارتها قبر والدتها. و لم تكن في الحقيقةِ ممتنةً لبقائها وحدها هناك فما غايةُ المكوثِ في المستشفى إن لم يكن هناكَ من ينتظرك خارجَ باب غرفتك؟ جزءٌ من سعادةِ العودةِ إلى المنزل تكمنُ في شعورِ المريض أنَّ هناكَ من يترقب عودته و يجب على هذا التّرقب أن يكونَ جلياً كأنَ تجلسَ على كرسيٍ بجانبه طوال فترةٍ رقودهِ في سريرِ المرض و أنا لم أفعل هذا و قد أغضبها. اعتادت والدتي أن تكونَ مركز اهتمام الجميع و على الرَّغم من كونها تدعي الانزعاج من هذا الاهتمام إلَّا أنَّها تفعلُ المستحيل لتحصل على المزيد منه و قد منحها مرضها فرصةً مناسبةً لذلك. أمضيتُ خمسَ سنواتٍ من عمري أقلقُ عليها, أراقبُ تنفسها, ضغطها و حتى لونُ برازها و لم يكنْ ذلك مزعجاً و لكنَّ المزعج حقاً أنَّها رفضت التَّعافي:
" أحييكِ لقد هزمتِ المرضَ بشجاعةٍ مذهلة, بإمكاني القول أنَّكِ سليمة تماماً منذ الآن".
كنتُ أنتظرُ رد فعلها الذي كانَ متوقعاً تقريباً بالنِّسبةِ لي و هي لم تبخل به علي فقد صرخت به ما إن وطأتْ قدمها عتبةَ المنزل :
" سليمة! كيف أكونُ سليمة؟ انظري ألا ترين احمرار جفوني؟ انظري إلى ارتعاشِ يدي! "
و لم يكن كلامُ الطَّبيب أكثر قسوةً من رد فعلي فأنا لم أقل شيئاً أبداً استمعتُ إلى كلامها من دون أن أعلق بأي شيء و قد أغضبها هذا و أدركت لحظتها أنَّ اهتمامي سيقل فهي بخير و هي بخير بالفعل. في ذلكَ اليوم وجدت خطةً بديلة فقد صرختْ صباحاً
" أعتقد أني أصاب بأزمةٍ قلبية ".
خرجَ الطَّبيب من غرفتها بعد ساعاتٍ من الفحص و التصوير و تخطيطِ القلب ليقول :
" حالةُ والدتك مُربكة, فهي طبياً بخير جميعُ الأجهزة تقولُ هذا و لكنَّها تصرٌّ على ذكرِ أعراض توحي بأنَّها يجب أن تكون ميتة منذ ثلاثةِ أيام! ".
كانَ الطّبيب مذهولاً في حسن كنتُ أعلم تماماً التّفسير لهذه الحالة المُركبة. غيرَ أنَّها لم تضع في الحسبان أنَّ أمرها سيكشف و الشَّكر في هذا يعودُ للتَّحاليل, التّصوير الشُّعاعي, و تخطيط القلب . كانَ عليها مغادرةَ المستشفى في نهاية الأمر و لكنَّها لم تيأس فبعد عشرة أيام صرخت من جديد:
" أعتقد أني أعاني نزيفاً في معدتي".
لحظتها قررتُ تجاهلَ أنَّها استهلكتْ طاقتي خلالَ خمس أعوام كنتُ سعيدةً لوقوفي بجانبها و لكنَّها ترفضُ منحي فرصةً لالتقاطِ أنفاسي, قررتُ العودة إلى نقطة البداية معها :
" أعتقد فعلاً أنَّكِ تعانينَ نزيفاً, انتظري هنا سأتصل بالإسعاف" .
" أحييكِ لقد هزمتِ المرضَ بشجاعةٍ مذهلة, بإمكاني القول أنَّكِ سليمة تماماً منذ الآن".
كنتُ أنتظرُ رد فعلها الذي كانَ متوقعاً تقريباً بالنِّسبةِ لي و هي لم تبخل به علي فقد صرخت به ما إن وطأتْ قدمها عتبةَ المنزل :
" سليمة! كيف أكونُ سليمة؟ انظري ألا ترين احمرار جفوني؟ انظري إلى ارتعاشِ يدي! "
و لم يكن كلامُ الطَّبيب أكثر قسوةً من رد فعلي فأنا لم أقل شيئاً أبداً استمعتُ إلى كلامها من دون أن أعلق بأي شيء و قد أغضبها هذا و أدركت لحظتها أنَّ اهتمامي سيقل فهي بخير و هي بخير بالفعل. في ذلكَ اليوم وجدت خطةً بديلة فقد صرختْ صباحاً
" أعتقد أني أصاب بأزمةٍ قلبية ".
خرجَ الطَّبيب من غرفتها بعد ساعاتٍ من الفحص و التصوير و تخطيطِ القلب ليقول :
" حالةُ والدتك مُربكة, فهي طبياً بخير جميعُ الأجهزة تقولُ هذا و لكنَّها تصرٌّ على ذكرِ أعراض توحي بأنَّها يجب أن تكون ميتة منذ ثلاثةِ أيام! ".
كانَ الطّبيب مذهولاً في حسن كنتُ أعلم تماماً التّفسير لهذه الحالة المُركبة. غيرَ أنَّها لم تضع في الحسبان أنَّ أمرها سيكشف و الشَّكر في هذا يعودُ للتَّحاليل, التّصوير الشُّعاعي, و تخطيط القلب . كانَ عليها مغادرةَ المستشفى في نهاية الأمر و لكنَّها لم تيأس فبعد عشرة أيام صرخت من جديد:
" أعتقد أني أعاني نزيفاً في معدتي".
لحظتها قررتُ تجاهلَ أنَّها استهلكتْ طاقتي خلالَ خمس أعوام كنتُ سعيدةً لوقوفي بجانبها و لكنَّها ترفضُ منحي فرصةً لالتقاطِ أنفاسي, قررتُ العودة إلى نقطة البداية معها :
" أعتقد فعلاً أنَّكِ تعانينَ نزيفاً, انتظري هنا سأتصل بالإسعاف" .