"الليل ذئب يلتهم المدينة الحزينة كما تلتهم الحرب الضروس أرواحنا، وأنا بيدق يموت من أجل أن يحيا الملك"، عبارة كتبتها على صفحتي في الفيسبوك على صوت موسيقى "القادمون" حينما علا صوت أمي متأففة من غرفة الجلوس:
- نامي، فقد انتصف الليل يا "أسيل"، سئمت منك ومن "القادمين" وموسيقاهم الملعونة.
بانكسار أخفضت صوت الموسيقى، وضعت الحاسوب قريباً مني، تربّعت على فراشي مسندةً ظهري الى الحائط، عقدت ذراعيّ، أغمضت عينيّ وقد اضطربت الأنفاس في صدري من هول ذكرىً ترفض إلا أن تؤرّقني وتنهش ما تبقى من بصري.
كان آخر يوم لي في الامتحان، خرجت من المدرسة مطأطأة الرأس إذ لم أبلِ حسناً في مادة التاريخ، ذهلت حينما لم أجد الباص فَرُحتُ ألعن السائق الذي غادر دون أن يتنبه لغيابي. المسافة بين المدرسة والبيت الذي نسكنه مؤقتًا ليست بعيدة، إلّا أنّها منطقة مدمّرة إثر المداهمات التي قام بها الجيش لإلقاء القبض على المشتبه بهم بالانتماء الى جماعات اسلامية متشددة. شددت حقيبتي الى ظهري ومشيت، صمتٌ يطبق على المكان فلا يكسره سوى صدى دويّ انفجارات تتردد من خلف التلال... فجأة، ومن أحد المباني المهجورة، سمعت صوتًا ينادي باسمي، بحذر تلفّت حولي، لم أجد سوى الفراغ، على بعد أمتار مني، عند منعطف الشارع يقف بائع برتقال، هرولت نحوه مسرعة وكلّي أمل بالخلاص من دوامة الخوف والتيه التي أقحمت فيها دون أن أدري.
ما كدت أحاذي البائع حتى شعرت بأيدٍ غليظة تتشبث بكتفيّ وذراعيّ من الخلف، حاولت أن أصرخ، غاب صوتي، رجلاي تضربان خبط عشواء في محاولة للفرار من عمق الكابوس، ثم رأيتني أصرخ، أبكي، أستغيث، أتوسل لكن لا شي سوى قهقهات ونكات شيطانية تستجيب لي.
اقتادوني بوحشية إلى داخل شقة في إحدى البنايات المهدّمة، بكل سادية راح أحدهم يشدّ شعري فيما الآخر يتحسس شفتيّ وعنقي ونهديّ وهو يمزق ملابسي، صرخت بجنون هستيري وأنا أراهما يتناوبان على اغتصابي وبذر الموت في مسام جسدي، قريبًا جدًا وقف الرجل الثالث يصوّر ما يحصل وينفث دخان سيجارته دوائر تلتف كأفاعٍ حول عنقي.
لست أدري كم مرّ من الوقت ولوحة الفناء ترتسم فوق جلدي، ما أذكره هو أنّ الوحوش تركتني بعد أن بصق أحدهم في وجهي وركلني الآخر على ظهري، جلسوا يرقبون الفيلم المصوّر فيما رحت أزحف منسحبة إلى زاوية الغرفة ساترةً نفسي بيدين مرتعشتين، دموعي مطر أسود وآلام تزهق روحي.
بعينين يغشاهما ضباب الفجيعة لمحت أحد الرجال يتحسس وجهه حيث نشبت أظافري، حدجني بنظرة مازج فيها بين الاشتهاء والحقد، فرك كفيه وتأهب للانقضاض عليّ مرة أخرى، صرخت بجنون وتكورت على نفسي مدبرة وجهي نحو الحائط... أسمع صوت الباب يُفتح ورجل يقول:
- دعها يا هذا، ما نريده هو الفيلم.
شعرت برأسي ينفجر وجسدي يتشظى في أنحاء المعمورة، روحي تتخبط في صدري كأنما أنا طائر يُذبح ويصفق بجناحيه محتضرًا... الصوت! أعرف هذا الصوت! إلتفتّ، يقف والدي عند الباب، طالما كنت أخشى أن يراني أكلّم ابن الجيران، يعبس في وجه أختي إن ضحكت بصوت عالٍ... والآن أصرخ مذبوحة، أنتف شعري، أنشب أظافري في وجهي وفي عينيّ.. جحظت عينا والدي وهو يحدّق بي عاريةً مهشمة، صرخ بجنون هستيري، راح يضرب رأسه بالحائط ثم تهاوى على الأرض.
- نامي، فقد انتصف الليل يا "أسيل"، سئمت منك ومن "القادمين" وموسيقاهم الملعونة.
بانكسار أخفضت صوت الموسيقى، وضعت الحاسوب قريباً مني، تربّعت على فراشي مسندةً ظهري الى الحائط، عقدت ذراعيّ، أغمضت عينيّ وقد اضطربت الأنفاس في صدري من هول ذكرىً ترفض إلا أن تؤرّقني وتنهش ما تبقى من بصري.
كان آخر يوم لي في الامتحان، خرجت من المدرسة مطأطأة الرأس إذ لم أبلِ حسناً في مادة التاريخ، ذهلت حينما لم أجد الباص فَرُحتُ ألعن السائق الذي غادر دون أن يتنبه لغيابي. المسافة بين المدرسة والبيت الذي نسكنه مؤقتًا ليست بعيدة، إلّا أنّها منطقة مدمّرة إثر المداهمات التي قام بها الجيش لإلقاء القبض على المشتبه بهم بالانتماء الى جماعات اسلامية متشددة. شددت حقيبتي الى ظهري ومشيت، صمتٌ يطبق على المكان فلا يكسره سوى صدى دويّ انفجارات تتردد من خلف التلال... فجأة، ومن أحد المباني المهجورة، سمعت صوتًا ينادي باسمي، بحذر تلفّت حولي، لم أجد سوى الفراغ، على بعد أمتار مني، عند منعطف الشارع يقف بائع برتقال، هرولت نحوه مسرعة وكلّي أمل بالخلاص من دوامة الخوف والتيه التي أقحمت فيها دون أن أدري.
ما كدت أحاذي البائع حتى شعرت بأيدٍ غليظة تتشبث بكتفيّ وذراعيّ من الخلف، حاولت أن أصرخ، غاب صوتي، رجلاي تضربان خبط عشواء في محاولة للفرار من عمق الكابوس، ثم رأيتني أصرخ، أبكي، أستغيث، أتوسل لكن لا شي سوى قهقهات ونكات شيطانية تستجيب لي.
اقتادوني بوحشية إلى داخل شقة في إحدى البنايات المهدّمة، بكل سادية راح أحدهم يشدّ شعري فيما الآخر يتحسس شفتيّ وعنقي ونهديّ وهو يمزق ملابسي، صرخت بجنون هستيري وأنا أراهما يتناوبان على اغتصابي وبذر الموت في مسام جسدي، قريبًا جدًا وقف الرجل الثالث يصوّر ما يحصل وينفث دخان سيجارته دوائر تلتف كأفاعٍ حول عنقي.
لست أدري كم مرّ من الوقت ولوحة الفناء ترتسم فوق جلدي، ما أذكره هو أنّ الوحوش تركتني بعد أن بصق أحدهم في وجهي وركلني الآخر على ظهري، جلسوا يرقبون الفيلم المصوّر فيما رحت أزحف منسحبة إلى زاوية الغرفة ساترةً نفسي بيدين مرتعشتين، دموعي مطر أسود وآلام تزهق روحي.
بعينين يغشاهما ضباب الفجيعة لمحت أحد الرجال يتحسس وجهه حيث نشبت أظافري، حدجني بنظرة مازج فيها بين الاشتهاء والحقد، فرك كفيه وتأهب للانقضاض عليّ مرة أخرى، صرخت بجنون وتكورت على نفسي مدبرة وجهي نحو الحائط... أسمع صوت الباب يُفتح ورجل يقول:
- دعها يا هذا، ما نريده هو الفيلم.
شعرت برأسي ينفجر وجسدي يتشظى في أنحاء المعمورة، روحي تتخبط في صدري كأنما أنا طائر يُذبح ويصفق بجناحيه محتضرًا... الصوت! أعرف هذا الصوت! إلتفتّ، يقف والدي عند الباب، طالما كنت أخشى أن يراني أكلّم ابن الجيران، يعبس في وجه أختي إن ضحكت بصوت عالٍ... والآن أصرخ مذبوحة، أنتف شعري، أنشب أظافري في وجهي وفي عينيّ.. جحظت عينا والدي وهو يحدّق بي عاريةً مهشمة، صرخ بجنون هستيري، راح يضرب رأسه بالحائط ثم تهاوى على الأرض.