لا يعرّف العدم ولا يوصف إلاّ على وجه الاستعارة ،لذلك مثلّناه بتلك الشقوق وما تحدثه من فجوات في جدران الوجود، مسالك هي من الفراغ واللاّشيء، تنساب بين الفينة والأخرى، تتخلّل مشاعرنا أحاسيسنا أفكارنا مشاريعنا أنفاسنا .
فكلّ ما نحياه ننجزه و نشهده أو نشعر به ، مسكون بشقوق اللاّشيء .
اللاّشيء القابع في قلب جميع الكائنات، يتشكّل فيتّخذ ألف هيئة وهيئة ،ما انفكّت تزول كالسّراب .
ونحن لا ندرك اللاّشيء إلّا حين ينتابنا القلق ، لا تتقمّصه أيّة عبارة ،وهو عصيّ على كلّ معنى أو تعبير.
فلولا العدم لما كان بين الكلمة والكلمة فاصل من صمت ،ولولا العدم لما كان الحبّ شوقا وانتظارا قبل أن يخمد ،ولولا العدم لما فتنّا بالجمال، ولولا العدم لما هبّت الأحاسيس داخلنا لكي تخبو بعد حين.
إنّه شبيه بخفايا الرّياح العاصفة الّتي لا ترى ، أو شفافيّة الماء الّتي تعكس جميع الصور دون أن تتّخذ لونا أو صورة ،أو السّكون وهو يلفظ الحركة المستمرّة ولو للحظة عابرة .
لانّ العدم هو الوجه الآخر للواقع ، فكلّ شيء من خلاله، يكون ولا يكون ، يحلّ ولا يحلّ ، يتجسّد ولا يتجسّد ، فمآل كل موجود الاضمحلال والزّوال منذ النشأة .
لن تقاومه اللّغة مع ما استقرّت عليه من معنى وشكل ولئن حاولت ، فالحبر المكتوب على الورق إن لم يمحه الماء أو الريح ،سينفسخ لا محالة بفعل الزمان والنسيان .
إذا ما تملّككم إحساس رهيب بالفراغ، فواجهتم القلق مستسلمين لهزيمتكم غير عابئين ، فلا تملؤوا الفّضاء حولكم بالضّجيج والحركة، لا تملؤوه بكلّ تلك البلبلة، بكلّ ذلك الهذيان والرّواح والغدوّ، لا تملؤوه بالأشياء لنسيان ما تركه العدم في أنفسكم من إحساس .
وإذا احتجتم إلى الصلاة طمعا في الراّحة، فلا تنتظروا أن ترفع عنكم الحجب ..
ما من كائن أو موجود يتغيّر يتحوّل ليبلغ ذروة الإمكان، لولا العدم ،وما من خلق ممكن، لو لم يتسرّب إليه العدم ،لذلك قيل عن الموت : إنّه السّر الأكبر .
وما من حبل تتشبّثون به للنجاة من الغرق في صيرورة العدم إلاّ وانقطع،فلا تتعلّقوا بكلّ هذه الجدران المنهارة وهذه الأمكنة المتحوّلة والأزمنة المتخيّلة، لا تتعلّقوا بموجودات وكائنات يسكنها العدم مثلما يسكنكم ، فلا مفرّ من ذاك الّذي لا اسم له ولا وجود ، ذاك الجزء من اللاّشيء الّذي يزيل ولا يزول ،لأنّه الزّوال بعينه والمحتلّ لقلب الوجود .
كاهنة عباس
فكلّ ما نحياه ننجزه و نشهده أو نشعر به ، مسكون بشقوق اللاّشيء .
اللاّشيء القابع في قلب جميع الكائنات، يتشكّل فيتّخذ ألف هيئة وهيئة ،ما انفكّت تزول كالسّراب .
ونحن لا ندرك اللاّشيء إلّا حين ينتابنا القلق ، لا تتقمّصه أيّة عبارة ،وهو عصيّ على كلّ معنى أو تعبير.
فلولا العدم لما كان بين الكلمة والكلمة فاصل من صمت ،ولولا العدم لما كان الحبّ شوقا وانتظارا قبل أن يخمد ،ولولا العدم لما فتنّا بالجمال، ولولا العدم لما هبّت الأحاسيس داخلنا لكي تخبو بعد حين.
إنّه شبيه بخفايا الرّياح العاصفة الّتي لا ترى ، أو شفافيّة الماء الّتي تعكس جميع الصور دون أن تتّخذ لونا أو صورة ،أو السّكون وهو يلفظ الحركة المستمرّة ولو للحظة عابرة .
لانّ العدم هو الوجه الآخر للواقع ، فكلّ شيء من خلاله، يكون ولا يكون ، يحلّ ولا يحلّ ، يتجسّد ولا يتجسّد ، فمآل كل موجود الاضمحلال والزّوال منذ النشأة .
لن تقاومه اللّغة مع ما استقرّت عليه من معنى وشكل ولئن حاولت ، فالحبر المكتوب على الورق إن لم يمحه الماء أو الريح ،سينفسخ لا محالة بفعل الزمان والنسيان .
إذا ما تملّككم إحساس رهيب بالفراغ، فواجهتم القلق مستسلمين لهزيمتكم غير عابئين ، فلا تملؤوا الفّضاء حولكم بالضّجيج والحركة، لا تملؤوه بكلّ تلك البلبلة، بكلّ ذلك الهذيان والرّواح والغدوّ، لا تملؤوه بالأشياء لنسيان ما تركه العدم في أنفسكم من إحساس .
وإذا احتجتم إلى الصلاة طمعا في الراّحة، فلا تنتظروا أن ترفع عنكم الحجب ..
ما من كائن أو موجود يتغيّر يتحوّل ليبلغ ذروة الإمكان، لولا العدم ،وما من خلق ممكن، لو لم يتسرّب إليه العدم ،لذلك قيل عن الموت : إنّه السّر الأكبر .
وما من حبل تتشبّثون به للنجاة من الغرق في صيرورة العدم إلاّ وانقطع،فلا تتعلّقوا بكلّ هذه الجدران المنهارة وهذه الأمكنة المتحوّلة والأزمنة المتخيّلة، لا تتعلّقوا بموجودات وكائنات يسكنها العدم مثلما يسكنكم ، فلا مفرّ من ذاك الّذي لا اسم له ولا وجود ، ذاك الجزء من اللاّشيء الّذي يزيل ولا يزول ،لأنّه الزّوال بعينه والمحتلّ لقلب الوجود .
كاهنة عباس