توفيق السالمي - مطاردة التفكير..

منذ قرون والمسلمون يطاردون التفكير ويزيحونه عن موقعه ويستبدلونه بالتكرير. كرر القوالب والأفكار القديمة واستحضر القدامى وكتبهم وأعد إنتاج ما كتبوه ... ذلك هو حالهم... وحين ننتقل من التفكير إلى الفهم فهم أيضا يطاردون الفهم ويبعدونه عن حقيقته ويستعيضون عن الفهم بالتفهّم. والتفهّم غير الفهم. التفهّم هو أن تتقبل الفكرة برغم عدم انسجامها مع العقل وأن تحاول أن تجد لها مكانا في نفسك. ذلك ما يعبّرون عنه بخصوصية التفكير الإسلامي.
لذلك يجد المسلم نفسه غريبا في عالم لم يتوقف عن التفكير وعن تجاوز أفهامه السابقة في شتى المجالات نحو أفهام أخرى ليراكم معارف متنوعة ويمرحل المعرفة ويتعرّف على قوانين وآليات التفكير الإنساني وعلى قوانين حركة التاريخ والمجتمع فيوظف كل ذلك في بناء الحضارة...
المسلم الذي لم تتمرحل المعرفة في تصوراته والذي لم يدرك قوانين حركة التاريخ والمجتمع .. المسلم الذي لم يتحرر من التكرير والتفهم لا يمكنه أن يفهم مطالب الناس في العصر الحديث: مطالب الحرية والمساواة لأنه ينظر إليه بآليات تكرير وتفهم لمنظومات تفكير قديمة لم تنتجها. من يتوقف عن السير مع الناس لا يستطيع أن يفهم أسباب تغييرهم للطريق مثلا لأنه لا يعرف حقائق ما يعيشونه .. هو فقط يستغرب الأمر.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى