"الأصول المحتملة لمفردات اللغة الفرنسية" هو عنوان كتاب من إصدار (منشورات المعرفة) الجزائرية 2017، بقلم الباحث اللغوي الجزائري بن عيسى درياسة. العمل، المؤلف من 243 صفحة، يتناول تأثير رابع أكبر لغة في العالم، العربية، في إحدى أكبر اللغات الرومانسية المنبثقة من اللغة اللاتينية، الفرنسية. الدراسة ترحل بنا إلى بداية نشأة اللغة الفرنسية، فتنظر في أصول مفرداتها مؤكده منذ الصفحات الأولى انتسابها إلى أصول عربية. فما مدى تأثير العربية في هذه اللغة؟ وهل بلغ هذا التأثير حد اعتبار الفرنسية لغة خرجت من رحم لغة أم هي العربية؟
جذور روما العروبية
أول سؤال يخطر بالبال ونحن نتفحص الصفحات الأولى: ماذا عن لغة الامبراطورية الرومانية اللاتينية التي تفرّعت عنها كما هو معروف اللغات الرومانسية ومنها الفرنسية؟ بن عيسى درياسة ينفي ذلك نفيا قاطعاً مؤكدا أنها من أصول عربية وأن دراسته قريبة من دراسات مماثلة قام بها قبله باحثون جزائريون مثل صالح قرميش وعبد القادر مرابط والمؤرّخ بن عطية الذي ذكر في كتابه بعنوان ''جذور روما العروبية'': "في أكثر من ألفي سنة قبل الميلاد، وجدت دولة كبرى.. أول دولة بأوروبا تمتد من شواطئ البحر المتوسط بما في ذلك إيطاليا، وحتى بحر البلطيق، إنها دولة الليغور (Ligure) أو الدولة (الليبية الإيبيرية)، دولة تتكلّم فيها شعوب لغة ليست الهندو أوروبية. وقبيل حلول المسيحية اختفت هذه الإمبراطورية الليبية الأوروبية المنتمية لقرطاج، والتي كانت تمتد إلى جنوب البحر المتوسط أيضا، شاملة لسائر حوض البحر المتوسط، بما في ذلك جزره الكبرى، صقلية، وسردينيا، وكورسيكا، فحلّت محلّها الإمبراطورية الرومانية، بعد تدمير قرطاج من روما في 146 ق.م. كل المؤرّخين يعترفون أنه وجدت الإمبراطورية الأتروسكية بإيطاليا ككيان موحّد لإيطاليا قبل تأسيس روما في 753 ق.م. والأتروسك يتكلّمون لغة غير هندوأوروبية، ويكتبونها من اليمين إلى اليسار."
العرب أجداد الفرنسيين
لم يكن اللغويون العرب هم الوحيدين الذين أشاروا إلى انتساب الفرنسية إلى أصول عربية، فقد أكد ذلك أيضا باحثون فرنسيون كبار من أمثال اللغوية الفرنسية هنريت والتر والأكاديمي الفرنسي جون بريفو وهو أحد كبار علماء اللسانيات والمعاجم والذي نشر كتابا بعنوان "أجدادنا العرب.. ما تدين به لغتنا لهم"، مؤلف من 318 صفحة، وفيه يعرض نحو أربعمئة كلمة متداولة في اللغة الفرنسية مؤكداً أنها كلها من أصل عربي! ويذهب بريفو أبعد من ذلك ليؤكد أنّ العربية تشغل المرتبة الثالثة بعد الإنجليزية والإيطالية كمصدر لمفردات المعجم الفرنسي، فالكلمات الفرنسية من أصول عربية أكثر من ضعفي عدد الكلمات الفرنسية المنبثقة من لغة الغاليين، الأجداد الحقيقيين للفرنسيين!
حتى الفاتيكان عربية
مثل جون بريفو، يفكّ لنا الباحث بن عيسى مئات الكلمات الفرنسية من أصول عربية موضحا لنا أصولها العربية وكيف تعرضت للاختصار وتغيير البنية لتظهر في النهاية في شكلها الحالي على شاكلة كلمة bâtiment التي تعني بناء، مؤكدا أنها مشتقة من الكلمة العربية (بيت) التي كانت تكتب baiti ثم حذف منها حرف (i) لتصبح bâti ومنه خرجت أخيرا كلمة bâtiment.
حتى كلمة Vatican (الفاتيكان) من أصل عربي سوري مسيحي، وهي مؤلفة من كلمتين في الأصل Vaiti و cahan المشتقتين من الكلمتين العربيتين (بيت) و(الكهان)، وقد غير حرف (b) بحرف (v) وحذف حرف (i) في وسط الكلمة الأولى، وحذف حرف (h) في الكلمة الثانية لتصبح في الأخير كلمة واحدة: Vatican.
مفردات متطابقة من حيث النطق والمعنى
ويذكر بن عيسى كلمة acheter، وتنطق "أشتي"، ويؤكد أنها منبثقة من كلمة (اشترى) العربية. ويقول إن الكلمة الفرنسية faire منبثقة من الكلمة العربية (فعل). فحسب المؤلف فقد تم استبدال اللاحقة العربية (عل) بالحروف (re). والعجيب في الأمر هو تطابق هذه الكلمات من حيث النطق والمعنى. وما ذكره بن عيسى في هذا الإطار يتوافق وما ذكرته تحية عبد العزيز إسماعيل، وهي أستاذة متخصصة في علم اللغويات، في كتابها بعنوان "اللغة العربية أصل اللغات": "في الانجليزية مثلا لفظ tall بمعنى (طويل) والتشابه بين الكلمتين في النطق واضح" وتؤكد الباحثة حياة أنّ العربية تنفرد عن اللغات الأخرى بمشتقاتها: "ولكنا نجد أن اللفظة العربية تخرج منها مشتقات وتراكيب بلا عدد (طال يطول وطائل وطائلة وطويل وطويلة وذو الطول ومستطيل.. إلخ، بينما اللفظ الإنجليزي Tall لا يخرج منه شيء. ونفس الملاحظة في لفظة أخرى مثل Good بالإنجليزية وبالعربية، (جيّد) وكلاهما متشابه في النطق، ولكنا نجد كلمة (جيّد) يخرج منها الجود والجودة والإجادة ويجيد ويجود وجواد وجياد... إلخ، ولا نجد لفظ Good يخرج منه شيء!"
الدكتور مصطفى حمود يشير أيضاً إلى هذا التشابه العجيب في النطق والمعنى من خلال اللفظة العربية (كهف) ومقابلها في الإنكليزية cave وفي الفرنسية cave وفي الإيطالية cava وفي اللاتينية cavus...
أسماء علم أصولها عربية
بن عيسى يؤكد لنا أنّ تأثير اللغة العربية لا ينحصر في أسماء النكرة وإنما يمتد ليشمل أسماء المعرفة. فيعرض لنا أسماء علم لفلاسفة وشعراء وفنانين وأطباء تكون جميعاً من أصول عربية مثل (أفلاطون) و(فيلياس) و(طاليس). فهذه الأسماء وأيضا أسماء شخصيات سياسية مثل اسم الملك (كرويسوس) و(فيليب) كلها ذات أصول عربية.
ليس كلها متشابهاً
التشابه الواضح والمذهل في النطق على منوال acheter الفرنسية و(اشترى) العربية لا نلمحه في بعض المفردات المسجلة في دراسة بن عيسى. فالاختلاف يبدو أحياناً شاسعا إلى درجة الحديث عن كلمات مختلفة مستقلة بعضها عن الآخر مثل لفظة Nuit وتنطق (نْوِي) والكلمة العربية (ليل) أو manger التي تنطق (مُونْجِي) واللفظة العربية (أكل)، أو ربما كلمةgrammaire التي تنطق (جْرَامير) والكلمة العربية (نحو أو قواعد).
جدل قائم بين الباحثين والمؤرخين
يضاف إلى ذلك اختلاف الباحثين والمؤرخين في أصول اللغات والمفردات. ومن جملة هذه الكلمات اسم "فلسطين" الذي ينسبه بن عيسى إلى أصول مصرية، وهو من جهة محق لأن هذا الاسم مذكور في الوثائق المصرية القديمة بصيغة (بلست). لكن بعض المؤرخين له رأي مختلف وأدلة مختلفة. فقد ذُكِر هذا الاسم أيضاً في مصادر آشورية بصيغة (فلستيا) أو (فلستو) ( بلستو). وذُكِر في اللغة الإغريقية بصيغة (Palaistine). وفي اللغة العبرية يتكرر اسم (peleshet) ثمان مرات في الكتاب المقدس اليهودي.
اختلاف وجهات النظر نراه أيضاً في مفردات أخرى مسجلة في هذا العمل ومنسوبة إلى العربية مثل: (الأولمبياد) التي تنسب إلى اللغة الإغريقية. ففي اليونان وجدت مدينة أوليمبيا التي ظهرت بها الألعاب الأولمبية عام 776ق.م. ويظهر الاختلاف في كلمة (إسمنت) التي تنسب إلى اللاتينية caementum، وكلمة (بروفيسور) المشتقة من الفعل اللاتيني profiteri.
ويؤكد بن عيسى أنّ كلمة (هيمالايا) بالفرنسية من أصل عربي وتعني (قمم عالية)، لكننا إذا بحثنا في الموسوعات العالمية وجدنا تفسيرا مختلفا فهي منبثقة من اللغة السنسكريتية وهي لغة طقوسية قديمة بالهند عمرها 3500 سنة حيث تعني (بيت الثلج): (هيما) تعني الثلج و(لايا) تعني بيت.
وخلاصة القول إنّ دراسة بن عيسى درياسة تبدو ثرية ومهمة تحلق بنا بعيدا إلى بداية نشأة اللغة الفرنسية وقبل ذلك، وتسعى لإلقاء الأضواء على مفردات فرنسية ينسبها المؤلف إلى اللهجات العربية الشامية قبل اختصارها وتغيير بنيتها. بن عيسى يعرض علينا في هذا المعجم مئات المفردات الفرنسية ضمن آلاف المفردات المستخدمة في اللغات الأوربية، يرجح أن تكون منحدرة من اللغة العربية. ويذهب أبعد من ذلك في استنتاجاته إلى حد إنكار أن تكون الفرنسية من أصل لاتيني مثلما هو معروف لدينا، مضيفاً في خاتمة كتابه: "وكنتيجة لذلك، فإنّ ما يقال لنا عن معنى الألفاظ المنبثقة من اللاتينية هو بكل بساطة زائف".
وفي كل الأحوال، تبقى أصول اللغات والمفردات حقلا شائكاً ولغزا محيِّراً وموضوعاً معقدا مفتوحا للبحث والنقاش والجدل، وهو ما لا ينكره المؤلف في كتابه. وفي غياب مدونات ووثائق وشهادات دقيقة للعصور الغابرة، قد تبقى أصول هذه اللغات الكثيرة التي يتحدثها البشر في كامل أرجاء المعمورة أمرا مبهما للأبد".
طيور مهاجرة حرة – بريطانيا
جذور روما العروبية
أول سؤال يخطر بالبال ونحن نتفحص الصفحات الأولى: ماذا عن لغة الامبراطورية الرومانية اللاتينية التي تفرّعت عنها كما هو معروف اللغات الرومانسية ومنها الفرنسية؟ بن عيسى درياسة ينفي ذلك نفيا قاطعاً مؤكدا أنها من أصول عربية وأن دراسته قريبة من دراسات مماثلة قام بها قبله باحثون جزائريون مثل صالح قرميش وعبد القادر مرابط والمؤرّخ بن عطية الذي ذكر في كتابه بعنوان ''جذور روما العروبية'': "في أكثر من ألفي سنة قبل الميلاد، وجدت دولة كبرى.. أول دولة بأوروبا تمتد من شواطئ البحر المتوسط بما في ذلك إيطاليا، وحتى بحر البلطيق، إنها دولة الليغور (Ligure) أو الدولة (الليبية الإيبيرية)، دولة تتكلّم فيها شعوب لغة ليست الهندو أوروبية. وقبيل حلول المسيحية اختفت هذه الإمبراطورية الليبية الأوروبية المنتمية لقرطاج، والتي كانت تمتد إلى جنوب البحر المتوسط أيضا، شاملة لسائر حوض البحر المتوسط، بما في ذلك جزره الكبرى، صقلية، وسردينيا، وكورسيكا، فحلّت محلّها الإمبراطورية الرومانية، بعد تدمير قرطاج من روما في 146 ق.م. كل المؤرّخين يعترفون أنه وجدت الإمبراطورية الأتروسكية بإيطاليا ككيان موحّد لإيطاليا قبل تأسيس روما في 753 ق.م. والأتروسك يتكلّمون لغة غير هندوأوروبية، ويكتبونها من اليمين إلى اليسار."
العرب أجداد الفرنسيين
لم يكن اللغويون العرب هم الوحيدين الذين أشاروا إلى انتساب الفرنسية إلى أصول عربية، فقد أكد ذلك أيضا باحثون فرنسيون كبار من أمثال اللغوية الفرنسية هنريت والتر والأكاديمي الفرنسي جون بريفو وهو أحد كبار علماء اللسانيات والمعاجم والذي نشر كتابا بعنوان "أجدادنا العرب.. ما تدين به لغتنا لهم"، مؤلف من 318 صفحة، وفيه يعرض نحو أربعمئة كلمة متداولة في اللغة الفرنسية مؤكداً أنها كلها من أصل عربي! ويذهب بريفو أبعد من ذلك ليؤكد أنّ العربية تشغل المرتبة الثالثة بعد الإنجليزية والإيطالية كمصدر لمفردات المعجم الفرنسي، فالكلمات الفرنسية من أصول عربية أكثر من ضعفي عدد الكلمات الفرنسية المنبثقة من لغة الغاليين، الأجداد الحقيقيين للفرنسيين!
حتى الفاتيكان عربية
مثل جون بريفو، يفكّ لنا الباحث بن عيسى مئات الكلمات الفرنسية من أصول عربية موضحا لنا أصولها العربية وكيف تعرضت للاختصار وتغيير البنية لتظهر في النهاية في شكلها الحالي على شاكلة كلمة bâtiment التي تعني بناء، مؤكدا أنها مشتقة من الكلمة العربية (بيت) التي كانت تكتب baiti ثم حذف منها حرف (i) لتصبح bâti ومنه خرجت أخيرا كلمة bâtiment.
حتى كلمة Vatican (الفاتيكان) من أصل عربي سوري مسيحي، وهي مؤلفة من كلمتين في الأصل Vaiti و cahan المشتقتين من الكلمتين العربيتين (بيت) و(الكهان)، وقد غير حرف (b) بحرف (v) وحذف حرف (i) في وسط الكلمة الأولى، وحذف حرف (h) في الكلمة الثانية لتصبح في الأخير كلمة واحدة: Vatican.
مفردات متطابقة من حيث النطق والمعنى
ويذكر بن عيسى كلمة acheter، وتنطق "أشتي"، ويؤكد أنها منبثقة من كلمة (اشترى) العربية. ويقول إن الكلمة الفرنسية faire منبثقة من الكلمة العربية (فعل). فحسب المؤلف فقد تم استبدال اللاحقة العربية (عل) بالحروف (re). والعجيب في الأمر هو تطابق هذه الكلمات من حيث النطق والمعنى. وما ذكره بن عيسى في هذا الإطار يتوافق وما ذكرته تحية عبد العزيز إسماعيل، وهي أستاذة متخصصة في علم اللغويات، في كتابها بعنوان "اللغة العربية أصل اللغات": "في الانجليزية مثلا لفظ tall بمعنى (طويل) والتشابه بين الكلمتين في النطق واضح" وتؤكد الباحثة حياة أنّ العربية تنفرد عن اللغات الأخرى بمشتقاتها: "ولكنا نجد أن اللفظة العربية تخرج منها مشتقات وتراكيب بلا عدد (طال يطول وطائل وطائلة وطويل وطويلة وذو الطول ومستطيل.. إلخ، بينما اللفظ الإنجليزي Tall لا يخرج منه شيء. ونفس الملاحظة في لفظة أخرى مثل Good بالإنجليزية وبالعربية، (جيّد) وكلاهما متشابه في النطق، ولكنا نجد كلمة (جيّد) يخرج منها الجود والجودة والإجادة ويجيد ويجود وجواد وجياد... إلخ، ولا نجد لفظ Good يخرج منه شيء!"
الدكتور مصطفى حمود يشير أيضاً إلى هذا التشابه العجيب في النطق والمعنى من خلال اللفظة العربية (كهف) ومقابلها في الإنكليزية cave وفي الفرنسية cave وفي الإيطالية cava وفي اللاتينية cavus...
أسماء علم أصولها عربية
بن عيسى يؤكد لنا أنّ تأثير اللغة العربية لا ينحصر في أسماء النكرة وإنما يمتد ليشمل أسماء المعرفة. فيعرض لنا أسماء علم لفلاسفة وشعراء وفنانين وأطباء تكون جميعاً من أصول عربية مثل (أفلاطون) و(فيلياس) و(طاليس). فهذه الأسماء وأيضا أسماء شخصيات سياسية مثل اسم الملك (كرويسوس) و(فيليب) كلها ذات أصول عربية.
ليس كلها متشابهاً
التشابه الواضح والمذهل في النطق على منوال acheter الفرنسية و(اشترى) العربية لا نلمحه في بعض المفردات المسجلة في دراسة بن عيسى. فالاختلاف يبدو أحياناً شاسعا إلى درجة الحديث عن كلمات مختلفة مستقلة بعضها عن الآخر مثل لفظة Nuit وتنطق (نْوِي) والكلمة العربية (ليل) أو manger التي تنطق (مُونْجِي) واللفظة العربية (أكل)، أو ربما كلمةgrammaire التي تنطق (جْرَامير) والكلمة العربية (نحو أو قواعد).
جدل قائم بين الباحثين والمؤرخين
يضاف إلى ذلك اختلاف الباحثين والمؤرخين في أصول اللغات والمفردات. ومن جملة هذه الكلمات اسم "فلسطين" الذي ينسبه بن عيسى إلى أصول مصرية، وهو من جهة محق لأن هذا الاسم مذكور في الوثائق المصرية القديمة بصيغة (بلست). لكن بعض المؤرخين له رأي مختلف وأدلة مختلفة. فقد ذُكِر هذا الاسم أيضاً في مصادر آشورية بصيغة (فلستيا) أو (فلستو) ( بلستو). وذُكِر في اللغة الإغريقية بصيغة (Palaistine). وفي اللغة العبرية يتكرر اسم (peleshet) ثمان مرات في الكتاب المقدس اليهودي.
اختلاف وجهات النظر نراه أيضاً في مفردات أخرى مسجلة في هذا العمل ومنسوبة إلى العربية مثل: (الأولمبياد) التي تنسب إلى اللغة الإغريقية. ففي اليونان وجدت مدينة أوليمبيا التي ظهرت بها الألعاب الأولمبية عام 776ق.م. ويظهر الاختلاف في كلمة (إسمنت) التي تنسب إلى اللاتينية caementum، وكلمة (بروفيسور) المشتقة من الفعل اللاتيني profiteri.
ويؤكد بن عيسى أنّ كلمة (هيمالايا) بالفرنسية من أصل عربي وتعني (قمم عالية)، لكننا إذا بحثنا في الموسوعات العالمية وجدنا تفسيرا مختلفا فهي منبثقة من اللغة السنسكريتية وهي لغة طقوسية قديمة بالهند عمرها 3500 سنة حيث تعني (بيت الثلج): (هيما) تعني الثلج و(لايا) تعني بيت.
وخلاصة القول إنّ دراسة بن عيسى درياسة تبدو ثرية ومهمة تحلق بنا بعيدا إلى بداية نشأة اللغة الفرنسية وقبل ذلك، وتسعى لإلقاء الأضواء على مفردات فرنسية ينسبها المؤلف إلى اللهجات العربية الشامية قبل اختصارها وتغيير بنيتها. بن عيسى يعرض علينا في هذا المعجم مئات المفردات الفرنسية ضمن آلاف المفردات المستخدمة في اللغات الأوربية، يرجح أن تكون منحدرة من اللغة العربية. ويذهب أبعد من ذلك في استنتاجاته إلى حد إنكار أن تكون الفرنسية من أصل لاتيني مثلما هو معروف لدينا، مضيفاً في خاتمة كتابه: "وكنتيجة لذلك، فإنّ ما يقال لنا عن معنى الألفاظ المنبثقة من اللاتينية هو بكل بساطة زائف".
وفي كل الأحوال، تبقى أصول اللغات والمفردات حقلا شائكاً ولغزا محيِّراً وموضوعاً معقدا مفتوحا للبحث والنقاش والجدل، وهو ما لا ينكره المؤلف في كتابه. وفي غياب مدونات ووثائق وشهادات دقيقة للعصور الغابرة، قد تبقى أصول هذه اللغات الكثيرة التي يتحدثها البشر في كامل أرجاء المعمورة أمرا مبهما للأبد".
طيور مهاجرة حرة – بريطانيا