هناك انواع من البشر الذين يشكلون وحدات المنظومة الشعبية لأي دولة.
▪هناك أشخاص يملكون وعيا تحركه العاطفة..وهم الغالبية.
▪هناك أشخاص هم المغفلون النافعون أو الأحمق العضوي ؛ وهؤلاء لا يملكون وعيا كافيا يسمح لهم بتقييم الخير والشر لا لهم ولا ضدهم.
▪هناك من يملكون الوعي تجاه مصالحهم بشكل براغماتي بحت وهؤلاء هم الانتهازيون وغالبا ما يمتهنون السياسة.
▪هناك من يملكون الوعي والذكاء العاطفي بحيث يقوموا بموازنات مستمرة بين حقوقهم كأفراد ودورهم كجزء من المجتمع..وهؤلاء هم المثقفون العضويون كما أسماهم قرامشي.
كل هؤلاء يلعبون دورا هاما في الصيرورة الإنسانية منذ فجر التاريخ. فأصحاب الوعي العاطفي هم من يشكلون ميزان القانون الطبيعي والضمير ومعيار الصواب والخطأ. وأما من لا يملكون وعيا بالخير والشر فهؤلاء تستخدمهم الأنظمة كأسلحة فتاكة. أما الانتهازيون البراغماتيون فهم من يستطيعون استغلال كل طاقة عند الآخرين لمصلحتهم. فهم يخاطبون العاطفة لدى الغالبية ويمنحون السلاح لمن لا وعي له.
ولكن هذا لا يكون سهلا بالنسبة لهم فهناك معرقلان أساسيان أمام طموحات الانتهازيين:
المعرقل الأول فهو نظراؤهم من الانتهازيين حين تتعارض مصالحهم وهنا لا يكون أمامهم سوى الجلوس والتفاوض أو استغلال عاطفة الأغلبية وبلادة الفئة الثانية ليخوضوا حروبا بالوكالة عنهم.
وأما المعرقل الثاني لطموحات الفئة الانتهازية فهم من يملكون الوعي والذكاء العاطفي أي المثقفين العضويين الذين يكشفون كل شراك ومصائد وألاعيب الفئة الانتهازية للغالبية.
هذه هي الفئات الأربع التي شكلت كل الصراع الانساني منذ فجر التاريخ وليس الطبقية كما ظن ماركس. الطبقية في الواقع هي أثر لهذا الصراع وليس سببا له. ولذلك عندما تحرك الفكر الليبرالي فهو لم يتحرك باتجاه طبقي رأسي انما بإتجاه معرفي قبل كل شيء. يمكن للفقير أن تهبط عليه ثروة فجأة كما لو كسب القمار أو ورث من قريب لا علم له به. فهذا لا ينقله من فئته المعرفية وإنما يمكن أن يعود الى الفقر من جديد إن لم يكتسب وعي الفئة الثالثة الانتهازية. وهذا الخطأ الماركسي هو الذي أفضى إلى نتائج كارثية حينما حول الأمر الى صراع رأسي صاعد من أسفل لأعلى ليخلق معركة بغير معترك. أما الفكر الليبرالي فقد حدد مصدر التباين الانساني على أساس الموهبة والذكاء أي على أساس الوعي.
لقد قال وليام سمر تلميذ سبنسر: "إن وجود السكير في البالوعة هو بالضبط حيثما ينبغي أن يكون"
كان ذلك منهج method الليبرالية الكلاسيكية وهو منهج لا يقف مع طبقة ضد أخرى وإنما كان معياره الوحيد هو (الوعي). لقد كان خطأ آخر للماركسية وهو أن فكرة الطبقية جعلتها تنزع إلى أن الطبقة تحدد الوعي. وهذا عكس للحقيقة. فالأذكياء (والأمثلة لذلك لا حصر لها) استطاعوا الخروج من طبقة إلى أخرى والأقل ذكاء سقطوا من طبقة إلى أدنى منها.
إن المثقف العضوي وهو أفضل مفهوم انتجه الفكر اليساري قابله أيضا مفهوم آخر وهو المغفل النافع ؛ أي أصحاب الفئة الثانية ، أما الفكر الليبرالي فهو لم يعتبر الفئة الثانية مغفلا نافعا لأن هذا المغفل ليس مطلوبا منا أن نجعله غير مغفل بل على العكس فالسكير في البالوعة يخدم المجتمع أيضا حينما يعمل طيلة النهار ثم ينفق كل أجر عمله في شراء الخمر ؛ وبالتالي تمتلئ خزانة الدولة بالضريبة على بيع الخمور. ثم تعيد انفاقها (مبدأ التخصيص) في دعم الخدمات التي يجب ان توفرها للأفراد ولا يرغب الرأسماليون او لا يجوز لهم الاستثمار فيها كالقضاء والشرطة والجيش والأمن...الخ.
إننا عندما نتحدث عن سقوط النظام كمثقفين أو نعتقد بأننا مثقفين عضويين فنحن لا نتحدث من باب الاستعلاء المعرفي ؛ وإنما نحن نضع نصب أعيننا الفئات الاربعة التي ستتأثر بهذا الخطاب:
-فئة الجماهير التي تحكمها العاطفة.
-فئة الأقل وعيا وهؤلاء من يتم استخدامهم دائما كسلاح مجنون في يد الرموز الانتهازيين.
-وفئة الانتهازيين الذين سيحاولوا دوما إستغلال كل الأوضاع لمصالحهم الخاصة.
لا يوجد إنسان في هذا العالم لا يتخذ قرارا دون أن يضع صالحه الخاص في الاعتبار (إلا المغفل النافع). فحتى من يتبعون العاطفة بشكل مثالي فهم يتخذون قراراتهم لإشباع تلك العاطفة وهذه مصلحة لها قيمتها أيضا. أما الانتهازيون فلا مراء في أن مصلحتهم دائما تكون في المقدمة دون ادنى اعتبار لأي مصالح أخرى. هذا لا يعني أن المثقفين لا ينظرون لمصالحهم بعين الاعتبار ولكن المثقفين يتميزون بأنهم يوازنون درجة التناسب بين مصالحهم وبين مصلحة مجتمعاتهم. ولذلك هم الأكثر قدرة على توجيه الجميع للخير العام بحيث يشملهم هم أيضا ويشمل غيرهم.
عندما نتحدث عن إسقاط نظام فالمسألة لا تعني أن على المثقف أن يتبع الفئة الأولى ذات الوعي العاطفي بل على العكس فعلى هؤلاء هم أن يتبعوا المثقفين لأن المثقفين هم الأكثر قدرة على فهم توازنات كل منظومة اجتماعية ومصالحها المتشابكة والمتعارضة بحيث يمكنهم رسم موقف واحد تجاه مسألة تهم وتخدم مصالح الجميع.
نحن لا نقاتل مجانا أبدا فهذا هو عمل المغفل النافع. ولا نقاتل بدافع عاطفي فهذا مهلك بلا فائدة ترجى من أي معركة. ولا نقاتل بانتهازية لأن الانتهازية تحتاج إلى تجهيل الفئات كلها وهذا ضرب من المستحيل. فأنت لا يمكنك أن تحول الجميع إلى مغفلين نافعين. فلو كان ذلك ممكنا لما استمر الصراع الأزلي بين البشر ولما تساقطت امبراطوريات وانظمة وتبدلت ممالك وجمهوريات.
( ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ)
ومن هنا فإ تحقيق الخير الخاص لا يتحقق ولا ينال ثباتا نسبيا إلا إذا اعتمد على تحقيق الخير العام...وهذا هو عمل المثقفين.
▪هناك أشخاص يملكون وعيا تحركه العاطفة..وهم الغالبية.
▪هناك أشخاص هم المغفلون النافعون أو الأحمق العضوي ؛ وهؤلاء لا يملكون وعيا كافيا يسمح لهم بتقييم الخير والشر لا لهم ولا ضدهم.
▪هناك من يملكون الوعي تجاه مصالحهم بشكل براغماتي بحت وهؤلاء هم الانتهازيون وغالبا ما يمتهنون السياسة.
▪هناك من يملكون الوعي والذكاء العاطفي بحيث يقوموا بموازنات مستمرة بين حقوقهم كأفراد ودورهم كجزء من المجتمع..وهؤلاء هم المثقفون العضويون كما أسماهم قرامشي.
كل هؤلاء يلعبون دورا هاما في الصيرورة الإنسانية منذ فجر التاريخ. فأصحاب الوعي العاطفي هم من يشكلون ميزان القانون الطبيعي والضمير ومعيار الصواب والخطأ. وأما من لا يملكون وعيا بالخير والشر فهؤلاء تستخدمهم الأنظمة كأسلحة فتاكة. أما الانتهازيون البراغماتيون فهم من يستطيعون استغلال كل طاقة عند الآخرين لمصلحتهم. فهم يخاطبون العاطفة لدى الغالبية ويمنحون السلاح لمن لا وعي له.
ولكن هذا لا يكون سهلا بالنسبة لهم فهناك معرقلان أساسيان أمام طموحات الانتهازيين:
المعرقل الأول فهو نظراؤهم من الانتهازيين حين تتعارض مصالحهم وهنا لا يكون أمامهم سوى الجلوس والتفاوض أو استغلال عاطفة الأغلبية وبلادة الفئة الثانية ليخوضوا حروبا بالوكالة عنهم.
وأما المعرقل الثاني لطموحات الفئة الانتهازية فهم من يملكون الوعي والذكاء العاطفي أي المثقفين العضويين الذين يكشفون كل شراك ومصائد وألاعيب الفئة الانتهازية للغالبية.
هذه هي الفئات الأربع التي شكلت كل الصراع الانساني منذ فجر التاريخ وليس الطبقية كما ظن ماركس. الطبقية في الواقع هي أثر لهذا الصراع وليس سببا له. ولذلك عندما تحرك الفكر الليبرالي فهو لم يتحرك باتجاه طبقي رأسي انما بإتجاه معرفي قبل كل شيء. يمكن للفقير أن تهبط عليه ثروة فجأة كما لو كسب القمار أو ورث من قريب لا علم له به. فهذا لا ينقله من فئته المعرفية وإنما يمكن أن يعود الى الفقر من جديد إن لم يكتسب وعي الفئة الثالثة الانتهازية. وهذا الخطأ الماركسي هو الذي أفضى إلى نتائج كارثية حينما حول الأمر الى صراع رأسي صاعد من أسفل لأعلى ليخلق معركة بغير معترك. أما الفكر الليبرالي فقد حدد مصدر التباين الانساني على أساس الموهبة والذكاء أي على أساس الوعي.
لقد قال وليام سمر تلميذ سبنسر: "إن وجود السكير في البالوعة هو بالضبط حيثما ينبغي أن يكون"
كان ذلك منهج method الليبرالية الكلاسيكية وهو منهج لا يقف مع طبقة ضد أخرى وإنما كان معياره الوحيد هو (الوعي). لقد كان خطأ آخر للماركسية وهو أن فكرة الطبقية جعلتها تنزع إلى أن الطبقة تحدد الوعي. وهذا عكس للحقيقة. فالأذكياء (والأمثلة لذلك لا حصر لها) استطاعوا الخروج من طبقة إلى أخرى والأقل ذكاء سقطوا من طبقة إلى أدنى منها.
إن المثقف العضوي وهو أفضل مفهوم انتجه الفكر اليساري قابله أيضا مفهوم آخر وهو المغفل النافع ؛ أي أصحاب الفئة الثانية ، أما الفكر الليبرالي فهو لم يعتبر الفئة الثانية مغفلا نافعا لأن هذا المغفل ليس مطلوبا منا أن نجعله غير مغفل بل على العكس فالسكير في البالوعة يخدم المجتمع أيضا حينما يعمل طيلة النهار ثم ينفق كل أجر عمله في شراء الخمر ؛ وبالتالي تمتلئ خزانة الدولة بالضريبة على بيع الخمور. ثم تعيد انفاقها (مبدأ التخصيص) في دعم الخدمات التي يجب ان توفرها للأفراد ولا يرغب الرأسماليون او لا يجوز لهم الاستثمار فيها كالقضاء والشرطة والجيش والأمن...الخ.
إننا عندما نتحدث عن سقوط النظام كمثقفين أو نعتقد بأننا مثقفين عضويين فنحن لا نتحدث من باب الاستعلاء المعرفي ؛ وإنما نحن نضع نصب أعيننا الفئات الاربعة التي ستتأثر بهذا الخطاب:
-فئة الجماهير التي تحكمها العاطفة.
-فئة الأقل وعيا وهؤلاء من يتم استخدامهم دائما كسلاح مجنون في يد الرموز الانتهازيين.
-وفئة الانتهازيين الذين سيحاولوا دوما إستغلال كل الأوضاع لمصالحهم الخاصة.
لا يوجد إنسان في هذا العالم لا يتخذ قرارا دون أن يضع صالحه الخاص في الاعتبار (إلا المغفل النافع). فحتى من يتبعون العاطفة بشكل مثالي فهم يتخذون قراراتهم لإشباع تلك العاطفة وهذه مصلحة لها قيمتها أيضا. أما الانتهازيون فلا مراء في أن مصلحتهم دائما تكون في المقدمة دون ادنى اعتبار لأي مصالح أخرى. هذا لا يعني أن المثقفين لا ينظرون لمصالحهم بعين الاعتبار ولكن المثقفين يتميزون بأنهم يوازنون درجة التناسب بين مصالحهم وبين مصلحة مجتمعاتهم. ولذلك هم الأكثر قدرة على توجيه الجميع للخير العام بحيث يشملهم هم أيضا ويشمل غيرهم.
عندما نتحدث عن إسقاط نظام فالمسألة لا تعني أن على المثقف أن يتبع الفئة الأولى ذات الوعي العاطفي بل على العكس فعلى هؤلاء هم أن يتبعوا المثقفين لأن المثقفين هم الأكثر قدرة على فهم توازنات كل منظومة اجتماعية ومصالحها المتشابكة والمتعارضة بحيث يمكنهم رسم موقف واحد تجاه مسألة تهم وتخدم مصالح الجميع.
نحن لا نقاتل مجانا أبدا فهذا هو عمل المغفل النافع. ولا نقاتل بدافع عاطفي فهذا مهلك بلا فائدة ترجى من أي معركة. ولا نقاتل بانتهازية لأن الانتهازية تحتاج إلى تجهيل الفئات كلها وهذا ضرب من المستحيل. فأنت لا يمكنك أن تحول الجميع إلى مغفلين نافعين. فلو كان ذلك ممكنا لما استمر الصراع الأزلي بين البشر ولما تساقطت امبراطوريات وانظمة وتبدلت ممالك وجمهوريات.
( ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ)
ومن هنا فإ تحقيق الخير الخاص لا يتحقق ولا ينال ثباتا نسبيا إلا إذا اعتمد على تحقيق الخير العام...وهذا هو عمل المثقفين.