جعفر الديري - يوسف حسن: القصيدة النبطية تتميز بالتحرر من التشكيل

قال الكاتب والشاعر البحريني يوسف حسن "ان أكثر ما يميز القصيدة النبطية ويجمعها ويلم شتاتها هو اجتماعها على الخروج على الفصحى وتحررها من قيود التشكيل".
وأضاف حسن -خلال محاضرته بجمعية الشعر الشعبي الأربعاء 9 مارس حول القصيدة النبطية- "إن لدينا ثلاثة مسميات شائعة أو أربعة تستخدم هذه القصيدة وتجعل من مسماها مصطلحا ضبابيا مضطربا، متعدد المفاهيم، فهي النبطية والعامية والشعبية والزجلية، ما يطرح أسئلة كثيرة منها: هل يمكن تحديد مفهوم ما بين ما هو نبطي وعامي وشعبي وزجلي؟ وما هو القاسم المشترك بين هذه المسميات والأشكال الجنسية الأخرى من الشعر العامي أو الشعبي كالأهازيج والأغنيات والموال والتواشيح؟ وما العلاقة بين هذه الفنون غير المعربة أو غير المشكلة وبين الفنون الشعبية الأخرى المعربة كأدب البند والموشحات والموال وغيرها؟ وإذا كان من الصعب الركون أو الاطمئنان إلى مصطلح أو مسمى محدد جامع تستقر تحت مظلته هذه القصيدة فإن ما يجمعها ويلم شتاتها هو اجتماعها على الخروج على الفصحى وتحررها من قيود التشكيل".
النبطية بالفصحى
وأضاف: "أن علاقة هذه القصيدة بالفصحى هي علاقة عضوية "بنيوية" أو هي علاقة جدلية كعلاقة الروافد بالنهر والنهر بالروافد، وهي علاقة بنوة وأمومة - إن صح التعبير - فاللغة الفصحى ابتداء ان هي إلا المخزون المفرداتي والتركيبي والصوتي المنتقى من لهجات القبائل العربية... وبما أن العرب قبل الإسلام عاشوا في الأعم الأغلب في جزيرتهم بمنأى عن الشعوب الأخرى عدا سكان "الأطراف المتاخمة" لذلك بقيت لهجات هذه القبائل بعيدة عن اللحن أو الشوائب الأعجمية... طبعا... هذه القاعدة لا تمنع الاستثناء ولعل القراءات القرآنية السبع توحي بقليل أو كثير بشيء من هذه الدلالة".
العامية ظاهرة بيئية
وأوضح حسن: "إن العامية لهجة بيئية حياتية محلية بامتياز وهي تختلف اختلافا بارزا من بيئة إلى أخرى فلهجات التراسل والتخاطب في المدن هي غيرها في الأرياف وهي غيرها في الأودية وبطون الصحارى وهي غيرها أيضا في مرافئ البحار والسواحل والمناطق الجبلية. فلهجات الحواضر والمدن تكون أكثر مرونة واستيعابا واتساعا... لأنها ملتقى الناس والوافدين، وربما امتازت لهجات الحواضر بغناها المعنوي والمفرداتي عنها من لهجات المناطق الريفية أو الصحراوية أو الجبلية المنعزلة النائية".
العامية عبقرية شعبية
ومؤكدا عبقرية اللهجة العامية قال المحاضر "إن اللهجة العامية هي ابتكار العبقرية الشعبية الجمعية وهي حاجة وضرورة أملتها متطلبات البيئة الجغرافية والحياة العملية للأفراد والجماعات. فلهجة البيئة البحرية هي من الثراء اللغوي بحيث تفي بحاجات ومتطلبات مفردات الحياة العملية البحرية وأشيائها. وهنا في البحرين وعندما كان البحر يمثل صلب الاقتصاد لم تتوان هذه اللهجة عن ابتكار معادلها اللغوي لكل شاردة وواردة من مفردات الحياة البحرية صغيرة كانت أو كبيرة. كذلك الشأن لدى الزراعة والمزارعين في البحرين بطبيعة هذا الجانب الاقتصادي الذي يمثل الكفة الأخرى من ميزان الاقتصاد في البحرين. فقد أوجدت اللهجة المحلية المعادل الحرفي لكل ما يتعلق بحياة البيئة الزراعية وبنظرة سريعة لأنواع النخل ومسمياته ندرك مدى الأهمية الوظيفية لعبقرية اللهجة الشعبية"، مردفا: "أن اللهجة العامية اليوم ليست هي عامية بدايات القرن الماضي، حيث انتشار التعليم في جانب وشيوع أدوات وتقنيات ووسائل الاتصال والبث الإذاعي والتلفزيوني وانتشار وسائل القراءة والتثقيف والتوصيل. كما أن الفصحى هي الأخرى ليست فصحى العصور الجاهلية أو الإسلامية الأولى أو حتى عصر الاحياء والنهضة. فقد عمل الأدباء والكتاب وعلماء اللغة على تبسيط اللغة وتحويلها إلى لغة سهلة التداول بعيدة عن التعقيد. إذا... نحن بصدد لهجة تخاطبية وسط تأخذ ما في اللغة من استقامة وسلامة ومما في العامية من حيوية وفطرية وبساطة"
الوسط البحرينية العدد 918 - الجمعة 11 مارس 2005م الموافق 30 محرم 1426هـ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى