جعفر الديري - روايات دوستويفسكي.. شقاء الإنسان في لوحات معبرة

الكاتب الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي رائد التحليل النفسي في الرواية العالمية. تلك حقيقة لا يختلف عليها مؤرخو الأدب، وتلقى القبول عند الغربيين والشرقيين على حد سواء.
الشرقيون والغربيون على حد سواء، يجدون دوستويفسكي محللاً لا مثيل له للمشاعر السلبية كالقلق والحزن، والغربة، ذو نزعة إنسانية ورغبة صادقة في القضاء على الشقاء الإنساني، من خلال التعاليم الدينية السمحة، وفطرة الخير في الإنسان.
في روايات دوستويفسكي، وأشهرها «الجريمة والعقاب» و«الأخوة كرامازوف»، تتجلى الروح الانسانية التي تشمل جميع الحزانى والبائسين في الأرض. انها روايات المأساة الانسانية بعينها؛ الرعب والهول الذي يعيشه ليس انسان القرن العشرين وحده، بل الانسان في كل آن وفي كل مكان!. ذلك أن دوستويفسكي عمد إلى الشقاء الانساني فجسده في شخصيات، يمكن أن تقابلها في كل مكان، ليس بينها وبين غيرها من اختلاف سوى الملابس. وتلك آية من آيات الفن الخالد، لا يستطيع التعبير عنها الا من أوتي حظا عظيما من الموهبة مثل دوستويفسكي.
أبدا لا يمكنك بعد قراءة «الجريمة والعقاب» أن تغادر الصور التي جسدتها مخيلتك، واذا كان القاريء العربي يقرأ مما يترجمه الكتاب؛ فإلى أين ترى يصل الحزن والألم بمن يقرأ دوستويفسكي في لغته الروسية.
كان دستويفسكي، معّذبا، ما في ذلك من ريب، عاش رهين الفاقة منذ أن فتح عينيه، إلى أن أسلم نفسه لبارئها، فلم يكن صاحب أطيان وأملاك مثل تولستوي، يضيق بحياة الدعة، فيقاسم الفلاحين أراضيه الواسعة، باحثا عن ملجأ من الكسل والحياة الرتيبة، ولا كان مثل توريجينيف، من أصحاب الذوات، يأتي الى الدنيا فيجد كل شيء معد لأن ينصرف للكتابة. كان دوستويفسكي يكتب بدافع الحاجة للمال فصولا للمجلات، شأنه شأن بطل «الجريمة والعقاب»، يقضي أيامه في غرفة حقيرة، عاجزا عن دفع أجار الغرفة، لذا أحبه الروس، كما أحبه العالم. كان يصف مشاعرهم هم المعذبون في الأرض، هؤلاء «المذلون المهانون»، و«الأبله» و«المقامر»، جميعم كان يفيض قلمه في وصف أحوالهم.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى