أحمد رجب شلتوت: أكتب عن روايات منحتني المتعة

صدر أخيراً في القاهرة كتابان للأديب المصري أحمد رجب شلتوت، يقدم في الأول قراءات في عدد من الروايات المهمة التي أحدثت أصداءً طيبة، وفي الثاني ينتصر للرواية كفن أدبي. «الجريدة» التقت شلتوت في هذا الحوار وناقشته في الكتابين.

كتابك الجديد «رشفات من النهر» هل يُعد قراءة بعين ناقد أم رصداً لعوالم إبداعية تحيط بك دوماً من واقع الكتب التي تزدحم بها مكتبتك؟

بداية أنا لست بناقد، أنا قارئ، يأخذ بنصيحة غوستاف فلوبير، حين قال: «لا تقرأ مثل الأطفال من أجل المتعة، ولا مثل الطموحين بغرض التعلم، اقرأ كي تعيش»، فأنا أقرأ كي أعيش، لذا أقرأ ما يعجبني بعين محب، وأكتب تعبيراً عن هذا الحب وبوحاً به. وما بين دفتي الكتاب من مراجعات لكتب بعض هذا البوح، لذا فأغلبها متعلق بالأدب وفنونه ومبدعيه.

تأرجحت في اختياراتك بين أدباء كُثر. من أي منطلق جاءت اختياراتك لتكتب عن هذه الكتب بعينها؟

اختياراتي لما قرأت كانت عشوائية، ربما بحسب وصول الكتاب إلى يدي، ولكن الكتابة لا تكون إلا عن كتاب منحني متعة وفائدة فأشرت له امتناناً.

تحدثت في مقدمة الكتاب عن أول كتاب قرأته في حياتك. كيف لأول كتاب أن يخرج الأديب الذي في داخل كل إنسان؟

«لا شيء قادراً على التأثير في القارئ أكثر من الكتاب الأول الذي يلمس قلبه حقاً»، أعتقد أن الروائي الإسباني كارلوس زافون لم يبالغ في تلك المقولة، فأول كتاب قرأته في طفولتي، هو «بساط الريح» لكامل كيلاني، والقصة تحكي عن ذلك البساط السحري القادر على الطيران بمن يعتليه. لم يفتنني الكتاب لمجرد أن القصة راقتني، بل لأن إعاقتي تربط جسدي بالمكان، بينما البساط السحري حرَّر خيالي وأطلقه في الفضاء. وتلك هي غايتي التي كنت أنشدها كلما قرأت أو كتبت.

فن البحث

في كتابك الثاني «فن البحث عن الإنسان» تناولت سريعاً قضية الرواية ودافعت عن بقائها وصمودها. كيف ترد على من يقول بموت الرواية؟

أعتقد أن أبا البشر سيدنا آدم كان الروائي الأول، وأظنه حكى كثيراً لأمنا حواء عن مكابدات التيه خارج الجنة، وعذابات الفقد وعناء البحث عن ابنة ضلوعه، تلك كانت الرواية الأولى، وقد رافقت الرواية الإنسان طوال رحلته وستظل ملازمة له حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فالرواية لن تموت لأن حاجة الإنسان إليها لن تنقضي، ولأن الرواية نفسها تتمتع بقدرات لانهائية على استيعاب لتقنيات وإمكانات الفنون كافة، وعلى اتخاذ أشكال دائمة التجدد، قد يخبو وهجها في فترة ما، وقد تمرّ بأزمة، ولكنها دائماً تولد من رمادها. فالرواية تشبه الإنسان في قدرته على التطور والتجدد والاستمرار، لذلك تمنح نفسها دائماً حيوات جديدة.

ما أبرز الموضوعات/الروايات التي تناولتها بالنقد في «فن البحث عن الإنسان»؟

أقرأ دائماً، وأكتب عن كتب تنجح في إثارتي. وفي كتابي هذا كتبت عن 20 رواية، لم أخطط للكتابة عنها مسبقاً، وإنما تراكمت الكتابات عشوائياً على مدى سنوات، وحينما ألقيت عليها نظرة للمراجعة اكتشفت أن ثمة خيطاً ينتظمها، ويعبر عن رؤى وأفكار مؤلفيها حول الإنسان، وكانت قراءتي لها محاولة للوقوف على تلك الرؤية ومحاولة لفهمها.

تنوّع ونقد

يتنوع إبداعك بين القصة والرواية والمسرحية والكتابة للطفل، بخلاف ممارستك النقد الأدبي... أي هذه الأعمال أقرب إلى قلبك ولماذا؟

كانت مسرحيتي الطويلة الوحيدة «أرض النادي» دعوة لرفض التطبيع مع العدو ومقاومة التغلغل الصهيوني في مصر، يومها كان تقديري أن المسرح أنسب الأشكال للتعبير عن فكرتي، ورغم فوز النص بجائزة مسابقة قصور الثقافة منذ 20 عاماً، لم أسع إلى تكرار التجربة. كذلك كتبتُ نصاً من فصل واحد استوحيت فكرته من التاريخ المصري القديم، ولكنه ظل استثناءً، كانتا مجرد تجربتين للمرور بأرض ليست أرضي. كذلك كتبت للطفل بعدما أصبحت أباً.

هل انتهى زمن النقد، أو بالأحرى تراجع دوره؟

زمن النقد ودوره لن ينتهيا، فالنقد صنو الإبداع، ولكنه يشهد تراجعاً لتقاعس النقاد، إلا من رحم ربي، عن القيام بدورهم في متابعة الإبداع الجيد والمتميز، وهم أيضاً مطالبون بأن يكون معيار تناولهم الأعمال الإبداعية جمالياً بحتاً.

مشروعات مقبلة

حول المشروعات الأدبية والنقدية التي يخطط لها في الفترة المقبلة، يقول أحمد رجب شلتوت: «لديّ أكثر من مشروع. ثمة رواية عن الأندلس خططتً لها منذ سنوات، ولكن أتقدم فيها ببطء سلحفاة لعدم استطاعتي التفرغ لها. لديّ أيضاً مجموعتان قصصيتان جاهزتان للنشر ولكن ليس ثمة ناشر، وثمة مراجعات لكتب أعايشها بشكل شبه يومي، ربما أجمع البعض منها في رشفات أخرى من نهر المعرفة».


  • 1280x960.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى