جاءت الثورة المضادّة للربيع العربي؛ لتجهض أحلام وطموحات الجماهير العربية في التحرّر والانعتاق من ربقة الدكتاتوريات العسكرية، التي بنت لها ولأتباعها امبراطوريّات تجارية ومالية امتّصت ما يمكن أن يكون فائض رفاه وتنمية للشعوب، التي ناضلت طويلا في محاربة الاستعمار الأوربيّ مُضحية بالغالي والنفيس، لتقع فريسة لقمع وظلم أبناء الوطن، فتعود لتترحّم على فترة الاستعمار.
منذ 15/3/2011 وانطلاق الجموع في درعا في مظاهرات نادت بالحرية، لم تصل الهتافات والمطالبات بالإصلاح على كل المستويات آذان المسؤولين والقائمين على مؤسسة الحكم في سورية، فكان خيارهم الحرب على المجتمع السوري بكل فئاته وطوائفه. وعمل على انقسام المجتمع ما بين مؤيد ومعارض. استقطاب حادّ استشرت فيها حالة من العداء، وتجيير الفاتورة لصالح التقسيم الطائفي واللعب على حباله القذرة، وتعميق الخلاف بين فئات المجتمع كافة.
***
وتجيء الأعمال الأدبية، وفي مقدمتها الرواية لتستوعب هذا الضخ الغزير في الحياة على كل الأصعدة، ولتكون رواية (لهذا أخفينا الموتى) للروائي (وائل الزهراوي) الحقوقي والناشط الذي كان في مقدمة النّاشطين المُستهدَفين من قبل الأجهزة الأمنية التي استخدمت كل جنون الدنيا للقضاء على الحراك السلمي في مهده، ولما كبرت وكثرت المظاهرات المطالبة بالحرية، وخرجت عن نطاق السيطرة لجؤوا لاشهار السلاح لإخمادها، وبدأ حمّام الدم تعميدًا للأحرار، فتوشّحت سورية بالسواد حدادًا على أبنائها على مختلف انتماءاتهم دون تمييز.
***
فضاء السجن هو مدار الرواية في معظم تفاصيلها، وعلى الأخص فضاء الزنزانة الذي جرت فيه الحدث السردي، الكاتب من البداية استطاع ببراعته اعتقال القارئ معه في نفس الزنزانة، وجعله يعاني ما عاناه وهو (الروائي) المعتقل، وأصابني الألم والعذاب الجسدي والنفسي أثناء مطالعة الرواية، أسلوب السرد الجاذب.
البداية جاءت مباشرة من قلب الزنزانة، والألم الناتج عن التعذيب الجسدي والنفسي، الآهات والأنين يعلوان باصرار ليتجاوزا أسوار السجن عبر صفحات الرواية. وانسحبت هذه الصور المتلاحقة بتكرارها على معظم مساحة الرواية ذات (153) صفحة، الألم استبدّ فيها، والدموع بللت حبرها وما زالت تقطر دمًا.
القبور الجماعية ابتعلت الجثث الكثيرة التي فارقت الحياة، فكان ذلك رحمة لأصحابها من عذاب عانوا منه جميع المعتقلين في السجون السوريّة.
لغة الرواية عالية الحسّ الأدبيّ بذائقة متميزة تُحسب للروائي وائل، وقد ابتعد بها عن الشخصنة أو السبّ أو الشتم، مبتعدًا عن المطبّ الطائفي هذا المستنقع القذر الذي سقط فيه الكثير.
الرواية تصنّف تحت مسمّى أدب السجون، هذا المصطلح المستحدث لاختصاصه في هذا اللون الذي وصف كل شيء في حياة السجين والزمن والمكان، والهواجس والآلام والأحلام، وحتى المستقبل لم تنعدم الرؤية إليه وهم لا يرجون أن يخرجوا من جحيم السجن والمعتقل.
عمّان - الأردن
محمد فتحي المقداد
2\5\2019
منذ 15/3/2011 وانطلاق الجموع في درعا في مظاهرات نادت بالحرية، لم تصل الهتافات والمطالبات بالإصلاح على كل المستويات آذان المسؤولين والقائمين على مؤسسة الحكم في سورية، فكان خيارهم الحرب على المجتمع السوري بكل فئاته وطوائفه. وعمل على انقسام المجتمع ما بين مؤيد ومعارض. استقطاب حادّ استشرت فيها حالة من العداء، وتجيير الفاتورة لصالح التقسيم الطائفي واللعب على حباله القذرة، وتعميق الخلاف بين فئات المجتمع كافة.
***
وتجيء الأعمال الأدبية، وفي مقدمتها الرواية لتستوعب هذا الضخ الغزير في الحياة على كل الأصعدة، ولتكون رواية (لهذا أخفينا الموتى) للروائي (وائل الزهراوي) الحقوقي والناشط الذي كان في مقدمة النّاشطين المُستهدَفين من قبل الأجهزة الأمنية التي استخدمت كل جنون الدنيا للقضاء على الحراك السلمي في مهده، ولما كبرت وكثرت المظاهرات المطالبة بالحرية، وخرجت عن نطاق السيطرة لجؤوا لاشهار السلاح لإخمادها، وبدأ حمّام الدم تعميدًا للأحرار، فتوشّحت سورية بالسواد حدادًا على أبنائها على مختلف انتماءاتهم دون تمييز.
***
فضاء السجن هو مدار الرواية في معظم تفاصيلها، وعلى الأخص فضاء الزنزانة الذي جرت فيه الحدث السردي، الكاتب من البداية استطاع ببراعته اعتقال القارئ معه في نفس الزنزانة، وجعله يعاني ما عاناه وهو (الروائي) المعتقل، وأصابني الألم والعذاب الجسدي والنفسي أثناء مطالعة الرواية، أسلوب السرد الجاذب.
البداية جاءت مباشرة من قلب الزنزانة، والألم الناتج عن التعذيب الجسدي والنفسي، الآهات والأنين يعلوان باصرار ليتجاوزا أسوار السجن عبر صفحات الرواية. وانسحبت هذه الصور المتلاحقة بتكرارها على معظم مساحة الرواية ذات (153) صفحة، الألم استبدّ فيها، والدموع بللت حبرها وما زالت تقطر دمًا.
القبور الجماعية ابتعلت الجثث الكثيرة التي فارقت الحياة، فكان ذلك رحمة لأصحابها من عذاب عانوا منه جميع المعتقلين في السجون السوريّة.
لغة الرواية عالية الحسّ الأدبيّ بذائقة متميزة تُحسب للروائي وائل، وقد ابتعد بها عن الشخصنة أو السبّ أو الشتم، مبتعدًا عن المطبّ الطائفي هذا المستنقع القذر الذي سقط فيه الكثير.
الرواية تصنّف تحت مسمّى أدب السجون، هذا المصطلح المستحدث لاختصاصه في هذا اللون الذي وصف كل شيء في حياة السجين والزمن والمكان، والهواجس والآلام والأحلام، وحتى المستقبل لم تنعدم الرؤية إليه وهم لا يرجون أن يخرجوا من جحيم السجن والمعتقل.
عمّان - الأردن
محمد فتحي المقداد
2\5\2019