المسرح الـذي تؤثر في إدارته ووسائله واتجاهاته عوامل الاتجار الفني، هو صورة عن نظام مؤسساتي، وليس صورة واضحة عن نظام ثقافي:
إن المسرح الـذي تؤثر في إدارته ووسائله واتجاهاته عوامل الاتجار الفني، هو صورة عن نظام مؤسساتي، وليس صورة واضحة عن نظام ثقافي، والمسرح الذي تسيطر عليه عوامل ثقافيـة وفكرية وفنية، هو مسرح يسمح فيه بإنشاء جيل متأثر بالمعرفة وبأصناف الثقافة، والمسرح الذي قد يكون نموذجا للفن الأصيل، مسرح يغرس القيّم، ويستثير الهمم، ويعزّر عند الطفل حبّ الارتياد لقاعات العرض، وبين المسرح والمدرسة تضيق المسافـة، ويصير الوسيط مشتركا من حيث المغزى والهـدف، ويضحى يتمتع بقابلية أكبر على التأثير، ولو ذهبنا نعدد الفضائل، ونحاول تعدادها، لألفينا أنّ العدد يربو على ما نتصور. بيد أنّنا لا نستبعد أن يكون من النتائج القريبة ( للمسرح / المدرسة ) صناعة شخصية سوية للـطفل، كما أنّنا لا نستبـعد أن يكون من نتائجه البعيـدة، تنشئة رجـال المستقبل والحضارة .
يعد مسرح الطفل من أهم الوسائط الثقافية في تربية الأطفال، نظرا لما يتضمنه من معان وقيم وأنماط جمالية، تعمل كلها على بلورة شخصياتهم والإلمام جوانبها الذهنية والجسدية والعاطفية، لأنه فن يشتمل على مجموعة من المتغيرات المتباينة، كالحوار والحركة واللون، لذلك يمكن اعتباره من الأنشطة المهمة والأساليب الفعالة في إبراز هوية الأطفال وصقل مواهبهم وإبداعاتهم وتحقيق طموحاتهم ورغباتهم.
والأهم مما سبق أنه معلم جيد لقيم الأخلاق والمثل العليا، فكتب الأخلاق يقف تأثيرها عند حدود العقل وقل ما تصل إليه بعد رحلتها الطويلة الباهتة، لكن حينما تبدأ الدروس رحلتها مع مسرح الأطفال، فإنها لا تتوقف عند منتصف الطريق بل تمض إلى غايتها النبيلة، وما يبرر هذا الطرح ميل الطفل إلى الصورة والحركة حيث نجد أن ما تتلقاه دائرة الطفل في العرض المسرحي من صور وخطابات تكون أكثر تأثيرا واستمرارية حتى بعد العرض، لأنه تلقاها في لحظة من السعادة والمتعة، ومن ثمة تتولد لديه الرغبة في تبني تلك الأفكار والقيم، فالمسرح يختبر الطفل ويضع أمامه المرايا ليرى من خلالها واقعه، ويدفعه إلى إدراك دوره في تفسير ذلك الواقع، إنه يقوده إلى التفكير واحترام المثل والالتزام بها، ويعده ليكون طاقة خلاقة ومنتجة.
يدخل الطفل من خلال الخطاب المسرحي مجال التداول الرمزي واللغوي والاجتماعي، فالحياة النفسية لهذه الشريحة تتأثر بالضرورة بالمعطيات الفنية والثقافية التي تلهم الطفل مجموعة من البلاغات الثقافية الموروثة والمكتسبة التي تعمل على طبع سلوكه وتصرفاته تجاه ذاته واتجاه وسطه الاجتماعي.
هذه الأهمية البالغة التي يكتسيها المسرح في حياة الطفل يعكسها ذلك الاهتمام الكبير الذي يوليه له عالم اليوم باعتباره عالم الحداثة وثورة المعلومات، كونه يمثل إشعاعا ثقافيا يساهم في بناء البعد الحضاري للأمم، فلم يعد ذا الفن وسيلة للتسلية والترفيه فحسب بل أضحى وسيلة فعالة في التعليم والتثقيف ونشر الأفكار والوعي
أما في عالمنا العربي فلم يتولد بعد الوعي بأهمية المسرح، ومدى قدرته على إنتاج الوعي والمعرفة لدى الطفل، لذلك نجده لم يستطع لحد الآن القيام بالمهمة المنوطة به، نظرا لغياب السياسات الواضحة والاستراتيجيات والآليات الكفيلة بترقية هذا الفن ليكون خادما للثقافة وليس عبئا عليها. إضافة إلى غياب الوعي لدى المجتمع العربي بأهمية ودور هذا الفن.
في ظل تحديات العولمة ومحاولات الاختراق التي تتعرض إليها مجتمعاتنا العربية يتوجب على الجهات الوصية وكل الفعاليات الاجتماعية التعامل مع هذه التحديات بكثير من الجدية والوعي، فمع اتساع مجالات وحرية وسائل الإعلام والاتصال وفي مقدمتها الانترنت والتلفزيون والألعاب الالكترونية فإن الطفل العربي والمسلم يتعرض لمحاولات مقصودة لطمس هويته وانتمائه، فلا يكاد يشقى أحدنا في العثور على تلك الخطابات التي تتنافى مع ثقافتنا ومعتقداتنا، ولعل المشكل نابع من أننا لا ننتج الثقافة لأولادنا بل نستوردها لهم بكل ما فيها من تشوه ومخاطر، وباعتبار المسرح وسيطا ثقافيا وتربويا بامتياز يمكن أن يلعب دورا هاما في ترسيخ قيمنا الوطنية في نفوس أطفالنا إن أعطيناه الأهمية التي يجب أن يكون عليها.
* نقلا عن:
https://www.intelligentsia.tn/المسرح-بين-الاتجار-الفني-،-و-العمل-الثق/
إن المسرح الـذي تؤثر في إدارته ووسائله واتجاهاته عوامل الاتجار الفني، هو صورة عن نظام مؤسساتي، وليس صورة واضحة عن نظام ثقافي، والمسرح الذي تسيطر عليه عوامل ثقافيـة وفكرية وفنية، هو مسرح يسمح فيه بإنشاء جيل متأثر بالمعرفة وبأصناف الثقافة، والمسرح الذي قد يكون نموذجا للفن الأصيل، مسرح يغرس القيّم، ويستثير الهمم، ويعزّر عند الطفل حبّ الارتياد لقاعات العرض، وبين المسرح والمدرسة تضيق المسافـة، ويصير الوسيط مشتركا من حيث المغزى والهـدف، ويضحى يتمتع بقابلية أكبر على التأثير، ولو ذهبنا نعدد الفضائل، ونحاول تعدادها، لألفينا أنّ العدد يربو على ما نتصور. بيد أنّنا لا نستبعد أن يكون من النتائج القريبة ( للمسرح / المدرسة ) صناعة شخصية سوية للـطفل، كما أنّنا لا نستبـعد أن يكون من نتائجه البعيـدة، تنشئة رجـال المستقبل والحضارة .
يعد مسرح الطفل من أهم الوسائط الثقافية في تربية الأطفال، نظرا لما يتضمنه من معان وقيم وأنماط جمالية، تعمل كلها على بلورة شخصياتهم والإلمام جوانبها الذهنية والجسدية والعاطفية، لأنه فن يشتمل على مجموعة من المتغيرات المتباينة، كالحوار والحركة واللون، لذلك يمكن اعتباره من الأنشطة المهمة والأساليب الفعالة في إبراز هوية الأطفال وصقل مواهبهم وإبداعاتهم وتحقيق طموحاتهم ورغباتهم.
والأهم مما سبق أنه معلم جيد لقيم الأخلاق والمثل العليا، فكتب الأخلاق يقف تأثيرها عند حدود العقل وقل ما تصل إليه بعد رحلتها الطويلة الباهتة، لكن حينما تبدأ الدروس رحلتها مع مسرح الأطفال، فإنها لا تتوقف عند منتصف الطريق بل تمض إلى غايتها النبيلة، وما يبرر هذا الطرح ميل الطفل إلى الصورة والحركة حيث نجد أن ما تتلقاه دائرة الطفل في العرض المسرحي من صور وخطابات تكون أكثر تأثيرا واستمرارية حتى بعد العرض، لأنه تلقاها في لحظة من السعادة والمتعة، ومن ثمة تتولد لديه الرغبة في تبني تلك الأفكار والقيم، فالمسرح يختبر الطفل ويضع أمامه المرايا ليرى من خلالها واقعه، ويدفعه إلى إدراك دوره في تفسير ذلك الواقع، إنه يقوده إلى التفكير واحترام المثل والالتزام بها، ويعده ليكون طاقة خلاقة ومنتجة.
يدخل الطفل من خلال الخطاب المسرحي مجال التداول الرمزي واللغوي والاجتماعي، فالحياة النفسية لهذه الشريحة تتأثر بالضرورة بالمعطيات الفنية والثقافية التي تلهم الطفل مجموعة من البلاغات الثقافية الموروثة والمكتسبة التي تعمل على طبع سلوكه وتصرفاته تجاه ذاته واتجاه وسطه الاجتماعي.
هذه الأهمية البالغة التي يكتسيها المسرح في حياة الطفل يعكسها ذلك الاهتمام الكبير الذي يوليه له عالم اليوم باعتباره عالم الحداثة وثورة المعلومات، كونه يمثل إشعاعا ثقافيا يساهم في بناء البعد الحضاري للأمم، فلم يعد ذا الفن وسيلة للتسلية والترفيه فحسب بل أضحى وسيلة فعالة في التعليم والتثقيف ونشر الأفكار والوعي
أما في عالمنا العربي فلم يتولد بعد الوعي بأهمية المسرح، ومدى قدرته على إنتاج الوعي والمعرفة لدى الطفل، لذلك نجده لم يستطع لحد الآن القيام بالمهمة المنوطة به، نظرا لغياب السياسات الواضحة والاستراتيجيات والآليات الكفيلة بترقية هذا الفن ليكون خادما للثقافة وليس عبئا عليها. إضافة إلى غياب الوعي لدى المجتمع العربي بأهمية ودور هذا الفن.
في ظل تحديات العولمة ومحاولات الاختراق التي تتعرض إليها مجتمعاتنا العربية يتوجب على الجهات الوصية وكل الفعاليات الاجتماعية التعامل مع هذه التحديات بكثير من الجدية والوعي، فمع اتساع مجالات وحرية وسائل الإعلام والاتصال وفي مقدمتها الانترنت والتلفزيون والألعاب الالكترونية فإن الطفل العربي والمسلم يتعرض لمحاولات مقصودة لطمس هويته وانتمائه، فلا يكاد يشقى أحدنا في العثور على تلك الخطابات التي تتنافى مع ثقافتنا ومعتقداتنا، ولعل المشكل نابع من أننا لا ننتج الثقافة لأولادنا بل نستوردها لهم بكل ما فيها من تشوه ومخاطر، وباعتبار المسرح وسيطا ثقافيا وتربويا بامتياز يمكن أن يلعب دورا هاما في ترسيخ قيمنا الوطنية في نفوس أطفالنا إن أعطيناه الأهمية التي يجب أن يكون عليها.
* نقلا عن:
https://www.intelligentsia.tn/المسرح-بين-الاتجار-الفني-،-و-العمل-الثق/