ماريانا هو اسمها المكتوب في موقع التواصل الاجتماعي ، وكتبوا أنّها متابعةٌ لي .. وأبدَتْ إعجاباً بصورةٍ لي سابقٌ نشرُها.
وصرْتُ متابعاً لها على نفس الموقع ولكنّها لا تنشر صوراً
إيقونة فارغة تثير التساؤل وتبقي كلّ الاحتمالات مفتوحة .. قد تكون رجلاً متخفّياً بلبوس امرأة ليصطاد بالماء العكر .. وقد يكون ذلك المتخفّي أحد أصدقائك المقرّبين أو جاراً لك
وقد أعْجِبَتْ ماريانا بكلّ ما نشرْته .. صوراً أو كتاباتٍ فارغة أو تعليقاتٍ لا معنى لها .. وذلك طبعاً لا يعنيك في شيء إلا أنّ جمهورك العدديّ قد زاد واحداً .. وقد يتفاخر المرء بأن متابعيه كثر فيزداد غروره الافتراضي .. ويحسّ بسعادةٍ مبهمة في زمنٍ نشتاق فيه لكلمة شكر أو نظرة إعجاب أو ابتسامة مرسومة على صفحة رقميّة
فكيف إذا كان الإعجاب من اسمٍ كماريانا ..
وبت مهتمّاً بإسم ماريانا .. وأصبحت ماريانا قضيّتي التي قد أناضل لأجلها يوماً إن أعلنت ماريانا النفير!
ويأتيك إشعارٌ بأنّ أحداً ما قد كتب لك شيئاً .. فتفتح صفحة الدردشة:
- بونجور .. بالفرنسية
ويقولها العربان كثيراً كبديل عن السّلام عليكم .. فكتبت بالعربية :
- وعليكم البونجور ورحمة الله وبركاته
ويشير هاتفك بأنّ الطرف الثاني يكتب شيئاً فتنتظر .. وتنتظر ومازال يكتب .. وتنتظر فلا يرِدُ إليك شيء .. قد تكون تكتب لشخصٍ آخر .. وأكلتني الغيرة العربيّة!
وبعد قليل تأتيك بضعة أسطر بالفرنسية ، ولا أعرف من الفرنسية إلا بضع كلمات تُستعمَل للتحية والنفي والإيجاب .. لكنّ الترجمةَ ممكنةٌ على غوغل لكل اللغات ولو كانت آلية غير دقيقة
وبعد الترجمة كانت تقول أنها تريد أن تتحاور معي إن لم يكن لديّ مانع .. ولا مانع لديّ إلا الحذر من شخص يتقمّص شخصية امرأة أجنبية ويريد الإيقاع بي..
كتبَتْ لي كثيراً وردّدت أنها تحبني ، واستعملت مفردات العشاق مثل حبي الوحيد والأوحد .. وقلبي النابض .. وأنها مولعة بي ومولهة بحبي .. هائمة بجمال وجهي .. ولا تنام إلا إذا وضعت صورتي قبالة عينيها لتغمض أجفانها عليها محتفظة بجمالي الملائكيّ
وقد تعجز عن الرد أمام كل تلك العواطف .. وقد تُثار لواعجك وأنت تظن نفسك قيساً وقد وجدتك ليلى أخيراً في زحمة الانترنت .. ولم يبق إلا أن تلعب دور روميو
وبدأتْ صورها تنهال عليّ .. جميلة .. منتقاة بعناية .. متسلسلة بطريقة خلع الملابس قطعة قطعة ..وكل صورة تجعلك تنتظر الصورة التي تليها .. حتى لتظنّ أنها تتصوّر لك وحدك .. وأنها تقدّم نفسها لك بالتدريج لقمة إثر لقمة .. لا بل وتطلب منك صوراً وتتغنّى بجمالاتك الآسرة!
وتبقى متسائلاً :
- كيف ستنتهي هذه اللعبة ؟.. وهل أنت الزوج الإلكتروني الذي اختارته ماريانا دوناً عن الخلق في فرنسا؟
ويطيب لك الإستغراق والإغراق في مستنقع الحب الإلكتروني كمراهق تجاوز الخمسين من عمره..
قالت وهي تقول كلاماً مكتوباً بالفرنسية :
- يمكنني أن أرسل لك مقاطع حيّة .. لا بل وأتّصل بك أمام الكاميرا وأفعل أمامك ما تريد وما تطلب مني .. ولكن
ولكنّي لا أملك ثمن الاتصال .. ولو أرسلت لي ثلاثمائة يورو لفعلت!
وأنا أنتظر تحويل هذا المبلغ الصغير
ولو كانت بلادي مفتوحة التحويل المالي لفعلت لها ذلك في لحظة طيش .. ومن حسن حظي أنّ الحصار الإقتصادي علينا يمنعنا من تحويلاتٍ جنونية كتلك التي تطلبها ماريانا
عندما اعتذرْتُ بسبب الحصار المالي المفروض علينا من بلاد الفرنجة .. اكتشفت أنها لم تفهم ماذا أقصد فلا يعرف الفرنسيون البسطاء كيف يحاصروننا قادتهم اقتصادياً ليخنقوننا في مستنقعاتنا .. لم تفهم ذلك وهي تريد نقوداً فقط بأي طريقة مقابل صورها ومقاطعها التي سترسلها .. ونزع ورقة التوت عن عوراتها مشروطٌ بذلك .. ولن تكتمل عندي قضية ماريانا إلا بنزع ورقة التوت كما تعلمون.
وعاودَت الكتابة إليّ بإلحاح وبأنها ماعادت قادرة على التحمّل وهي تصطلي بنيران عشقي .. ولم تقنعها اعتذاراتي حتى طرَحَت فكرة القدوم إلي لتقدّم لي حبّها في عقر داري .. فقط تريد ثمن بطاقة الطائرة!
ولم تفهم صعوبة القدوم إلى بلادي .. وبأنّ سكانها يهجرون منها خوفاً من الحرب الدائرة .. وحكيت لها عن قضايا اللجوء وموت المهاجرين في البحر المتوسط كسمك السردين ... وشرحت لها بأن قادتها الغربيون هم من يديرون الحرب عندنا ويبيعوننا أسلحتهم الفتاكة لنقتل بعضنا بالطريقة الغربية..
لم تفهم كل شروحاتي التي استفضت بها عن فلسفة الحرب في بلادي .. وحكيت لها عن الاستعمار القديم والحديث .. وعن الغزو الالكتروني وعن التضليل الإعلامي .. وحكيت لها عن عصف العقول والفوضى الخلاقة والحرب الكونية .. وحكيت لها عن الحوار الوطني والمصالحات الدائرة وإعادة الإعمار
ووعدتُها بأننا سننهض من كبوتنا ونعيد بناء مدننا كبرلين التي صارت أثراً بعد عين وأعادوا بناءها .. أعطيت أمثلة كثيرة عن مدن غربية لتكون قريبة من مخيلتها .. وتحدّثت عن الحرب العالمية وهيروشيما وحريق لندن وإعادة البناء والإعمار حتى وصلت للتاريخ وحريق روما
لكنها كانت تجيبني فقط بكلام العشق الذي يسيل اللعاب .. مع جرعات من الصور التي تكون قاب قوسين أو أدنى من ورقة التوت
لم تفهم ..ولم تفهم ما أقوله عن أزماتنا المعقدة
واكتشفْتُ أخيراً أنها لن تفهم مهما شرحت لها .. واكتشفت أنّ محاولاتي استعطافَها لأربح مواطنة غربية في صفنا كانت مستحيلة .. اكتشفت أنّ شرح قضيّتي لمواطنة فرنسية لا طائل وراءه .. فشلت في ربح مواطنة غربية إلى صفوف قضايانا العادلة .. أيّ مواطنة ولو كانت عاهرة .. فقد يكون لها صوت في انتخابٍ أو استفتاء دوليّ له وزنه!
وكأنّ مندوب بلدي يشرح قضيّتنا في مجلس الأمن ولا يفهمون ما يقول .. ويعيد كلامه بلا طائل وبدون جدوى ولو استعمل لغتهم عينها .. لا يفهمون .. كلّهم مثل ماريانا .. لا يفهمون وكأنهم لا يريدون ذلك قصداً
اكتشفتُ لاحقاً عندما تكرّرت قضية ماريانا بين رفاقي المدمنين على مواقع التواصل .. اكتشفت أنّ ماريانا صارت قضية كبرى وملحّة .. وذهلتُ عندما عرفت أنها ترسل لهم نفس الكلام .. وصُعِقتُ عندما شاهدتُ صورها في هواتفهم ويحتفظون بها كأسرارٍ وطنية .. وضحكت كثيراً عندما عرفت أن أحدهم يدّخر اليورو من ليراته الخجولة ليرسل لها ثمن الفيديو الخاص الموعود .. وما زلت أضحك لأنني عرفت أن ماريانا لم تكن إلا جهازاً آلياً مبرمجاً لنا فقط .. ويمارس معنا العشق الابتزازيّ .. ونمارس نحن معه الأحلام الإحتلامية!
***********************
وصرْتُ متابعاً لها على نفس الموقع ولكنّها لا تنشر صوراً
إيقونة فارغة تثير التساؤل وتبقي كلّ الاحتمالات مفتوحة .. قد تكون رجلاً متخفّياً بلبوس امرأة ليصطاد بالماء العكر .. وقد يكون ذلك المتخفّي أحد أصدقائك المقرّبين أو جاراً لك
وقد أعْجِبَتْ ماريانا بكلّ ما نشرْته .. صوراً أو كتاباتٍ فارغة أو تعليقاتٍ لا معنى لها .. وذلك طبعاً لا يعنيك في شيء إلا أنّ جمهورك العدديّ قد زاد واحداً .. وقد يتفاخر المرء بأن متابعيه كثر فيزداد غروره الافتراضي .. ويحسّ بسعادةٍ مبهمة في زمنٍ نشتاق فيه لكلمة شكر أو نظرة إعجاب أو ابتسامة مرسومة على صفحة رقميّة
فكيف إذا كان الإعجاب من اسمٍ كماريانا ..
وبت مهتمّاً بإسم ماريانا .. وأصبحت ماريانا قضيّتي التي قد أناضل لأجلها يوماً إن أعلنت ماريانا النفير!
ويأتيك إشعارٌ بأنّ أحداً ما قد كتب لك شيئاً .. فتفتح صفحة الدردشة:
- بونجور .. بالفرنسية
ويقولها العربان كثيراً كبديل عن السّلام عليكم .. فكتبت بالعربية :
- وعليكم البونجور ورحمة الله وبركاته
ويشير هاتفك بأنّ الطرف الثاني يكتب شيئاً فتنتظر .. وتنتظر ومازال يكتب .. وتنتظر فلا يرِدُ إليك شيء .. قد تكون تكتب لشخصٍ آخر .. وأكلتني الغيرة العربيّة!
وبعد قليل تأتيك بضعة أسطر بالفرنسية ، ولا أعرف من الفرنسية إلا بضع كلمات تُستعمَل للتحية والنفي والإيجاب .. لكنّ الترجمةَ ممكنةٌ على غوغل لكل اللغات ولو كانت آلية غير دقيقة
وبعد الترجمة كانت تقول أنها تريد أن تتحاور معي إن لم يكن لديّ مانع .. ولا مانع لديّ إلا الحذر من شخص يتقمّص شخصية امرأة أجنبية ويريد الإيقاع بي..
كتبَتْ لي كثيراً وردّدت أنها تحبني ، واستعملت مفردات العشاق مثل حبي الوحيد والأوحد .. وقلبي النابض .. وأنها مولعة بي ومولهة بحبي .. هائمة بجمال وجهي .. ولا تنام إلا إذا وضعت صورتي قبالة عينيها لتغمض أجفانها عليها محتفظة بجمالي الملائكيّ
وقد تعجز عن الرد أمام كل تلك العواطف .. وقد تُثار لواعجك وأنت تظن نفسك قيساً وقد وجدتك ليلى أخيراً في زحمة الانترنت .. ولم يبق إلا أن تلعب دور روميو
وبدأتْ صورها تنهال عليّ .. جميلة .. منتقاة بعناية .. متسلسلة بطريقة خلع الملابس قطعة قطعة ..وكل صورة تجعلك تنتظر الصورة التي تليها .. حتى لتظنّ أنها تتصوّر لك وحدك .. وأنها تقدّم نفسها لك بالتدريج لقمة إثر لقمة .. لا بل وتطلب منك صوراً وتتغنّى بجمالاتك الآسرة!
وتبقى متسائلاً :
- كيف ستنتهي هذه اللعبة ؟.. وهل أنت الزوج الإلكتروني الذي اختارته ماريانا دوناً عن الخلق في فرنسا؟
ويطيب لك الإستغراق والإغراق في مستنقع الحب الإلكتروني كمراهق تجاوز الخمسين من عمره..
قالت وهي تقول كلاماً مكتوباً بالفرنسية :
- يمكنني أن أرسل لك مقاطع حيّة .. لا بل وأتّصل بك أمام الكاميرا وأفعل أمامك ما تريد وما تطلب مني .. ولكن
ولكنّي لا أملك ثمن الاتصال .. ولو أرسلت لي ثلاثمائة يورو لفعلت!
وأنا أنتظر تحويل هذا المبلغ الصغير
ولو كانت بلادي مفتوحة التحويل المالي لفعلت لها ذلك في لحظة طيش .. ومن حسن حظي أنّ الحصار الإقتصادي علينا يمنعنا من تحويلاتٍ جنونية كتلك التي تطلبها ماريانا
عندما اعتذرْتُ بسبب الحصار المالي المفروض علينا من بلاد الفرنجة .. اكتشفت أنها لم تفهم ماذا أقصد فلا يعرف الفرنسيون البسطاء كيف يحاصروننا قادتهم اقتصادياً ليخنقوننا في مستنقعاتنا .. لم تفهم ذلك وهي تريد نقوداً فقط بأي طريقة مقابل صورها ومقاطعها التي سترسلها .. ونزع ورقة التوت عن عوراتها مشروطٌ بذلك .. ولن تكتمل عندي قضية ماريانا إلا بنزع ورقة التوت كما تعلمون.
وعاودَت الكتابة إليّ بإلحاح وبأنها ماعادت قادرة على التحمّل وهي تصطلي بنيران عشقي .. ولم تقنعها اعتذاراتي حتى طرَحَت فكرة القدوم إلي لتقدّم لي حبّها في عقر داري .. فقط تريد ثمن بطاقة الطائرة!
ولم تفهم صعوبة القدوم إلى بلادي .. وبأنّ سكانها يهجرون منها خوفاً من الحرب الدائرة .. وحكيت لها عن قضايا اللجوء وموت المهاجرين في البحر المتوسط كسمك السردين ... وشرحت لها بأن قادتها الغربيون هم من يديرون الحرب عندنا ويبيعوننا أسلحتهم الفتاكة لنقتل بعضنا بالطريقة الغربية..
لم تفهم كل شروحاتي التي استفضت بها عن فلسفة الحرب في بلادي .. وحكيت لها عن الاستعمار القديم والحديث .. وعن الغزو الالكتروني وعن التضليل الإعلامي .. وحكيت لها عن عصف العقول والفوضى الخلاقة والحرب الكونية .. وحكيت لها عن الحوار الوطني والمصالحات الدائرة وإعادة الإعمار
ووعدتُها بأننا سننهض من كبوتنا ونعيد بناء مدننا كبرلين التي صارت أثراً بعد عين وأعادوا بناءها .. أعطيت أمثلة كثيرة عن مدن غربية لتكون قريبة من مخيلتها .. وتحدّثت عن الحرب العالمية وهيروشيما وحريق لندن وإعادة البناء والإعمار حتى وصلت للتاريخ وحريق روما
لكنها كانت تجيبني فقط بكلام العشق الذي يسيل اللعاب .. مع جرعات من الصور التي تكون قاب قوسين أو أدنى من ورقة التوت
لم تفهم ..ولم تفهم ما أقوله عن أزماتنا المعقدة
واكتشفْتُ أخيراً أنها لن تفهم مهما شرحت لها .. واكتشفت أنّ محاولاتي استعطافَها لأربح مواطنة غربية في صفنا كانت مستحيلة .. اكتشفت أنّ شرح قضيّتي لمواطنة فرنسية لا طائل وراءه .. فشلت في ربح مواطنة غربية إلى صفوف قضايانا العادلة .. أيّ مواطنة ولو كانت عاهرة .. فقد يكون لها صوت في انتخابٍ أو استفتاء دوليّ له وزنه!
وكأنّ مندوب بلدي يشرح قضيّتنا في مجلس الأمن ولا يفهمون ما يقول .. ويعيد كلامه بلا طائل وبدون جدوى ولو استعمل لغتهم عينها .. لا يفهمون .. كلّهم مثل ماريانا .. لا يفهمون وكأنهم لا يريدون ذلك قصداً
اكتشفتُ لاحقاً عندما تكرّرت قضية ماريانا بين رفاقي المدمنين على مواقع التواصل .. اكتشفت أنّ ماريانا صارت قضية كبرى وملحّة .. وذهلتُ عندما عرفت أنها ترسل لهم نفس الكلام .. وصُعِقتُ عندما شاهدتُ صورها في هواتفهم ويحتفظون بها كأسرارٍ وطنية .. وضحكت كثيراً عندما عرفت أن أحدهم يدّخر اليورو من ليراته الخجولة ليرسل لها ثمن الفيديو الخاص الموعود .. وما زلت أضحك لأنني عرفت أن ماريانا لم تكن إلا جهازاً آلياً مبرمجاً لنا فقط .. ويمارس معنا العشق الابتزازيّ .. ونمارس نحن معه الأحلام الإحتلامية!
***********************