كتاب "المافيا" الأسرار الكاملة للدكتور يوسف حسن يوسف ، صدرت طبعته الأولى في 2010 عن دار طيبة للطباعة - الجيزة- يكشف العديد من الأسرار حول عالم الجريمة ، حيث تحدث فيه عن الجريمة المنظمة أو كما يسمونها بـ: "المافيا" : نشأتها ، جذورها ، تركيبتها البشرية، و طرق تكوين عناصرها أساليبها في النشاط و السيطرة و الإغتيال و ما إلى ذلك، و نشاط المافيا كما جاء في الكتاب، لا يرتكز على تجارة المخدرات أو الأسلحة أو العمليات المسلحة ( الإرهاب) بهدف تحقيق غرض سياسي، أو تبييض الأموال، أو الإتجار بالأشخاص بل يمتد إلى أنشطة أخرى، و هذه الأنشطة لا تنجح إلى إذا استخدم فيها الجنس أي النساء، و استعمالهن في عمليات الجوسسة، و المافيا كتنظيم مؤسساتي تعتمد على إفساد بعض الموظفين و كبار شخصيات الدولة و تهدف إلى تحقيق أرباح طائلة ، و يتربع على قمّة التنظيم رئيسٌ واحدٌ يُدِينُ له جميع أفراد التنظيم بالولاء المطلق و الطاعة العمياء، و كثيرا ما يستمر التنظيم قرونا عدّة بعد أن يتعايش معه المجتمع خوفا من البطش، و المافيا تختلف عن العصابة، فهذه الأخيرة هي عبارة عن تنظيم صغير، لا يمكنه الوصول إلى رتبة المافيا، لأن جرائمها ليست منظمة، كما أنها لا تعتمد تخطيط كأسلوب عمل لها.
و تختلف الجريمة المنظمة من دولة لأخرى، و لكل واحدة أسلوبها، فمجموعة الثالوث الصينية traids تختلف عن الياكوزا yakozaاليابانية، و مجموعة البرت الكولومبية، كما تختلف هذه المجموعات في اسلوب نشاطها عن المافيا النيجيرية و التركية و المكسيكية، لكن أخطرها المافيا الإسرائيلية، لما تتميز به من تخطيط و احترافية، و أفراد المافيا تجدهم ينشطون باسماء متعددة ، و أحيانا بأسماء مستعارة، و بعضهم بأرقام ( كودات code) و هذه تشبه إلى حد ما نشاط المخابرات، و لو توفي عنصر من عناصرها أو اغتيل يظل مجهول الهوية، كما يحمل أعضاؤها جنسيات متعددة و جوازات سفر مختلفة، تمكنهم من التنقل بأريحية دون أن تثار حولهم الشكوك و هم يعبرون الحدود، إلا أن الكاتب أشار إلى بعض أسماء المافيا الغربيين و لم يرد في الكتاب اسمٌ لمافيا عربي، و بالعودة إلى مفهوم هذه الكلمة ( مافيا) ، يقال أن أصلها عربي و يراد بها الملجأ حسبما جاء في الصفحة 29 من الكتاب، و يرى أحد الباحثين الأمريكيين تحدث عنه صاحب الكتاب و لم يذكر اسمه أن نشاة المافيا تعود إلى أيام فتح العرب المسلمين جزيرة صقلية في جنوب إيطاليا في القرن التاسع الميلادي، اضطر أهل الجزيرة إلى الهروب إلى الجبال، ثم شكلوا مجتمعا سرّيا ، و يقال أن تاريخ المافيا يرجع إلى القرن الثالث عشر ظهر مع الغزو الفرنسي لأراضي صقلية عام 1282، حيث تكونت في هذه الجزيرة منظمة سرية لمكافحة الغزاة الفرنسيين كان شعارها موت الفرنسيين هو صرخة إيطاليا ( morte alla francia italia anelia)، فجاءت كلمة مافيا MAFIA من اول حرف من كلمات الشعار.
ما يهم هنا هو التركيبة البشرية للمافيا، حسب التعريف الذي جاء به صاحب الكتاب، فالمافيا جهاز معقد التركيب، يبدأ تكوينه بما يسمى العائلة التي تمثل نواة المافيا، فعادة ما يكون الزعيم الأجدر بالقيادة و أحيانا يتم اختياره بمةافقة باقي الأفراد، و يسمى الزعيم بـ: الدون don /bos، و يقوم الرئيس بتعيين مساعده أو مستشاره، ثم الجنود و المساعدين، و هناك ما يسمى بالقادة الميدانيين، و مجموعة من امرتزقة و الرعاع، و هكذا أصبحت المافيا متعددة الجنسيات، و قوة مؤثرة خاصة في الجانب الإقتصادي، و لا يهم هنا الحديث عن كبار رؤساء المافيا في العالم، ففي كل دولة جماعة إجرامية منظمة، و ما نسمع عنه من مصالح الأمن في الجزائر مثلا أنه تم توقيف جماعة إجرامية منظمة فهؤلاء الأفراد هم سوى عناصر صغيرة يستخدمهم نواب و مساعدي زعيم المافيا أو الدُّون كما يسمى، و هذ الأخير لا يعرفه أحد، حتى أفراد المخابرات أحيانا يعجزون في الوصول إليه، فكم من التقارير التي نقرأ عنها و التي تكشف عن تورط مسؤولين كبار في جرائم عديدة ، قد يكون الزعيم إطار سامي في الدولة، فما يحدث من نهب للثروات و التلاعب بالمال العام عن طريق تبييض الأموال أو غسلها يدعو إلى الشك أن هناك ايادي خفية تسعى لضرب الجزائر في عمقها التاريخي و اقتياد أبنائها إلى حرب أهلية جديدة، و النيل من قيمها التاريخية التي جاء بها بيان أول نوفمبر 1954 و محو هويتها الوطنية.
و كعينة فالحراك الشعبي الذي انطلق في الثاني و العشرين فبراير 2019 أسقط كل الأقنعة، و جرّ أسماء كثيرة إلى المحاكم، و بالرغم من المحاكمات ، لم تتمكن الجهة المكلفة بالمتابعات و التحقيقات من الوصول إلى الرأس الكبيرة ( الزعيم ) الذي يقود هؤلاء الموقوفين الذين يتلقون تعليمات منه و ينفذون أوامره ، حتى لو كان على حساب ضرب مصلحة بلدهم، أو إلحاق الضرر بابناء جلدتهم، إنهم أولئك الذين يسمونهم بـ: الطابور الخامس أو القوة الثالثة التي تركها الجنرال ديغول في الجزائر، ما تزال تنشط داخل و خارج البلاد، و هي التي تخطط و تتآمر على استقرار البلاد و أمنها، و قد تكون لها أيادي في دفع الحراك الشعبي و اللعب بعواطفه، بدليل أن فرنسا تتابع باهتمام شديد الحراك الشعبي بدليل ان فكرة الذهاب إلى فترة انتقالية كانت بدعوة من الرئيس ماكرون الذي أبدى دعمه للرئيس عبد العزيز بوتفليقة قبل ان يقدم هذا الأخير استقالته، و هذا يشكل خطرا كبيرا على أمن البلاد و استقرارها، فما أسباب متابعة باريس لتطورات الحراك إذن؟ وما مدى تأثيرها ونفوذها الحالي على بعض القوى الجزائرية؟، ثم من هو الذي يقود هؤلاء الذين هم اليوم يقبعون في الحبس المؤقت و متابعين بتهم عديدة؟ ، و يمكن أن نطرح السؤال بصيغة أخرى: من هو دُونُ الجزائر؟، هل هو جزائريّ الأصل و يحمل الجنسية الجزائرية؟ أم هو أجنبيّ، أين يقيم؟ ، من هم أعوانه؟ و كيف يمكن الوصول إليه؟ ،هي أسئلة، التاريخ وحده يجيب عنها؟
علجية عيش
و تختلف الجريمة المنظمة من دولة لأخرى، و لكل واحدة أسلوبها، فمجموعة الثالوث الصينية traids تختلف عن الياكوزا yakozaاليابانية، و مجموعة البرت الكولومبية، كما تختلف هذه المجموعات في اسلوب نشاطها عن المافيا النيجيرية و التركية و المكسيكية، لكن أخطرها المافيا الإسرائيلية، لما تتميز به من تخطيط و احترافية، و أفراد المافيا تجدهم ينشطون باسماء متعددة ، و أحيانا بأسماء مستعارة، و بعضهم بأرقام ( كودات code) و هذه تشبه إلى حد ما نشاط المخابرات، و لو توفي عنصر من عناصرها أو اغتيل يظل مجهول الهوية، كما يحمل أعضاؤها جنسيات متعددة و جوازات سفر مختلفة، تمكنهم من التنقل بأريحية دون أن تثار حولهم الشكوك و هم يعبرون الحدود، إلا أن الكاتب أشار إلى بعض أسماء المافيا الغربيين و لم يرد في الكتاب اسمٌ لمافيا عربي، و بالعودة إلى مفهوم هذه الكلمة ( مافيا) ، يقال أن أصلها عربي و يراد بها الملجأ حسبما جاء في الصفحة 29 من الكتاب، و يرى أحد الباحثين الأمريكيين تحدث عنه صاحب الكتاب و لم يذكر اسمه أن نشاة المافيا تعود إلى أيام فتح العرب المسلمين جزيرة صقلية في جنوب إيطاليا في القرن التاسع الميلادي، اضطر أهل الجزيرة إلى الهروب إلى الجبال، ثم شكلوا مجتمعا سرّيا ، و يقال أن تاريخ المافيا يرجع إلى القرن الثالث عشر ظهر مع الغزو الفرنسي لأراضي صقلية عام 1282، حيث تكونت في هذه الجزيرة منظمة سرية لمكافحة الغزاة الفرنسيين كان شعارها موت الفرنسيين هو صرخة إيطاليا ( morte alla francia italia anelia)، فجاءت كلمة مافيا MAFIA من اول حرف من كلمات الشعار.
ما يهم هنا هو التركيبة البشرية للمافيا، حسب التعريف الذي جاء به صاحب الكتاب، فالمافيا جهاز معقد التركيب، يبدأ تكوينه بما يسمى العائلة التي تمثل نواة المافيا، فعادة ما يكون الزعيم الأجدر بالقيادة و أحيانا يتم اختياره بمةافقة باقي الأفراد، و يسمى الزعيم بـ: الدون don /bos، و يقوم الرئيس بتعيين مساعده أو مستشاره، ثم الجنود و المساعدين، و هناك ما يسمى بالقادة الميدانيين، و مجموعة من امرتزقة و الرعاع، و هكذا أصبحت المافيا متعددة الجنسيات، و قوة مؤثرة خاصة في الجانب الإقتصادي، و لا يهم هنا الحديث عن كبار رؤساء المافيا في العالم، ففي كل دولة جماعة إجرامية منظمة، و ما نسمع عنه من مصالح الأمن في الجزائر مثلا أنه تم توقيف جماعة إجرامية منظمة فهؤلاء الأفراد هم سوى عناصر صغيرة يستخدمهم نواب و مساعدي زعيم المافيا أو الدُّون كما يسمى، و هذ الأخير لا يعرفه أحد، حتى أفراد المخابرات أحيانا يعجزون في الوصول إليه، فكم من التقارير التي نقرأ عنها و التي تكشف عن تورط مسؤولين كبار في جرائم عديدة ، قد يكون الزعيم إطار سامي في الدولة، فما يحدث من نهب للثروات و التلاعب بالمال العام عن طريق تبييض الأموال أو غسلها يدعو إلى الشك أن هناك ايادي خفية تسعى لضرب الجزائر في عمقها التاريخي و اقتياد أبنائها إلى حرب أهلية جديدة، و النيل من قيمها التاريخية التي جاء بها بيان أول نوفمبر 1954 و محو هويتها الوطنية.
و كعينة فالحراك الشعبي الذي انطلق في الثاني و العشرين فبراير 2019 أسقط كل الأقنعة، و جرّ أسماء كثيرة إلى المحاكم، و بالرغم من المحاكمات ، لم تتمكن الجهة المكلفة بالمتابعات و التحقيقات من الوصول إلى الرأس الكبيرة ( الزعيم ) الذي يقود هؤلاء الموقوفين الذين يتلقون تعليمات منه و ينفذون أوامره ، حتى لو كان على حساب ضرب مصلحة بلدهم، أو إلحاق الضرر بابناء جلدتهم، إنهم أولئك الذين يسمونهم بـ: الطابور الخامس أو القوة الثالثة التي تركها الجنرال ديغول في الجزائر، ما تزال تنشط داخل و خارج البلاد، و هي التي تخطط و تتآمر على استقرار البلاد و أمنها، و قد تكون لها أيادي في دفع الحراك الشعبي و اللعب بعواطفه، بدليل أن فرنسا تتابع باهتمام شديد الحراك الشعبي بدليل ان فكرة الذهاب إلى فترة انتقالية كانت بدعوة من الرئيس ماكرون الذي أبدى دعمه للرئيس عبد العزيز بوتفليقة قبل ان يقدم هذا الأخير استقالته، و هذا يشكل خطرا كبيرا على أمن البلاد و استقرارها، فما أسباب متابعة باريس لتطورات الحراك إذن؟ وما مدى تأثيرها ونفوذها الحالي على بعض القوى الجزائرية؟، ثم من هو الذي يقود هؤلاء الذين هم اليوم يقبعون في الحبس المؤقت و متابعين بتهم عديدة؟ ، و يمكن أن نطرح السؤال بصيغة أخرى: من هو دُونُ الجزائر؟، هل هو جزائريّ الأصل و يحمل الجنسية الجزائرية؟ أم هو أجنبيّ، أين يقيم؟ ، من هم أعوانه؟ و كيف يمكن الوصول إليه؟ ،هي أسئلة، التاريخ وحده يجيب عنها؟
علجية عيش